وشاح أبيض تماسك بجسد نحيل ، تمكنت منه الألام والهموم ، وعصرته طواحين المرض المرة ،
وتمزقت بها السبل إلى من تحبهم ،
الأخير في كل شيء مؤلم إذا تحقق له أن يكون أخيراً ، ومفجعاً إذا ما كان عزيزاً قريباً ..
الوداع رحلة ركبتها قبل أسابيع من إستلقائها على فراش مرضها الأبيض ،
ويوم الجمعة 11/12/1425هـ رحلت معلنة بداية رحلة الأبدية ونهاية رحلة الدنيا ،
وبداية رحلة أحزاننا المؤلمة لفراق جسد كان بعد الله السبب في وجودي ووجود أخوتي ..
المقاومة والمعاناة بالنسبة لها آنتهت بنهاية تدمع لها كل الاجفان ، وتتمرغ لها كل الآناف ، وتلوح لها كل الأفاق ..
السماء ممطرة وغيوم تتجمع لتتصافح مع أخرى ، والمساء قريب منا والشمس تستأذن بالرحيل لإقامة مستعمرة لها في وطن أخر .. مثلها هي تلك الأم التي رحلت تاركة كل شيء ،،
لم تحمل معها من متاعها سوى قماش أبيض تم انتشاله من أحد الأسواق بدراهم معدودات ..
كانت تتبسم آبتسامة السعداء
كانت تنادي علي دون نداء
كانت ترسم أخر لوحات المساء
كانت تقتل دموعها لتقتل البكاء
كانت آمرآة غير كل النساء
كان كل شيء يعني لي أشياء ،،
أم الآن فقد غادرت وبرحيلها ما عدت قاداراً على الإسترخاء على الأرض لإن أديمها أصبح جسدها ..
ولو سطرت عنها ما ملكتني به الإسترسالات والحواس ، واستغرقت في التحاور مع لحدها أزمنة طوال لما آنتشلت من خزينة ذاكرتي لها إلا البعض من الكل .. كقطرة الماء من البحر ..
اللهم آغفر لها وآرحمها ، اللهم أدخلها فسيح جناتك ، اللهم أكرم نزلها ووسع مدخلها وآغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما تنقي الثوب الأبيض من الدنس .
آمين ،، آمين ،، آمين
تلك التي أتحدث عنها هي أمي وقد رحلت تاركة لي صورتها التي لن تبلى ...
الدعاء لها بالمغفرة والرحمة ،، سائلاً المولى عز وجل أن لا نسمع من أخباركم حزناً أبداً ..
أخوكم أسير الغروب .