مِـنَ القصص ِ المُؤثرة ِ التي قرأتها حولَ مَريضين ِ
مُسنين ِ في أحد ِ المستشفيات ِ اضطرتهما
ظروفُ المرض ِ العضال ِ للبقاءِ في غرفة ٍ واحدة ..
أحدُهما كانَ مسموحا ً لهُ بالجلوس ِ في سريرهِ لمدة ِ
ساعة ٍ يوميا ً بعدَ العصر ، ولحُسن ِ حَـظهِ فقدْ كانَ
سريرهُ بجانب النافذة ِ الوحيدة ِ في الغرفة . أمّـا
الآخرُ فاجبرتهُ ظروفُ المرض ِ بأنْ يبقى مُستـلقيا ً
عَـلى ظهره ِ طِـوالَ الوقت !
كانَ المَريضان ِ يقضيان ِ وقتهما في الكلام ِ دُونَ
أنْ يرى أحدُهما الآخرَ ، لأنّ كـُلا ً منهما كانَ
مُستـلقيا ً على ظهرهِ ناظرا ً إلى السقفِ ...
تحدثا عَـنْ أهـليهما وَعَنْ بـيـتـيهما ، وعَنْ
حَـياتهما ، وعَنْ كلّ شيء ! وفي كلّ يوم ٍ بعدَ
العَصر ، كانَ الأولُ يجلسُ في سريرهِ حَسْبَ
أوامر ِ الطبيب ، وَينظرُ في النافذة ِ ، ويصفُ
لصاحبهِ العالمَ الخارجيّ ، وكانَ الآخـرُ ينتظرُ
هذهِ السّـاعة َ كمَا ينتظرها الأول ُ، لأنها تجعلُ
حياتهُ مُـفعمة ً بالحيوية ِ وهوَ يستمعُ لوصفِ
صاحبهِ للحياة ِ وصورها المليئة ِ بالحيوية ِ
والإنطلاق ِ في الخارج ..
ففي الحديقةِ كانَ هناك بُـحيرة ٌ يسبحُ فيها البط ّ
والأطفالُ يعبثونَ في زوارقهم الورقية على حَوافها
وهناكَ رجلٌ يُـؤجّـرُ المَراكبَ الصغيرة َ للناس ِ
يُبحرونَ بها في البحيرة . والأسرة ُ تـتسلى معَ
أطفالها بينَ هرج ٍ ومرج ..
كما توزعتْ جماعاتٌ أخرى بينَ الآكام ِ الخضراء ِ
يتنفسونَ عبقَ الطبيعةِ ويفترشونَ خضرتها
وزهرها ، أمّـا السماءُ في زرقتها اللا نهائية
فتحملُ دعوة ً للتأمل ِ في خلق ِ الله .. كان
الأولُ يصفُ كلّ تلكَ الصور ِ البراقة فيـُـنصتُ
الآخرُ في ذهول ٍ لهذا الوصـــــــــفِ الدقــيــق ِ
الرائع ، ثمّ يُغـمضُ عينيهِ ويبدأ ُ في تصوّر ِ ذلكَ
المنظر البديع للحياة ِ خارجَ
المستشفى ..
وفي أحدِ الأيام ِ وصفَ لهُ عرضا ً عسكريا ً !
ورغمَ أنهُ لمْ يسمعْ عزفَ الفرقةِ الموسيقيةِ إلا ّ
أنهُ كانَ يراها بعَـينيّ عقلِه مِـنْ خِـلال ِ وصْـفِ
صاحبهِ لها .. .. .. يُـتبـَـع