في مكان يسكنه الضجيج والإزعاج , ووسط انتفاخ الأوداج
أبواب المنازل تقرع , بعض الناس مستيقظ والبعض الآخر إلى فراشه يهجع
وبعض منهم يعمل , وبعض في الشوارع يتصكع
وبعض منهم يلعب ويمرح , وبعض في سجارته يقدح
ورجل يمزح , وآخر لخبر ما .. يفرح
والبعض في امتحاناته رسب , وبعض آخر بلا شك أنه نجح
وأنا ...
أنا بين هؤلاء لا أعلم ماذا أعمل ..
الحزن خيم على قلبي ..
والدمع انهمر من عيني ..
والضيق أطبق على صدري ...
لا أعلم مالسبب ..
ولكنه حتما هو السبب ..
وجهت نفسي إلى جهة ما ..
مشيت بطيئا ثم أسرعت ..
حرثت الأرض حرثا من شدة مشيي ..
وجعلت ذر التراب يترامى على جنبات طريقي ..
وصلت ..
ثم نظرت ..
فأمعنت النظر فإذا بها تحمل في يدها اليسرى حقيبة ..
ويدها اليمنى إلى صدرها مضمومة ..
تلفتُ يمنة ويسرة ..
فلم أرى إلا أرنبا يقف في زاوية ..
وحمامة على شجرة ..
وقطة بيضاء تسير على طرف الطريق ..
تفائلت خيرا ..
فقلت : علني أذهب فينقضي حزني ويزول همي ..
ذهبت إليها أمشي مترددا ..
رأتني عندما كانت على وشك الرحيل ..
رمت حقيبتها ..
وجائت تجري ..
أخذتها في حضني ..
قبلتني ..
فقبلتها تسع وتسعون قبلة ..
أرادت أن تعاتبني ..
وضعت يدي على شفتاها ..
وأغلقت فمها الوردي ..
كي لاتزول لحظة سعادتي ..
شكوت إليها ما ألاقي من الأسى ..
فقالت: شكوت إلى قلب أرق من القطر .