كان الناس في الماضي ينتظرون قدوم شهر رمضان بفارغ الصبر وإذا دخل عليهم
استبشروا بقدومه ورحبوا به كما يرحبون بضيف غاب عنهم عاما كاملا وهم
ينتظرون عودته .
فإذا عاد استقبلوه استقبال المحب لحبيبه ورحبوا به وأنزلوه من أنفسهم منزلة المحب .
فتجدهم يعدون الماء لغروب الشمس إعدادا جيدا في أواني خاصة مصنوعة من الفخار تسمى الشربة أو الجرة فتراهم يبخرون الشربة أو الجرة الجديدة المسماه الرجبية وهذه يشترونها في شهر رجب
حيث أن المصنوعة في شهر رجب تكون أجود مايكون في التبريد وبعد تبخيرها بالمستكى يملؤنها بالماء ثم يغطونها ويتركونها في الظل وبعد صلاة العصر يفتحون الغطاء ثم يضيفون قليلا من الفل
الأبيض المسمى بالقريشي بحيث يضفي على الماء نوعا من الرائحة الجميلة والطعم الشهي .
أما امحريم فتراهم من بعد صلاة العصر اللي تخلط امرهي لملحوح واللي تغسل ملحتها واللي تقرب زربة قصب يتجمعون في بيت وحده ثم يقومون بصنع اللحوح الذي يفتح النفس برائحته الزكية شتان بينه وبين لحوح اليوم لحوح امسوق
فإذا غربت الشمس قربوا ذلك الماء العذب البارد ذو الرائحة الجميلة من المستكى والفل والتمر واللحوح وتلك القطيبة اللي يرتكز فيها امجلب من ثقلها وشيء بسيط من المرق ثم ينتظر الأذان وهم متلهفين لهذاالأكل أما بالنسبة لجيران المسجد
وخاصة الرجال فإن فطورهم يكون في المسجد جماعيا .
فإذا سمعوا الأذان انتظروا حتى يكمل بعد ذلك يشرعون في ا لإفطار بداية من التمر ثم الماء ثم الأكل ولن أنسى هذه الكلمات التي كانت يجبروننا على ترديدها بعد شرب الماء "شربنا الماء وزال الضمأ وابتلت العروق بالماء"
ثم يؤدون صلاة المغرب وبعدها يقومون الجيران بزيارة بعضهم لتناول القهوة ثم يتبادلون الحديث كل واحد يروي قصته ومدى صبره وهو صائم وكيف تحمل تلك المشقة حتى أذان المغرب ما أجملها من حياة .
فإذا أذن لصلاة العشاء ذهبوا الرجال للمسجد يؤدون صلاة العشاء ومن ثم صلاة التراويح وهم في فرح ونشاط
وعندما يرجعوا إلى منازلهم يكونوا قد شعروا بالجوع فيطلبون العشاء وبعد العشاء يخصصون لهم وقتا لقضاء بعض الاشغال ثم ينامون .
فإذا جاء ثلث الليل تقوم النساء يتسابقون على المطاحن بطحن حبوب الذرة أو الدخن ليعدوه للسحور وبعد الطحن يخبز في التنور ثم يخرج ويفت بالحليب حتى يصبح ثريدا يضاف إليه السمن والسكر
وبعضهم من يفضل في سحوره اكلت المفالت وهذاالعمل تقوم به ربة البيت فعندما تتأكد من تصليح الأكل هناك وقتا محددا قد خصص للسحور قريب من وقت الأذان بقدر كاف يعرفونه بواسطة النجوم
يسمونها امزهرة وامرصفة إذا وصلت في مكان معين قامت المرأة وصحت جميع الراقدين للأكل الذي يسمى السحور فإذاسمعوا الأذان توقفوا عن الأكل .
منقول