مهنّد ونور وسنوات ضياعنا..
لقد وصلت الهشاشة في قيمنا الأخلاقية والاجتماعية حداً مأساوياً، لدرجة أن مسلسل واحد، استطاع أن يهوي ببنيان زواجات متعددة، كما استطاع أن يقتلع أخلاق الستر والعفاف والحياء، عند فتياتنا، فلم تجد الزوجة أو البنت من حرج أبداً في تعليق صورة «مهنّد«، في غرفتها، وربما أمام ناظري والديها، بل تجرّأت إحدى الزوجات في فعل ذلك، وأخرى طلبت من زوجها تغيير اسمه إلى مهنّد، وغيرها من الحوادث التي كشفت بصدق، عن حالة التشويش القِيمي والأخلاقي الرهيب، الذي أصاب مجتمعاتنا العربية والإسلامية، بسبب مسلسل؛ ليس له حظّ من الحبكة ولا من السيناريو، والدليل هو في الإجابة عن السؤال التالي: لو تم استبدال الممثلين بمن هم أقلّ (وسامة) - كما يقول البعض-، هل سينجح ذلك المسلسل؟!
«الأخ الأكبر، ستار أكاديمي، مجموعة من المسلسلات الهابطة - بحرينية وخليجية وعربية-، مجموعة من الأفلام المصرية التي خرجت مؤخراً أُطلق عليها كلمة «فن«، وهي في أصولها حرب مُتقنة، استخدمت فن تجميل الصورة، للوصول إلى شابات وشبان، استعمرت أفئدتهم قناة (MBC2)، وأخواتها من القنوات التي تبثّ مجون الغرب، عبر شاشاتنا الفضائية ليل نهار، حتى وضعت إحدى تلك القنوات شعارا لها يقول: «مش هنخليك تصلي الفجر«! فالهدف واضح، وهو سلخ مجتمعاتنا من كل قيم العفاف والستر والحياء. قبل مدّة قرأت دراسة أعدّها أحد الشباب السعوديين، حول قناة الأفلام (MBC2)، حيث استعرض في دراسة ميدانية تعتمد على منهجية المتابعة العشوائية لأفلام القناة لمدة أسبوع تقريباً، لجميع المشاهد التي تحتوي على: عري، جنس، خمر، صليب، مشاهد البارات، الألفاظ المستخدمة، وغيرها من العناصر)، ليخرج بعدها بحصيلة وافرة من الانحراف والشذوذ يقود إلى ما يسمى: ائتلاف تلك المشاهد، حيث بعد مدة، تصبح كل تلك المشاهد عبارة عن مشاهد عادية، فلا ضير أن يشاهد الابن فيلماً مع أسرته يحتوي على مقاطع جنسية، ولا ضير أن تشاهد الفتاة فيلماً يظهر مجموعة من الرجال وهم شبه عراة، وهكذا دواليك، لتتشبع العقول بتلك المشاهد بالتدرّج، ومن ثمّ تصبح كل مناظر الـ (Taboo)- أي المناظر المحرّمة ليس ديناً فقط، وإنما أخلاقاً وعرفاً-، مناظر عادية لا يمكن لأي أحد أن يستنكرها! إنه تدمير للقيم وأخلاق الستر والعفاف والحياء، واستبدالها بالتفسّخ والتعرّي والجرأة في كل شيء! نعود الى مسلسل نور ومهنّد ومسلسلات مشابهة، مثل سنوات الضياع، فالمسلسل اعتمد على عارض مثليّ، يؤمن بالشذوذ الجنسي كما ذكرت ذلك جريدة الشروق الجزائرية، وصوره على مجموعة من المجلات الإباحية، أكبر دليل على صحة تلك المعلومة، قناة (MBC) بارقامها المختلفة، لم تعر كل ذلك أي اهتمام، فالحديث هنا؛ حديث المال والانتشار، ولو ضُربت كل قيم الأمّة وثوابتها في مقتل. ما يؤلم القلب، هو حالات التصدّع العاطفي التي كشفها ذلك المسلسل، الذي يبرز في جميع حلقاته، ممثليه في قمة العاطفة والحب، في خداع كبير لعقول لم تدخل ميدان الحياة، ولم تجرّب حلوها ومرّها. حياة رسولنا الأعظم، ضربت لنا أعظم النماذج في كل ذلك وأبعد من ذلك بكثير، لكن سنوات الضياع التي يعيشها الشباب العربي، والتي تُدار من قبل آلة ضخمة تصرف عليها المليارات، في سلخ المواطن العربي والمسلم من أخلاقه ومن دينه، بل وحتى من إنسانيته أحياناً، بدّلت كل تلك الصور، لتضع صوراً مشوّهة، لممثلين في قمّة الانحطاط الخلقي، ليكونوا في قمم النماذج في العطف والحب والحنان! أعلم أنّه نداء في بيداء، لكن لا يضرّ: «إنّ السمع والبصر والفؤاد، كل أولئك كان عنه مسئولا«، صدق الله العظيم.
--------------------------------------------------------------------------------
منقول