العلماء والدعاة:هل تعرف الضيف القادم.. إنه رمضان؟

يستقبل العالم الإسلامي هذه الأيام شهراً عظيماً هو من أفضل الشهور عند الله عزَّ وجلَّ، شهر المغفرة والرحمة والعتق من النار، شهر يزاد فيه في رزق المؤمن وتفتح أبواب الجنة فلا يغلق منها باب وتغلق فيه أبواب النار فلا يفتح منها باب وتصفَّد الشياطين وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار في هذا الشهر العظيم. كيف يستقبله المسلم؟ عن هذا التساؤل أجاب عدد من أصحاب الفضيلة العلماء.



بداية تحدث سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ "المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء فقال: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يستقبلون هذا الشهر بالبشر والهناء والشكر لله على أن بلغهم هذا الشهر، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال أيها الناس قد أظلكم شهر مبارك عظيم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً..." الحديث.
فكون النبي صلى الله عليه وسلم يبشِّر أصحابه بهذا الشهر العظيم بقوله أظلكم شهر مبارك عظيم إنما هذا ليستعدوا لاستقباله ويعقدوا العزيمة الصادقة على التنافس فيه بصالح العمل، فإن شهراً يبشَّر به يدل على الاهتمام والعناية به.
وعن الآداب التي ينبغي أن يتحلَّى بها الصائم قال الشيخ: عبدالعزيز آل الشيخ: ينبغي للصائم أن يتحلَّى في صيامه بكل خلق كريم وإن كان مطلوباً منه دائماً لكن في الصيام يكون أعظم تمسكاً وأشد بعداً عن كل خلق رديء ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وإن سابّه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم"
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلم عن رفث القول وكل قول رديء لا خير فيه ونهاه عن الصخب وهي الخصومة ورفع الأصوات وأمره بالحلم على الجاهل والعفو والصفح والإعراض بقوله: "وإن سابَّه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤ صائم" أي فصومي يحجزني ويمنعني أن أخوض مع الجاهلين في جهلهم ومع السفهاء في سفههم، بل أترفع عن كل هذه الترهات.
أربع خصال
وتحدث صاحب الفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن جبرين عضو الإفتاء في السعودية سابقاً - فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهنئ أصحابه بقدوم شهر رمضان، كما في الحديث الذي رواه سلمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في آخر يوم من شعبان فقال: "قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من تقرَّب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعبن فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه في رزق المؤمن ومن فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه، وعتقاً لرقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء" قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم. قال: يعطي الله هذا الأجر لمن فطر صائماً على مذقة لبن، أو شرب ماء، أو تمر، ومن أشبع فيه صائماً، أو من سقى فيه صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غنى بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله والاستغفار، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما: فتسألونه الجنة، وتستعيذون به من النار" رواه ابن خزيمة في صحيحه وروي أيضاً عنه عليه الصلاة والسلام كان يفرح بقدوم رمضان، فكانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، فتكون سنتهم كلها اهتماماً برمضان، وفي حديث مرفوع رواه ابن أبي الدنيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو تعلم أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان" ونشاهد الناس عامة، مطيعهم وعاصيهم، أفرادهم وجماعاتهم يفرحون بحلول الشهر الكريم، ويظهرون جداً ونشاطاً عندما يأتي أول الشهر، فنجدهم يسارعون الخطى إلى المساجد، ويكثرون من القراءة ومن الأذكار، وكذلك نجدهم يتعبدون بالكثير من العبادات في أوقات متعددة، ولكن يظهر في كثير منهم السأم والتعب بعدد مدة وجيزة! فيقضون أو يخلون في كثير من الأعمال، نسأل الله العافية.
ظاهرة صحية
أما د. إبراهيم بن صالح الخضيري - القاضي بمحكمة التمييز بالرياض فيقول: بادئ ذي بدء أسأل الله أن يسلمنا لرمضان وأن يسلّم رمضان لنا وأن يتسلَّمه منا مستقبلاً وينبغي أن نستقبله نحن المنتسبين إلى العلم وطلابه بما يلي:
أولاً: القراءة في أحكام الصيام قبل حلول الشهر بوقت كاف.
ثانياً: على أئمة المساجد أن يتقوا الله تعالى وأن يحدثوا المسلمين عن أحكام الصيام والصلاة والزكاة وصلاة التراويح ويبينوا أحكامها للناس بالقول والفعل.
ثالثاً: ينبغي أن يعد للنساء عدتهن من التعليم والوعظ والإرشاد لأنهن يأتين في رمضان ويكثرن في المساجد وهذه ظاهرة صحية. ينبغي استغلالها إسلامياً بتعليم النساء ما عليهن من حقوق الله تعالى ومن حقوق الزوج ومن العشرة ومن أمور كثيرة تتعلق بالآداب الشرعية المتعلقة بالمرأة وينبغي للإمام أن يوجه الحديث بلفظ المؤنث للمرأة حتى يكون ذلك أدعى لقولها ويخص لها مثلاً خمس دقائق بين الوتر والتراويح أو بين تسليمات التراويح أو بين تسليمات التهجد ويعتني بالنساء غاية العناية، وكذلك يتحدث عما يحتاجه الناس في حيهم وما يراه من مظاهر سلوكية خاطئة فيحاول أن يبيِّن أنها خاطئة وبيِِّن السلوك الأصيل والبديل عنها.
رابعاً: ينبغي أن نستقبل رمضان بتفقد أقاربنا الفقراء وجيراننا وإخواننا المساكين الضعفاء والعناية بهم وإعداد الطعام لهم ومساعدتهم في المأكل والمشرب والملبس والمسكن ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
خامساً: وينبغي لمن عليهم ديون أن يتقوا الله تعالى ولا يسألوا الناس أكثر من الديون التي عليهم ولا يتكثروا ويستغلوا موسم رمضان ليجمعوا نقوداً لا حاجة لهم بها أو هي فوق ديونهم أو فوق حاجتهم وينبغي لهم إذا ابتلوا بهذه الديون أن يحرصوا على سدادها ما استطاعوا لها طولاً وعلى الوفاء بها حتى يلقوا الله وليس في ذمتهم للناس شيء.
إطلالة ضيف كريم
ثم تحدث الشيخ قاسم الطوهري إمام مسجد الراجحي بحي الروابي وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام فقال:
ها نحن ننتظر إطلالة ذلك الضيف الكريم الذي طال انتظاره بنفوس يغمرها الفرح السرور وإقبال على طاعة من هو عليم بذات الصدور فنقول للضيف مرحباً وأهلاً بك:
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام
يا حبيباً زارنا في كل عام
قد لقيناك بحب مفعم
كل حب في سوى المولى حرام
فارحم اللهم ربي ضعفنا
ثم زدنا من عطاياك الجسام
لا تعاقبنا فقد عاقبنا
قلق أسهرنا جنح الظلام
لعلك يا أخي عرفت من هو ضيفنا؟ إنه رمضان شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن شهر الرحمة والغفران شهر تفتّح فيه أبواب الجنات وتغلّق فيه أبواب النيران، فيا له من ضيف عظيم مبارك، فعلينا أن نستقبله بكل جد واجتهاد وأن نشمّر عن سواعدنا فنتفرغ لقراءة القرآن وطاعة الرحمن فندخل برحمة الله الجنان ونبتعد عن النيران، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.