العنصرية المناطقية,والنظرة الدونية التي ينظربها أبناء بعض المناطق إلى أبناء مناطق أخرى . عانت الجزيرة العربية على امتداد التاريخ من العصبية القبيلة , فدارت الحروب الطاحنة ,إلى أن جاء الملك عبدالعزيزــ رحمه الله ــ ووحد البلاد والعباد تحت الأخوة الإسلامية . حينها لم ينقطع دابر العصبية القبيلة وإن ضعفت نيرانها وضاع حطبها ,والوحدة الوطنية هي الأساس الذي بني عليه صراط المملكة العربية السعودية, وهي الإنجازالذي لم يحققه سوى الملك عبدالعزيزرحمه الله في العصر الحديث .
مادفعني لكتابة هذا المقال موقف حدث أمام عيني في أحد المستشفيات الخاصة , كانت تجلس على مكتب الاستقبال الخاص بالعيادة مع مجموعة من الممرضات الأجنبيات .. فتاة سعودية _لله درها_ يغطي وجهها النقاب, فلاترى الإتلك العينين, وهما يشعان تفانياً وإخلاصاً في إنجاز عملها وخدمة أبناء وطنها .
كان المراجعون يتوافدون زرافاً ووحداناً , من بينهم المرأة , والرجل ,و الشاب والكهل ..
كان دورها يقتصر على طباعة الموعد من الحاسوب وتسليمه إلى المريض بعدما تقبض قيمة الكشف منه , ثم يصبح أمرك في يد الممرضة الفلبينية وفي يد الطبيب الذي لاتراه حتى يحين موعدك ودورك لتجد نفسك معه وجها لوجه ..!!
إلى هنا والأمر لاغرابة فيه , كنت أرقب تلك المواطنة وهي تؤدي دورها , وماكانت تمتاز به من خلق رفيع , وكلمات مؤدبة ,وتعامل يدل على رقيها المعرفي وعلىحسن تربيتها,أعجبت بها_ أي والله_ لماتعكسه من صورة الفتاة السعودية المحترمة الجادة المنتجة .
ولكن حصل ماأغاظني !! وهدم كيان فرحتي بروعة التطور والرقي الذي وصلنا إليه ,وارتقاء المرأة إلى أن تساهم في بناء الوطن وتزيح الأجنبي الذي يمتص دماءنا ماديا ومعنوياً بسخريته المتكررة من تخلفنا وجهلنا !!
لقد أغاظني ذلك التصرف , وتلك الكلمات التي أطلقها شاب في الثلاثين من عمره تقريباً ومعه أخ أو مرافق له , وبجواره امه تلك العجوز التي لاناقة لها ولاجمل فيما اقترفه ابنها من تصرف يلصق العاربها بسوء خلقه ووقاحته !!
لقد أعلن غضبه وأبدى تذمره من تأخر موعده واستلج واستشاط وطار إلىالفتاة السعودية , وقال :الطبيب الفاشل هذا متى سندخل عليه ؟؟
قالت : له انتظر قليلاً وستدخل لأن الطبيب بين يديه حالات أخرى .
فقال : لي ساعتان وأنا أنتظر, سندخل عليه أم لا. (بصوت جاهر قذر)
حاولت : أن تحتوي غضبه فقالت : انتظر وستدخل إن شاء الله ,الطبيب لديه حالات أخرى تحتاج المزيد من الاهتمام .ثم أخذ أمه وأخيه (يدوده) بجانبه وقال: هذي جيزانية وسخة.قالها بكل وقاحة , ولازلت أنظر إلى مثل هذه النوعيات في مجتمعنا الذين ينظرون إلى أبناء وطنهم وإخوانهم في الدين بهذه النظرة الدونية , ويتكلمون بلغة الاحتقار والازدراء للآخرين .
ولازلت أتسائل من المسؤول عن تنمية ذلك الكره والنظرة الدونية إلى أهل جيزان وغيرها من مدن المملكة, ولماذا يصر أهل نجد تحديداً على أنهم أهل الملكوت الرباني والشرف والريادة وأن ماسواهم في الحضيض ؟؟
متى تنقشع الغمة لنعرف أن كل من يحمل الجنسية السعودية هو مواطنٌ له ما للسعوديين من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات ؟؟
منقول من بوابة العرب