أستاذي عبدالصمد حكمي أعتقد أن المشكلة ليست في مكبر الصوت
المشكلة في نظري أنها في تولية هذا الإمام الجاهل بكل ماتعنيه الكلمة بالعامية والفصحى
أنا ابن قريته وأقطن قرب بيته وليس فيه مايؤهله للإمامة
فلو كان ذا صوت حسن وقراءة جيدة قد يهون الأمر قليلا
كان يصلي بنا في رمضان فطرد من الإمامة لعدم أحقيته بذلك
هناك من هم أفضل منه حفظا وقراءة وصوتا وأحق بالإمامة منه
لا أريد أن أصفه أبدا ولكنه والله لا يستحق الإمامة
تولى الإمامة لقرابة بينه وبين صاحب المسجد
ولا أعتقد أنك تمانع من إمامة رجل حسن الصوت ليطرب مسامعك ومسامع أهلك وجيرانك
أكرر المشكلة ليست في مكبرات الصوت .. المشكلة هي في صاحب الصوت.
ليس فيه من الحلاوة شيء مجرد صياح ينفر كل من يريد الإستماع إلى كتاب الله.
لكل من يمر على ردي ومشاركتي ولأستاذي عبد الصمد حكمي الرد الشافي وله طبعه
ورفعه لوزارة الشؤون الإسلامية تقبلوا مني هذا النقل :
من أمَّ قوماً وهم له كارهون لا ترفع صلاته فوق رأسه شبراً
من الأمور التي كان السلف يتدافعونها ويرغبون عنها وهم أهل لها الإمامة في الصلاة، لاستشعارهم
لثقل مسؤوليتها وعظيم خطرها، وخوف التقصير فيها.
روى ابن ماجة في سننه1 أنه قيل للصحابي عقبة بن عامر الجهني وقد حانت صلاة من الصلوات: فأمرناه
أن يؤمنا، وقلنا له إنك أحق بذلك، أنت صاحب رسول الله؛ فأبى، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: "من أم الناس فأصاب فالصلاة له ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم".
فخلف من بعدهم خلف يكادون يقتتلون عليها، ويزاحمون فيها، ويحرصون عليها، بل ويتخطون الصفوف
ليتقدم أحدهم وهو ليس بإمام راتب ولا مأذون له في أن يخلف الإمام الراتب، وفي الصف الأول من هم
أولى منه بالإمامة وأحق.
ولو علم المسكين ما على الإمام من المسؤولية لما حرص عليها هذا الحرص، ولفر منها ورغب عنها، فقد
جاء في الأثر: "إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال".
يظن البعض أنه طالما كان حافظاً للقرآن ولو كان مبتدعاً داعياً لبدعته معلناً لها أنه أولى الناس بالإمامة،
ولو كان الحافظ مسلماً مستور الحال لما جاز له أن يتقدم على الأعلم منه الحافظ لسورتين أوثلاث سور
من القرآن بعد الفاتحة في أرجح قولي العلماء مالك ومن وافقه.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله،
فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في
الهجرة سواء فأكبرهم سناً".2
وكان أقرأ الصحابة للقرآن أعلمهم بالسنة.
يقول مؤلف "سبيل السعادة"3 المالكي وهو يعدد شروط صحة الإمامة: (البلوغ، والإسلام، والعقل،
والذكورية، ويحفظ ما يجزي من القرآن.
إلى أن قال: وأولى الناس بالإمامة الأعلم بالسنة، ثم الأورع، ثم الأسن، لقوله صلى الله عليه
وسلم: "يؤم القوم أعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقرؤهم لكتاب الله").
حرص المبتدع أوالفاسق المجاهر ببدعته الداعي لها على الإمامة وتسلطه على المأمومين تنتج عنه
مفاسد كثيرة عليه وعلى المأمومين، نصيبه منها أكبر من نصيب المأمومين.
لقد حذر الناصح الأمين والرسول الكريم أمته أن يؤم أحدُهم قوماً وهم له كارهون، فعن ابن عباس يرفعه
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أم قوماً وهم له
كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان".4
العبرة بالكراهية الدينية التي تكون لسبب ديني، أما الكراهية لإحن ولأمور دنيوية فلا قيمة لها، بأن
يكون الإمام مثلاً مبتدعاً أوفاسقاً داعياً لبدعته أوفسقه، أومخالفاً للسنة، كالحليق والمسبل لإزاره.
أما إذا كان الإمام على عقيدة صحيحة وسيرة حسنة فلا يضره ولو كرهه كل المصلين.
والعبرة كذلك بكراهية أهل العلم، فلو أن فقهياً واحداً بظهر جبل لكان هو الجماعة، ولا عبرة برأي العامة
مع كراهية وسخط العالم الفقيه.
قال الإمام النووي رحمه الله: (قال الشافعي وأصحابنا رحمهم الله: يكره أن يؤم قوماً وأكثرهم له كارهون،
ولا يكره إذا كره الأقل5، وكذا إذا كرهه نصفهم لا يكره.6
إلى أن قال:
وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعاً، كوال ظالم، ولمن تغلب على إمامة الصلاة ولا
يستحقها، أولا يتصون من النجاسات، أويمحق هيئات الصلاة، أويتعاطى معيشة مذمومة، أويعاشر أهل
الفسق، أوشبه ذلك).7
وقال ابن قدامة: (قال أحمد رحمه الله: إذا كرهه واحد، أواثنان، أوثلاثة فلا بأس، حتى يكرهه أكثر القوم،
وإن كان ذا دين وسنة فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته، قال منصور: أما إذا سألنا عن أمر الإمامة،
فقيل لنا: إنما عنى بهذا الظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه).8
فليهنأ الحريصون على الإمامة، المبغضون للسنة وأهلها، الداعون للبدعة، المجاهرون بها، المجتهدون
في غيظ حملة العلم، المنفرون منهم، وهم يظنون أنهم يحسنون عملاً بهذا الوعيد.
على المسؤولين في لجان المساجد أن يتقوا الله بألا يسلطوا عليهم من ينفرون الناس عن المساجد، ولا
يرغبونهم في شهود الجماعات، ولا يسعون في تأليف القلوب.
فعندما قال صلى الله عليه وسلم: "إن منكم منفرين"، فالتنفير قد يكون بالتطويل، وبمخالفة السنة،
وبالدعوة إلى البدعة، وهو أشد من التنفير بالإطالة في القراءة.
والله أسأل أن يرينا وجميع إخواننا المسلمين الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه،
اللهم ألف بين قلوب المسلمين، واهدهم سبل السلام.
اللهم من كان من هذه الأمة على غير الحق اللهم فرده إلى الحق ليكون من أهله، ولا حق أحق أن يتبع
مما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والسلف العظام، كما صح عنه في افتراق
الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وعندما سئل عن الفرقة الناجية وصفها وصفاً
جامعاً مانعاً: "ما أنا عليه وأصحابي اليوم"9، فمن لم يكن على ما كان عليه رسول الهدى وأصحابه في
ذاك اليوم فهو من الهالكين.
وصلى الله وسلم على حبيب رب العالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين.