الخبراء: الإفراط في الطعـــــام يســرّع بك إلى الشــــيخوخة
لشهر رمضان المبارك فوائد صحية وغذائية كثيرة؛ فمن ناحية فإن الفائدة الكبرى للصيام هي إراحة المعدة والجهاز الهضمي من عناء عمل متواصل طيلة أحد عشر شهراً.. وفائدة أخرى لا تقل أهمية وتخص الذين يعانون من السمنة إذ يمثل الشهر فرصة ومناسبة لا تعوض للتخلص من الوزن الزائد وكذا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من متاعب صحية تتعلق بالغذاء كارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول والسكر في الدم للتقليل من هذه المتاعب أو التخلص منها نهائياً.
وهناك الكثير من الوجبات أو الأطباق المعدة خلال شهر رمضان ذات قيمة غذائية عالية ولكن يجب تناولها باعتدال تام لتجنب أي مضاعفات قد تحدث.. وحول هذا الموضوع تدور محاور هذا التحقيق:
في البداية تحدث الدكتور نبيل حسان استشاري أمراض القلب عن بعض الأعراض المرضية التي تنتاب الصائم خلال الأيام الأولى من الصوم واضعاً لها حلولاً، للوقاية منها وتجنب حدوثها، قائلاً: الصداع في رمضان شكوى شائعة، وله أسباب عدة منها السهر وقلة النوم، والحرمان من قهوة الصباح أو آفة التدخين عند من كان معتادا عليها، والجوع، والإفراط في الجهد وغيرها. ويزداد الصداع في أواخر النهار. وإذا ما ترافق الصداع بهبوط ضغط الدم فقد يكون شديدا، وربما يحدث الغثيان قبل الإفطار. وقد ينجم الصداع عن الضغوط النفسية والتوتر العصبي.. أو عن روماتيزم في عضلات الرقبة.. أو عن الشقيقة أو عن أمراض أخرى كأمراض العيون أو الأسنان، أو التهاب الجيوب الأنفية، أو ارتفاع ضغط الدم. ولتجنب حدوث الصداع في رمضان ينبغي تخفيف القهوة والشاي تدريجيا قبل أسبوع أو اثنين من بداية رمضان، إلا أنه يمكن تناول القهوة أو الشاي الخالي من الكافيين. وينبغي التأكيد على التخفيف من التدخين قبل الشهر الكريم. وربما يتسنى لهؤلاء المدخنين التوقف عن التدخين نهائيا في رمضان. ولا ينبغي أن نغفل أثر السهر في حدوث الصداع والإعياء في نهار رمضان، لذلك كله علينا تجنب السهر قدر الإمكان. وعلينا أيضا أن نحرص على أخذ قسط كافٍ من النوم. أما الإعياء فقد يشكو بعض الصائمين منه في رمضان، وقد يكون الأمر طبيعيا. إلا أن حدوث تعرق زائد، والشعور بالإعياء والتعب، وفقدان النشاط، والدوخة خاصة عند النهوض من وضعية الجلوس، وشحوب الوجه، كل ذلك يشير إلى احتمال حدوث هبوط في ضغط الدم. وقد تحدث هذه الأعراض في فترة ما بعد العصر، وسببها قلة كمية الماء المتناولة، وقلة الملح. ولكن ينبغي التأكد من هذه الحالة بقياس ضغط الدم من قبل الطبيب فور حدوث تلك الأعراض، وكذلك عمل بعض فحوص الدم المخبرية. وقد يحتاج المرضى الذين يتناولون الأدوية الخافضة لضغط الدم إلى تعديل جرعات الأدوية التي يتناولونها خلال رمضان، وذلك بعد استشارة الطبيب.
نقص سكر الدم
ويشير الدكتور حسان إلى أن أعراض نقص سكر الدم تتمثل في التعب الشديد، والدوخة والإعياء، وضعف التركيز، والتعرق والرجفان، والصداع والخفقان، وعدم القدرة على القيام بالنشاطات اليومية المعتادة. فإذا حدثت هذه الأعراض فإنها تشير بشدة إلى حدوث نقص في سكر الدم. وقال: ربما تحدث مثل هذه الأعراض عند الإفراط في تناول السكريات مثل الكربوهيدرات المكررة كالحلويات والأطعمة الغنية بالسكر وأمثالها وخاصة في السحور. وكاستجابة لذلك يفرز الجسم كمية أكبر من الأنسولين مما يؤدي إلى هبوط سكر الدم. ولهذا ينبغي الحرص على تناول السحور، وتجنب الأطعمة والأشربة الغنية بالسكر. أما حدوث أعراض نقص سكر الدم عند المرضى المصابين بمرض السكري فيشير إلى أمر خطير، وينبغي قطع الصيام فورا وتناول قطع من السكر حتى ولو حدث ذلك قبل دقائق من موعد الإفطار، فالدخول في غيبوبة نقص السكر عند المصابين بمرض السكر أمر خطير للغاية، رغم أن الوقاية منه أمر سهل جدا، وذلك بتناول ملعقة أو قطع من السكر فور حدوث أعراض نقص السكر، واستشارة الطبيب فورا لتعديل جرعات الدواء. ولهذا ينبغي على مرضى السكري مراجعة الطبيب مع بداية شهر رمضان، فقد يحتاج الأمر إلى تغيير جرعات الدواء الخافض لسكر الدم أو الأنسولين. وتنجم في كثير من الأحوال عن نقص تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم في الطعام. وينصح في تلك الأحوال بتناول غذاء غني بالبوتاسيوم والمغنيسيوم كالخضر والفواكه والتمر والحليب واللبن. وينبغي على الذين يتناولون أدوية خافضة لضغط الدم أو المصابين بحصيات الكلى استشارة الطبيب. وقد يشكو المسن أو المصاب بالتهاب المفاصل التنكسي من آلام في الركبتين مع مزيد من الصلاة في رمضان. وينصح المصاب بالتهاب المفاصل التنكسي بتخفيف الوزن، وتدريب الساقين قبل رمضان، بحيث تكونان مهيئتين لمزيد من العبادة والصلاة في رمضان، وهذا ما يجعل المسلم قادرا على التمتع بصلاته دون ألم أو انزعاج، وينال المزيد من بركات شهر رمضان.
نصائح غذائية
وتقدم ريم محمود نشار أخصائية التغذية الإكلينيكية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث عدة نصائح حول التغذية في رمضان قائلة: نلاحظ في مجتمعنا أن الشهر الكريم يتحول إلى مهرجان للمأكولات الدسمة والحلويات وهذه العادات خاطئة تزعج الصائم وتسبب زيادة في الوزن وسوء الهضم والحرقان وقلة النشاط، إن الصيام ليس معناه حرمان الشخص من الأطعمة التي يحبها بقدر ما هو تعديل للعادات الغذائية. وللصيام فوائد عديدة منها المحافظة على سلامة الجسم وتنظيفه من السموم وإعطاء المعدة الراحة لمدة 12ساعة يومياً تقريباً. إن النظام الغذائي المثالي هو ذلك الذي يحتوي على 05 - 55% نشويات و 15 - 20% بروتينيات و30% دهون من إجمالي الطاقة اليومية وان مائدة الإفطار المثالية لا تكتمل بدون التمر الذي يعتبر ذا قيمة غذائية كبيرة فهو غني بالفيتامينات "أ" و"ب" والأملاح المعدنية مثل البوتاسيوم والفسفور والمغنيسيوم... أما بالنسبة للسعرات الحرارية فإن 3 تمرات تعطي 60 سعرا حراريا تقريبا. وتناول السوائل والماء من الأشياء الضرورية في كل وقت وخصوصا خلال شهر رمضان نظراً لأن الجسم يفقد كمية كبيرة من السوائل خلال فترة النهار يجب أن يتم تعويضها خلال فترة الليل فعلى الأقل يجب تناول لتر ونصف من الماء يومياً. وكذلك اللبن يعتبر مكملا للتمر حيث يشكلان غذاء متكاملاً لبداية الإفطار. ويفضل شرب العصائر الطازجة مثل البرتقال والليمون وقمر الدين والتمر هندي والابتعاد عن المشروبات التي تحتوي على الأصباغ والمواد الملونة. يفضل خلال شهر رمضان المبارك أن تقسم وجبة الإفطار إلى قسمين الأولى تحتوي على التمر واللبن والعصائر الطازجة والشوربة والسمبوسة والفطائر غير المقلية "مطبوخة بالفرن" بينما تكون الوجبة الرئيسية بعد ساعتين من الإفطار والتي تتكون من الأرز أو الخبز واللحم أو الدجاج من غير دهن والخضراوات المطبوخة والسلطة الخضراء. أما بالنسبة لوجبة السحور فيفضل أن تكون خفيفة حيث يتناول فيها الزبادي والخبز والفاكهة.
احذر الدهون
كما يجب الابتعاد عن الدهون والمقليات والحلويات والسكريات البسيطة. لأن كثرة السكريات تزيد من الإحساس بالجوع وكثرة المأكولات المالحة تزيد من الإحساس بالعطش ويجب خلال شهر رمضان التركيز على الفواكه والخضراوات الطازجة والألياف، حيث إن النظام الغذائي الغني بالألياف يمنع حدوث الإمساك ويعطي إحساسا بالشبع وتوجد الألياف في الخبز البر والدقيق الأسمر والأرز البني والفواكه بقشرها والخضراوات الخضراء والبقوليات. ويجب على الصائم أن يمارس حياته بشكل طبيعي كما في أيام الإفطار فشهر رمضان شهر النشاط والبركة ومن الأخطاء الشائعة في رمضان قلة الحركة والنوم مما يؤدي إلى الخمول والكسل، ولهذا فإن القيام بنشاط رياضي خفيف كالمشي لمدة ساعة يوميا بعد صلاة العشاء والتراويح يساعد على تقوية عضلات الجسم والشعور بالنشاط والحيوية لأن الحركة أفضل علاج لمشاكل الهضم.
صيام مرضى ارتفاع ضغط الدم
ويوضح الدكتور سعيد الغامدي استشاري الأمراض الباطنية والكلى بمستشفى الملك فيصل التخصصي أنه لا يوجد مانع طبي يرجح عدم صيام مرضى ارتفاع الضغط إلا في بعض الحالات النادرة للمرضى الذين يعانون من ارتفاع مفرط وشديد في ضغط الدم أو ما يسمى بارتفاع الضغط الخبيث والذي يحتم إعطاء جرعات متكررة وعلى فترات قد تكون متقاربة من أدوية تخفيض الضغط، مما يجعل الصيام صعب التحقيق، ناهيك عن احتمال حصول مضاعفات في حالة عدم الانتظام في أخذ العقاقير في وقتها. كما أوضح الدكتور الغامدي أنه توفرت في الفترة الحالية أدوية تعطى للمريض مرة كل أربع وعشرين ساعة، وساعدت هذه الأدوية مرضى التوتر الشرياني على الصيام من دون مشقة. ونصح الدكتور بأخذ العقاقير في أوقاتها وعدم التساهل في ذلك كما أن الإقلاع عن عادة تناول الملح بكمية زائدة وتجنب الوجبات المملحة يساعد بصفة داعمة في التحكم في هذا المرض الذي عرف ويعرف بالقاتل البطيء نظرا لقلة أعراضه وتساهل المرضى في علاجه مما ينتج عنه مضاعفات كثيرة تضر بصحة الإنسان.
مرض الربو أو حساسية الشعب الهوائية
وعن صيام مرضى الربو أو حساسية الشعب الهوائية يقول الدكتور سالم محمد الفيفي استشاري الأمراض الصدرية بمستشفى الملك فيصل التخصصي: إن معظم هؤلاء المرضى الذين يحتاجون في علاجهم إلى استخدام البخاخ أياً كان نوعه حتى الذي يطلق العلاج على شكل بودرة (مسحوق) يمكنهم الصوم. وأكد أن هذا النوع من العلاج لا يفطر الصائم بإجماع أهل العلم وذلك لخلوه من المواد المغذية، وأيضاً لا يتأثر صوم المريض باستخدام موسعات الشعب الهوائية على شكل بخار عن طريق الكمامة. كما بين الدكتور الفيفي أن العلاج عن طريق الأوكسجين لا يعتبر مفطراً لأنه غاز وجميع البشر يتنفسون غاز الأوكسجين عديم الطعم والرائحة.
كما نوّه الدكتور الفيفي إلى أن استخدام العلاجات المذكورة والتي لا تتعارض مع ما حرم الشارع في رمضان، سوف يمد الصائم بالصحة والقوة لإكمال صومه وفي الوقت ذاته يجنبه أعراض هذه الأمراض ومضاعفاتها. وعن فوائد الصيام على مرضى الرئة أوضح الدكتور الفيفي أن تقليل المجهود الذي تبذله أجهزة الجسم عادة لهضم وامتصاص ما تحتويه الوجبات الثلاث الرئيسة باليوم يعطي طاقة أكثر للنفس، كما أن إيقاف التدخين نهائياً أو لفترة نهار رمضان سوف يساعد على تحسين الصحة بشكل عام ويحسن من وظائف الرئة بشكل خاص. ويفضل إعطاء المرضى متعاطي الحبوب أو الكبسولات متعددة الجرعات، تحضيرات دوائية ذات جرعة يومية واحدة تظل في الدم مدة أطول. أما بالنسبة لسحب الدم بغرض التحليل فإنه لا يفطر ولكن إعطاء المحاليل المحتوية على مواد غذائية كالجلوكوز تفطر بلا شك. ويفضل عدم الصيام لمن كان جسمه منهكاً وضعيفاً لا يقوى ولا يتحمل الصوم أو أن علاجه يستلزم استخدام أدوية مفسدة للصوم أثناء نهار رمضان.
صحتك بعد شهر الصوم
ويرى الدكتور محمد الفريح استشاري الغدد أن صوم رمضان خير للإنسان في دنياه وآخرته؛ فللصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه، وفي كلٍّ مكسب؛ فبجانب كسب رضا الله -سبحانه وتعالى- ما يناله من ثواب الآخرة، فهناك الكسب الصحي الذي يناله المسلم من صوم شهر كامل. فيخرج الإنسان الصائم من شهر رمضان سليم النفس، قوي الإرادة، عطوفاً؛ حيث تتربى داخل نفسه سمة العطف على البائس والمحروم، وفي تحكمه في نفسه الأمَّارة بالسوء والبعد بها عن اللذات والشهوات كل الكسب، فتتسامى النفس عن الرذائل والخبائث، ويشعر الإنسان بتغلبه على نفسه وقهره إياها، فتقوى شخصيته، ويصبح ذا نفع للمجتمع. وفي الصيام يحفظ الإنسان لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها، ويعودها على ذلك. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث - يفحش في القول -، ولا يصخب - لا يرفع صوته - فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم" متفق عليه. ويجب على المسلم القوي أن يحرص على دوام كسبه الصحي من صوم شهر رمضان؛ ففي حرصه خير برهان على إيمانه بأن كل ما فرضه الله تعالى علينا خير، وفي طاعته - سبحانه وتعالى - كل الخير؛ ففي صوم رمضان كسب لطاعة الله، وكسب لصحة الإنسان فما من فرض فرضه الله علينا إلا وفي أدائه مكسبان: مكسب في الآخرة وفي هذا خير الثواب، ومكسب الدنيا. وإني لأرى أن كل فرض من فروض الله علينا لا يخلو من مكسب يعم علينا في دنيانا، ومن هذه الفروض صوم شهر رمضان، وذلك الصوم الذي ينعم على كل فرد منا - المريض قبل السليم - بالكسب الصحي، الذي لو حرص عليه الإنسان لازداد تمتعه بدنياه قبل آخرته، وازداد تقربه له تعالى. فالمؤمن القوي البنية والصحة هو المؤمن القادر على أداء فرائض الله تعالى من صلاة وصيام، وبذلك نرى أن في الصوم كل الخير؛ ففي صيام المؤمن لشهر رمضان طاعة لله سبحانه وتعالى، وكسب لبدنه وصحته، وكسب للمريض والسليم.
الصيام وضغط الدم
ففي رمضان يخف الإفراط في الطعام فيرتاح القلب؛ لأن الصيام يعمل على تخفيض ضغط الدم المرتفع، وتخليص الجسم من الشحوم المتراكمة، وتقليل كولسترول الدم. وفي كل هذا كسب للقلب المريض؛ فما بالك من تأثير ذلك على القلب السليم؟ ولو التزمنا جميعًا، ومريض القلب خاصة، بروح شهر رمضان، وتجنبنا عدم الإفراط في الطعام، كما التزمنا في شهر رمضان؛ لتحسنت صحة مريض القلب، واستغنى تمامًا عن الدواء، وجنبنا القلب السليم عناء التخمة والإفراط في الطعام، وما لها من أثر سيئ على القلب السليم قبل المريض. فمع الصيام ينقِص الوزن فيتحسن مريض الروماتيزم، خصوصًا مرضى الروماتيزم المفصلي العظمي؛ حيث تلعب زيادة وزن الجسم دوراً رئيسيًّا في حدوثه، وما يحدث في شهر رمضان من نقص في الوزن يكفي لإحداث تحسن في حالة المفصل؛ حيث يقل الاحتكاك بين الغضاريف فيقل الالتهاب؛ ولذلك نلاحظ أن حالة مريض الأمراض الروماتيزمية التي تصاحب مريض السكر تتحسن كثيرًا في رمضان بفضل الالتزام في تنظيم الأكل في هذا الشهر، ولو التزم هؤلاء المرضى بروح شهر رمضان طيلة شهور السنة لقلَّت شكواهم، وقلت حاجتهم للدواء، بجانب أن حالة مفاصلهم تتحسن فعلاً. والصوم يُحدِث تحسنًا ملاحظًا في مرضى الصدر، خاصة مريض ربو الصدر، ولو التزم بروح شهر رمضان وتجنب الإفراط في طعامه وامتلاء معدته لحال ذلك دون ارتفاع الحجاب الحاجز الذي يُحدِث ضيقًا في الحيز الصدري.
روح الشهر طيلة العام
ويضيف الدكتور الفريح: إن الالتزام بروح شهر رمضان بعد رمضان وتنظيم الوجبات الغذائية وعدم الإفراط في ملح الطعام والدهون والشحوم يلعب دوراً في تقليل نسبة الأملاح في البول وما لأثرها على نسيج الكلى، وكل ذلك يخفف من ضغط الدم المرتفع، وبذلك نحمي نسيج الكلى من الأثر السيئ لضغط الدم المرتفع. إن تجنب الإفراط في الطعام من دسم وملح بعد شهر رمضان يحول دون حدوث إكزيما الجلد والتهابات الجلد الحادة وحساسية الجدل وانتشار حَبِّ الشباب بالجسم، ونجد أن في شهر رمضان تتحسن إصابات الجلد هذه، فلو التزمنا بروح شهر رمضان طيلة السنة لانعدمت نسبة الإصابة بالأمراض الجلدية.
الطعام وسرعة الشيخوخة
ويشير الدكتور إلى أن تجنب الإكثار في الطعام والإفراط فيه -كمًّا ونوعًا- يحول دون حدوث مرض السكر؛ لِمَا ينجم من الإفراط من إلحاق الإجهاد بخلايا البنكرياس التي تفرز هرمون الأنسولين، الذي يلعب دورًا في تنظيم الوجبات الغذائية. إن الإفراط في الطعام يسرع بك إلى الشيخوخة؛ فهو يحدث إجهادًا في غدد الجسم الصماء؛ حيث تتأثر وظيفتها، وتحدث بالجسم تغييرات كيمائية تسرع بالجسم إلى الشيخوخة، ولو التزمنا بروح رمضان وتجنبنا الإفراط في الطعام لتأخَّر وصول يد الشيخوخة إلينا، ونعمنا بصحة تمكننا من الاستمرار في أداء فروض الله وطاعته فنسعد بصحتنا بعيدًا عن الهرم. يجب أن نتفادى الإفراط في تناول حلويات العيد؛ فهو عبء على الجهاز الهضمي، ويتحول القدر الزائد منه إلى دهن يُختزن بالجسم، ويصبح ذلك خطرًا على الجسم والصحة؛ لِمَا ينجم عنه من اضطراب في سكر الدم، وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وإلقاء العبء على القلب والكبد.
التوازن في الغذاء
إن شهر رمضان الذي يحقق التقرب إلى الله بتنفيذ ما يلزمنا به تحقق الالتزام بروحه في تنظيم الغذاء وقاية للجسم شر العديد من الأمراض، وتحفظ للإنسان صحته، وتمكنه من أداء باقي فروض الله؛ فيقترب من الله سبحانه وتعالى أكثر، وتتحقق أكبر الفائدة في الدنيا والآخرة. وهناك من الأحاديث النبوية الشريفة ما يوضح أن الرسول الكريم كان يدعو إلى الصيام بعد رمضان؛ ليؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعامل مع الصوم على أنه نعمة دائماً يحاول المحافظة عليها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة الفريضة وصلاة الليل" وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان" وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"؛ يعني الأيام العشرة من ذي الحجة، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري. وهناك صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة، فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية" رواه مسلم. وهناك صوم ستة أيام من شوال، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر" رواه مسلم. وهناك صوم الاثنين والخميس، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُعرض الأعمال يومي الاثنين والخميس؛ فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم" رواه الترمذي.
وهناك صوم ثلاثة أيام من كل شهر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله" متفق عليه. وما حبب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا صيام هذه الأيام إلا برهانًا وتأكيدا على ما في صوم شهر رمضان من خير لدين وخلق وصحة الإنسان المسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان؛ فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه" صدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والله المستعان.