جبل أم دقم
كما اختفى «مروعي» فجأة عاد فجأة..لكنه عاد بعد سنتين ابيض الشعر ..وبدون أسنان, ..
أسنانه لم تتساقط كانت فقط متآكلة..تكاد تكون أذيبت بماء النار أو بردت بمبرد والله المستعان
- أين كنت يا مروعي؟.. سألوه عندما عاد ..
- في جبل أم دقم (الدقم)
- هذا جبل (أم جن)..كيف..؟ ما وصلك (أوصلك) هناك؟؟
يقول مروعي إنه كان يرعى أغنامه قريبا من جبل الدقم القريب من سد وادي جازان الآن ..ولأن ليس لديه ما يفعله ..ولأن أغنامه غارقة في الخضرة..ولأن ركام السحاب يعلو جبال (سلى) و(العبادل) وبعض قمم (النظير) ..ولأنه سعيد وعاشق فقد أخرج مزماره وبدأ ينفث روحه عبر مزماره لعل روحه تصل إليها .. لمن أحبها وعذبته.. نسي نفسه ..زمر (بتشديد الميم) كما لم يزمر من قبل..يقول مروعي إنه..يتذكر نفسه فقط وهو يزمر..ولم يفق إلا وهو بين الجن في جبل (أم دقم) .
كان الناس بين مكذب ومصدق ..بل إن أكثرهم كان مكذبا.. بل وشكك آخرون في سلامة عقل مروعي .
- ما تعرفون مروعي..طول عمره «خراط»
- طيب وماذا حدث لأسنانك..؟
- من «مأكل أم بخش» الفحم ..أكل الجن بخش فقط..كنا نأكل البخش حتى تآكلت أسناني..وعندما كنت اشتهي من أكلكم (أكل الإنس) كانوا يحضرونه لي..لا أعرف كيف..غير أنهم مرة أحضروا لي قرص «خمير» من بيتنا..قالوا إنهم أخذوه من بين يد الوالدة..؟
- بسم لله الرحمن الرحيم..هكذا قالت أمــه
- ليلة وإحنا نتعشى اختفى قرص دخن من بين يدينا ..اتهمت أخوك «بروحي» إنه سرقه..مع أن أولادي ما يسرقون.
- وهكذا كلما اشتهيت طعامنا كانوا يحضرونه في لمح البصر..ولا أعرف كيف؟
- وكيف هم سألناه..؟
- مثلنا تماما ..غير أنهم في الليل يشعلون الجبل طرباً.. وعندما يكون هناك برق ورعد كانوا يطلبون مني أن لا أسبح ولا استغفر..وأن أسكت..كانوا يتوعدونني إن فعلت.
- استغفر الله ..هكذا قال كل الحاضرين.
- أكمل يا مروعي وبعدين ..كيف رجعت بعد سنتين؟؟
قال مروعي: في ليلة لعلع الرعد والبرق فقلت - بدون وعي- أستغفر الله..ولم أفق إلا وأنا في الخلاء وحيدا ..وهكذا جئتكم.
ظل الناس يتناقلون قصة مروعي زمنا طويلا حتى بعد أن جاءه أولاد..غلب عليهم اسم عيال «أم جنية». ومنهم من اسماهم عيال المشعوف.
وبقي الناس يجتنبون العبور بجانب جبل الدقم او الرعي في حماه خاصة في الليالي المطيرة.
لكننا نمر الآن من جانبه بتضاريسه العجيبة بمجده الآفل دون خوف بعد ان وضع فوقه برج للهاتف الجوال.. وعبر أسفل منه طريق إسفلت يمضي إلى كل مكان.