(21)
سَـفَكوا دِمـاء الجامعـاتِ وما اكْـتَفوا
سَلَبـوا ضيـاء المكتبـاتِ وما اكْـتَفوا
نهبـوا حِـمى المسْتَشْفَيـاتِ وما اكتفوا
عَطَبـوا رَحـيق الأُغْـنِياتِ وما اكْـتَفوا
حَبَسـوا المـُنى...نَسَـخوا النِّـظامْ
نهشـوا الجَـنى... أكَـلوا الحَـرامْ
فَرَشـوا العَـنى وتَجَـلْبَبوا بالالْـتِزامْ
جَلَبـوا السّـقامْ
كتبـوا على هـامِ الوِسـامْ
مَرْحـى لعصـر العَـمِّ سـامْ
هتفـوا بِلا خَجَـلٍ
بأنّـا سـائرون إلى الأمـامْ
هتفـوا بلا وَجَـلٍ
وقالـوا إنّـنا قـومٌ كِـرامْ





(22)
أوّاهُ يا أُمَّ الحضـارَةِ
إنّ صَـدْرَ الليـل أطْـبَقْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِ
إنّ عَـقْلَ الحـرْبِ أحْـمَقْ
أوّاهُ يا أم الحضـارَةِ
إنّ بُـرْجَ الوَهْـمِ أطْـبَقْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارَةِ
إنّ نَـحْسَ الشّـرّ أغْـدَقْ...
وشَـرى الضّـمائر _ آهِ _ في سـوق النِّخاسَـهْ
باسـم النّـباهة والفَراسَـهْ
باسـم الكياسَـهْ
الحَـرْبُ أوّلُـها وآخِـرُها سياسَـهْ
لا تسْـألَنّ عن السِّياسَـهْ
هي سـيّدي لُطْـفٌ تُعـاقِرُهُ الشّراسَـهْ
هي سـيّدي طُـهْرٌ تُـطَهِّرُهُ النَّجاسَـهْ
هي سـيّدي ظُلْـمٌ تُدَثِّـرُهُ القَداسَـهْ
هي ذي السِّياسَـهْ
لا هَـمَّ إلاّ هَـمَّ إغْـراءِ الرِّئاسَـهْ
هي ذي السِّياسَـةُ نجْـمُها في عصـرنا أشْـرقْ
هي ذي السياسَـةُ غَيْمُـها في عصْـرنا أبـرَقْ
هي ذي السِّياسَـةُ طَيْـرُها حَـلّقْ
أوّاهُ يا أمّ الحَضـارَةِكُنْـهُها أخْـرَقْ
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِإنّ جُرْحَـكِ غائِـرٌ
وجِراحُنـا في القُـدسِ أعْمَـقْ




(23)
أوّاهُ يا أمّ الحضـارةِ إنّ شِـعري خـارِقٌ
أوّاهُ شِـعْري ماحـقٌ
أوّاهُ شِـعْري صاعِـقٌ
وأنا أُشـاهِدُ مَسْـرَحاً ...
مُتَنَكِّراً بِجَـليدِ دَوْرٍ هابِـطٍ
ودمُ العُـلا يُـهْرَقْ
ومَشـاعِلٌ تَـرْنو إلى ظُلَـمِ الظّـلامِ
تَلـوبُ في وكناتِـها
لمَنـاهِلٍ تُسْـرَقْ
وأنا أُشـاغِلُ لَهْفـةَ الآتـي
أقول لوثْبَـةِ الأجـيال مُحْـتَدِماً
بغداد لن تُصْـعَقْ
وأقول للتّـاريخ مُنْتَصِـباً
بغداد لن تُسْـرَقْ



(24)
بغداد صـافِيَةٌ كعَيْـنِ الـحقِّ
فاتِنَـةٌ كروح الشّـرْقِ
واضِـحَةُ الشِّـعار
بغداد ناصِـعَةٌ كما خَـدِّ النّهارْ
بغـداد لـؤْلُؤَةُ المَحـارْ
بغداد تكـشِفُ صدرهـا
للعـابِرين العـابِثين العـازِمين على الحِصـارْ
بغـداد لن ترضـى الـهَوانْ
بغـداد قد آنَ الأوانْ
بغداد تَعـرِفُ كيف تَقْطـفُ ...
من تلابيـب القَـنا زَهْـرَ الأمـانْ
ما هَمَّها ابن العَلْقَـمِيِّ ينام في حضْـنِ الـتّـتارْ
ما همّهـا الوجـه المُعـارْ
ما همّهــا فُـجْرُ الطُّغـاةِ ...
وتُرّهـات أبي رُغـالْ
ما همّـها إنْ سـار في دَبّابـةٍ حَمْـقى...
على حُلُـمِ العِـيالْ
ما همّهـا يمشـي على شَـرَفِ العِقـالْ
ما همّـها الآثـارُ تبكيـها الرّمـالْ
لم يُبْـقِ قُطّـاع الطّـريق لها أثَـرْ
لا لا ولم تُبْـقِ الزّلازِلُ لم تَـذَر
ما هَمَّـها البَلْـوى تُذَرِّيهـا على مَـرْأى العِبَـرْ
ما همّهـا إنْ خـاف حاطِـبُ ...
إنْ عصـا...
أو خَـرَّ في جـُرْفِ الخَـوَرْ
يخفـي الـهَوانَ بشَـعْرِ عابِـرَةٍ...
ويُرْسِـلُهُ على عَجَـلٍ ليُنْقِـذَ مَن كَفَـرْ
مهـلاً عُمَـرْ
ضَـعْ سيفـكَ البَـتّارُ حاطِـبُ ما كَفَـرْ
هو يـوم بَـدْرٍ خَطَّ بالإيمانِ مَـلْحَمَةَ الظَّـفَرْ
فاغْفِـرْ لهُ...
والله أعظم مَن غَفـَرْ








(25)
بغـداد تَعْـرِفُ...
كيف تنفُـضُ عن مَهـابتها غُبـارَ الاحْتِلالْ
بغداد يصْقـلها الـنِّزالْ
بغداد تعـرف ما يُجَـدّد ما يُعيـدْ
سَبْـقَ الجُـدودْ
بغداد شـيمتها الصّمـودْ
بغداد شـيمتها الصّعـودْ
بغـداد يا الأمّ الـوَلودْ
إنّ الأسـى لا يُـنْـتَسى
لا تغْـرَقي في عُـقْمِ لو
في سُقْـمِ رُبَّ وفي عسـى
ليل القطيعـة عَسْعَسـا
بغـداد يا بغـداد يا بغـدادْ
الشّعـب شَـقّ طريقـهُ
وعلى ذُرى الإيمـان
والهَـدْيِ الرّفيـعِ تَأسّـسا
الشّعـب كان وما يـزالُ
على النّـوازِلِ أشْـوَسا
الشّعـب في زمـن المُلِمّـات العَـصِيّـبَةِ
صَـبَّ كأسَ بقـائهِ
شَـرِبَ الهِـدايةَ واحْـتَسا
فرأى على طُـرُقِ الهزيـمَةِ
أجْـنبيّاً سـام أصـناف العـذاب تَغـَطْرَسـا
ورأى رَقيعـاً مـارِقاً
سَـلَبَ الحقـوقَ...
تنفّـسَ الصّعـداءَ...
ظـنّ بأنّهُ مَـلَكَ الوجـود تَرَأّسـا
ورأى صَفيقـاً أهْوجـاً
يَهْوي بمِطْرَقَـةِ الغبـاءِ على التّـُراثِ...
وقد قسـا
ورأى وضيعـاً عاهِـراً...
لَعَـقَ الـمَذَلّةَ نَسْـنَسا
بغـداد لن تنسـى الأسـى
بغـدادُ يا بغـدادُ يا بغـداد
كم سـاقِطٍ أرْغـى وأزبَـدَ وانْـتسى؟
الشعـب أطلـق حُـكْمَهُ
من أجـل عـينيكِ اعتـلى قِـممَ الـجهادِ
تَمَرّسـا
من أجـل عينيـكِ
افتـدى الشـعب الجريـح بروحـهِ
وتَمَتْرسـا
الشعب _ آهِ _ تَلَمّـسَ الخطـر الخفيّ توجّسـا
الشّعـب _ آهِ _ تَـفَرّسـا




(26)
بغـدادُ يا بغـدادُ يا بغـدادْ
لولاكِ ما انطلـق المِـدادُ...
ولا شَـدا
لولاكِ ما سـمع الأصـمُّ...
ولا صَـدا
بغدادُ لن ترضـى الحِـدادْ
لا لا ولن ترضـى السّـوادْ
بغدادُ ليسـت لُقْمَـةً ...
بِفَـمِ العِـدا
بغدادُ ليسـت لُعْبَـةً...
بِيَـدِ الـرّدى
بغـدادُ ليسـت مثل عـادْ
لا لا ولا إرَم العِمـادْ
بغـدادُ سـطّرها المَـدى...
أُمَّ الشِّـدادْ
عَزَفَـتْ على وَتَـرِ الفِـدا
هي طائـرُ الفينيـقِ...
يُبْعَـثُ _ آهِ _
مِن تحت الرّمـادْ

============
ولكم الشكر