نعم... هناك خصوصية للمرأة السعودية!
د. ليلى عبد الرشيد عطار(*)
لماذا - الآن - أصبحت المرأة السعودية مثار جدل داخل وطنها وفي خارجه ومن أعدائها!
ألم تنعم بكل مقومات الحياة الكريمة في وطنها؟! ألم تعش معزَّزة مكرَّمة بين أهلها؟ ألم تتلق تعليمها حتى أعلى المناصب العلمية؟! ألم تتبوأ المناصب القيادية المختلفة؟! ألا تتمنى جميع النساء أن يكن مثلها ويغبطنها على ما هي عليه من خير وصلاح؟!
إذن لماذا هذا الهجوم السافر وإثارة البلبلة التي تستفزها وتشعرها بالنقص والدونية عن غيرها من نساء العالم؟
إن معنى أن للمرأة السعودية خصوصية لا يعني أن الله عزَّ وجلَّ اختصها بدين سماوي فيه من الأحكام والتشريعات والأخلاق وحدها، أو أنها أفضل من غيرها من النساء؟ أو أنه حلّل ما حرم على غيرها؟
إن كل امرأة مسلمة في أي بلد من بلاد العالم لها خصوصية تميّزها عن غيرها، والمرأة السعودية كغيرها لها خصوصية المكان والتنشئة، وهذا طبيعي لعدة أسباب نذكر منها الآتي:
1- هل تضاريس الكرة الأرضية واحدة؟ هل لغتها واحدة؟ هل عاداتها وتقاليدها ونظمها وقوانينها واحدة؟
أليس هناك اختلاف كبير بين كل مجتمع وآخر حتى لو كان إسلامياً؟
ألم يغيِّر الإمام الشافعي رحمه الله فتواه في بغداد عندما أقام في مصر لاختلاف البيئة والمجتمع؟!
ألم يعارض الإمام مالك -رحمه الله- رأي أبي جعفر المنصور عندما أشار عليه باعتماد كتابه (الموطأ) للعمل به في جميع الأقطار الإسلامية، لاختلاف ظروف وأوضاع كل بلد عن الآخر!!
فلماذا نريد أن نضع المرأة السعودية في قالب واحد مع غيرها من البيئات والمجتمعات؟!
2- لماذا أقر الإسلام (العرف) وجعله واحداً من الأصول التشريعية في الإسلام مثل الاجتهاد والقياس والمصالح المرسلة والاستحسان وغيرها، إذا لم يكن معتبراً ومراعياً لظروف كل مجتمع حسب عاداته وتقاليده التي لا تتعارض مع منهج الإسلام، فإذا تعارضت أصبح هذا العرف فاسداً.
فلماذا يريدون للمرأة السعودية أن تخالف العادات والتقاليد المورثة في بيئتها السعودية والتي لا تتعارض مع منهج الله؟!
3- ألا نعلم جميعنا علم اليقين أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وأن لديه خاصية الثبات والمرونة للتفاعل مع قضايا ومشكلات كل مجتمع من المجتمعات وفق القواعد الأصولية التشريعية والقواعد الفقهية.
فلماذا نريد أن نجعل المرأة السعودية تعيش بظروف وأوضاع غيرها من المجتمعات؟!
4- ألم يخص الله عزَّ وجلَّ هذه الأرض الطاهرة المباركة برسالة الإسلام العالمية لكل البشر؟ ألم يكرم الله عزَّ وجلَّ هذه الأرض الطاهرة برسول الأمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذه الأرض؟ ألا يحق للمرأة السعودية أن تعتز بهذه المكانة الرفيعة، وتتميز عن غيرها من المسلمات بأنها بنت الرسالة، فتكون قدوة النساء العالم كله!!!
5- ألم يجنب الله عزَّ وجلَّ هذه الأرض الطاهرة، ويحفظها من دنس الاستعمار ولوثاته التي وصم ولوث بها جميع الأقطار العربية والإسلامية ومنها بعض دول الخليج، فنشأت المرأة السعودية نشأة محافظة صالحة، تستمد قيمها وعاداتها وأخلاقها ومبادئها من منهج الإسلام الصافي، ولم تتأثر المرأة السعودية بأفكار الغرب أو الشرق وتنادى بشعارات فارغة جوفاء، يوم أن خرجت من ديارها مع أبيها أو أخيها أو زوجها للعمل أو الدراسة فتأثرت بالتحرر والسفور والتحضر، فاعتقدت مخطئة أن سبب تخلف وتأخر بلدها هو حجاب المرأة وبعدها عن العلم والتعليم والمشاركة في ميادين العمل المختلفة التي تزاحم بها الرجال! وقامت داعية إلى تحرير المرأة السعودية من حجابها وعفتها وخلقها ودينها حتى تعتلي بلدها سلم الحضارة والتقدم، ونسيت أو تناست أن تعليم المرأة السعودية بدأ منذ عام 1380هـ، وسبقه التعليم الأهلي والتعليم في الكتاتيب، وهذا يعني أن المرأة السعودية لم تحرم من التعليم ووصلت إلى أعلى الدرجات العلمية رغم ندرة العنصر النسائي والتعليمي؟
والآن من يدير الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس، أليست هي المرأة السعودية الموصومة بالتخلف والرجعية!!
من يطبب نساء وبناتنا أليست هي المرأة السعودية؟
ألم تتعلم المرأة السعودية في جو تربوي نظيف دون سفور أو تبرج أو اختلاط، وأخرج ثلة من المتميزات السعوديات في شتى ميادين العلم والموضة!!
6- ألا تحتل هذه الأرض الطاهرة وأهلها مكانة مقدسة عظيمة في نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ويسؤهم ما يرون عليه المرأة السعودية من سفور وابتذال وتحرر واختلاط، ويستنكرون ذلك لأنهم يرونها القدوة المتحركة التي تمثِّل البيئة التي خرجت منها لتكون مصدر إشعاع ونور لغيرها من بنات جنسها، فتقودهن إلى تطبيق الإسلام والعمل من أجل نشره بين البشر والإعلاء منه.
لتلك الأسباب وغيرها تميَّزت المرأة السعودية بخصوصية فريدة، دفعت أعداء الأمة الإسلامية من الداخل والخارج إلى شن هجمات شرسة مغرضة لجرها إلى الشقاء والتعاسة الدنيوية والأخروية، وبشعارات جوفاء، ومسميات براقة، الهدف منها هدم كيان الأسرة المسلمة وتدمير أخلاقها، وإلهاؤها بالمباحات والشبهات والمحظورات حتى تنقضي عرى الإيمان والدين فتصبح بلا هوية، تجرى وراء رغباتها وشهواتها اليومية، وبتدمير كيان الأسرة يدمر المجتمع ثم تدمر الأمة الإسلامية كلها؛ لذلك على المرأة السعودية الداعية أن تدرك ما وراء هذه الهجمات والشعارات، ولا تنساق وراءها فتكون معولاً لهدم نفسها وأسرتها ومجتمعها، وإنما تتحلَّى باليقظة والوعي والإخلاص والصدق للحفاظ على دينها وكيانها الأسري مهما اشتدت العواصف والأعاصير حولها حتى يكتب الله عزَّ وجلَّ النصر لهذه الأمة.
والله أعلم