(2)
عنوان السؤال:
ما الاسباب التي تزيل الهم والقلق ؟
نص السؤال:
س1/اذكر خمسه من الاسباب التي تزيل الهم والقلق
س2/استدال لما يأتي/
أ) كفر المستهزى بالدين.
ب) اختصاص الله بعلم الغيب.
ج)الاسلام يرفض الانتماء الى الاحزاب الجاهليه والقوميات العنصريه والنعرات الجاهليه.
نص الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد :
1 / لقد طلبت في سؤالك الإرشاد إلى الأسباب التي يذهب الله تبارك وتعالى بها ما نزل بالمسلم من الهمّ والغمّ والحزن والجواب : الأسباب في شريعة الإسلام كثيرة أولها : الجد والاجتهاد في التفقه في الدين وفي مقدمة ذلك تحقيق توحيد رب العالمين في ربوبية وألوهيته وأسمائه وصفاته عزّ شأنه وجلّ ثناؤه .
ثانياً : المحافظة التامة المصحوبة بالصواب والإخلاص على إقامة الشعائر التعبدية علماً وعملاً وإيماناً واحتساباً كالصلاة وسائر أركان الإسلام والإيمان والإحسان .
ثالثاً : مراقبة الله والإيمان به بأنه يراك في كل ما تأتي وتذر ومن ثمّ أن تستحي منه حق الحياء فلا تقصّر في المأمورات ولا ترتكب المحرمات فإنه يراك ومتى حصل شيء من ذلك فسارع إلى التوبة النصوح مع الإيمان واليقين أن ربك غفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى .
رابعاً :حقق الإيمان بالقضاء والقدر من خير وشر أن ذلك من عند الله وحده سبحانه فإذا حققت الإيمان بالقضاء والقدر وآمنت أن كل شيء بقضاء الله وقدره نزلت في قلبك الطمأنينة ونزلت عليك السكينة وقلت هذا قضاء الله وقدره الذي لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا رادّ لما قدر وقضى أحدٌ من مخلوقاته وتقف وقفة مع نفسك عند حلول الهم والحزن بسبب ما نزل بك وتذكرها بأن الذي قدر هو رب الأرض والسماء ورب العرش العظيم ورب الخلق أجمعين فمن رضي فله الرضا ومن سخط بقاء الله وقدره فقد حلّت به مصيبتان المصيبة الأولى هي ما ابتلي به فسبب له الهم والحزن وهي التي يجب أن يسلم لها إن كانت مما ليس له فيها سبب أما إذا كانت بسبب ما كسبته يداه فعليه بالمبادرة إلى التوبة كما سبق آنفاً ، والمصيبة الثانية : تسخّطه من وقوع المقدور وربما يجرّه ذلك إلى التفريط في جنب الله بسبب نزول المقدور به واقرأ هنا قول الله تعالى ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) واقرأ أركان الإيمان الستة ومنها ( وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) فذلك من أعظم الأسباب التي تزيل الهموم والأحزان ويكون فيها إيقاظ للقلب وطمأنينة للنفس .
وخامساً : أرشدك إلى الإكثار من التضرع والدعاء المصحوب بالتذلل والخضوع لمالك الملك ومفرج الكروب وكاشف الهم والغم الرب العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا والأدعية النبوية المأثورة كثيرة جداً ارجع للحصول عليها إلى كتب الأذكار كالأذكار للشوكاني والوابل الصيّب لابن القيم والكلم الطيب لابن تيمية رحمهم الله جميعا وغيرها من الكتب كثير وأكثر من الدعاء الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم من شكا إليه وجود الهمّ والحزن وهو قوله صلى الله عليه وسلم \\\" اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي \\\" وسادساً : تصبر نفسك على المداومة على الذكر الشرعي كقراءة القرآن الكريم مع التدبر والتفكر والإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والتوبة والاستغفار في كل حال من أحوالك وفي كل وقت من أوقات ليلك ونهارك .
وسابعاً : أن تجعل همك هماً واحداً وهو الآخرة متذكراً ما فيها من الأهوال والكروب ولا تتشعب بك الهموم الدنيوية فتنسى ما لا يجوز أن تنساه واسمع إلى وصية الناصح الأمين نبينا محمد عليه أتم الصلاة وأتم التسليم وهو يقول في هذا المعنى ما ثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال \\\" من كانت همَّه الآخرة ، جمع الله له شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا راغمة ، ومن كانت همَّه الدنيا ، فرّق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له \\\" .
وثامناً : أكثر من ذكر هادم اللذات في كل لحظة من لحظات العمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بذلك فقال : \\\" أكثروا من ذكر هاذم اللذات : الموت فإنه لم يذكره أحدٌ في ضيق من العيش إلا وسّعه عليه ، ولا ذكره في سعة إلا ضيّقها عليه \\\" رواه ابن حبان من حديث أبي هريرة ورواه البزار من حديث أنس .
وتاسعاً : أكثر من قول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فإنها من كنوز الجنة فيحصل لك من كشف الكرب وتفريج الهمّ ما ستلمسه في مستقبل حياتك إن شاء الله .
وعاشراً : عليك بمجالسة أهل العلم من أصحاب السنة والمعتقد الصحيح وخذ من علمهم وشاورهم في أمورك الدينية والدنيوية فستجد عندهم ما يجد المريض عند الطبيب بمشيئة الله وقدرته .
وأسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك ولجميع المؤمنين والمؤمنات الهدى والتقى والعفاف والغنى وأن يشرح صدورنا للحق والعمل به والدعوة إليه والرضا بالقضاء إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد الذي أرسله الله بالحق رحمة للعالمين
س2 /
1 وأما ما سألت عنه من حكم المستهتر والمستهزئ بالدين فإنه إن صدر من مسلم ومثله لا يجهل الحكم لأنه في بلاد المسلمين فقد ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام وصار مرتداً عن الإسلام باستهزائه بالدين ويدعى حينئذٍ إلى الدخول في الإسلام والدليل قول الله تعالى ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ، وكذلك الإجماع على ذلك فأحذر وحذّر من هذا العمل الإجرامي ولو سمّاه الغافلون مزحاً فإن ذلك من غرور الشيطان حمانا الله وإياك والمؤمنين أجمين من الإساءة إلى الدين ورزقنا حبه وحب من جاء به وحب من أنزله وهو رب العالمين .
2/ أما سؤالك عن الدليل على اختصاص الله عز وجل بعلم الغيب فذلك سهل لورود الآيات المحكمات في بيان أن علم الغيب من خصائص الله لا يشركه فيه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ومن كان دونهم فمن باب أولى قال الله تعالى ( ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون ) وقال جل شأنه ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون ) وقال سبحانه ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم مافي البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) وغير ذلك من الآيات في القرآن كثير مما يدل على أن علم الغيب لله وحده الذي سمّى نفسه علّام الغيوب ، وأن من ادّعاه من الخلق فهو كافر كفراً أكبر يوجب اللعنة والخلود في النار واسمع إلى ما أخبر الله به عن أفضل خلقه وخير أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم بقوله ( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)
3/
وأما سؤالك عن الدليل الذي فيه التحذير من الانتماء إلى الأحزاب الجاهلية والفرق المبتدعة والقوميات العنصرية ونحو ذلك من أعمال الجاهلية وأعمال من تشبه بهم من المسلمين فإن الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة التي تحرم ذلك وتوصي بضده من الاجتماعات على الحق والألفة على سلوك الصراط المستقيم كثيرة ومنها قول الله تبارك وتعالى ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ) فأنت ترى وتسمع ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من التحذير الشديد عن التحزبات على الباطل وأمر الجاهلية ويلحق بذلك التحزّب الممقوت من بعض المسلمين لأصحاب البدع والضلالات الذين فضّلوا أن يعيشوا في جحيم البدعة من أجل أهداف دنيوية لا تسمن ولا تغني من جوع بل تدمّر ولا تعمّر وتخرب ولا تبني وقال تعالى ( إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبأهم بما كانوا يفعلون ) فأنت ترى وتسمع يا محب ما في هذه الآية من الإنكار والتهديد لمن ألف الفرقة ودعا إليها وجانب الحق ومال إلى الباطل استجابة للهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء وقد برّأ الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من ذلك لما فيه من الضرر العظيم وموجبات العذاب الأليم فلنحذر مما حذرنا الله منه نظفر بالسلامة والسعادة في الدنيا والبرزخ والآخرة بفضل الله العلي العظيم وبجانب هذا التحذير من الميل إلى أمر الجاهلية ومن تشبه بها فإن الله تبارك وتعالى قد أوصانا بالاجتماع على الحق والألفة على السنة والاعتصام بحبله المتين وصراطه المستقيم فقال جلّ ثناؤه ( واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا وأذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) فأنت ترى وتسمع هذه الآية الجليلة أن الله أمرنا بالاعتصام بالدين والاجتماع عليه وإتباع سبيل المؤمنين ونهانا عن التفرق والتحزب لما فيهما من المخالفة لسبيل المؤمنين والمخالفة للأمر الإلهي بالاعتصام بحبل الله المتين وأما الأدلة من السنة الكريمة على هذا المطلب فكثيرة جداً ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم \\\" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى \\\" وهو دليل صريح على التآلف والتوافق على الحق والتراحم في كل حال . ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم \\\" إنه من يعش منكم فسير اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة \\\" فأنت ترى أيها السائل أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم نهانا عن التفرق والاختلاف ضمن هذا الخبر الذي حدثناه وأمرنا بالاجتماع على سنته وسنة خلفائه الراشدين المهديين لما في التمسك بذلك من السلامة والنجاة من موجبات غضب الله وأليم عقابه والعكس بالعكس فإن من جرى وراء المخالفات بالباطل وإثارة الشبه ليدحض بها الحق ويقيم الباطل فإنه سيبوء بالإثم العظيم والخسران المبين عياذاً بالله من ذلك . وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .