خذوا عني ..
حافظ وابن همام
بقلم : طلال الحمود / صحيفة الحياة ـ العدد 16746 ـ ص 29
.......................................
كتب الدكتور حافظ المدلج ذات مرة مقالا بعنوان : " إنهم يكرهوننا " وسرد فيه مشاهداته في جنوب شرق آسيا وكيف أن المشجعين في تلك المنطقة يساندون دائما المنتخبات التي تلعب ضد المنتخب السعودي على اعتبار أن أبناء جلدتنا غير محبوبين هناك لأسباب يقول المدلج أنها تتعلق بطريقة تعاملنا مع الآخرين .. ولا أختلف مع المدلج فيما ذكره غير أن الحقيقة أن تلك الشعوب السحوقة تحب دائما من يلتفت إليها ويشعرها بوقوفه إلى جانبه دائما , وليس من يتباهى أمامها بمكانته ونفوذه ويطالبها بالتبعية من دون منفعة تعود عليها , خصوصا أن تلك الشعوب ليست مطالبة بالحب من طرف واحد .
وفي الاتحاد الآسيوي وأعضائه الـ 46 لا يكرهوننا , ولكن في المقابل لا يحملون لنا محبة تفوق محبتهم للقطري محمد بن همام , لأنهم يجدون منه ما يفوق تعاملنا معهم بمراحل , فهو حاضر دائما يجامل في أفراحهم ويواسي في أتراحهم , يدعم , يساند , يتدخل لحل الخلافات , بمعنى أنه يمتلك برنامجا متكاملا يتم الصرف عليه بسخاء من أجل أن يحتفظ بقوته في آسيا ونفوذ بلاده لدى الاتحادات الآسيوية بعيدا عن حسابات المحبة والكراهية وقريبا من حسابات المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة .
وخلال الأسبوع الماضي وعقب بيان الإدانة الذي أصدره الاتحاد الآسيوي ضد المسئولين عن الكرة السعودية , نال عضو المكتب التنفيذي حافظ المدلج نصيبه من الانتقادات حتى أن بعضهم وصفه بـ " الضعيف " وطالب بإبعاده عن الواجهة الدولية , وحقيقة أتفق مع من قال إن المدلج " ضعيف " , ولكن قبل أن نظلم الرجل يجب أن ندرك أن ضعف وجوده في الاتحاد الآسيوي لا يرجع إلى ضعف في شخصيته , بل يرجع إلى أن المنظومة التي يرجع لها ذات التواصل ضعيف مع الخارج , وليس ذنب المدلج أن يذهب إلى كوالالمبور على نفقة الاتحاد الآسيوي أو حتى بانتداب حكومي لا يكفي لتغطية تكاليف إقامته ومصاريفه الشخصية , بينما تقام حفلات العلاقات العامة بتمويل من أعضاء الدول التي تدرك أهمية تلك الخطوة , وتبني العلاقات مع الاتحادات , وتوجه الدعوات , وتمنح الهبات , وتوقع الاتفاقات وفق برامج معدة مسبقا بموازنة حاضرة , وليس ذنب المدلج أنه لا يمتلك دعما من المنظومة التي يمثلها يوازي ما يحصل عليه ابن همام أو السركال , إذ أن هناك من لا يؤمن بضرورة التواصل مع العالم وفتح نافذة لكسب المؤيدين .
وفي انتخابات اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي سنرى كيف أن محمد بن همام سيكتسح تلك الانتخابات بطريقة تجعلنا ندرك أننا منغلقون على أنفسنا ونجهل مفاتيح اللعبة كما نجهل ثقافة الانتخابات , ولعل قرار لبنان وفلسطين الأخير بمنح صوتيهما لابن همام دليل على أننا لا نتستطيع حتى المحافظة على مكتسباتنا فما بالك بتحقيق مكتسبات جديد !
لن ينجح المدلج ولا النويصر ولا غيرهما في الاتحاد الآسيوي , لأن قدرهم أن يوضعوا في موقف " الضعيف " على طريقة من يقيد بالحبال ثم يطلب منه أن يسبح بمهارة , ومن الأجدر أن نبني برنامجا للتواصل مع الآخرين , وأن ندرك أهمية الانفتاح على جميع الاتحادات الآسيوية بقوة توازي قدرات السعودية السياسية والاقتصادية والرياضية , بدلا من أن نستدر عطف الآخرين ونطالبهم بالوقوف إلى جانبنا من دون أن نتواصل معه بفعالية أو نقدم لهم منفعة .