ابتزاز واستغلال المرضى مادياً.. خيانة
أكد سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن فصل الأجهزة عن المتوفين دماغياً والأطفال المولودين بإعاقة أمر لا يجوز فعله ما دامت قلوب هؤلاء تنبض بطبيعتها لا بفعل الأجهزة. وقال سماحة المفتي في لقائه بأطباء إدارة الشؤون الصحية في محافظة الطائف في مستشفى الملك عبد العزيز التخصصي إنه لا يجوز أيضاً إجبار السجناء المحكومين بالإعدام على التبرع بالأعضاء ومعاملتهم معاملة المتوفين دماغياً، مشيراً إلى أن هناك حقاً في إقامة الحكم على أحدهم وليس لأحد الحق في اقتطاع جزء من أعضائه.. وأكد "في النفس حرج من أن يعرض من نريد إقامة حكم القصاص عليه لأخذ بعض أجزاء جسده ثم إقامة الحكم عليه فهو أمر لا يجوز".
وكان سماحة المفتي قد ألقى كلمة توجيهية للأطباء والفنيين والعاملين في وزارة الصحة خلال اللقاء بدأها بالحديث عن أهمية الإخلاص في العمل ثم استعرض بعض أخلاق الطبيب المسلم التي تتمثَّل في ربط المريض بربه وإفهامه بأن الله هو الشافي وأن الطبيب ليس إلا سبباً من الأسباب، والتعامل مع المريض بأدب واحترام، وألا يدخل عليه الهم والحزن وأن يختار الدواء المناسب ويحرص على إقناع المريض به لتظهر فائدته، كما أهاب بالأطباء المسلمين إلى عدم الوقوف عند حد معين والسعي في تحديث المعلومات وتثبيتها والاتصال بالعالم والمتابعة لكل جديد في مهنتهم والبحث عن السبق وتحويل الأمة من أمة استقبال إلى أمة تصدير والارتقاء بالطب إلى المستوى الذي يليق به.
ابتزاز واستغلال المرضى
وحرّم سماحة المفتي مسألة تعظيم أطباء المستشفيات الأهلية للأمراض البسيطة من أجل استنزاف المرضى وابتزازهم مادياً واستغلال ضعف المريض وحاجته وإرهاقه بالمراجعات التي يدفع ثمنها، مشيراً إلى أن ذلك خيانة ولا يجوز.
وفي ختام كلمته أجاب سماحة المفتي عن أسئلة الأطباء والفنيين وبيّن عدة أحكام منها حكم إبعاد أجهزة التنفس الصناعي عن المتوفين دماغياً، حيث أشار إلى أنه ما دام القلب ينبض فلا يجوز رفع الأجهزة، أما إذا توقفت نبضات القلب فلا حرج في رفع الأجهزة.
العمليات القيصرية
كما بيّن حكم إجبار المريضة على إجراء عملية قيصرية وقال الطب مستحب ولا يجوز علاج المريض إلا بإذنه ومتى كانت هناك إمكانية لوضع الأم لجنينها طبيعياً، فلا يجوز إجبارها على العميلة إلا إذا كان فيها إنقاذ لحياتها أو حياة جنينها.
حكم الإجهاض
وتطرق سماحته -حفظه الله- لحكم الإجهاض وأشار إلى أن النطفة يجوز إجهاضها ما لم يمض على وجودها في الرحم 40 يوماً بإجماع العلماء لكنه يرى أن هذا الأمر يجب أن يكون في حدود ضيقة ولمن يخشى عليها الضرر، مشيراً إلى أن فتح الباب يخشى منه فتح باب شر لشيوع الفواحش.
أخطاء الأطباء
وبيّن سماحته حكم الخطأ الذي يقع فيه الطبيب ويكون سبباً في وفاة مريض، حيث أشار إلى أن الطبيب الماهر الخبير لا يؤاخذ بأخطائه ما لم يكن متهاوناً أو مقصِّراً أما غير الماهر فيتحمل أخطاءه.
يحرم إخفاء الخطأ
وحرّم سماحته إخفاء الطبيب خطأه عن أهل المريض أو جهات التحقيق وقال يجب أن يوضح الطبيب الخطأ الذي وقع فيه والأسباب التي دعته إلى ذلك.
حكم سحب الأجهزة الطبية
كما أشار سماحته في إجابته عن أحد التساؤلات إلى أن حكم سحب الأجهزة عن الأطفال حديثي الولادة المعاقين الموجودين في الحضانة لا يجوز ما دام القلب ينبض لديهم وحياتهم طبيعية، وذكر أنه يجوز سحب الأجهزة إذا كانت حياتهم غير طبيعية ولا تستقيم إلا بالأجهزة والقلب لا ينبض بدونها.
الصلاة في غرفة العمليات
كما تطرق لحكم صلاة الطبيب في عيادته وفي غرفة العمليات وأجاز للأطباء الصلاة في عياداتهم وغرف العمليات إذا كان خروجهم للمسجد يؤثِّر على صحة المرضى وجواز جمع الصلاة للجراحين أثناء القيام بالعمليات والصلاة بالإيماء إذا استدعى الأمر.
الصلاة في ملابس العمليات
وكذلك حكم الصلاة بملابس الجراح التي يقع عليها الدم وقال ما دام هناك إمكانية لاستبدالها فتستبدل، كما دعا سماحته الأطباء والفنيين إلى مراقبة الله في أعراض المريضات بعد تخديرهن وحذَّر من الاختلاط وحرّم خروج الموظفين قبل نهاية الدوام وتزوير وقت الخروج وقال يجب أن يدون الموظف وقت خروجه الفعلي في دفتر الدوام.
عدد من العلماء تحدثوا حول مهنة الطب
الجدير بالذكر أن الشؤون الصحية بالطائف دأبت على استضافة أعضاء هيئة كبار العلماء من أجل الالتقاء بالعاملين من أطباء وفنيين وإداريين، لمناقشة كل ما يهم المرضى والأطباء والفنيين والعاملين، حيث استضافت عضوا هيئة كبار العلماء معالي الدكتور الشيخ عبد الله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء، ومعالي الدكتورالشيخ عبد الله بن علي الركبان عضو هيئة كبار العلماء سابقاً وقد استهلت بهما اللقاءات المفتوحة، بعد أن وجه مدير الشؤون الصحية بالطائف الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله كركمان الجهات المختصة في الشؤون الصحية بتذليل أي صعاب والعمل المستمر على عقد هذه اللقاءات المهمة لما لها من مردود إيجابي على الجميع من العاملين والمراجعين.
وتطر فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في لقائه إلى العديد من الجوانب المتعلقة بالقطاع الصحي. وأجاب عن العديد من الاستفسارات حول نسبة الكحول المسموح بها في الأدوية مع توضيح ما أسكر كثيره وعلاقته بنظرية الاستحالة. وقال الشيخ المطلق "إذا أسكر الكحول الموجود في بعض الأدوية الإنسان فهو حرام، أما إذا لم يظهر أثره وإنما جعلت فيه مادة الكحول من أجل حفظه فإن ذلك لا بأس به لأنه ليس لمادة الكحول أثر فيه، وهي نسبة 5،0% أي بعبارة أخرى خمسة في الألف، لا أثر لها في التحريم لأنها نسبة ضئيلة جداً"
وأشار في إجابة على سؤال آخر إلى أن بخاخ الربو لا يفطر وأن غاز الأكسجين لا يعتبر مفطراً لأنه مثل الهواء الطبيعي، وكذلك أنواع الإبر مثل الحقن العلاجية أو العضلية أو الوريدية فهي لا تفطر، والأصل صحة الصوم حتى يقوم دليل على فساده. وأضاف أن هذه الإبر ليست أكلاً أو شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب.
وحول حكم التداوي وما يترتب عليه من رفض المريض لعملية إنقاذ حياته والضمان في تدخل الأطباء لإنقاذه عند حدوث مضاعفات شديدة مثلاً بعد تدخلهم جراحياً.
قال الشيخ المطلق إن جمهور أهل العلم ذهبوا إلى أن علاج المرضى مستحب، حيث يرجى شفاؤه.
ورداً على سؤال عما إذا كانت نسبة نجاح العملية ضعيفة جداً أو يترتب عليه آثار ربما تقارب عدم التدخل، قال المطلق "المشروع علاج المريض، ولو كانت نسبة النجاح قليلة لعموم الأدلة الشرعية ورجاء أن يكتب له الله الشفاء"
وتطرق إلى مدة الغيبوبة التي تسقط القضاء، فقال: "إذا كانت مدة الإغماء يسيرة كيوم أو يومين أو ثلاثة على الأكثر فلا بأس بالقضاء احتياطياً، أما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه" كما تطرق الشيخ المطلق والشيخ الركبان إلى عدة مواضيع أخرى متعلقة بعمل الطب وأحكام المرضى.