أتفق بقوة مع ماتفضل به أخي العزيز نجم البحر .. من انه يصعب الخروج ببيت واحد من بين دواوين الشعر العربي على مر العصور .. لنقول أن هذا أشعر الشعر ..
يظل الشعر فنا يحكمه الذوق .. مما يفتح أبواب الخلاف والاختلاف ..
لكن هذا لا يمنع أن تبقى دعوتك مفتوحة أمام الجميع ليورد كل منا أشعر بيت يعتقده ..
وفي هذا السياق سأذكر بتلك القصة الشهيرة التي تواردتها كتب الأدب والتي حدثت في مجلس الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وجاءت كمايلي :
سأل عبد الملك أعرابياً: مَنْ أنتَ؟ فأجاب: أنا رجل جانَبَتْني عَنْعَنة(1) تميم وأسد، وكشكشة(2) ربيعة، وحوشي(3) أهل اليمن، وإن كنت منهم.
فقال: " من أيّهم أنت ؟" قال: من أخوالك، من بني عذرة. قال: " أولئك فصحاء الناس، فهل لك علم بالشعر؟" قال: " سلني يا أمير المؤمنين". قال: " أيّ بيت قالته العرب أمدح ؟. قال: قول جرير:
ألستُم خَيْرَ مَنْ رَكبَ المطاياَ
وأنْدَى العَالمِيْنَ بُطُونَ راحِ
قال: فأيّ بيت أهجى ؟ قال: قول جرير:
فغُضَّ الطرفَ إنّك مِنْ نُمَيْرٍ
فلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كلاباَ
قال: وأيّ بيت أغزل؟ قال: قول جرير:
إن العيونَ التي في طرفِها حَوَرٌ
قتلنَنَا ثمّ لم يُحْيينَ قَتْلانا
ثم قال له: أيّ بيت قالته العرب أحسن تشبيهاً ؟ قال: قول جرير:
سرَى نَحْوَهمْ ليلٌ كأنّ نُجُومَه
قناديلُ فيهنَّ الذُّبالُ المُفتَّلُ
فنهض جرير، وأخذ يقبّل وجه الأعرابي، ثم قال: " جائزتي للعذري أي أمير المؤمنين". فقال عبد الملك: " وله مثلها من مالي الخاص ".
شرح معاني المفردات :
===========
(1) العنعنة : أن تُجهل الهمزة في اللفظ عيناً.
(2) الكشكشة: هي أن تجعل الشين مكان الكاف في خطاب المؤنث.
(3) الحوشي: الغريب الوحشي.
المراجع كريم عاصي، مواقف وطرائف من التراث العربي، ص 152-153.
--------------------------------------------------------------------------------
ورغم أن هذه الأبيات تم تناقلها على أنها أغزل وأمدح وأهجى وأحسن تشبيها و وصفا ..
الا أن الحقيقة أن فيها ظلم شديد لشعراء العرب عندما اختصت جرير وحده بقمة الشعر العربي ..
وتجاهلت شعراء عظام سبقوه وزامنوه وخلفوه ..
ولا أظن ذلك الاعرابي الذكي قال ماقال الا ليفوز برضا الأمير وشاعره المفضل ..
بانتظار مايراه بقية متذوقي الشعر ..
بحر الود .. تقبل تحياتي وتقديري ..


رد مع اقتباس