أمام ذلك الصديق الصامت
تشاجرنا
قلت لي أنني أبريق عتيق
و قلت لك انك جورب مثقوب ..رث كالزمن
و هو صامت ..
أكدت له أنني كاذبة كقديسة
أكدت له انك بروليتاري مزور
كالانابيب الباهظة التلوين
في جدران " البوبور "
و هو صامت
***
و ضربتك بطابات التنس الصفر
فأهلت على رأسي كتبي ..و أوراقي ...
و حين طعنتني ببطاقة سفرك
لوحت لك بعلم النسيان و اللامبالاة ..
و هو صامت ..
***
و تناثر ريشي و ريشك في فضاء الغرفة
و أنت تقسم بالليمون انك ستتفرغ لكراهيتي
و أنا اقسم بالكحل على الكيد لك بالتعاويذ
و هو صامت ..
لعنت لك ....و شتمت ....و الأفعى معا
ثم لا اذكر كيف ...تعانقنا فجأة
و تصالحنا و هو صامت
و رقصنا حتى مطلع الفجر
و غنينا أحلى أناشيدنا في تمجيد التفاحة
و لم نكلم بعدها ذلك الصديق أبدا ...
***
غريب الأطوار
ممتلئ السرة بالرمل
كالطفل الناجي من قارة ابتلعها البحر للتو
مدهش
كضحكة عجوز قادمة من أعماق القلب ..
ناشز
كقبعة رياش ملونة على رأس راهبة ...
قد أهمسك بفتور
أو أكتبك بالجنون و الشوق خاتمة العشاق
او أناديك مقتولة بكراهيتي لك
و بحبي في آن
ثمة شيء من الهذيان بيننا
أغلق حبي على نسيانك
فتلوذ النوافذ المشرعة من الجدران
و تظل تركض ظلالك في عروقي
ركض النار في الغابات
و اكره و أحب انسيابك المتوحش
في انهار شراييني و رمالي المتحركة ..
كأنك كائنات السر و الطحالب السأم معا
و لا شفاء منك إلا بتلك الممحاة السحرية
الملقبة بالنسيان
و لكنها لا تباع إلا في دكان الموت ..
فمن يشتري لي ؟
أم أن النسيان هو الهدية المستحيلة ؟...
***
حبك ضيف لا يطاق ..
يأتي حين لا أكون مستعدة لاستقباله ...
يدخل من النافذة و يحتل فراشي
يرفع قدميه الموحلتين فوق وسادتي الحريرية ...
ينفث دخان غليونه داخل رئتي
يرد على هاتفي و يطرد أصدقائي ..
يتناول دفتر مفكرتي
ليشطب ما يشاء من مواعيدي ...
***
يملي علي تسريحة شعري
ولون ثيابي و أقراطي
و نبرة ضحكتي و إيقاع مشيتي
و صابون حمامي و نبضي ...
يأمرني بشراء شمعة سوداء
ووردة حمراء
و يرمي بأوراقي
كي ينضد أحذيته في مكانها
و يفهمني منذ البداية
انه لن يقيم معي أبدا
لكنه يرفض اطلاعي على مواعيد طائراته
و جدول أعماله و بوصلاته السرية ...
أثور عليه و لكنه يرسم لي
جداول مواعيد نومي و صحوي ..
و يكتب لي أحلامي التي سأراها و كوابيسي
و انهض ليلا و أنا أهذي باسمه
فأجد النوافذ مشرعة و رحل