في ضيافة أم المهازل ...!
يا ويلي .. ويا سواد ليلي ..؟
كالعادة .. ما آتي هذا البنك لدفع الضريبة الشهرية إلا وأصرخ من قلبي يا ويلي ،،،
... ثم تفتح الستارة أمامي لأشاهد فيلما مهزليا جديدا ،،
الزحام يملأ المكان ، تفوح من جنباته روائح منتنة ،، والشحاذون يعتلون تلك الدرجات
بالخارج والتي لا يتجاوز عددها ( المثنى ) ...!
فجأة ، أرى ذلك الموظف الأنيق الهادي ، ذا الصورة المعلقة قديما والذي حاز على جائزة
الموظف المثالي ذات سنة ماضية ... نعم هو هو ، إنني أعرفه تماما ...
هل تصدقون يا جماعة ؟؟ لقد كان واقفا يوزع الأرقام على العملاء لينتظروا بعد ذلك
طوابير البؤس ،، كنت مندهشا من تواجده هناك ؟؟!
انتظرت بجانبه قليلا .. ثم استلمت منه رقمي الملكي ( 732 ) .. والحمد لله من قبل ومن بعد ،،،
وكعادتي هداني الله .. التدخل في ما لا يعنيني وإحراج الآخرين ،، فقد سألته بابتسامة ضاحكة:
ما في أحد غيرك يوزع الأرقام ؟؟؟!
رد علي بابتسامة نصف ضاحكة .. ثم صمت .. ثم مضى إلى الداخل ..!
بصراحة .. لا أدري ما إذا كان استهجن سؤالي ؟ أو تضايق منه ؟ .. حقيقة لا يهمني ..!
ثم أجلس كغيري شارد الذهن ، مأخوذا بكل ذلك الضجيج ... ثم يطول الوقت ولا زلنا على مقاعدنا
موفورين ، نزيد ولا ننقص ..! يا ويلي ،،،
وفجأة أكتشف أن ذلك الآدمي هو الموظف الوحيد ، والذي يتعامل مع كل أولئك المراجعين باختلاف
طلباتهم وأمزجة أرصدتهم فهناك الوسام الذهبي ، وهناك الوسام الجني ، وهناك ، وهناك ... إلخ
كان يفعل ذلك مبتسما ، ويبدو صابرا محتسبا أيضا ...!
وعلى يساري شيخ كبير يصرخ ملأ الصالة : أنا هنا من الساعة الثامنة صباحا ،، خافوا الله ..!
وعلى يميني واحد يصرخ أيضا : لماذا تقدمون علي هذا الرجل ، وأنا رقمي قبل رقمه ...؟؟
يفهمونه : هذا عنده الوسام الذهبي ؟؟ فين وسامك ؟ هل عندك وسام ؟ والرجل كأنه من كوكب آخر!؟
يسأل : وسام !! وسام إيش هذا يا ناس ؟؟؟!!
فأتفضل مشكورا لي ، مأسوفا على حالي ، وقلة مالي ،، ياعمي .. وسام يعني ..( اللي عنده زلط باسل !!)
ثم يهدأ يفكر بالمقاييس الإلاهية بين البشر .. فيتمتم بكلام يسمعه الجميع : كلنا أولاد تسعة ..!
كلنا نحيا ونموت ، كيف يزيدونه علينا ,, كيف ..؟ ولماذا .....؟ الخ !!
أما أنا فأتمتم في صدري بكلام غير مسموع .. كيف يا عم لو تعرف ما أعرفه وأسمع به
من الطبقيات ، والمقامات ، والسرقات ، والخيانات ، والإقطاعات ،، والمصالح
السرية المشتركة ،، وغيرها ....!!إذا لعرفت أن مقاسك الحقيقي عندهم هو أصغر من
حجم رجل الذرة ..!_وحاشاك _ ، ولعلمت أنك في نظر الكثير ممن يقاسمونك لقمة
عيشك وشربة ماءك مجرد حشرة تافهة _ وحاشاك _ ،،،،،
وأن ما تنتظره في هذا البنك المتعجرف ما هو إلا فتات فتات الفتات ...؟!!!!!
أيها السادة الصامطيون ... حفظكم الله ،،،
ما رأيكم في هذا الفيلم المهزلي الفاضح والذي يتكرر في بنوكنا الصامطية على مدار الأيام ،،،
فلكي ترى مهزلة ما ، أو تسمع بأخرى ، أو تعيش في كومة مهازل ، فذلك يعني أن تتوجه إلى
أقرب بنك مصرفي بصامطة ،، وخاصة تلك البنوك الكبيرة والقديمة أيضا ، والتي تمتلك من
الخبرات الطويلة ما يؤهلها لأن تكون أم المهازل بجدارة ....؟!
معذرة لكم نسيت أكمل الفيلم ،،،
ثم بعد نصف ساعة من الإنتظار ... نهضت كالعادة ،، راجعا إلى بيتي حاملا معي خفي حنين ،على
أمل العودة إليهم في اليوم التالي ،، لأكون على موعد جديد مع حلقة جديدة لفيلم مهزلي جديد ...!!
وداعا ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
** كتبه / حسين محمد صميلي