عند دنو الشمس الى المغيب.. و بدأت الطيور معلنة انسياقها طوعا كما اعتادت الى اعشاشها.. و نسائم وقت الغروب اللطيفة تسرح شعر اليتيم احمد ناثرة اياه على ذاك الوجه الذي كمله الله بذاك الجمال و الإلتزام ما يكسبه احترام من يعرفه و من لا يعرفه.. الا ان الزين لا يكمل.. قد اعطاه الله اشياء كالذكاء و سرعة البديهة و اسلوب المخاطبة و سلب منه نعما و هي المشي و نعمة الأبوين- ولله الحكمة في ذلك- .. كان ذاك الكرسي المتحرك رفيق احمد الذي ينقله من بيته الى المسجد و للمدرسة.. كانت امنية احمد ان يصبح عسكريا يخدم دينه و وطنه.. بالرغم من كل ما يواجهه من سخريات من اقاربه و اصدقائه الذين تخلوا عنه تبكيه الا ان هدفه الذي اخذه كاميثاق على نفسه لتحقيق ما كان تتمناه ام احمد غير ان نهاية عمرها كان فاصلا عن مساندة فلذة كبدها و رؤيته لابسا الزي العسكري .. فكان تفوقه الدراسي مبهرا للجميع بعد ما اتمم الثانوية نصحه الجميع بعدم الذهاب للعسكرية لأنه لن يقبل و لكن كانت امنياته تكبر مصورة هدفا تشارك فيه ام و ابنها تخطو اتجاه الكلية الأمنية.. انتظر احمد موعد التسجيل وهو يردد في نفسه كبرت يا أمي لقد حققت امنيتك يا اغلى من في الوجود و اخذ شهادته و ذهب الى الكلية و كله امل في ان يشرف اهل حارته و يوفي بما عاهد امه.. إذا بتلك الإعاقة تقتل ذاك الأمل بعد ان قابله شرط من شروط القبول وهو ان يكون لائق صحيا.. احتارت تلك الدموع في عينيه الواسعتان غير مصدقة و في نفس الوقت مودعة أملا كان صديق طفولة احمد تساقطت قطرات دموعه على نتيجة الثانوية مرسلة رسالة الى امه في قبرها " امي قد خاب املك في كوني شرطي سامحيني يامن حملت املي معك طالبة مني تحقيقه.. لكن كانت اعاقتي خارجة عن طاقتي فحرمتني من اسعادك .. ارجوك سامحيني" و بعدها وضع يداه على عجلتي كرسيه المتحرك جارا الحزن، الخيبة و الإيمان بالقدر.. استمر بعدها بضعة اشهر و التحق بنصف الأمل لأمه.. وداعا احمد.. كنت خير مثل لمن كان طموحه غالبا لمصاعب تسد ما يجول في سلسلة احلام تنشد طفولته و سايرت كبره و تربعت في خانة مستقبله..