نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


رُغمَ برودَتِهَا ..
واختفائِهَا المُتواصِلُ خلفَ خمارِ الغُيُومْ ..
أُحبُهَا ..
" شمسُ كانون * "
التِي لا يعادلهَا عندِي شيء ..
كانون ..
موسمُ الاضطراباتِ .. والعواصفِ .. والأمطارْ ..
أحبهُ هذا الشهر دونآ عن كل الشهور الأخرى ..
يحملُ لِي في جعبتهِ الكثيرَ منَ الذكريات ..
والمناسباتْ :

أبصرتُ فِيهِ الحياة لأول مرة .. فكانَ ميلادِي ..
و كذلك أمي وأبي وأختِي الصغرى ..
فِي تخطيطٍ قدريّ مُحببْ ..

فِي كانون ْ كُل شيء يبدُو لِي مُختلفآ ..
نهاية عام ..
وبداية آخر ..

في ذلكَ الـ كانون الـ عجيب .. تحقق حُلمِي ورويتُ حنيني لوطنِي للمرة الأولى .. بعد اشتياق طفولِي دامَ أربعةَ عشرَ عامآ - أو ربما أخالُها - قرنآ ..!
فتذوقتُ فِيهِ طعمَ الاستقرار ..

فيهِ أيضآ .. غادرتُ أحلامَ الطفولِة إلى نضوجِ الكبار ..

تُخبرنِي أمِي أني ارتدتُ فيهِ صفِي المدرسيّ الأول ..
وبعدَ سنوات ..حصلتُ فِيهِ على لقب " مُهندسة " للمرةِ الأولَى ..

التقيتُ مع حُلمِي فيهِ وجهآ لوجه بعد انتظار طالَ نصف عمري أو يزيد ..

و الكثير الكثير مِن المآثر يملكها كانون لديّ ..

ولكن ذلكَ لا يمنعُ قسوتهُ بحقِي في بعضِ الأوقات ..
فيهِ رحلت " تاتا " فتوقف النبضُ الحنون لتلك الخالة المغموسة بحنانِ الأمومة ..
كان كانون قاسيآ يومها .. أمهلهَا حتى اشترتْ لِي دُميةَ عيد ميلادِي .. ولكنه لم يمهلها حتى تُهدِينِي إياهَا ..
فرحلتْ وهِي توصِي لِي بها ..
أنا الطفلة ذات الـ اثنَي عشر ربيعآ في تلكَ الغربة ..
ولم أستطع توديعها ولا اهدائها قبلة الوداعِ الأخير ..!

ويقسو كانون أيضآ ..
فـ أفقدُ فيهِ بيتِي ومأواي لتدمرهُ أيدِي العابثينَ الكافرين ..
ولا يكتفِي كانون ..

فيشعلُ النارَ في جُهدِ أبِي وثمرة كفاحهِ طوالَ عشر سنواتٍ ويزيد ..!

في كانون هذا ..
رأيتُ القهرَ في صوتِ أبِي الـ كان دومآ متماسكآ ..
ورأيتُ التماعَ الدموعِ في عيونِ أخِي وهو يرثَى " علاء " صديقهُ الصحفيّ الشهِيد ..

كانون .. كانون .. كانون ..
أشعُرُ أن القدَرَ يواصلُ ترصُدِي فيه ..
فلا عجبَ أنّ ينمو بداخلِي مرضٌ مُزمن لهذا الشهر ومنه ..
الذي أؤجلُ له كُل ما يحتمل التأجيل ..

يسكنني هدوء وصخَب نفسيّ غريب ..
أشعرُ أنهُ يحتلُ فضاءٌ واسعٌ من ذاكرتِي ..
وكأنهُ مخزنٌ أودعُ فِيهِ ذكرياتِي المُعلبّة .. الفائتة الصلاحية منها .. أوتلكَ الـ مازالت صالحَة للاستخدامْ ..!
حِين أجمعُ حصيلتهُ أجده ..
صاخبآ .. كعُنف انتفاضة ..
رَحبآ .. كصدرِ سمَاءْ ..
خَطِرآ .. كمطبّاتٍ جُنون ..
زَلِقآ .. كلوحِ جليدْ ..
شهيّآ .. كوجبةٍ دَسمة ..
مريرآ .. كصبّارٍ شائكْ

كانونْ ..
موسمُ الأضدادِ والمُترادِفات ..
شهر ٌ .. لكنهُ على شاكلة عُمر ..!



" كُل كانُون والذاكرة بخير "

_________________________________________

* كانون : هُنا هو كانون الثانِي مِن الأشهر السريانية المعمول بها في بلاد الشام .. والموافق ليناير / جمادي الثانِي ..



ادارة آل الروح
18- يناير - 2009

************

للكاتبة الفلسطينية القديرة

م.أماني ناصر


**********

منقول باذن

***********

يسكنني هدوء وصخَب نفسيّ غريب ..
أشعرُ أنهُ يحتلُ فضاءٌ واسعٌ من ذاكرتِي ..
وكأنهُ مخزنٌ أودعُ فِيهِ ذكرياتِي المُعلبّة .. الفائتة الصلاحية منها .. أوتلكَ الـ مازالت صالحَة للاستخدامْ ..!
حِين أجمعُ حصيلتهُ أجده ..
صاخبآ .. كعُنف انتفاضة ..
رَحبآ .. كصدرِ سمَاءْ ..
خَطِرآ .. كمطبّاتٍ جُنون ..
زَلِقآ .. كلوحِ جليدْ ..
شهيّآ .. كوجبةٍ دَسمة ..
مريرآ .. كصبّارٍ شائكْ

كانونْ ..
موسمُ الأضدادِ والمُترادِفات ..
شهر ٌ .. لكنهُ على شاكلة عُمر ..!
اعجبت بها فنقلتها لتشاركوني هذه اللوحة الفنيه الجميلة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي