[ .. لُبَاب الأدآب .. ]

تأليف/ أسامة بن منقذ
تحقيق / أحمد محمد شاكر



وما أَشْـكُو تَـلَوُّنَ أهلِ وُدِّي .*. ولو أَجْدَتْ شَكِيَّتُهُمْ شَكَوْتُ

مَلِلْتُ عِتَابَهمْ وَ يئِسْتُ منهمْ .*. فَمَا أَرجـوهُمُ فيمنْ رَجَوْتُ

إذا أَدْمَتْ قوارضُهمْ فُؤَادِي .*. كَظَمْتُ على أَذاهُمْ و انْطَوَيْتُ

وَرُحْتُ عليهمُ طَلْقَ المُحَيَّا .*. كأنّي ما سـمعتُ ولا رأيتُ

تَجَنَّوْا لِي ذُنوباً ما جَنَـتْهَا .*. يَدَايَ و لا أمرتُ و لا نَهَيْتُ

و لا واللهِ ماضَمَّرْتُ غدراً .*. كما قد أظـهروه و لا نَوَيْتُ

و يومُ الحشرِ موعدُنا و تَبْدُو .*. صحيفةُ ماجَنَـوْهُ و ماجَنَيْتُ *


من أجود كتب الأدب وأحسنها. اشتمل على فرائد جمة، من نثر ونظم، لا وجود لها

في معظم الكتب المطبوعة، كأبيات لعامر بن طفيل، وأخرى لمالك بن حريم الهمداني،

وابن المعتز، وأبي العلاء، وغيرهم

قُسم الكتاب إلى عددٍ من الأبواب, كل باب يتناول موضوعاً ضمّنها شواهد من القرآن,

و الأحاديث النبوية و سير الصحابة, و قَصَص السلف, و أخبار السابقين, و أقوال

الحكماء , و بعضٌ من الأشعار ..

اشتمل على عددٍ من الأبواب في الوصايا, و الأدب ,و البلاغة, و السياسة, و الحكمة

و الكرم, و الشجاعة.


.*. مقتطفات من الكتاب .*.


"عن سَعْد بن عبدالعزيز - رحمه الله - قال:

" من أحسن فَلْيَرْجُ الثواب, و من أساء فلا يستنكر الجزاء,

و من أخذ عزًّا بغير حق أورثه الله تعالى ذلاً بحق ,

و من جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم ."


قالت الحكماء : من كانت فيه ثلاثُ خلالٍ لم يَسْتَقِمْ له أمرٌ :

التواني في العمل, و التضييع للفُرص, و التصديقُ لكلِّ مُخْبِر.

و نظماً :

لا تَحْقِرنَّ مِنَ الضعيفِ عداوةً .*. فالنار يحرِقُ جمرُها و شَرَارُها

و احذرْ مداجاة العدو و كيدَهُ .*. إن العداوة ليس تَخْبُو نارُهَا

" من أعجبته أراؤه, غلبته أعداؤه. و من ساء تدبيره , كَذَبَ تقديره.

و من جهل مواطِئَ قدمه, عثر بدواعي ندمه "


روي عن ابن المبارك رحمه الله أنه قال:

"نحن إلى قليل من الأدب أحْوَجُ منّا إلى الكثير من العلم".

قال ابن عطاء رحمه الله : الأدبُ الوقوفُ مع المُسْتَحْسَنَاتِ.

فقيل: و مامعناه ؟ قال: أن تُعَامِلَ اللهَ تعالى بالأدب سرَّا و إِعلاناًً,

فإذا كنتَ كذلك كنتَ أدِيباً [ وَ إنْ كنتَ أَعْجَمِيًّا ].

و من منثور الآداب/

"قيل لأرسطاطاليس: مايزين المرء بين أخوانه ايها الحكيم؟

فقال: الأدب يَزِينُ غِنَى الغَنِي, و يَسْتُرُ فَقْرَ الفقير.

فقيل له: و مالبلاغة ؟

فقال: إقلالٌ في إنجاز, و صوابٌ مع سرعة جوابٍ ."

و قال سقراط الحكيم: العقول مواهب . و الآداب مكاسب .

وقال: لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين: ناطقٍ عالمٍ , أو صموتٍ واعٍ .


استر العيَّ ما استطعت بصمتٍ .*. إن في الصمت راحةً للصموتِ

واجعل الصمت إن عييتَ جواباً .*. ربَّ قولٍ جوابه في السكوتِ


متى تطبق على شفتيك تسلمْ .*. وإن تفتحهما فقل الصوابا

فما أحد يطيل الصمت إلا .*. سيأمن أن يُذَمَّ وأن يُعابا

فقل خيراً او اسكت عن كثيرٍ .*. من القول المحلِّ بك العقابا


" قالت الحكماء: التجارب عقلٌ ثانٍ، ودليلٌ هادٍ، وأدبٌ للدهر.

فافهمْ عن الأيَّام أخبارها، فقد أوْضَحَتْ لك آثارَها،

واتَّعِظْ بما وَعَظَك منها، وتأمَّلْ ما ورد عليك من أحوالها

تأمُّلَ ذي فكرة منها؛ فإن الفكرة تَدْرَأُ عنك عَمَى الغَفْلة،

وتكشفُ لك عن مُسْتَخْفِياتِ الأمور."

"وقالوا: الفهم خزانة العقل؛ ونورٌ يُبصر به ما أمامه.

وإنما نكص على عَقِبيْهِ من خانه فَهْمُه،

وَخَذَله عقله، وضيَّع ما استودَعَتْهَ الأيَّامُ،

فكأنه ابن يومه، أو نَتيجُ ساعته. وحَسْبُك مُؤدِّباً

لخصالك، ومثقِّفاً لعقلك - : ما رأيته من غيرك:

من حسنٍ تغبط به، أو قبيح تَذُمُّ عليه."

و في باب الحكمة أفرد المؤلف فصلاً لأقوال الحكماء..و مما ورد فيه/

" ما أكثر ما نعاتب غيرنا على الظنون، ونترك عتاب أنفسنا على اليقين !"

" من مدحك بما ليس فيك من الجميل وهو راض عنك - :

ذمك بما ليس فيك من القبيح وهو ساخطٌ عليك."