المستشار الأسري والداعية فضيلة الشيخ عبدالله العيادة :للمرأة أن تحب وتتاجر وتمتلك المال
تظل للمرأة المسلمة خصوصيتها كما يبقى لها شموخها وعزتها بدينها وإن كثرت أمامها التحديات وعرضت بين ناظريها المغريات ولهذا حرصنا في مجلة الدعوة على استضافة صاحب الفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن العيادة المستشار الأسري والداعية المعروف ليحدثنا عن التحديات التي تواجه المرأة وكيف تتصدى لها؟ الذي استجاب لدعوتنا مشكوراً فكان لنا معه هذا اللقاء.
* ما دور المرأة المسلمة وما التحديات التي تواجهها؟
- المرأة هذا المخلوق العجيب، لو تتبعنا سيرتها نجد أن حضورها على الساحة كان مؤثراً من غابر الأزمان، وتوهج حضورها عندما قرب بزوغ شمس الإسلام، حيث كانت محوراً مهماً في مجرى الأحداث، وأخطر حدث كان للمرأة شأن فيه..؟ عندما نزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء مؤذناً بميلاد دين جديد سيغيِّر مجرى التاريخ وسيتغيِّر معه وجه العالم أجمع، فكان لسيدة من نساء مكة دور عظيم، حفظه التأريخ بسجل من ذهب، إنها السيدة خديجة وبنت خويلد (رضي الله عنها وأرضاها)، ففي لحظة غاب العالم فيها عن محمد (صلى الله علي وسلم) حيث لا يعلم أحد إلا الله سبحانه وتعالى ما حصل له، فالإنسان عندما يحس بالخطر والخوف فإنه يهرع إلى مكان آمن أو يلجأ إلى أقرب شخص يثق به، هكذا فعل محمد صلى الله عليه وسلم، فقد هرع إليها وكان يرتعد من الخوف، فأفشى السر العظيم الذي اهتز له العالم، فماذا فعلت..؟ استقبلته، امتصت خوفه دثرته شاركته نفس الإحساس، شعر هو بعدها بالأمان، فأخبرها بالمهمة العظيمة والخطيرة التي كلِّف بها، فرحت استبشرت، أعلنتها مدوية ليسمعها العالم، وبدون تردد اعتنقت هذه الأمر الذي طرحه محمد صلى الله عليه وسلم عليها، نعم أسلمت لله رب العالمين، فنالت هذه السيدة الشريفة العظيمة شرفاً لم يسبقها إليه من الرجال، فكانت أول نفس تدخل في دين الله، بعدها استمر عطاؤها ودعمها لهذا الدين مع ثباتها عليه حتى جاءها اليقين من ربها، لتبقى علامة ناصعة في جبين النساء لهذا الدور العظيم، فإذا عرفت المرأة ما هو دورها تخطت كل الأسلاك الشائكة التي تنصب لها.
ألغام ومتاريس
من هذه النقطة ننطلق في الحديث، نعم هناك تحديات تواجه المرأة المسلمة، بل أسلاك شائكة وألغام ومتاريس، كل ذلك لإيقاعها في بئر بوار لا يمكن أن تخرج منه، وأنت إذا تأملت فلسفة السيطرة على أي مجتمع تجد أنها تمر بعدة نقاط، أهمها وأخطرها على الإطلاق الحصون الداخلية لهذا المجتمع المراد السيطرة عليه وهي حصون المرأة.
وإذا تأملنا خطط العدو الذي يريد أن يسيطر من خلالها على هذا المجتمع نجد أن معظمها قد وجه للمرأة والشباب.
فالتحديات التي تواجهها المرأة اليوم هي فقدان الهوية والتشكيك بالمسلّمات وبعض الظلم الذي يقع عليها من الرجل سواء القريب منها (الأسرة)، والذي اقترنت به بعد ذلك وهو الزوج.
ثم الهجمة الشرسة التي تواجهها القيم المثالية والتي تشكل المرأة فيها حجر الزاوية، مثل الطهر والعفاف والاحتجاب، فتجعل هذه الأشياء قيوداً تكبل يد المرأة ثم تصور أن ممارسة الانفلات من القيود التي خطها لها الإسلام الذي تدين به حق من حقوقها الشخصية فلها أن تمارس الحب كما تشاء تحب من تشاء، لها الحرية المطلقة في أن تجعل من وجهها لوحة معلقة على قارعة الطريق كل يراها.
شرخ في عقل المرأة
هذا أحدث شرخاً عميقاً يكاد الجدار منه يتصدع في عقل المرأة الباطن، فبدأت الأصوات تتعالى من هنا وهناك لكسر القيود الوهمية التي انخدع بها بعض السذج من النساء وحتى الرجال الذين يطالبون اليوم بها، ولم يفطنوا أن الأمر فيه خدعة لن نعرف مرارتها حتى نتذوقها ولكن بعد فوات الأوان، وليتهم يتأملون حال المجتمعات التي انطلت الحيلة عليها، كيف حال المرأة عندهم
* كيف تتخطى المرأة المسلمة عقبة هذه التحديات؟
- تتحداها من خلال أن تشعر بها، وأن تحس بمسؤوليتها الخطيرة في المجتمع المسلم، وأن لها دوراً عظيماً يوازي تماماً دور الرجل، والذي لا يتمه إلا هي، فلكل دور محدد، ولكل مكان مخصص لتنفيذ هذا الدور، وأن تكون واعية ومدركة للعبة القذرة التي تقودها وسائل الإعلام لتغريبها وتجريدها من سلاحها لتجعل منها قطعة حلوى مكشوفة على قارعة الطريق يقع عليها الذئاب.
ألاعيب مستهلكة
وتستطيع أن تؤدي دورها بكل اقتدار بنفسها وبدون وصاية من أولئك الذين يتباكون عليها أنها مظلومة وحقوقها مسلوبة، وأن حقوقها لا يمكن أن تسترد إلا عبر عباءتهم هم. وأنها لا يمكن أن تعمل وهي مقيدة وراء الحجاب والعباءة والانزواء عن أشعة الشمس، كل هذه الألاعيب قد استهلكت وانتهى تاريخها وعرف الهدف الحقيقي منها.
ولنا في التجربة التعليمية خير شاهد، فعلى مدار خمسين عاماً والمرأة تعمل في سلك التدريس المعزول فحصلت النجاحات المثيرة، فصارت التجربة التعليمية عندنا مثالاً يحتذى ويشار إليه بالبنان، في نفس الوقت الذي بدأت تتعالى فيه الأصوات في بعض المجتمعات تنادي بجعل تعليم البنات مستقلاً، البنات والأبناء كل على حده.
إذاً أنت أيتها البطلة على مفترق طرق فكوني الدرة المصونة والجوهرة المكنونة، أبدع وأساهم أشارك في مجالات الحياة ولكن في مكاني الذي يرضاه لي ربي وخطه لي نبيي محمد صلى الله عليه وسلم، وكل سوف يسأل عما فعل وقال.
منتهى التعسف
* هناك من يتهم المرأة المسلمة بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة العصر إذا هي تمسكت بدينها فما تعليقكم حفظكم الله؟
- من أصعب الأمور إذا طرح أمر ويطلب الموافقة عليه من قبل المتلقين له، ثم يتم تجهيز جملة من المفردات تقتبس من قاموس الاتهامات لتصف من يعترض بأوصاف تجعله في دائرة الاتهام مع التهديد والوعيد لمن لا يقبل، هذا منتهى التعسف، تماماً هو الحاصل في هذا الزمن، وخاصة في الجانب المتعلق بالمرأة، فعندما يدافع عنها، أو يطلب أن تعود لرواق الفضيلة فإنك تجد من ينبري لك ويصفك بأنك متخلف ورجعي وتريد أن تعود بحدائق المجتمع المزهرة بزهور التطور والتقدم إلى عصور الجفاف والتخلف، فهل يلزم إذا أردنا أن نتطور أن نترك قيمنا وأن نكون نسخة من الآخرين؟ وأن تكون نساؤنا دمى للعب بها..؟!
لماذا يربط بين التقدم والتطور وبين الانفلات من القيم..؟ وأنه لا يمكن أن نتطور إلا إذا كانت المرأة متبرجة كاشفة لوجهها وشعرها وتسير على قارعة الطريق ليراها الرجال. هذه هو التخلف والانحطاط بأن نجعل المرأة بهذا الرخص، التدين والاحتشام والعفة والطهر لم تكن عائقاً يوماً من الأيام، للمرأة أن تتزين وتلبس الجميل من الفساتين وأن تستخدم ألوان الزينة التي تجعل لها جاذبية بين قريناتها (كما فعلت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم وذلك في حجة الوداع لما أحلت من إحرامها تزيَّنت)، تماماً كما يفعل الرجال إذا كانوا في مناسبات عامة أو خاصة، أبداً الإسلام لا يحرم على المرأة هذا، ولكن الذي يحرم عليها أن يرى هذا التزيّن لمن لا يحق له ذلك، وهؤلاء قد حددهم الشرع عبر القرآن الكريم، حيث حدد الرجال الذين لهم الحق في رؤية المرأة ورؤية ما يظهر منها على وجه العادة، وأما باقي الرجال فلا يحق لهم البتة رؤيتها، ويجب عليها هي أن تغلق منافذ الرؤية عنهم وذلك صداً لطوفان الفتنة المدمرة من إشاعة هذا الأمر، وهذا هو الذي يريده أولئك الناعقون الذين يصفون المرأة التي لا تواكب التطور والحضارة بالرجعية والتخلف. فأقول لبناتي من النساء لا عليكن من الهراء الذي تقوله خفافيش هذا العصر - رجالاً ونساءً - والذين لا يريدون الخير لهذا المجتمع، بل أنتن جواهر هذا المجتمع وشموعه وأنتن مربيات الأبطال ولكنّ مثل الذي عليكن لكنّ أجر وعليكن مسؤولية، ولا يرمى بالحجارة إلا الناجحون المتمسكون بثوابتهم وقيمهم.
تشكيل الحياة
* يلاحظ أن بعض الوسائل الإعلامية تركز كثيراً على المرأة المسلمة فهل هي ضحية لهذا الإعلام أم أنها غير ذلك؟
- ما من شك أن الإعلام أصبح لصيقاً لنا وعلى أثره تشكل جزء كبير من حياتنا وفق ما يطرح به سلباً أو إيجاباً، من نواح عدة، ولا بد أن نكون منصفين، فهناك إيجابيات كما أن هناك سلبيات لهذا الالتصاق حسبما يطرح، كما صاحب هذا الانفتاح على الإعلام انبهار، فحدث تغير في طريقة تفكير كثير من النساء، والسبب أن المؤثر المصاحب للمادة الإعلامية أكبر من درجة التحمل والفرز للمتلقية فحدث التأثر بهذا المنتج الإعلامي، ومنهن من تشكلت حياتها على هذا الأساس فحدث التبديل الذي بدأنا نتخوف منه، حيث بدأت بوادره تظهر على سلوكيات كثير منهن، خذ على سبيل المثال: سلوكيات شرعية حيث هي عقيدة ونؤمن بها، بدأ يتزعزع الإيمان فيها فصارت مثاراً للجدل والأخذ والرد، وذلك وفق رؤى طرحت أصلاً عبر وسائل الإعلام، وليست حديثة عهد، بل صار لها زمن طويل، تأمل ما طرحته المسلسلات اليومية منذ أربعين سنة، ماذا أحدثته من خلل في البنية التفكيرية لدى النساء، وكيف أنه وبكل جرأة صارت المسلّمات من الدين تناقش ويعترض عليها، بل صارت الممارسات المناقضة لهذه المسلّمات هي الأصل، فتجد الحجاب وكيف بدأ يتحول ويتذمر منه وكل يوم يمر نجد الحرب تعلن عليه والممارسة الفعلية لإزاحته عن وجوه النساء بدأنا نشاهدها.
تحولات مألوفة
والعلاقة بين الرجل الأجنبي عن المرأة صارت أمراً طبيعياً، تأمل حال بعض النساء في الأسواق، ثم تأمل كيف أعلنت الحرب الشعواء على التعدد وكأن فاعله ارتكب أكبر المحرمات، وكيف صارت اللقاءات العاطفية بين الجنسين أمراً من حقهما ممارسته، والقائمة طويلة من التحولات التي صارت اليوم مألوفة.
عليه صار لهذا المد آثار نفسية على النساء فبعضهن فقدت الثقة بالشرع المطهر الذي صُور لها أنه مجموعة من الأغلال والقيود تكبل حرية المرأة من الانطلاق في الحياة، حيث صورت المرأة في المجتمعات الأخرى أنها تنعم بكل حقوقها، فبدأت تطالب أن تكون مثل النساء في المجتمعات الأخرى، خاصة في المجالات العاطفية والممارسات الاقتصادية، والعمل في شتى المجالات، حتى ولو كان ذلك على حساب المسلمات والقيم والصحة وتهدم بيت الأسرة، فلما وقف المجتمع في وجه هذه المطالبات التي ستعود عليها أولاً بالتردي وفقد المكانة التي رفعها فيها الإسلام أصابها الهم والغم من جراء ذلك. مع التغافل عن المساحة الهائلة التي أتاحها لها الشرع في ممارسة الرغائب المحببة للنفس مثل امتلاك المال أو ممارسة الحب والعاطفة، فالمرأة لها أن تتاجر وأن تمتلك المال، ولها أن تمارس الحب، ولكن أين ومتى وكيف ومع من..؟ قال الله تعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ } الآية. وذلك وفق ضوابط متينة قوية رائعة مكفول نجاحها مئة بالمئة -إذا طبقت حسبما أمر الله بها -.
محاضن العطاء والإبداع
* إذاً ما هو الحل حفظكم الله..؟
- الحل من السهل الممتنع، ولكن إذا صدقنا النية وأعلناها عودة جماعية مع الاعتزاز بما عندنا من قيم، وتوقفت وسائل الإعلام عن الحرب القذرة التي تشنها صباح مساء على الثوابت التي هي مصدر قوة الأمة وعزها، مع إتاحة الفرص الكبيرة للمرأة أن تمارس حقوقها التي كفلها لها الشرع بدون وصاية من أحد، عندها ستكون المرأة بإذن الله قادرة على الوقوف في وجه التحديات والعقبات التي تواجهها اليوم، مع إيجاد المحاضن الخاصة لعطائها وإبداعها، وقد يطول بنا المقام لذكر بعض الوسائل التي تحقق للمرأة الأمن النفسي والربحي والعاطفي، وأحسب أن ذلك قد أشبع بحثاً وعرضاً.
* ما مدى تمسك المرأة المسلمة وخاصة الفتيات بالسنة وماذا ينقصهن؟
- من اللافت للنظر أن المجتمع في هذا العصر بدأ يتناسى كثيراً من السنن والنوافل بحكم عدم الممارسة لها، فنشأ جيل يجهل هذه السنن، خاصة في المجتمع النسائي والذي تعود على الإيقاع السريع لمعظم مجرياته، فلا وقت لديهن لتأدية السنن والتمسك بها، لذلك تجد من تؤدي هذه السنن وتتمسك بها تجد الاستغراب من الأخريات، حتى إن بعضهن تركت هذه السنن خوفاً من اللوم وغيره بأن توصف بأوصاف غير لائقة في ظنها، ومن هنا جاء الهجر لكثير من السنن، مع العلم أننا بدأنا نرى خطى واضحة لعودة كثير من النساء لحيز السنة بعد رحلة طويلة بعيداً عن أجوائها.
حق التزيّن والإناقة
* كيف يمكن الخروج من هذا الواقع؟
- الحل يكمن في أن نوجد داعيات على قدر كبير من العلم الشرعي والسلوكي التعاملي ليقمن بالدعوة أوساط المجتمعات النسائية ويكن على قدر من الأناقة والتزيّن وأن يلبسن الجميل من الملابس ويضعن الزينة وغيرها، ليثبتن للأخريات أن الشرع المطهر لم يغفل هذا الجانب النفسي للمرأة وهو حب التزيّن وأنه بإمكان المرأة أن تتمسك بالسنة، وفي نفس الوقت تكون أنيقة وجميلة وجذابة، فهل يلزم لتكون المرأة أنيقة أن يراها الأغراب من الرجال، فإذا أوجدنا البيئة المناسبة لزرع هذه الثقافة التي بدأت تذوب مع طوفان التغريب المنهمر، نكفل بإذن الله أن تعود كثير من السنن التي هجرتها المرأة وبدأت تتململ منها.
* إلى من يوجه الاتهام حفظكم الله؟
- من الصعوبة أن نوجه الاتهام واللوم لعنصر بعينه ونحمله التبعة فلكل واجبه ومسؤولياته، ولكن في ظني والله أعلم أن المجتمع قد يتحمل الكفل الأكبر في هذا فالمرء لا يعيش في معزل عن العالم وعن مجتمعه، فكما قيل الإنسان ابن بيئته يتأثر بها، والمرأة تعيش في مجتمع من سماته الإيقاع السريع والاستجابة السريعة جداً لكل قادم جديد.
* تأخير الفتاة لزواجها بدعوى الدراسة أو العمل أو غير ذلك هل هو من صالح الفتاة أم عكس ذلك؟
- الزواج هذا الهاجس الجميل الذي يداعب خيال الشباب والشابات على حد سواء - هذه فطرة الله - وهو الأصل، ولا أظنه يتعارض مع مكملات الحياة مثل الدراسة والعمل، بل هو يقويها ويوفر المناخ الآمن والاستقرار النفسي لهما، وأقول لكل فتاة تطالع أحرفي لو تعارضت الدراسة مع الزواج قدمي الزواج إذا توفرت أركانه وشروطه المعتبرة شرعاً، ولا تخشى الضيعة، لأن الإنسان لا يعيش عمره مرتين، وفترة الشباب ونضارته وتوهجه قصيرة جداً، ويفوت، أما الدراسة والعمل فأمرهما واسع جداً. وقضية التعارض هذه من مفرزات التغريب الذي تعيشه الفتاة المسلمة بأن تحرق شبابها بعيداً عن فطرتها.
الأكذوبة الكبرى
* مقولة حرية المرأة بدأنا نسمع بها هنا وهناك فما رأي فضيلتكم في ذلك حفظكم الله؟
- العجيب في هذا أن المرأة قد انطلت عليها هذه الحيلة واللعبة، وبدأت تحاول أن تخرج منها لتستقل بنفسها زعمت، المشكلة أن المرأة تطلب شيئاً وهي لا تقدر عليه، وهو الانفكاك والانفصال عن الرجل، والسبب يعود إلى أنها قد صدقت الأكذوبة الكبرى أنها في معركة تسلط واحتلال من الرجل لكل حياتها، فعليها أن تناضل حتى تحرر نفسها وتكون مستقلة وذات سيادة وحدود جغرافية بعيدة عن الرجل، طبعاً هذا الأمر رسمه الإعلام الغربي ودشنه الإعلام العربي والإسلامي حتى صار واقعاً ينادى به، مع العلم أن المرأة لا تستغني عن الرجل مطلقاً والرجل لا يستغني عنها البتة، فهما مكملان لبعضهما، ولكن لها مزية انفردت بها هي عن الرجل، أن الرجل يكون خادماً لها، يحرسها يقضي حاجاتها ينفذ أوامرها، فصارت ملكة والرجل وزيرها، والمسكينة تريد أن تنزل عن عرشها لتتخلى عن مملكتها.
حرية اختيار الزوج
بناتي الفاضلات القوامة عز وشرف وتكريم لك وهي تكليف للرجل، هذا أمر من بيده الحكم سبحانه، ولا تجعلن من إخفاق كثير من النساء والرجال في هذا بأن نعلن الحرب النووية على هذه الميزة الممنوحة لك، والشرع قد كفل لك كل حقوقك، المالية والعاطفية والعملية، فعلى سبيل المثال، للفتاة الحرية أن تختار الزوج الذي سيقترن بها، حيث أحد شروط العقد ينص على موافقة صاحبة الشأن في هذا، ماذا تردن أكثر من هذا، ولك حق امتلاك المال، حيث فرض على الرجل الذي يرغب أن يتزوجك أن يدفع مالاً، ويكون هذا المال لك خاصاً، لا يجوز لأحد أن يأخذه إلا برضاك، ألا ترين أنك ملكة وأنت لا تدرين، فكوني أكثر ذكاءً ولا تنطل عليك الحيل والخزعبلات التي يطلقها من يريدون بك شراً، كما أني أثنيها بدعوة صادقة لأولئك الرجال الذي يسطون على حقوق النساء ظلماً وجوراً أن يتقوا الله فيهن، حيث حرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطابه الأخير للأمة في حجة الوداع، عندما خاطب الرجال وقال: (إني أحرج حق الضعيفين، اليتيم والمرأة)، فلا يحق للرجل أن يظلم المرأة بحجة الولاية، والله سائلك أيها الرجل عن هذه الولاية ماذا عملت بها..؟ كما سيسأل ذلك الرجل الذي أخذ تلك الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة ثم وضعها في حفرة ضيقة وهل عليها التراب، وجريمتها أنها أنثى فقط، وسيكون السؤال على مسمع من الخلائق أجمع، حيث أقسم الله سبحانه بهذا: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ(9) }. هل ترين يا بنتي عدلاً أروع من هذا..؟
موطن السعادة
* هل تكرمتم بالحديث عن سعادة المرأة وأين تكمن تلك السعادة؟
- السعادة ممارسة وجواب لفعل يظهر أثره على سلوك الشخص وتعامله مع الآخرين، وموطن السعادة هو القلب، وليس لأحد سلطان على هذه الجارحة إلا من خلقها، فحتى صاحب القلب الحزين المكتئب لا يستطيع أن يغير موقفه إلى الأحسن وأن يجعل السعادة تغمره، فقد تجد صاحب الملايين غير سعيد وتجد من ينعم بالصحة غير سعيد وتجد الفقير غير سعيد أيضاً، إذاً كيف نحكم بذلك عن مقدار السعادة لدى الشخص؟
القاعدة في هذا أنك إذا طبت الشيء ممن يملكه قد تحصل عليه، ولكن بشرط أن تقدم ما يؤهلك للحصول على مغنمك، وأول أمر هو إرضاء من تطلب منه سعادتك، فلا بد أن يرضى عنك، ولا يرضى عنك إلا إذا كانت فعلك يوافق أوامره، اتضحت القاعدة؟ ننزلها على هذا السؤال.
إن المرأة الملتزمة بالسنة سعيدة؟ الالتزام بالسنة معناه تطبيق الأوامر التي أمر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتي هي بالتالي أوامر من الله سبحانه وتعالى، تجد الملتزمة محافظة على الصلوات ونوافلها محافظة تامة، وتجدها صائنة لنفسها وتجدها مراقبة لله بأفعالها وأقوالها ذاكرة له مثنية عليه، هذا هو التطبيق المطلوب الذي يصد الهوى إذا فعلها هذا يرضيه سبحانه، عليه ستحط السعادة في رحاب قلبها، وستجد الطمأنينة التي يبحث عنها ملايين البشر ولم يظفروا بها، وتأمل قوله سبحانه: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)}. إذاً من يقيم الصلاة فهو يذكر الله سبحانه، ثم تأمل قوله سبحانه وتعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)}. تأمل مفردة تطمئن القلوب، والطمأنينة هي السعادة المنشودة.
ولو عملت مسحاً استبيانياً على شرائح متعددة من النساء لوجدت أن أوفرهن حظاً بالسعادة هن الملتزمات، لأن للسعادة قريناً لا يفارقها وهو القناعة والرضا بما قسم المولى وقدر، وهذه من علامات الإيمان.
قرار العاطفة ناقص غير ناضج
* تطغى العاطفة على كثير من القرارات التي يتخذها بعض النساء فما العلاج لذلك حفظكم الله؟
- هذه مشكلة كثير من النساء أنها تحكم عاطفتها في معظم شؤون حياتها، وحتى في علاج مشكلاتها تتدخل العاطفة بشكل مباشر وكبير في اتخاذ القرار، وبالتالي يخرج هذا القرار ناقصاً وغير ناضج.
مرَّ علي كثير من المشكلات عبر النافذة الاستشارية من خلال الهاتف وبعض المواقع الإلكترونية، أبطال هذه الاستشارات من النساء المتزوجات وبعد سماع الاستشارة تجد أنه وقع على هذه المسكينة ظلم وجور، فإذا أعطيت الحل المناسب لحالها - على سبيل المثال الطلاق - أجدها ترفض بحجة أنها تحبه أو تخاف عليه، إذاً العاطفة هنا هي التي تحكمت بمسار القضية، فلو أنها حكمت عقلها لوجدت أنه خير لها أن تنفصل عنه.
صعب جداً أن تنفك النساء عن عواطفهن، ولكن بالتدريب يمكن فك الارتباط بين العاطفة والعقل في اتخاذ القرارات، خاصة المصيرية منها.
بريق الذهب
* دعوى مساواة المرأة بالرجل لم تقتصر على البلاد الغربية، بل تتعداها إلى بعض البلاد الإسلامية فما رأي فضيلتكم في تلك الدعوى؟
- هذا السؤال مكمل للذي قبله، المرأة تعشق بريق الذهب، تعشق الشهرة والانطلاق، وبما أنها عاطفية وتحكم عاطفتها كثيراً صدقت هذه الدعاوى وبدأت تطالب بأن تكون مثل الرجل تماماً تقود السيارة والقطار والطائرة وتعمل كل ما يعمل الرجل، يعني تريد أن تكون رجلاً؟! والغريب أن الذي خدعها هو الرجل نفسه لأمر يريده هو، وقد نجح في ذلك، فاستمتع بها قروناً، وبدأت بعض النساء تفطن لعقلها ففتحت له آفاق التفكير وعرفت أنها خدعت زمناً طويلاً، فبدأت بعض الأصوت تتعالى من النساء اللاتي يتعاطين ولهن تأثير في كثير من المجتمعات اللاتي أتاحت للمرأة فرصة الانطلاق وأن تزاحم الرجل في أدق التفاصيل يعلن العودة إلى دفء البيت والأسرة بأعلى أصواتهن بعدما اكتشفن أن المرأة لا يمكن أن تكون مساوية للرجل مهما يكن، والسبب بكل بساطة أن لكل دوره في الحياة حيث خلقه الله متميزاً عن الآخر، حيث هو مكمل له لا مساو له البتة. فمتى تفيق النساء اللاتي خدعهن ما يطرحه من يتربصون بالنساء شراً..؟