انها قصه رائعه
أرجو مواصلة القصه
سلمت يداك أخي ناصر
انها قصه رائعه
أرجو مواصلة القصه
سلمت يداك أخي ناصر
ماشاء الله .. تبارك الرحمن..
دُهشتُ كثيراً مع مطلع هذه الرواية..
تبدوُ من أول مقاطعها بأنها قصة واقعية..
انسجمتُ كثيراً معها..
كاتبنا القادم.. ناصر فلوس..
بدون أدنى مجاملة ..
أنت موهبة زاخرة بالجمال..
لا تقف على هذه الحدود ..
انطلق نحو أُفقٍ عالي..
فأنت حتماً تستحق كل ذلك..
سأعود بعد انتهائي من قراءة بقية المقاطع..
دمت والألق
من أين جئت..؟
وكيف عدت ؟
وهل سترحل من جديد ؟
ما الذي حدث ؟
لقد اصطدم الباص وجها لوجه وهو في حالة تجاوز بصالون فيه عائلة مكونة من ثمانية أفراد لقوا حتفهم ما عدا رضيع في العناية المركزة وكان نتيجة ركاب الباص 47 متوفي وأكثر من 90 مصابا إصاباتهم متفاوتة وأنا أحدهم ..
كل هذه المعلومات عرفتها وأنا على السرير الأبيض في مستشفى جازان العام علما أن المصابين تم توزيعهم بين ثلاثة مستشفيات هي بالإضافة للمستشفى الذي أنا موجود فيه مستشفى الملك فهد المركزي ومستشفى أبو عريش العام .
استنفار كبير حصل ساعة الحادث وبعده من كل الجهات الحكومية , سيارات الإسعاف ومركبات متنوعة للدفاع المدني ودوريات للمرور والشرطة وزيارات متتالية من كبار المسئولين في المنطقة لنا في المستشفى ..
وسط كل تلك الأحداث غاب عني أن أسأل عن صديقي ( أحمد الجوخي ) , لا أعلم عنه شيئا . إصابتي خفيفة ولله الحمد وسيكون موعد خروجي بعد ظهر الغد ( الأحد ) حسب الطبيب المشرف على إصابتي .
يتم إعادة ترحيلي في باص ( نقل الطالبات ) عصر الأحد وأفاجأ بـ ( أحمد الجوخي ) على أحد كراسي الباص ..
: الحمد الله على سلامتك .
: الله يسلمك .
: ما الذي حصل معك ؟
: لا شيء , خرجت من الحادث دون أي إصابات وتم إعادتنا لمركز الترحيل حتى هذه اللحظة .
: أما أنا فقد غبت عن الوعي وأفقت في المستشفى لكن إصابتي كانت خفيفة ولله الحمد .
: ما حصل كارثة بكل المقاييس .
: الحمد لله أننا خرجنا منها أحياء .
: الحمد لله .
نصل قبيل غروب الشمس منفذ الطوال ويتم إنزالنا ونتجه بأعداد ضخمة من مجموعة باصات تتوالى تباعا ناحية الأراضي اليمنية وتحديدا ناحية منفذ حرض اليمني .
: يا خسارة , عدت كما ذهبت صفر اليدين .
: لا عليك , تستطيع العودة الآن كما يفعل معظم المرحلين .
: لكنني لا أحمل أي مال .
: أنظر هناك .
يشير صديقي أحمد الجوخي إلى رتل من الحمير تتجه داخل الأراضي اليمنية .
: الذي أعرفه أن الحمير تستخدم لنقل المهربات داخل الأراضي السعودية وليس العكس !
: تحمل الحمير كما ترى أكياس الدقيق حيث يباع عندنا بأضعاف ما يباع به داخل السعودية .
: الآن فهمت سبب أزمة نقص الدقيق في السعودية , كنت أسمع شكوى المواطنين الدائمة من عدم وجود الدقيق في أسواقهم .
: يخزن كبار التجار السعوديين الدقيق في مستودعات على الحدود ويتعاونون مع خبراء التهريب من بلدهم وبلدنا وكل يأخذ نصيبه بعد ذلك .
: وهل يهرب أشياء أخرى من السعودية ؟
: طبعا , عند البنزين والديزل مثلا .
: وما هي وسيلة تهريبهما ؟
: الحمير أيضا , والسيارات في الكميات الكبيرة .
..........................
أقضي ليلة الأحد في أحد مقاهي حرض برفقة الخوجي وأنا في حيرة بين العودة للسعودية أو السفر لدار أهلي خائبا .
رائع أستاذ ناصر
نحن بانتظار بقية الرواية الرائعة
وفقك الله
والله معاناه
صباح الإثنين يغادر الخوجي لحجة وأبقى لمزيد من التفكير وتردد في العودة بالخيبة والخسران .
يظهر أمامي مباشرة شخص سبق أن شاهدته .
: قايد .!
: أهلا , استعجلت العودة , لماذا ؟
: تم ترحيلي .
: شيء متوقع في أي لحظة .
: هل تستطيع إعانتي في العودة ؟
: طبعا , هذه هي مهنتي .
: ومتى يمكنني العودة .
: الليلة لو أردت .
: لك ذلك لكني جائع الآن .
: ستتناول الفطور على حسابي وموعدنا بعد العشاء .
الساعة العاشرة وقايد لم يظهر بعد , هل تخلى عن وعده لي ؟
: مساء الخير .
: ما شاء الله , أطفالك .
: لا يا حبيبي , هؤلاء ستقوم بإيصالهم لنفس الرجل ( سعيد ) .
: وماذا سيفعل بهم . هل سيبيعهم ؟
: هناك من ينتظرهم ليجني من ورائهم أموالا من الشحاذة .
: وأين أهلهم ؟
: لقد استلموا مقابل تسليمهم لنا وهم راضون بذلك .
لعن الله الفقر / أهمس بذلك في صدري .
: وهذه السيدة ؟
: خريفة , هذه زوجة معلم سعودي في الخامسة والخمسين من عمره تزوجها قبل شهر ويرغب في دخولها إليه .
: ولا تدخل إلا عن طريقكم ؟
خدماتنا واسعة وشاملة فوق ما تتصور .
وأنا أصطحب الأطفال والسيدة بعد منتصف الليل وهم في حال خوف وترقب :
: خريفة هذا هو اسمك . صحيح ؟
: نعم .
: من أي محافظة ؟
: من المحويت ( غرب صنعاء ).
: كيف تزوجتي ؟
: جاءنا الرجل في الصيفية وتزوجنا .
: قبل ستة أشهر ؟
: تقريبا .
: لكن قايد .
: هو لا يعلم شيئا .
: كان الرجل يزورنا كل شهر تقريبا ويكون لقاءنا في أحد فنادق الحديدة .
: ألم تقولي أنك من المحويت .
: نعم . كان والدي يوصلني للحديدة بعد اتصال بينهما وأقضي معه يومي الخميس والجمعة ثم يعود والدي للعودة بي للمحويت .
: وما الذي جد .؟
: يقول الرجل أن زوجته أصبحت تشك وتفتعل المشاكل كلما أراد السفر لليمن ففضل أن أكون قريبة منه .
: متزوج ؟
: نعم . وله أحد عشر ولدا أكبرهم في مثل سني ـ حسب كلامه ـ .
: وأين يسكن في السعودية ؟
: وهل تعرف قرى السعودية جيدا ؟
: طبعا .
فرصة أشوف حالي فيها على الأقل على هذه المسكينة .
: يقول أنه يسكن قرية ( المعبوج ) غرب مدينة جازان .
: وهل ستسكنين مع زوجته ؟
: لا . زوجته لا تعلم بزواجه وهو يقول أنه استأجر شقة صغيرة في مدينة جازان سيتردد علي فيها .
: عذرا للسؤال . إنه كبير في السن وأنت في عمر الزهور .
: الله يخلي الفياقرا وأخواتها .
أوقفت تطفلي عند هذه النقطة , وقد علمت أن اثنين من الأطفال إخوة لها وواحد ابن أختها .
أوصلت الأمانة لقرية المصفق ( سبعة أطفال أعمارهم بين السادسة والثالثة عشرة والطفلة الزوجة / أعتبرها طفلة / ) لسعيد فجر الثلاثاء وأخذت غفوة في نفس الغرفة التي نمت فيها قبل شهر ثم غادرت للصين الشعبية حيث سيتم نقلي هذه المرة لقرية ( الجربة ) على الطريق الرابط بين أحد المسارحة و أبو عريش .
قرية الجربة تختلف كليا عن ( بديع الخرم ) و ( السادلية ) فهي أكبر من الاثنتين وتعتبر سوقا مهما للقرى المحيطة بها , تم إيصالي حسب الخطة للسكن مع مجموعة من اليمنيين في شقة تعلو المحلات التجارية على الطريق السريع .
رحب بي الساكنون بطريقة استغربتها وظللت يوما كاملا لا أعرف ما هو عملهم بالضبط وخجل من سؤالهم تاركا ذلك لمبادرة من أحدهم بعد ما رأيت من كرمهم حيث تناوبوا طوال يوم كامل تقديم الطعام والشاي والدخان والقات دون أن يسألوني أي سؤال .
بعد غداء الأربعاء وأثناء الجلسة لتخزين القات قررت البوح بما في نفسي .
: أرجوا أن تعذروني , أنا في غاية الخجل منكم ولن أبقى أكثر من ذلك بدون عمل .
يرد كبير القوم ( حاسر التومي ) :
: لا عليك , ستعمل معنا في الوقت المناسب , أنت في الوقت الحالي ضيفنا حتى إشعار آخر .
: اسمح لي عم حاسر . أنتم حتى لا تعرفون اسمي .
: لا يهمنا ذلك , المهم أن تقبل العمل معنا .
: وما هو عملكم ؟
: نعمل في كل شيء وحسب الظروف .
: أنا معكم وطوع أمركم .
: مستعد لبدء العمل الليلة .
: يا ليت .
: كنا نريد ضيافتك ثلاثة أيام لكن يبدو أنك لا تحبذ ذلك .
: جئت لأعمل لا لشيء آخر.
: إذا استعد الليلة .
أحسست بارتياح كبير بعد هذا الحوار وأكملت يومي في شوق لبدء العمل ليل هذا اليوم .
الساعة الآن في حدود العاشرة ليلا ولم يبادرني أي أحد بما هو مطلوب مني , ويدخل العم جاسر .
: اسمك حسن . صحيح ؟
: نعم . حسن حسين القوفشي .
: من محافظة تعز ؟
بالتأكيد عرف من لقب عائلتي أنني من تعز .
: بالضبط .
: اسمع يا حسن , نحن هنا لجمع المال بأي شكل كان , نعمل عمال بناء وفي سوق الخضار على بعد كيلوين في أبوعريش ونخدم سكان القرى المحيطة بنا بأي شيء .
: جيد .
: لكنه تمر علينا أيام بدون عمل ونحن ملتزمون بإيجار المكان الذي ننام فيه وإطعام أنفسنا وإرسال الأموال لأهلنا في اليمن .
: كل هذا مفهوم .
: لا بد من هذه المقدمة لأصل لمهمتك الليلة معنا .
: معكم بحول الله .
: عندما تمر بنا مثل هذه الأزمات نقوم بسرقة بعض المنازل في القرى المحيطة بنا .
: سرقة , وهل تسمي هذا عملا ؟
: إنها الظروف ونحن لا نلجأ لمثل هذا إلا في أحلك الظروف . ولك الخيار في القبول أو الرفض .
الآن فهمت سبب كرمهم الغريب , إنها طريقة لإحراجي للقبول بمشاركتهم سرقاتهم .
فعلا علي رد دينهم وكسب بعض المال فأنا صفر اليدين وليس لي خيار آخر في الوقت الحاضر .
وأنا أصلا حرامي , سرقت السعودي في بلدي وما المانع من سرقته في بلده !
: أراك أطلت التفكير .
: أنا رهن إشارتكم .
: جيد . ستقوم أنت وثلاثة من الشباب بسرقة منزل أحد الشباب في قرية ( السر ) / غرب الجربة .
: وكيف سنتعامل معه في حال كشفنا .؟
: لا تخف هو مسافر برفقة عائلته للعمرة وزيارة الأقارب في جدة ولن يعود قريبا .
: ما شاء الله .
: نملك معلومات كبيرة عن سكان القرى المحيطة بنا ولا نستهدف إلا البيوت الخالية وفي الظروف الآمنة .
: والشرطة ؟
: لا وجود للشرطة في القرى , دوريات الشرطة موجودة في المدن فقط .
: وسكان القرية ؟
: لا نسرق إلا بعد منتصف الليل , وسكان القرى الجازانية متعودون على وجود العمالة بينهم ولا يجدون وجودنا في شوارعهم وبينهم غريبا , وكل هذه الأمور تسهل لنا مهمتنا .
: وما القرى التي سرقتم فيها من قبل ؟
: (السر ) أكثر من مرة و ( زبارة رشيد ) و ( الزخمية ) وكلها حولنا .
في حدود الثانية يتم تحركنا على سيارة قديمة تنتظرنا خارج القرية القريبة من ( الجربة ) ونقوم بمهمتنا بمنتهى السهولة ونغادر القرية بشكل طبيعي وسط السيارات والرجال الداخلين والخارجين من القرية .
حصيلة السرقة 3000 ريال سعودي ومجموعة مجهورات أخرجتها بيدي من دولاب غرفة النوم تقدر بآلاف الريالات ورسيفر ومسجل صغير وجوالين وعلبة مكياج نسائي .
: يجب أن تغادروا السكن فجر اليوم الخميس فالمضبوطات هذه المرة كبيرة جدا ومن الطبيعي أن يلحظ أهل القرية ما حصل بعد شروق الشمس .
: من تقصد يا عم حاسر .
: أنت يا حسن والشباب الذين كانوا معك والمسروقات طبعا .
: وأين سنقصد ؟
: يعرف الشباب وجهتهم .
ننطلق أربعتنا مع شاب سعودي كان في انتظارنا بعد اتصال العم حاسر به واتفاقه معه لإيصالنا لمحافظة العيدابي ( شرق صبيا وشمال العارضة ) .
نسلك الطرق الزراعية التي عن طريقها نتحاشى نقاط التفتيش على السيارة حتى نصل لمدخل العيدابي من جهة الغرب .
عمارة زرقاء من دورين تقف شامخة على الطريق السريع الرابط بين العيدابي وصبيا هي المكان الذي نزلنا فيه .
الساعة السابعة والنصف صباحا يدخلنا شابين يمنيين شقة في الدور الثاني من العمارة .
: يجب أن نخفي الغلة لمدة أسبوع على الأقل حسب تعليمات العم حاسر حتى تحين الساعة التي يمكننا فيه تقسيمها .
هكذا بدأ صاحب الشقة حديثه لنا ( واسمه جعل ) وسلمناه ما نحمل ودخلنا في نوم عميق امتد لساعات الليل الأولى .
على العشاء ليلة الخميس ومع صوت فيصل علوي من مسجل داخل الشقة :
: ماذا تعملون هنا ؟
: كل شيء تقريبا .
: أرى أن مقر سكنكم خطير عليكم .
: بالعكس , صاحب العمارة أحد وجهاء المحافظة , ولا يتجرأ أحد على مساءلته أو محاسبته , وفي العادة تكون مداهمات الشرطة والجوازات وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للبيوت الشعبية داخل المدن ولا تقع العين مباشرة على مثل هذه العمارة .
: منذ متى تسكنون هنا ؟
: منذ أحد عشر سنة , وعلى فكرة كل شقق العمارة مسكونة بالمجهولين عن بكرة أبيها .
مع فجر يوم الجمعة يصحبنا ( جعل ) لمرمى البلدية على بعد كيلو من مقر السكن وصلناها راجلين .
في المرمى قرية متكاملة من المجهولين ذكرتني بالصين واليابان في وادي صامطة .
بيوت من القمامة تسكنها عوائل وأطفال يشعلون النار فيها باستمرار ويجمعون علب المشروبات الغازية والحديد في أكياس الدقيق والشعير حيث يبيعونها لأحد المستودعات في العيدابي . ويذكرني ذلك أيضا بتاجر الخردوات في قرية السادلية .
وهم ينامون ويعيشون تقريبا في المرمى .
بعد صلاة الجمعة في جامع العيدابي حيث كان موضوعها ( الإرهاب وكيفية مواجهته ) وصل إلى مسامعي شكوى المواطنين من انتشار الأمراض في الفترة الأخيرة كالملاريا وحمى الضنك وتخوف من عودة حمى الوادي المتصدع وكان كل اللوم يدور حول مرمى البلدية .
وأثناء جلسة القات مع صوت أيوب طارش ( جعل صاحب مزاج ) :
: أكيد أنك سمعت كما سمعنا شكوى المواطنين أثناء أحاديثهم الجانبية بعد الصلاة .
: تقصد شكواهم من المرمى .
: سمعتهم يتحدثون عن حمى الوادي المتصدع .
: يقع المرمى وسط مجموعة قرى انتشرت فيهم الأمراض بسبب الدخان المتصاعد من المرمى بشكل متكرر ويرقد بعضهم في أقسام مستشفى الملك فهد وهناك اشتباه بالإصابة بحمى الضنك وربما حمى الوادي المتصدع .
: الوادي المتصدع . اسم غريب !
: يعود المسمى لواد في دولة أفريقية أول ما ظهر الوباء فيها .
: ومتى حل بهم ؟
: منذ سنوات قليلة وكانت جازان وقتها غير جازان التي تراها الآن .
: ماذا تقصد ؟
: رب ضارة نافعة , كانت جازان قبل عشرين إلى ثلاثين سنة حالها كحال معظم المحافظات اليمنية الحدودية في كل شيء , ولما حل المتصدع لفت الحكومة للمنطقة المتأخرة بشهادة واعتراف ملكهم في زيارته الأخيرة للمنطقة .
: أنا أرى عيوبا كبيرة في جسد المنطقة . وكنت قبل مجيئي أتخيلها بغير ما رأيتها .
: لو خرجت لعسير أو جدة أو مكة أو المدينة لرأيت أحسن مما ترى هنا .
: وماذا يمكن أن أرى غير الذي هنا ؟
: شوارع واسعة ومباني بديعة وعالية وحدائق كبيرة وملاهي للأطفال وأسواق ومولات ضخمة , وحياة غير الحياة الموجودة هنا .
: ما أكثر الأجانب في السعودية !
: السعوديون لا يعملون بأيديهم ويعتمدون على الأجانب في أتفه الأمور لذا يكثر الطلب عليهم ويزدادون باستمرار .
--------------------------------------------------------------------------------