رئيس لجنة تطوير الأحياء السكنية بغرفة الرياض د. عبدالله الفايز :شركات المساهمة العقارية لن تحل مشاكل الإسكان في المملكة!

يتنامى الطلب على المساكن بوتيرة متصاعدة، وتزداد الحاجة إلى المشروعات الإسكانية التي تلبي حاجة المواطنين إلى السكن.
وفي ظل إنشاء شركات المساهمة العقارية التي يضطلع بها القطاع الخاص، تبرز أسئلة عديدة حول أهداف هذه الشركات ودورها في حل أزمة السكن وتطويق ارتفاع الإيجارات، الدعوة استضافت الدكتور عبدالله الفايز رئيس لجنة تطوير الأحياء السكنية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض. لإلقاء الضوء على دور هذه الشركات والنتائج المرتقبة لجهودها وذلك عبر الحوار التالي:



الهدف ربحي
* ما الهدف من إنشاء شركات المساهمة العقارية وما الدور المرتقب لها لحل أزمة السكن والإيجارات؟
- شركات المساهمات العقارية هي شركات يقوم بها القطاع الخاص وهي ليست شركات مؤسسية تهمها التنمية العقارية بقدر ما يهمها الربحية واقتناص الفرص. والهدف منها هو الاستثمار والحصول على عائد مربح ومجزي يفوق سعر الفائدة في البنوك. لذلك فهي شركات تقوم على مبدأ الربحية وهي بذلك غير ملزمة في الدخول في أية مساهمات غير ربحية. فلا القائمون عليها ولا المساهمون يبحثون عن حلول لمشاكل الإسكان أو إرضاء متطلبات الطبقات غير المربحة لهم، وهم عادة المحتاجون للإسكان وبأسعار ميسرة ومستطاعة. لذلك فهي لها دور في التنمية العمرانية والاقتصادية وتقديم حلول السكن للطبقات المتوسطة والغنية. ولكنها لا تقدم حلولاً لمشاكل الإسكان وخاصة للطبقات قليلة الدخل. ولذلك فإن الغرض من إنشائها هو الربحية أينما وجدت. وحيث إن المساهمين هم مواطنون عاديون فإنهم أيضاً يصرون ويهمهم أن يكسبوا وتعود عليهم المساهمة بالربح الوفير، والذي عادة لا يمكن الحصول عليه من الاستثمار لذوي الدخول القليلة. لذلك فإن الهدف من المساهمات العقارية الحالية هو الاستثمار في الإسكان الفاخر ما دام هناك طلب عليه. وقد تتمادى في ذلك لحين إغراق السوق من هذا المنتج مما يسبب زيادة كبيرة في المعروض منه وما يؤدي ذلك إليه من المنافسة في الأسعار لصالح المواطن، وقد يصل الوضع إلى الحد من ربحية أو خسارة تلك المساهمات.
* توجه هذه الشركات نحو نمط معين لا يتعارض مع رسالتها لحل مشاكل السكن؟
- كما أشرت عدة مرات أن حل مشكلة الإسكان من زحل والعقار من المريخ، فمن شبه المستحيل أن تجد عقارياً سواء دولياً أو محلياً يهمه حل مشاكل الإسكان وإن تظاهروا بذلك. فلن تجد أحدهم يهتم بذوي الدخل المحدود أو الفقراء والأرامل والمطلقات أو أي مشروع لتنمية الوطن إلا إذا كان مربحاً له استثمارياً. لذلك فإنه من المستحيل أن يقوم العقاريون أو المؤسسة العامة للتقاعد أو التأمينات بحل مشاكل الإسكان للفقراء أو المحتاجين. فهذه المؤسسات أموالها أمانة لديها للمواطنين الذين دفعوا أو اقتطع من رواتبهم مبالغ للصرف عليهم بعد التقاعد وهم لا يرضون أن تصرف أموالهم ومدخراتهم لغيرهم وليس من مسؤوليتهم حل مشاكل الفقراء. حيث إن برامج الإسكان الموجهة لتلك الشريحة عادة تحتاج إلى دعم حكومي. وهو دور الهيئة العامة للإسكان.



الصعوبات قائمة
* كيف يسهم التخطيط العلمي في إيجاد الحلول للمشكلات السكنية الماثلة؟
- لقد انتظرنا كثيراً لحين ظهور هيئة الإسكان، ولكن هل ستغير الهيئة من الوضع السابق أم تصبح استمرارية لوزارة الإسكان السابقة. وبذلك لن نرى حلولاً أو النور في نفق الإسكان المظلم. وهل سنعترف أخيراً بعلم التخطيط وأهميته في التنسيق بين الجهات المختلفة والمتشعبة التي يعنيها الإسكان. وهل نحن قادرون على تذليل التحديات التي تقف حائلاً بين سد حاجة المواطن للإسكان وإمكانات توفير الإسكان ليكون في متناول جميع شرائح المجتمع. وأن نركز على أهمية توفير الإسكان العام أو الشعبي عن طريق البحث العلمي للإسكان الميسر وطرق التوفير فيه واختيار مواد وأنظمة البناء الأوفر. ومن خلال إحصاءات مصلحة الإحصاءات العامة لتقوم بتصنيف محتاجي الإسكان حسب شرائح الدخل (محدود الدخل وقليل ومتوسط وأعلى من المتوسط).. ومن ثم تبدأ ببرنامج الأولويات لتلبية حاجة الأقل دخلاً. بينما متوسطو ومرتفعو الدخل فيجب أن يكون لهم برامج تمويلية أخرى.
* هل أسهمت هذه الشركات في حل أزمة المساكن للشرائح المحتاجة؟
- حلول الإسكان للشرائح المحتاجة هو جزء مهم من سياسات الدول، لأنها تمس حياة كل مواطن وتساعد على الاستقرار الاجتماعي والسياسي وأثرها على التنمية الحضرية والاقتصادية للدولة. والمفروض أن دور الهيئة هو بناء صناعة الإسكان للعقود القادمة. وذلك بالتركيز على تأهيل المواطنين للدخول في مهنة تنفيذ البناء وصناعة مواده وخلق فرص وظيفية لهم في هذا المجال ليستطيعوا الحصول على مدخرات ليدفعوها لشراء المساكن. وكما يقول المثل لا تعطه سمكاً، بل أعطه (صنارة) وعلمه كيف يصطاد. فالفقير والمحتاج يجب أن يكون له دور في بناء مسكنه وأن نحاول أن نعلمه المهنة ليستطيع أن يعيش منها وأن يخدم وطنه مستقبلاً.
فالمعروف عالمياً أن معظم دول العالم عندما تدخل في برامج الإسكان فهي تضخ مدخرات عالية، ولكنها تعلم أن تلك المدخرات ستذهب للمواطن ليدورها في اقتصاد الوطن وليعيش من مهنة شريفة.
دور الهيئة
* ما الدور الذي يجب أن تقوم به هيئة الإسكان؟
- دور الهيئة يجب أن ينصبَّ على وضع السياسات وعلى توعية المواطن في اتجاهين: الأول إلى أهمية العمل وخاصة في مجال الإسكان، والثاني إلى توعيته لتغيير ثقافته عن الإسكان ومتطلباته ونمطه الحالي. فنحن مسرفون أكثر من غيرنا في العالم. واحتياجاتنا ومتطلباتنا مبالغ فيها كثيراً. أفقر مواطن يريد أن يملك وحدة سكنية يحلم معظم أغنياء العالم بالحصول عليها. فمعدل مساحة الوحدة السكنية عالمياً لموظف متوسط الدخل إلى عالي الدخل ما بين 051 - 002م2.



المساهمات المتعثرة
* ما العقبات التي تواجه شركات المساهمة؟
- شركات المساهمة العقارية أحياناً تمر بصعوبات وخاصة المساهمات العقارية المتعثرة والتي تمثل أزمة حقيقية منذ عدة سنوات دون التوصل لأي حل لها، ويتراوح حجم الأموال في 4 مساهمات متعثرة بجدة بين 6 و8 مليارات ريال وتبلغ مساحتها 03 مليون متر مربع موزعة بين جنوب وشمال جدة. هناك العديد من المساهمات المتعثرة في جدة ومنها ما وصل إلى القضاء وديوان المظالم ووزارة التجارة في حين أن هناك مساهمات أخرى متعثرة تمت تصفيتها ودياً وانتهت بقرار من وزارة التجارة، فيما ظل مصير بعض المساهمات غير معروف حتى الآن.
* ما أسباب ذلك؟
- السبب عدم وجود صرامة وجزم في تطبيق الأنظمة والقوانين التي تحكم نظام طرح المساهمات العقارية. من المعروف أن هناك فئات لا تشملها تنظيمات الإسكان الشعبي وهناك أرامل ومطلقات ومحدودي دخل وفي أمس الحاجة لمساكن تأويهم بسبب قلة المعروض في السوق من أنواع الإسكان المناسب لهم والمقدور والمستطاع عليه. ولكن هذه الفئة ليست مغرية للقطاع والمستثمر العقاري. وهي عادة ليست من اختصاصه بل هي من اختصاص الدولة. ومن الصعب حتى على المساهمين أن يغيروا رأي أصحاب المساهمات العقارية للدخول في هذا المجال. فالمجمعات السكنية عالية التكلفة هي أكثر إغراءً لهم، وهم يستهدفون الشريحة التي تدفع بدون الدخول في مشاكل ومهاترات.
* متى توجه هذه الشركات استثماراتها تجاه الشرائح قليلة (الدخل)؟
- أتمنى أن نجد يوماً مساهمات عقارية على مستوى من الوطنية للتعاون مع الشرائح قليلة الدخل وأن تقوم تطوعاً بالمساهمة في بناء وحدات سكنية قليلة التكلفة وفي متناول الجميع ولو برح بسيط، وأن تقوم الدولة بتقديم الدعم لهم.