رحيل "أديب الوجدانيات" عبدالله الجفري بعد معاناة طويلة مع المرض
كتبت جريدة ( الوطن
)
![]()
الجفري وعبدالفتاح أبو مدين لحظة المصالحة بينهما برعاية عبدالمقصود خوجة
رحل الأديب والكاتب السعودي عبدالله عبدالرحمن الجفري في 6.40 من صباح أمس، مودعاً هذا العالم المضطرب الذي حاول إصلاحه بالحب دون أن يفلح. وقد حملت "الوطن" التعازي إلى ابن الفقيد وجدي عبدالله الجفري الذي قال إن الراحل انتقل إلى رحمته تعالى بعد عام من المعاناة من مرض تليف الكبد، وودع الحياة على سرير مرضه في المستشفى التخصصي بجدة.
وأضاف وجدي أن والده على الرغم من شدة مرضه كان على تواصل مع محبيه وأصدقائه، وأنه رحل بعد أن أدى رسالته الإنسانية والأدبية، التي كرسها لإشاعة الحب والسلام بين الناس. وأكد أن مئات اتصالات التعزية قد وصلته في الساعات الأولى لإعلان خبر الوفاة، وهذا يؤكد على أن رسالة الراحل قد وصلت، وأنه ترك خلفه مئات الآلاف من المحبين في المملكة والدول العربية، وأوضح أنه تم تأجيل دفن الراحل إلى ما بعد ظهر اليوم نظراً لوجود ابنته في لندن وتوقع وصولها ليلاً، وسيصلى على جثمان الفقيد في المسجد الحرام بمكة المكرمة، ويدفن في مقبرة المعلاة بعد ظهر اليوم.
وقال وجدي الجفري إن والده الراحل قضى معظم أيام شهر رمضان المبارك في المستشفى التخصصي، وكان يعود منه إلى المنزل بصورة متقطعة نظراً لتفاقم مرضه. وحول وصية والده قال إنها اقتصرت على رغبته في التمسك بمبادئه الإنسانية والإصرار على تقديم المحبة في جميع الظروف ومهما كانت المناسبة. مضيفاً أن والده وهو يودع الحياة كان حريصاً رحمه الله على أن يذكره الناس بهذه الصفة التي كرس لها حياته وناضل من أجل إشاعتها.
وكان عبدالله الجفري قد كتب آخر مقال له في مايو الماضي بجريدة عكاظ في زاويته الشهيرة (ظلال) منتقداً القنوات الفضائية، وهو على فراش مرضه قائلاً "نحسب أن الكثير من وسائل الإعلام العربي - وعلى رأسها التلفاز الخطر - في شغل شاغل عن قضايا ومشكلات وحتى أسئلة المواطن العربي.. ذلك أن شغلها المباشر يصب في أخبار ونشاطات وأعمال ورقصات الفنانات والفنانين، وحتى الاهتمام بفضائحهم، ونجد الدليل على هذه (الحصيلة) المعدية في إحصائية بسيطة لعدد ومضمون البرامج التي تخلو من اهتمامين: الفن - ويا له من فن - والسياسة: خبراً.. مع غياب التحليل (الحر) والشجاع... بينما هناك قضية هامة - على سبيل المثال - تحتاج من كل وسائل الإعلام العربي مجتمعة إلى طرح، وحوار، وبحث، ودراسة، وحلول... وهي قضية مناهج التعليم).
وعلى الرغم من معاناته الشديدة مع المرض لم يكف عبدالله الجفري عن نقد الظواهر السلبية في المجتمعات العربية، وكان مدافعاً شرسا عن القضية الفلسطينية وقد استغل اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق فقطعه على كلمتين فأطلق عليه لقب (نتن ياهو) بدلاً من نتنياهو.
إصدارات وكتابات وجوائز
أصدر عبد الله الجفري 29 كتاباً كان أولها روايته (جزء من حلم) وهي الرواية التي أثارت ضجة أدبية حين صدورها وكتب عنها الكثير.
ومن أعماله المنشورة: 1- زمن يليق بنا 2- الحلم المطعون 3- تلك الليلة 4- أيام معها 5- العشب فوق الصاعقة 6- العاشقان 7- لحظات 8- نبض 9- 100 خفقة قلب 10 - برق لجنون المهرة 11- هذا يخصك سيدتي 12- حوار في الحزن الدافئ 13- فقط 14- أنفاس على جدار القلب 15 - حوار وصدى 16- أبواب للريح والشمس 17- رسائل حب عربية 18- عصر الكلمة العار 19- الزيدان: زوربا القرن العشرين 20- سطر بدفء الكون 21- المثقف العربي.. والحلم 22- لوحات.. على الشفق 23- من كراستها الخاصة 24 - وطن.. فوق الإرهاب 25- نزار قباني: حكاية معشبة لصداقة قصيرة آخر سيوف الأمويين الذهبية 26 - الظمأ 27- حياة جائعة 28- الجدار الآخر.
وكان آخر كتبه كتاب (جيل عاطفي أم أناني) وله تحت الطبع أحد عشر كتاباً.
ولد عبد الله الجفري في مكة المكرمة عام 1938 وتلقى تعليمه فيها حتى المرحلة الثانوية، ثم عمل موظفاً في عدة إدارات حكومية منها: الأمن العام، الجوازات والجنسية، وزارة الإعلام (مديرية الصحافة والنشر) و(المديرية العامة للمطبوعات) ثم أعيرت خدماته من وزارة الإعلام إلى عدة صحف فعمل سكرتيراً لتحرير صحيفة البلاد، وعكاظ، والمدينة.
انتقل بعدها إلى الشركة السعودية للأبحاث والتسويق حيث مثّل الناشرين في المملكة أثناء إصدارها صحيفة الشرق الأوسط ومجلة سيدتي، ومجلة المجلة وأشرف في هذه المطبوعات على صفحاتها الثقافية، ثم شغل منصب نائب رئيس التحرير في صحيفة الشرق الأوسط.
كتب عبدالله الجفري في عدد كبير من الصحف والمجلات، فبالإضافة إلى الصحف والمجلات السعودية كتب عموداً يومياً في الأهرام الدولية بعنوان (نقطة حوار) قبل أن ينتقل إلى صحيفة الحياة، كما نشر عموده (كلمات فوق القيود) في مجلة (الجديدة) ونشر في الصحف المصرية (آخر ساعة وأكتوبر، وصباح الخير وله صفحة أسبوعية في جريدة الرأي العام الكويتية). كما حصل على العديد من الجوائز المهمة ومنها:
• الجائزة التشجيعية في الثقافة العربية: من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في 20 ديسمبر عام 1984، تقديراً على كتابه (حوار في الحزن الدافئ).
• جائزة "علي ومصطفى أمين للصحافة" عام 1992: على مقالاته الرائعة.
• جائزة المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين بإشراف جامعة أم القرى: تقديراً لدوره البارز في إثراء الحركة الأدبية والثقافية في المملكة 1998.
• جائزة (المفتاحة) لعام 1421هـ/ 2000م، عن لجنة التنشيط السياحي بعسير، تكريماً لجهوده المتميزة في الكتابة والصحافة.
* الزمالة الفخرية من "رابطة الأدب الحديث" بالقاهرة.
* شهادة تقدير من الجمعية العربية للفنون والثقافة والإعلام في مصر.
* جائزة التنوع والالتزام من صحيفة (الرياض) عام 1422هـ،
• جائزة تقديرية وشهادة من (جمعية لسان العرب) للحفاظ على اللغة العربية التابعة للجامعة العربية عام 2005م/ 1426هـ.
وكانت "الوطن" قد نشرت من قبل عن مبادرة أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل حين زاره في منزله وهو على فراش مرضه في 27 يونيو 2008، واعتبرت أسرته هذه الزيارة تشريفاً وتكريماً للكاتب الكبير، ولفتة إنسانية من أمير عرف بدعمه واهتمامه بالكتاب والمثقفين السعوديين والعرب. رحم الله فقيد الأدب والثقافة وأدخله فسيح جناته.
مشروع صحفي مع الأمير خالد
يذكر أن الراحل تربطه بالأمير خالد الفيصل علاقة قوية، كتب عن بعض تفاصيلها في مقال له بالمجلة العربية في ربيع الآخر بالعدد 363، حيث تحدث عن صحيفة اسمها "عسير" كان مخططا لها أن تصدر من المنطقة الجنوبية، واختاره الأمير خالد آنذاك رئيسا لتحريرها، واتفق حينها على أن تكون الصفحة الأولى باللون الأخضر أو البرتقالي المخفف وتم البدء بالاتفاق مع الكوادر التحريرية، وهذا الكلام كما كتب الجفري كان قبل صدور صحيفة الشرق الأوسط، وقبل أن تكون فكرة مطروحة بين الأخوين هشام ومحمد علي حافظ والشيخ كمال أدهم، ويبدو أنهم كما قال الجفري بعد أن علموا بما حدث لصحيفة عسير من عراقيل، قرروا أخذ الفكرة لتعرف "الشرق الأوسط" بعدها بالصحيفة الخضراء.
وكان سبب توقف المشروع أن وزير الإعلام حينها الدكتور محمد عبده يماني أبلغه أن التصريح الرسمي من وزارة الإعلام بإصدار الصحيفة نصّ على أنها أسبوعية وليست يومية. وطلب منه أن يبلغ المعلومة للأمير خالد الفيصل الذي ما إن سمع بها حتى قال: إما أن تصدر الصحيفة يومية أو لا تصدر نهائيا. واختتم الجفري روايته قائلا إنه بلّغ وزير الإعلام بالقول الفصل من الأمير "ليتفتت المشروع وتذروه الرياح".
نسال الله العلي القدير
أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته
شكرا عزيزي نبض القلب
وتقبل مروري