الدعـوة المدرســية.. أســاليب وعـقبات
الهدف من الدعوة إلى الله داخل المدارس هو إخراج جيل صالح من الطلاب يسعون إلى رضا ربهم وإلى تطبيق سنّة نبيهم وإلى حمل لواء الدعوة إلى الله تعالى في كل مكان وفي أي زمان، ولا يقتصر الهدف على الطلاب بل يشمل أيضاً المعلمين، كما يشمل العمل أسر الطلاب وذويهم.
ومن الوسائل التي تعين الداعية في دعوته إلى الله في المدرسة برامج للدعوة إلى الله ومنها ما هو خاص بالمعلمين ومنها ما هو خاص بالطلاب ومنها ما هو خاص بأسر وأهالي الطلاب، كما يوجد ما يجمع بين الجميع.. وقبل أن نذكر هذه الوسائل نبين أن من أهم الأمور التي تؤثر تأثيراً كبيراً على المدعو سواء كان من الطلاب أو المعلمين هو تمثل الخلق النبوي الذي كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في جميع أقوالنا وأفعالنا وأن يكون واقعاً ندعو إليه ونعمل به وهو ما يسمى (التأثير بالقدوة).
التواصل مع الإعلاميين
الأستاذ عبداللطيف بن هاجس الغامدي أكَّد بأن الذي يصنع قناعات الناس ويوجه سلوكهم هو الإعلام! فإذا كانت لديك هذه الوسيلة فأنت تملك أدوات التأثير والتغيير، وقلوب الناس بين يديك، فازرع فيها ما تشاء.
ومن البرامج المقترحة للدراسة:
1- مراسلة بعض الكتاب البارزين في الصحف اليومية والمجلات الدورية ممن يملكون توجّهاً صحيحاً وفكراً سليماً للكتابة عن واقع الشباب وما يقع عليهم ومنهم من سلوكيات خاطئة وخطيرة.
2- الاتفاق مع بعض الصحف اليومية والمجلات الدورية والتي يكثر اقتناء الشباب لكتابة بعض العبارات التوجيهية والموجزة في براويز لافتة بعبارة مقنعة مثل:
(أخي الطالب: الصاحب ساحب).
(أخي الطالب: المخدرات طريق الدمار في الدنيا والعذاب في الآخرة).
3- كتابة مقالات متميزة من أهل الاختصاص في التربية ونشرها في الجرائد، واستكتاب الإداريين والمشرفين والمرشدين والمعلمين والطلاب في المدارس لعرض قضايا السلوك الخاطئ وكيفية تقويمه.
4- التنسيق مع المجلات الأسرية والشبابية المناسبة للطلاب ذات الطرح الإسلامي لعرض بعض العروض المنخفضة لتكثيف توزيعها ونشرها بين الطلاب،
5- إعداد مجلة شهرية تربوية خاصة بالإرشاد الطلابي والتوجيه تصدر في كل شهر هجري عدداً من أعدادها الذي يتناول في كل عدد سلوكاً خاطئاً عند الطلاب ووسائل تقويمه وعلاجه، مثل قضية الدخان، الفواحش، السرقة، الغش... وغيرها من القضايا، وتوزع في المدارس على الطلاب وأولياء أمورهم (لا يلزم على كل الطلاب وإنما أهل الحاجة منهم بتقدير المرشد الطلابي كنوع من العلاج).
6- التنسيق مع التلفاز السعودي أو غيره من القنوات لبث بعض السلوكيات الخاطئة عند بعض الطلاب لمدة قصيرة لا تستغرق ربع دقيقة أو نصفها مع تعليق قصير عليها مكتوب أو مقروء (ضمن ضوابط شرعية حتى لا نفسد من حيث نريد الإصلاح).
مثل صورة شاب يقفز على جدار المدرسة ليهرب.
أو طالب يسرق من حقيبة أحد زملائه.
أو طالب يناول زميله دخاناً أو مخدراً.
أو طالب يهزأ من معلمه.
أو طالب يهشم أثاث المدرسة ويعبث به.
7- إعداد مثل هذا الشريط (الفيلم) وتوزيعه للمدارس لعرضه على الطلاب في حصص الاحتياط أو النشاط أو غيرها.
8- إقامة مسابقة في النشاط المسرحي (مسرحيات أو أناشيد) على مستوى المنطقة تناقش واقع الشباب ووضع حلول سلوكية لهم. وتعطى الجوائز والحوافز للفائزين، ويطلب من المدارس الحضور للعروض بالطلاب المشاكسين فيها والذين يمكن أن يستفيدوا من هذه العروض.
9- طباعة بعض الكتب المناسبة في التربية والتي تعالج بعض الأخطاء التربوية، وتوزع على المدارس وعليها شعار إدارة التعليم واللجنة القائمة على تقويم السلوك، ويمكن الاستفادة من بعض التجار الأخيار لدعم هذا المشروع.
01- طباعة بعض النشرات (المطويات) المناسبة وتوزيعها على المدارس.
11- تكثيف المحاضرات التربوية في المدارس وتفريغ بعض القادرين عليها لأهميتها البالغة في تعديل سلوك الطلاب وتقويم أخلاقهم. (وهذه الفكرة تعتبر أهم فكرة ينبغي الاهتمام بها وتلمس فوائدها).
21- اختيار بعض الأشرطة المناسبة والتي تعالج بعض المشاكل التربوية، وتوزيعها على المدارس لبعض الطلاب، ويمكن التنسيق مع مكاتب التسجيلات الإسلامية لهذا المشروع، وكذلك التنسيق مع بعض أهل الخير لدعم هذه الفكرة.
31- الاقتراح على المدارس توزيع بعض الكتب أو الأشرطة المختارة بأسمائها على المدارس في حالة عجز اللجنة عن توفيرها.
41- التنسيق مع بعض الجهات الرسمية ذات العلاقة ببعض السلوكيات الخاطئة عند بعض الطلاب لزيارة المدارس وبث الوعي فيها وتقديم الخدمات الممكنة، ومن تلك الجهات:
- مكافحة المخدرات.
- مستشفى الأمل.
- لجنة مكافحة التدخين.
- الشرطة.
- المرور.
- المشروع الخيري لمساعدة الشباب على الزواج.
51- إقامة مخيمات دورية توعوية تربوية تابعة للإدارة لبعض الطلاب الذين يعانون من مشاكل سلوكية، وإعداد برنامج خاص ومكثف لهم لمدة لا تقل عن يومين تشارك فيه أكثر من لجنة كالتوعية الإسلامية والنشاط الطلابي والتربية الكشفية وغيرها، ويتم اختيار الطلاب عن طريق المرشد الطلابي في المدارس.
61- تكثيف الدورات التأهيلية للمرشدين في المدارس في مجال التربية وعلم الاتصال وأساليب الإقناع.
ويمكن الاستفادة من ذلك من مركز التدريب بالخطوط السعودية، ومركز الدعوة والإرشاد، والمكتب التعاوني للدعوة، ومركز النخبة.
71- إقامة معارض متنقلة في المدارس تعرض بالصور والمجسمات والأرقام ما يمكن أن يستفيد منه الطلاب، مثل ضحايا الإدمان، الحوادث... وغيرها.
81- تكثيف الزيارات الميدانية من المدارس للسجون ودور الأحداث ومستشفيات الأمل وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومراكز الإسعاف والطوارئ والهلال الأحمر للوقوف على ضحايا الإجرام والإدمان والعصيان، ويمكن إعداد جدول في ذلك للمدارس واختيار من لديه مشاكل سلوكية أو نزعات إجرامية لهذه الزيارة.
91- استغلال علب الإفطار اليومي لكتابة بعض التوجيهات المناسبة عليها وخصوصاً فيما يخص الطعام وحفظ النعمة.
02- تكوين لجنة دائمة مختصة في الإدارة لرعاية السلوك مهمتها دراسة الانحرافات لدى الشباب وكيفية علاجها والقضاء عليها والتخلص منها، ويمكن أن يكون من مهامها الانتقال لموقع المدرسة التي يقع فيها انحراف سلوكي لعلاجه وتلافي آثاره وثماره.
12- إعداد دراسة شاملة لجميع المدارس لحصر وتحديد الانحرافات السلوكية فيها، واستخلاص النتائج من هذه الدراسة، وتحديد الأولويات في المعالجة والإصلاح والتقويم.
تطوير الأساليب
ويقول الدكتور محمد بن عبدالله الدويش إن المربي عنصر واحد من العناصر التي تؤثِّر على الشباب، وثمة عوامل ومؤثِّرات عديدة تسير في الاتجاه المعاكس لما يريده المربون. لكن المربي يستطيع أن يضاعف تأثيره حين يحسن التربية، ومن وسائل ذلك:
1- تجاوز الأسلوب التقليدي الذي يركز على مجرد التلقين والتوجيه المباشر.
2- تعويد الشباب على كيفية استثمار وقته ومساعدته على ذلك.
3- تدريب الشاب على الأنشطة التي يمكن أن يملأ بها وقت فراغه، ومن أبرزها القراءة.
4- تنمية قدرات التقويم وإصدار الأحكام لدى الشاب؛ فهذا يزيد من قدرته على اكتشاف الأخطاء والمخاطر التي واجهته من خلال الوسائل الأخرى
5- الاعتناء أكثر بإصلاح القلب والإصلاح الداخلي للشاب.
وسائل الدعوة
وينبه الأستاذ عبدالرحمن بن محمد الهرفي إلى أن المعلم راع فهو مسؤول عن رعيته، رعيته ابني وابنك وأخي وأخوك، رعيته أولاد المسلمين فهؤلاء من أعظم الرعايا فيجب عليه حفظهم بتعليمهم أمور الدين وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة وتعليمهم ما أوكل إليه من المواد النافعة لهم في أمور أخراهم ودنياهم.
من هذا المجال هناك وسائل لا حصر لها لإيصال الرسائل المطلوبة، ومن ذلك:
1- الدعوة بالقدوة الحسنة: وهنا لا يحتاج المعلم أن يقول أو يأمر بل يفعل، وهنا يكمن المحك الحقيقي لأن القول سهل ميسر ولكن العمل شاق على النفس، قال تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } [الصف: 3]، وهنا المعلم محاسب على كل أفعاله التي يأمر بها ثم لا يأتيها. قال صلى الله عليه وسلم: "يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه" فهذا حال من أمر الناس بالخير ولم يفعل ما أمرهم به.
2- الدعوة من خلال عرض المادة العلمية الجيدة: وهذا فن من فنون الدعوة، فهذا معلم الفنية يرسم زهرة جميلة ثم يشرح للتلاميذ كيف صورها ربها ونفخ فيها هذه الرائحة الجميلة، حتى يقولوا سبحان الله ما أعظم الله.
وهذا معلم العلوم يشرح لهم إعجاز القرآن أو السنّة في درس من دروسهم مر عليهم حتى يرددوا سبحان الله ما أعظم الله. وهذا معلم النحو يعرب آية من كتاب الله ثم يسأل لِمَ جاءت هذه الكلمة هنا وبذلك يوضح شيئاً من إعجاز كلام الله حتى يقول التلاميذ سبحان الله ما أعظم الله، وعلى أن يحرص المعلم على إتقان مادته لا يضيع شيئاً منها بل يبدع في شرحها ليحصل على احترام طلابه له.
الدعوة العملية
ويضيف الاستاذ الهرفي قائلاً: وهناك الدعوة العملية وهذه تتحقق من خلال أمور منها:
1- احترام الطالب:
لا يمكن لأي إنسان أن يقبل منك كلامه وأنت تهينه أو تنتقص من قدره، هل سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم أهان أحداً من مشركي مكة ابتداءً؟ لا بل كان مثالاً للداعية الحريص على نجاة الناس. وهذا الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إبراهيم يسأله كافرون عن رؤى رؤوها فقال لهما: {قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ(37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)} [يوسف: 37 - 41].
أنظر له وهو يقول لهما يا صاحبي السجن ولم يقل يا مساجين أو نحو تلك الكلمات اللاذعة مع أنه سبب سجنه غير سبب سجنهما فهو نبي مظلوم رغبت به زوج الوزير وكبار نساء الملأ، فهما ليسا كذلك مع هذا جعلهما مثله.
2- تقديم المساعدة للطالب عند حاجته لها:
قد تمر بالطالب ظروف معينة يحتاج معها للمساعدة وهي الشفاعة قال تعالى: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً} [النساء: 85]، أو ما نسميه بتعبيرنا (الفزعة) وعندها يحسن بالمعلم أن يتدخل، وقد ذكر لي أحد المعلمين أن طالباً كاد أن يطرد بسبب الشك فيه أنه أفسد أحد أجهزة المدرسة كان خارج حجرة المدير فلما رآه المعلم قال رأيت وجهاً ليس بوجه كذاب سألته فصدقني فشفعت له عند المدير فقبل شفاعتي، فهداه الله بهذه الشفاعة ولله الحمد.
وقد يحسن كذلك السكوت عن خطأ قام به بعض الطلاب إذا علم أن السكوت سيوثِّر عليه ومن ذلك أن أحد المعلمين شاهد طالباً يغش في أحد الاختبارات بأسلوب بدائي (هكذا قال) ويظهر منه أنه غير متقن لهذه الحرفة، فدخل عليه في القاعة وقال: هات الورق الذي عندك فأخرجه الطالب وقلبه يكاد يخرج من بين ضلوعه، فأخذه المعلم ولم يتكلم ولما رآه بعد الاختبار قال له: أنت من عائلة محترمة فعليك بالصراط المستقيم ولا تنحرف، فكم أثرت فيه هذه الكلمات وبقي سنين يذكرها لهذا المعلم.
وقال آخر: دخلت على الصفوف لتفتيشهم والبحث عمن يحمل الدخان أو سكاكين ونحوهما فرأيت أحدهم في جيبه سكين وهو من الطلبة الهادئين فنظرت له وكأني أكلمه حتى لا يراني المدير وقلت له: ترى شفتها، وهي آخر مرة؟ فقال: وعد آخر مرة. فبقي هذا الطالب يحفظ للمعلم هذا الفضل..
3- زيارة الطالب عند المصائب.
الطالب كغيره من الناس تمر به المصيبة وهو بحاجة للمواساة. وقد تكون مصائب بعض الطلاب دائمة بسبب أب قاس أو أم زاهدة فيه أو أب ضال فاجر، فهو بحاجة للحنان من أي أحد من الناس وبدلاً من يلتف عليه الفسقة المفسدون فليتقدم المعلم الداعية، وينجيه من براثن أهل الفساد. ويكمن الخطر كل الخطر لو كانت هذه المبتلاة بنتاً لأنها ستبحث عمن تسري عن همها؛ وهنا يكمن الخطر لأن الذي يستمع لها بانصات قد يكون ذئباً جباناً فاسقاً يريد جسدها لينهشه.
4- زيارة الطالب في الأفراح
لا يمنع أن يزور المعلم الطالب في الأفراح ويقدم التبريكات ولكن بقدر، ولو لم يتمكن من الزيارة اكتفى بالتبريك ولو في قاعة الدرس أمام الطلاب فإن هذا سيدخل السعادة والسرور على نفس الطالب.
5- محاولة الوصول لجوهر قلب الطالب:
عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيراً كثيراً قد لا تراه العيون من أول وهلة.
6- محاولة الثناء عليهم بما فيهم من الخير:
ونذكر هنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نِعمَ الرجل عبدالله لو كان يُصلي من الليل" فما ترك ابن عمر - رضي الله عنهما - قيام الليل حتى مات. فهذه بضع كلمات فيها ثناء صادق حثت ابن عمر - رضي الله عنهما - على قيام الليل. فكذا الطالب يحتاج منك إلى تشجيع وهو شيء من الثناء وفيه نصيحة طيبة.
معوقات الدعوة باالمدرسة
وحول أبرز معوقات الدعوة المدرسية قال الشيخ محمد الدويش:
بعض من هذه المعوقات منشأها أسباب نفسية مثل:
1- الفهم الخاطئ لقوة الشخصية:
حين يفهم المعلم قوة الشخصية فهماً خاطئاً فيسيطر عليه هذا الهاجس فسيوثِّر هذا الفهم على أدائه الدور المنتظر منه. ويبدأ هذا المعلم بتطبيق النظريات التي أخذها ممن سبقه في هذا المجال، فالابتسامة ممنوعة والكلام حرام والضرب بالعصا حتم واجب. وكل هذا يباعد بين الطالب والمعلم.
2- الحواجز المصطنعة:
يضع المعلم حاجزاً نفسياً بينه وبين الطلاب فهو لا يتحدث ولا يدعو إلا الطلاب المتدينين فقط وقد يزيد الأمر سوءاً إن كان لا يحدِّث ولا يدعو إلا فئة معينة من المتدينين، أما باقي الطلاب أي المئات الآخرين فهو صاد عنهم وعابس في وجوههم.
3- النظرة المتشائمة:
لا جدل أن واقع الشباب اليوم لا يسر مسلماً وأن شقة الانحراف قد اتسعت لتشمل رقعة واسعة من خارطة حياة الشباب المعاصرة ولا جدال أن المسافة بين واقع الشباب اليوم وبين ما ينبغي أن يكون عليه ليست قريبة بحال.
ولكن هل يعني ذلك أن الخير قد أفل نجمه؟ وأن الشر قد استبدَّ بالناس؟ أليست هناك صفحات أخرى من حياة أولئك المعرضين غير هذه الصفحات الكالحات؟
ألم يقرأ هذا وأمثاله ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم"؟
قال النووي - رحمه الله -: اتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزدراء على الناس، واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم، وتقبيح أحوالهم، لأنه لا يعلم سر الله في خلقه. قالوا: فأما من قال ذلك تحزناً لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه.
وقال الخطابي - رحمه الله -: معناه لا يزال الرجل يعيب الناس، ويذكر مساويهم، ويقول: فسد الناس، وهلكوا، ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالاً منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم، والوقيعة فيهم، وربما أدى ذلك به إلى العجب بنفسه، ورؤيته أنه خير منهم.