بعد ذلك اللقاء العاصف بيني وبين أخي وأختي وصديقتي .... زاد احساسي بغربتي و وحدتي ....
وعدت لأتكوم في نفس الزاوية الخربة .. أبتهل الى الله أن ينقذني من هذا العالم ...
وكنت واثقة من أن شيئا ما سيحدث .....
كنت أترقب اقتحامهم مخبئي لتنفيذ الخطة الأخيرة التي أتفق معهم كبيرهم عليها ..
وأصبح الوقت ثقيلا .. وجميع حواسي في حالة تأهب قصوى لما يمكن أن يحدث .... وطال انتظاري ..... وشعرت بأنهم يتعمدون التأخر في مهاجمتي .. ربما لتحطيم أعصابي ولتنهار مقاومتي .... وتذكرت حينها أن وقتا طويلا قد مر علي دون أن أتذوق الزاد ...... لكن الغريب في الأمر أنني لم أشعر بالعطش أو الجوع وحمدت الله على ذلك وتذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيما معناه أن بعض المؤمنين في حصارهم يكون زادهم التكبير والتهليل ....
فأخذت أهلل وأكبر ..
و عرفت أن خير ما يمكنني في مثل هذا الوضع أن أمضي الوقت في الصلاة وقرآة القرآن والاتكال على خالقي مدبر الكون .....
وشعرت ببعض الطمأنينة .. ونامت عيناي لكن قلبي ظل متيقظا يردد دعاءا واحدا ....
اللهم لا تجعل مصيبتي في ديني ولا تفتني فيه .... وأجعل خير أيامي عندك آخر عهدي بالدنيا ..
وفجأة ... استيقظت على صوت جلبة ...
وتحفزت لمواجهة القادم .....
ولم تستطع عيناي أن تميز شيئا .. فقط شعرت بأن هنالك من اقتحم مكاني وهو غارق في الظلمة ونور قوي مسلط على عيني يحجب عني الرؤية .....
وبسرعة شديدة شعرت بشيء يخترق جسدي ويغيبني عن الوعي مع أصوات لهمسات لم أتبين معناها .... وعم الظلام كل شيء من حولي ورحت في غيبوبة ......
.................................................. .................................................. ........
.................................................. .................................................. ........
.................................................. .................................................. ........
لا أدري كم من الوقت مر علي ....... لكنني استيقظت لأجد نفسي مقيدة الى سرير .....
وعلى عيني رباط ... وفمي مكمم .... وشعرت ببعض ألم في عيني ولساني وصوت هدير مزعج ومؤلم كذبذبات تتردد بانتظام في أذني ....
وأدركت أنهم يخضعونني لعملية تستهدف مسخي وجعلي واحدة منهم ......
كنت عاجزة عن الحركة ....
وكانت تلك الذبذبات المرسلة الى أذني تمنعني من التفكير ......
لكنني كنت أقاومها بقلبي ....
وكنت أستمد بعض القوة من وهج ما لم ينطفيء في أعماقي .....
وحاولت أن أركز ... ولقد كان ذلك صعبا ... لكنه ممكن .....
وكنت أخاطب قلبي وعقلي واتشاغل عن صوت الذبذبات بصوت فكرة واحدة رحت أرددها لنفسي ....
كنت أقول لنفسي ..... لن أكون واحدة منكم وسأتمسك بغربتي ...
وكنت أتألم كثيرا نفسيا وجسديا ..
كنت كالقابض على الجمر ............. لكني كنت أدرك أنها الطريقة الوحيدة لخلاصي ....
تمت ..
==========================================
الى جميع الاخوة الأعزاء الذين تفاعلوا مع القصة ( ان جاز لي أن أسميها قصة ) فأنا في الحقيقة لا أجرؤ على تسميتها بذلك ... لكنني أردت من موضوعي هذا أن أوصل فكرة ما بطريقتي ..
انها ليست بعض مشاهد خيالية من فيلم مرعب ..
انها واقع حقيقي بدأ نعيشه ونعتاده ... وسيأتي اليوم الذي يصبح فيه معظمنا من ذوي العيون الزجاجية ... وأصحاب الالسنة السوداء الطويلة التي تشبه ألسنة الأفاعي ..
ولن يكون ذلك مخيفا الا لبضعة غرباء يهربون الى الجبال ويحملون معهم سيرة أبي ذر الغفاري ...
لا تعتقدوا بأن أعداؤكم يريدون تنصيركم أو تهويدكم ... فهم في حقيقتهم ليسوا يهودا ولا نصارى ... اذ لم يعد هنالك دين سماوي باق على وجه الارض الا الاسلام ...
وهم لا يرغبون في محو اسمه من الوجود ... بل هم يتشبثون بأن يظل هنالك مسلمون كما أن هنالك بوذيون وسيخ وعبدة ديلاي لاما ...
لكنهم يريدون اعادة صياغة الاسلام على طريقتهم ... كما أعادوا صياغة كل الأديان السماوية التي سبقته ...
علينا أن نستيقظ قبل أن يأتي يوم يصبح فيه نطق الشهادتين كتعميد طفل مسيحي ..
كفيل بتخليصه من عذاب الرب ...
علينا أن نستيقظ قبل أن يأتي يوم يصبح الشرع فيه مجرد فلسفة يحكمها العقل والمنطق ... قابلة للأخذ والرد والاقناع وعدم الاقتناع .. ويصبح في الاسلام رأي ورأي آخر .. واتجاه واتجاه معاكس .. لكنهم في النهاية كلهم مسلمون لأنهم ينطقون الشهادتين ...
أفيقوا قبل أن يأتي يوم يصبح دينك هو قناعاتك الخاصة وتفصل لنفسك دينا أو منهجا أو فلسفة أو سمها ماشئت .. المهم أن تقتطع من كل دين تحترمه ما يوافق هواك .. لتشكل كوكتيلا دينيا ..
وتعيش سعيدا بذلك فأنت لم تغضب الرب ... لأنك جمعت من كل رسالاته اتجاها في الحياة .. وأصبحت مخلوقا عالميا متحضرا .. تحترم جميع الناس وجميع الأديان والفلسفات ...
عندها فقط سترى بأنك السوي بمفهوم النظام العالمي الجديد ...