الدين الإسلامي نسخ ما قبله من الأديان






الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه وبعد: فإن دين الإسلام الذي هو شريعة محمد صلى الله عليه وسلم صالح لكل زمان ومكان، لأنه الدين الخاتم والشريعة الناسخة لما قبلها، كما قال سبحانه {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) [آل عمران]· وهو الدين الذي ارتضاه ربنا لنا لنعبده به { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3)[المائدة]· وقال سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) [آل عمران]· وأديان مَن قبلنا من اليهودية والنصرانية والإبراهيمية نسخت بدين النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بعدما بدلت وحرفت· ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار"·
هذا وإن محاسن ديننا وكمالاته كثيرة ومتنوعة ومن محاسنه:
- أن الله رفع الحرج والفتن والإصر عنا كما قال تعالى: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } (78) [الحج]· وفي آية الأعراف {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) [الأعراف]· ، ولم يكلفنا سبحانه ما لا نطيق كما قال سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } (286) [البقرة]· ، ويقول {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } (62)[المؤمنون]· ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"
ففي شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رُفع عنَّا الحرج ووضع عنَّا الإصر والأغلال التي كانت على مَن قبلنا، حرمت علينا الخبائث وأبيحت الطيبات·
وكل هذا تأصيل لأصل البديل المباح شرعاً للمحرم الخبيث شرعاً وعقلاً وطبعاً·
وشواهد البدائل الشرعية المناسبة للمحرمات المكروهة كثيرة، ومنها:
1-أن الله عزَّ وجلَّ لما حرم علينا الربا والمعاملات المحرمة أباح البيع كما قال: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } (275) [البقرة]·
2- ولما حرم الكذب وطرائقه أباح وحثنا على الصدق وتحريه·
3- ولما حرم الزنى والفواحش ودواعيها أباح النكاح وحث على تحصيله·
4- ولما حرم الغناء والمعازف أباح لنا طيب الكلام شعراً ونثراً· ورغبنا بالقرآن حفظاً وتلاوة وعملاً··
5- ولما حرم علينا السفور والتبرج والاختلاط أمر نساءنا بالحجاب والستر والعفاف·
ومن شواهد البدائل الشرعية في أصول الدين، وباب العقيدة والإيمان:
1- نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بآبائنا ومعظمينا وأرشدنا إلى الحلف بالله وحده كما في الصحيحين عنه رضي الله عنه·
2- ونهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن تعظيم البقاع والأماكن غير المساجد الثلاثة بشد الرحال والسفر إليها، كما في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى"
3- ونهانا صلى الله عليه وسلم عن التسوية بين الله وأحد من خلقه وأمرنا بتوحيد الله وحده لا شريك له، فقد روى النسائي بسند صحيح أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: ورب الكعبة، وما شاء الله ثم شئت·
4- ونهى صلى الله عليه وسلم: لا يقل أحدكم أطعم ربك رضي ربك، وليقل سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأَمَتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي" أخرجه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه·
5- ونهى عن سب الريح وأرشد إلى قوله: "فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به" صححه الترمذي عن أبي رضي الله عنه·
فالدين يأتي بالبديل المشروع أو المباح، بعد تحريم ضده المحرم والمكروه قولاً وفعلاً وقصداً·