يحسبهن الجاهل مقهورات
يصور بعض المفكرين الغربيينالمرأة السعودية على أنها امرأة مقهورة،مغلوبة على أمرها،وفي حاجة للمساعدة لكيتنال حقوقها وحريتها0والحقيقة أن هناك قصر نظر شديد لدى هؤلاء المفكرين في إدراكوضع المرأة في المملكة العربية السعودية،وقد انتقلت عدواه لعدد من المستغربين الذينتأثروا بالإعلام الغربي وادواته هائله0
والواقع أن المرأة السعودية،في رأيي كأحدالمتخصصين في علم الاجتماع،تتمتع بكثير من المميزات التي قد لا تشعر بها بعضهن0فالمرأة في المجتمع السعودي مصونة من يعتصر جسدها جراء مزاحمة الرجال في أي تجمعأوحشد،من شأنه أن يهدر كرامتها وأنوثتها0ولوقارنت هذه المرأة حالها بغيرها منالنساء في مجتمعات أخرى يعشن الصراع اليومي للعثور على موضع قدم في وسائلالمواصلات،محشورات بأجسادهن بين البر والفاجر،لاطمأنت إلى فضل الله أن عافاها مماابتلي به غيرها0
وكثير من النساء يغضبن لحرمانهن من قيادة السيارات وهن لا يعلمنأن في هذا كل الخير لهن. ففي قيادتهن للسيارات مخالفة للشرع الذي حرّّم كل ما أفضىإلى محرم. فماذا يكون الحال عندما تتوقف السيارة فجأة في طريق خال من المارة لأيخلل ميكانيكي؟! وماذا يحدث إذا اصطدمت قائدة السيارة بسيارة أخرى وأدى التصادم إلىإحداث تلفيات أو وفيات. أهذا خير؟!أم جلوسها في أبهة داخل سيارتها التي يقودهازوجها أو سائقها لتصل إلى وجهتها غير متوترة الأعصاب ،مصابة بضغط الدم من إشاراتالمرور والتفحيط ووقاحة مستخدمي الطريق؟وإذا كان الكبراء والوجهاء والأثرياءيتحاشون قيادة سياراتهم بأنفسهم وهم الرجال المباح لهم ذلك،أليس من العجيب أن تتأبىبعض النساء عن أن يكن مثلهم !! والمرأة في المجتمع السعودي مقدمة على الرجل في كثيرمن مواقف الحياة اليومية. فعندما يذهب الرجل منا إلى أحد المحلات التجارية العامةيتردد كثيرا في الدخول إلى الأقسام التي يوجد بها النساء،وينتظر حتى يفرغن منانتقاء ما يردنه وينصرفن،ليقوم هو بعد ذلك بشراء ما يلزمه. وإذا كان ينتظر ركوبالمصعد في منزله ثم جاءت امرأة من جيرانه،فإنه يتنحى جانباً لكي يدعها تركب بمفردهاأو ربما يستخدم السلم إذا كان في عجله من أمره. ويحظى الرجل بمعامله تفضيلية فيكثير من الأحيان لوجود امرأته في صحبته حيث يجلس معها في أماكن العائلات أو يقفمعها في الصفوف المخصص لهم،على نحو ما يجري في أروقة المطارات والأجهزةالحكومية،ومن ثم يتجنب الأماكن الأكثر ازدحاما بالرجال.
وتتمتع المرأة السعوديةبكامل حريتها بين صديقاتها في منتديات النساء وفي قاعات الحفلات الخاصة بهن،وتجلسمعهن في كامل زينتها وأحدث أزيائها إذا كانت لا تخشى أن يخدش حياءها متطفل أودخيل،فأي حرمان هذا التي تعاني منه السعوديات؟إن جولة واحدة في الأسواق توخي للمرأةبأن تملك الأماكن لم تشيد إلا لإرضائهن لغلبة السلع النسائية على كل المعروضبها.

وقد تغضب بعض النساء في المجتمع السعودي،وخاصة الشابات منهن،منالانتقادات التي توجه للحجاب الذي يرتدينه. ولكن إذا كان هذا رأى فريق من الناس،فهناك فريق اخرمن أهل الفضيلة والذين يرون في تمسك المرأة السعودية بهذا الزي،رغمالهجمة
الثقافية الغربية الشرسة على المجتمعات الإسلامية شكلاً من أشكال الصمودوالثبات على المبدأ،في وقت بات فيه من اليسير على الإنسان أن يتحلل من قيمه ودينةبدعوا الحداثة والمعاصرة. إن تمسك السعوديات بالحجاب أمر ينم على إرادة قويه وعزيمةصادقة،مصدرها الإيمان بالله وطاعته. ويدلل على صدق قولي إن تخلى المرأة غير المحجبةعن زيها الذي اعتادت علية وألفته يحتاج منها إرادة قويه،كما أن ارتداءها الحجابيجعلها كالقابض على الجمر في هذا الزمن الصعب،ولا يتسنى لها الاستمرار في ارتدائهإلا إذا كانت ذات شخصية صلبة وصامدة.
وفضلاً عن كل ما سبق،لا يخفى على أحد ماتتمتع به الفتاة والشابة السعودية من فرص الحياة العصرية،فقد نالت حقها في التعليموالعمل بشتى التخصصات والمهن،فالطبيبات والمهندسات السعوديات ينتشرن في مختلفالمواقع والمؤسسات،وربما كن أكثر تفوقن من زملائهن من الرجال .
في كثير منالأحيان يتمتع الإنسان بنعم الله ولا يشعر بها . والانحلال الذي يسميه الغربيونحرية هو عين العبودية والرق. ذلك لأن حرية المسلم هي في اختياره طريق الحياة الآخرةمع اخذ نصيبه من الدنيا دون أن ينكب عليها.وقد فتح أجدادنا بلاد الروم والفرسوأتاهم الثراء من كل حدب وصوب ،ولكن لم يخلدوا للترف لأن أعينهم كانت علىالآخرة.وما زادهم الخير الذي فاء الله به عليهم إلا ورعاً وتقوى،فلم يقلدوا غيرهمولم يسيروا في ركابهم اعتزازا بثقافتهم وهويتهم ودينهم ،وكانت قيمة المرأة المسلمةفي صيانتها لعفتها وأخلاقها لافي تبرجها وانقلابها وتمردها....



د/ حسن محمد حسن
قسم الدراسات الاجتماعية / جامعة الملك سعود