بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
صلاة الاستسقاء.. أين المصلون!
تعتبر صلاة الاستسقاء إحدى السنن المؤكَّدة التي شرعها الله سبحانه وتعالى عند حدوث القحط والجدب والجفاف وحاجة الناس والبهائم والأرض للماء، وقد شهدت السنوات الأخيرة ندرة في هطول الأمطار وتسبب ذلك في تأثر المخزون المائي وبالتالي كثُرت أزمات المياه، مما دعا ولي الأمر إلى الدعوة لإقامة صلاة الاستسقاء في مختلف المساجد والمصليات في المملكة إلا أن عزوف الناس عن حضور الصلاة وقلة الإقبال عليها دعت إلى ضرورة إقامة الصلاة في أماكن العمل والمدارس والدوائر الحكومية.. "الدعوة" تناولت قضية عزوف الناس عن حضور صلاة الاستسقاء وأهميتها وحكمتها وأسباب قلة هطول الأمطار وناقشتها مع نخبة من العلماء والدعاة والفقهاء في ثنايا التحقيق التالي..
دعوة مشكورة وعزوف محيّر!
الشيخ الدكتور عبدالله الشثري أستاذ تفسير القرآن وعلومه بجامعة الإمام يقول: ابتلى الله سبحانه وتعالى عباده بالجدب والقحط كاختبار لهم حتى يعودوا لربهم، والناس دائماً فقراء إلى الله، وإذا رأى العبد أنه مستغنٍ عن ربه فإنه دخل دائرة الضلال والضياع. والملاحظ أن ولي الأمر دائماً ما يدعو الناس لصلاة الاستسقاء امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإذا مر بالناس حاجة أو قحط عليهم أن يعودو لربهم ويستغفروه علَّه يخفف عليهم هذا البلاء، فإذا اشتد الكرب وعظم البلاء واستغفر المسلمون ربهم ولجأوا إليه بصدق جاءهم الفرج، مصداقاً لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ}، فإذا نزل المطر ارتوت الأرض وسقت البهائم وشرب البشر وعم الخير. ويمضي د. الشثري في حديثه: لكن ما يحصل اليوم هو عزوف الناس عن حضور صلاة الاستسقاء مما تسبب في الجدب وانحسار نزول الأمطار، والواجب على المسلمين في هذه الحالة أن يبادروا إلى صلاة الاستسقاء والإكثار من الصدقة والاستغفار، ولو لاحظنا المساجد اليوم لرأينا بها صفاً أو صفين فقط من الناس يحضرون لأداء الصلاة، وهذه مصيبة، فكيف يريد المسلمون أن ينزل المطر وهم لا يحضرون صلاة الاستسقاء؟! خصوصاً في ظل انتشار الذنوب والمعاصي والظلم بين الناس وهو أمر عظيم؛ لذلك على المسلمين أن يراجعوا أنفسهم وأن يلجأوا إلى الله ويحيوا هذه السنَّة العظيمة بحضور المساجد، والتوبة والاستغفار، ورد المظالم إلى أهلها، ورفع الأيدي بالدعاء إلى الله عزَّ وجلَّ حتى يستجيب لنا ويكافئنا بنزول الغيث.
إجابة الدعاء
ويضيف: د. الشثري: نحن نلاحظ دعوة ولي الأمر الدائمة للناس لحضور صلاة الاستسقاء وحثهم عليها، وهو أمر يشكر عليه ويدعى له، ومن الواجب على الناس أن يستجيبوا لمبادرات ولي الأمر ويحضروا هذه العبادة حتى يتحقق رجاء المسلمين بهطول الأمطار، ولاشك أن إقامة صلاة الاستسقاء التي تعتبر سنَّة مؤكَّدة في المساجد والمصليات الكبرى أكثر فائدة وأجراً؛ فالمسلم عندما يتجهز ويذهب لأداء صلاة الاستسقاء بخشوع وخضوع ثم يذهب بعد ذلك إلى عمله وهو أمر مطلوب، أما حضور وشهود صلاة الاستسقاء في أماكن العمل والمدارس والدوائر الحكومية فلا بأس بذلك، وفيه خير، ولكن أثره ليس مثل الصلاة في المساجد والتي تعتبر نهجاً نبوياً كريماً. وختم بقوله: كما يجب على المصلين اتباع المنهج النبوي بتغيير الرداء وقلبه على الوجه الآخر، والتضرع إلى الله عزَّ وجلَّ، والإكثار من التوبة والاستغفار والصدقة، ومن الضروري أن يحرص المسلم على اصطحاب أبنائه لحضور هذه الصلاة لتكريس هذه السنَّة النبوية وتعويد النشء عليها وتعريفهم بأهميتها.
طغيان الحياة المادية
الدكتور عابد السفياني عضو مجلس الشورى وعضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقاً قال: لقد طغت الحياة المادية على الناس وأثَّرت كثيراً في واقعهم، وابتعد الناس عن معاني الارتباط بالأرض وخيراتها، كما تغلّبت النظرة الدنيوية على النظرة الأخروية، وأصبحت نظرة المجتمع نظرة قاصرة. ولاشك أن غياب المطر جاء بسبب بعد الناس عن الله وتغليب النظرة الدنيوية، والله سبحانه وتعالى يرزق بالمطر من يلتجئ إليه ويتعلق به عبر قيامه بالواجب الشرعي من أجل ذلك وهي صلاة الاستسقاء؛ فإذا فعل ذلك المسلم كثر نزول المطر، وإذا هطلت الأمطار توسعت الأرزاق، فكثير من المسلمين يغيب عنهم هذا المعنى وارتباط غزارة هطول المطر بتوسيع الأرزاق لأن نزول المطر يؤثِّر على البيئة والأرض والإنتاج الحيواني وله أثر إيجابي أيضاً في زيادة المخزون المائي، والعلاقة قوية جداً بين المطر والأرض، وضعف علاقة الإنسان بالأرض جعله لا يلتفت لأهمية المطر. وعندما ارتبط الإنسان بالماديات نسي الحقائق واعتمد على الأسباب الدنيوية وأصبحت علاقته بصلاة الاستسقاء والمنهج الإلهي من دعاء واستغفار والتجاء ضعيفة بل معدومة؛ لذا حُرم الناس من نزول المطر وعم الجدب والقحط كل مناطق بلادنا، بل انتقل هذا الأمر إلى معظم الدول العربية والإسلامية، ولا حل لمشكلة الجدب والقحط التي أصبنا بها إلا بالعودة لله عزَّ وجلَّ واستغفاره عما مضى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً(11)}، وهذا لا يأتي إلا بالدعوة والإنابة والاستغفار.
تعويد الأبناء
ويضيف الشثري: هناك نقطة يجب التركيز عليها فيما يخص الناشئة والأولاد فلا بد من أن يقوم الآباء ببذل جهودهم لإحياء هذه السنَّة بإتيانها وشهود صلاة الاستسقاء جماعة في المساجد والمصليات حتى يتكاثر الناس في المساجد ويكونوا قدوة صالحة لأبنائهم ويحرصوا على اصطحابهم إليها حتى يتحقق المقصد الحقيقي لصلاة الاستسقاء، والتي شرعت لحكمة ربانية وهي الإنابة والعودة والاستغفار والتوبة والصدق والإخلاص في الأعمال. ويستدرك قائلاً: ولكن المسلمين اليوم يعانون من مشكلة وهي انقطاع الارتباط بالله عزَّ وجلَّ، وضعف الأمطار أمر خطير سيؤثِّر علينا حاضراً وستكون مخاطره أكبر مستقبلاً في ظل الجفاف الذي يعانيه العالم بأسره، ونقص كمية المخزون المائي العالمي. وحالة الجفاف وانقطاع نزول الأمطار هي من العقوبات الربانية بسبب البعد عن أحكام الشريعة والتعلق بغير الله، ولو استعرضنا تاريخنا الإسلامي لوجدنا أن الأمة عندما ابتعدت عن دينها وكثرت فيها المعاصي والذنوب والظلم حرمت المطر وأصيبت بالجدب وعندما رجعت إلى ربها وأنابت إليه وقامت بالواجب الشرعي بنية مخلصة فإن الله أنعم عليهم بالمطر والرزق الوفير.
عزوف عن الاستسقاء
الدكتور فهد العريني عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة أم القرى قال: تعتبر صلاة الاستسقاء سنَّة مؤكَّدة؛ ففيها يطلب المسلمون من ربهم السقيا، ويخرجون متضرعين وجلين منيبين، ولا يشترط فيها إذن ولي الأمر كما ذكر بعض العلماء؛ لأن حاجة الناس للمطر عامة. وأضاف: أما سبب عزوف الناس عن صلاة الاستسقاء فيعود لأسباب عديدة أهمها عدم بيان أهمية صلاة الاستسقاء من قبل أولياء الأمور فالآباء والأمهات والمدارس لم تغرس في الأبناء أهمية شهود صلاة الاستسقاء وعظمتها وفضلها، كما أن الآباء لا يشكلون لأبنائهم قدوات بعدم شهودهم أصلاً لصلاة الاستسقاء، ومع مر السنوات قل الاهتمام بحضور الصلاة وعزف الناس عنها بسبب ذلك. ويتابع: كذلك فإن وسائل الإعلام مقصرة تقصيراً واضحاً ببيان أهمية صلاة الاستسقاء والدعوة إليها وتأثيرها على المجتمع وإنما تكتفي فقط بإعلان صلاة الاستسقاء عندما يدعو لها ولي الأمر، فكثير من الناس لا يعرف أهمية الصلاة وشروطها المذكورة في كتب الفقه وما نقل عن الفقهاء والعلماء من ضرورة أن يسعى الإنسان لرد المظالم قبل الذهاب للصلاة، وأن يخرج إليها متواضعاً؛ حتى أن بعض الفقهاء كره أن يخرج لها الرجل وهو متطيب، وهذه المعاني جميعها معدومة اليوم لدى الناس، وليس هناك أي وعي بأهمية صلاة الاستسقاء وهذه بحد ذاتها مصيبة. ومن أهم أسباب القحط وعدم نزول الأمطار انتشار الظلم بين المسلمين في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وكذلك منع الزكاة، وكأن الله جعل القحط والجدب إرهاصات لضرورة أن يراجع المسلمون حساباتهم ويعودوا لربهم وهذا من كمال رحمة الله بعباده المسلمين. ويستدرك د. العريني قائلاً: ولكن بعض العلماء يرون أن القحط علامة عذاب وبلاء؛ بل الأصح أن فيه إشارة رحمة الله بالعباد وأنه خطاب موجه لهم أن هناك خللاً في المجتمع يجب إصلاحه بالوقفة مع النفس ومراجعة الحسابات {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ}، فعندما يصاب المجتمع بالقحط فإنه يعم الجميع عادلاً وظالماً حتى البهائم تتأذى بظلم الظالم كما قال أبو هريرة رضي الله عنه (تموت الخزامى في وكرها جذلاً بسبب ظلم الظالم)؛ لذلك على المسلم أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار ويعمل على إصلاح نفسه ومراجعة حساباته ورد المظالم لأهلها. ويمضي الدكتور العريني في حديثه قائلاً: ولعلَّ من أبرز الأسباب في المجتمع القحط هو عدم الصدق مع الله وعدم الإخلاص في العبادة؛ فكم صلينا من صلاة استسقاء لكن دون أن تنزل أي قطرة؛ لأن الله لا يرد سائلاً لو سأله بصدق وإخلاص، والمصيبة الأكبر عندما لا يكون هناك صدق وإخلاص لدى أئمة المساجد والخطباء الذين يحاولون سبك خطب جميلة حتى يعجب الناس بكلامهم، فعلى الأئمة والخطباء أن يراجعوا أنفسهم ويحاولوا إخلاص النية لله وإصلاح الخلل في علاقتهم مع ربهم حتى يكونوا قدوات إيجابية في المجتمع.
معاصٍ عظيمة
الشيخ عبدالعزيز العسكر قال: إنّ فشوَّ المنكراتِ وإعلانَها مؤذنٌ بسيلِ عذابٍ قد انعقَد غَمامُه ومُؤذنٌ بليلِ بلاءٍ قد ادلهمَّ ظلامه، أيّها المؤمِنون، ولأجلِ ذلك فإنَّ الله تعالى يذكِّر عبادَه إذا غفلوا، وينذرهم إذا عصَوا، ويخبرهم سبحانَه أنّ ما يحلُّ بالبشر إنما هو من عند أنفسهم، {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ}، فاتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، وتوبوا إليه واستغفروه، ونحن لا نريد أن نتبادل التهم، فيأتي التاجر ويقول منعنا القطر بسبب منع المزارع للزكاة، أو يأتي المزارعُ فيقول: منعنا الغيثُ بسبب غش التجار في المعاملات، أو بسبب مساهمته في شركات ربوية، أو يأتي مديرُ إدارة ويقول: منعنا المطر بسبب تفريط الموظفين في الدوام، ويأتي الموظف ويقول: منعنا القطر بسبب ظلم المدير ومحاباته لبعض الموظفين، أو يأتي آخر ويقول منعنا الغيث بسبب الشحناء والخصومة بين الجارين، أو أولئك الأقارب نعم هذه معاصٍ عظيمة هي سبب في منع القطر من السماء، وسبب لعدم إجابة الدعاء، ولكن من لم يقع في شيء منها فربما وقع في معصية أخرى.
انتشار المنكرات
ومن المعاصي التي ربما لا يسلم منها أحد - إلا من رحم ربي - عدم إنكار تلك المعاصي!! وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه معصية عظيمة أيضاً قال صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليوشِكَنّ الله أن يبعَث عليكم عذاباً مِنه ثم تدعونَه فلا يستجيب لكم" وقال سبحانه: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }، أكَّد سبحانه الأمر بفعل المضارع المسبوق باللام والواو فقال {ّ وَلْتَكُن } وقال صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه" الحديث، وأكَّد الحبيب الأمر بفعل المضارع المسبوق باللام والفاء "فليغيره"، وقد عدَّ بعضُ العلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن السادس من أركان الإسلام، وأقل ما قيل فيه إنه فرض كفاية؛ إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ويبقى السؤال الآن هل قام به من يكفي؟ والجواب: لو كان القائمون به كافين، لما رأينا منكرات في وسائل الإعلام، وفي الأسواق، والشوارع، وفي البيوت، ألا وإنَّ شؤم المعاصي وبيل، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: { َ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }. قال مجاهد: "إنَّ البهائم لتلعَن عصاةَ بَني آدم إذا اشتدَّت السَّنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤمِ معصيةِ ابن آدم" وعَن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّه قال: "إنَّ الحبارَى لتموت في وكرِها من ظلمِ الظالم" قال تعالى: {$ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}، وقد استعاذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالله أن يدركَ أصحابُه زمانَ ظهور الفاحشةِ والإعلان بها ونقصِ المكيال والموازين ومنعِ الزكاة.
إظهار الحاجة
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: أقبَل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشرَ المهاجرين، خمسٌ إذا ابتُليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحِشة في قومٍ قطّ حتى يعلِنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون والأوجاعُ التي لم تكن مضَت في أسلافهم الذين مضَوا، ولم ينقُصوا المكيالَ والميزان إلاّ أخِذوا بالسِّنين وشدَّة المئونة وجَور السلطان عليهم، ولم يمنَعوا زكاة أموالهم إلاّ منِعوا القطرَ من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقُضوا عهدَ الله وعهد رسولِه إلاّ سلَّط الله عليهم عدوّاً من غيرهم فأخذَ بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكُم أئمّتهم بكتابِ الله ويتخيَّروا ممّا أنزل الله إلا جعَل بأسَهم بينهم" رواه ابن ماجه وصححه الحاكم. إنَّ الله لا يبدِّل أمنَ الأمم قلَقاً ولا رخاءَها شِدّةً ولا عافيتَها سَقاماً لأنه راغبٌ أن يذيقَ الناسَ المتاعبَ ويرميهم بالآلام، كلا، إنّه بَرٌّ بعبادِه، يغدِق عليهم فضلَه وسِتره، ويحيطهم بحفظِه، ويصبِّحهم ويُمَسّيهم برزقه، ولكنّ الناسَ يأخذون ولا يحسِنون الشكرَ، ويمرحون من النِّعَم ولا يقدِّرون ولِيَّها ومُسديها سبحانه، وعندما يبلغ هذا الجحودُ مداه وعندما ينعقِد الإصرارُ عليه فلا ينحلّ بندمٍ، عندئذٍ تدقُّ قوارعُ الغضبِ أبوابَ الأمم، وتسودّ الوجوهُ بمصائبِ الدنيا قبل نكالِ الآخرة، وما المصائب التي أحاطَت بالأمّة إلاّ سياطٌ تسوقها إلى العودةِ لباريها والبراءةِ من الذنوب ومخازيها والتنادي بالرجوعِ إلى الله بالتزامِ أمره واجتناب نهيِه وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاةِ وحربِ الربا ونبذِ الظّلم وإيقافِ وسائلِ الرّذيلة ودُعاتها والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ لتسلَمَ سفينةُ المجتمَع وتُرَمَّم خروقُها وتسَدَّ ثقوبها، { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }، إذا خَرجتُم تستغيثونَ وتستَسقون فأظهِروا الحاجةَ والافتقارَ، واعقِدوا العزم والإصرار على اجتنابِ المآتم والأوزارِ، وقد روَى أهل السنَن وأحمد عن ابن عباسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج للاستسقاءِ متذلِّلاً متواضِعاً متخشِّعاً متضرِّعاً، والله تعالى أمر بالدعاءِ ووعَد بالإجابة وهو غنيٌّ كريم سبحانه: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }.
الدوام هو السبب
الدكتور أحمد المورعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى قال: إن من أهم أسباب عزوف الناس عن حضور صلاة الاستسقاء هو شعور من يعيش في المدن بعدم احتياجه للمطر؛ خصوصاً في ظل توافر الماء سواء من التحلية أو الوايتات المتوافرة بخلاف أهل القرى الذين يشعرون بحاجة أكبر للماء بسبب ارتباطهم بالأرض وبحاجة البهائم التي تعتمد عليها في رزقها؛ وبالتالي تجدهم أكثر حرصاً على حضور صلاة الاستسقاء من أهل المدن، ومن الأسباب كذلك تعارض أوقات الصلاة مع الدوام الرسمي للموظفين ومع مواعيد توصيل الطلبة والطالبات إلى المدارس، لذلك فإني أرى تأخير الدوام ساعة كاملة يوم صلاة الاستسقاء حتى يتسنى للناس حضور الصلاة، كما أتمنى من المدارس القريبة من المساجد التي تقام فيها صلاة الاستسقاء توجيه طلبتها إلى المسجد؛ لأن اجتماع الناس في مسجد ومكان واحد أمر مطلوب شرعاً، لأن الأصل في صلاة الاستسقاء إقامتها في المساجد والمصليات الكبيرة، وهذا لا يعني عدم خيرية إقامة الصلوات في أماكن العمل والوزارات والمدارس وغيرها.
تنافس على الدنيا
ثم تحدث الشيخ إبراهيم الحقيل قائلاً: يزهدُ الناس في الخير إذا تعلقوا بالدنيا وزخرفها، وضعفَ يقينهم بالآخرة ونعيمها؛ حتى تُفتحَ أبوابُ الخير فتبصرَ قلة الداخلين، وتظهر طرقُ الآخرة فتحس ضعف السالكين، وإذا ما انفتح بابٌ من أبواب الدنيا رأيت كثرة المتنافسين، وأبصرت شدة المتزاحمين، وما صلاة الاستسقاء إلا باب من أبواب الخير مفتوح، وطريقٌ للذكر والاستغفار والذل والخضوع، والله - تعالى - يُعِزُ من ذلَّ له، ويعطي من سأله، ويحب الخاشعين الذاكرين المستغفرين؛ ولكنك لا ترى منهم إلا قليلاً.
يُعلَنُ عن صلاة الاستسقاء فلا يتوافد إليها إلا أفرادٌ لا يكادون يملؤون أرباع أو أثلاث مساجدها ومصلياتها على رغم قلتها، حتى يظن من أقبل على المصلى أو المسجد أن لا استسقاء فيه من قلة الحاضرين.
أرأيتم لو كان في وقتها أموالٌ توزع، أو أراض توهب، أو دنيا تقسم، أيكون العددُ فيها؛ كالعدد في الاستسقاء! لا أظن ذلك؛ ولو أقسم المقسم أن أنفساً تهلك من الزحام؛ خشية أن يفوتها ذلك العَرَض من الدنيا لما رأيته يحنث في قَسَمه، وإذا كان أكثرُ الناس قد فرطوا في الواجبات؛ فكيف سيحافظون على المندوبات! إنه ما نزل بلاءٌ إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
الغفلة والمصيبة
وإن من أعظم الذنب أن يتكبر الخلق على خالقهم، ويتقاعسوا عن مواطن الذل له، والانطراح بين يديه، ورفعِ الحاجات إليه؛ حتى ظنَّ الظانون منهم أنهم ليسوا مُحْتَاجِين إليه، وأنهم في غِنًى عن رحمته وفضله، فالماء يأتيهم في دورهم، والخيرات من كل بلاد الأرض تمتلئ بها بلادهم، ولا ينقصهم شيء فلِمَ يستسقون، وماذا يسألون؟ إن هذا الأمن هو البلاء، وتلك الغفلة هي المصيبة؛ ذلك أن القحط قد يكون نوعاً من العذاب، قال البخاري - رحمه الله تعالى -: "باب انتقام الرب - عزَّ وجلَّ - من خلقه بالقحط إذا انتُهِكَتْ محارمُ الله" وروى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إن قريشاً أبطأوا عن الإسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها، وأكلوا الميتة والعظام، وفي رِوَاية: فقال: "اللهُمَّ أعنِّي عليهم بسبعٍ؛ كسَبْعِ يُوسُفَ"، فأصابَتْهُمْ سنةٌ حصَّت كل شيء حتَّى كانوا يأكلون الميتة، وكان يقوم أحدُهم فكان يرى بينه وبين السماء مثلَ الدخان مِنَ الجهد والجوع"، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد، جئت تأمرُ بصلة الرحم، وإن قومك هلكوا، فادع الله فقرأ: { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10)}. ثم عادوا إلى كفرهم فذلك قوله - تعالى: { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ (116)}، يوم بدر قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا الغيث، فأطبقت عليهم سبعاً، وشكا الناس كثرة المطر فقال: "اللَّهُمَّ حوالينا ولا علينا"، "فانحدرت السحابة عن رأسه، فَسُقُوا الناسُ حولَهم"؛ متفق عليه.
أعظم صور الاستسقاء
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنبه مغفور، وسعيه مشكور، ودعاؤه مسموع، ومع ذلك لم يأمن مكر الله، إن هاجت الريح ظل يدخل ويخرج، ويقبل ويدبر؛ خوفاً من عِقاب الله؛ حتى يُعرفَ ذلك في وجهه، وإن أبطأ المطر؛ هرع إلى الاستسقاء، واستغاث الله - تعالى -، فرُبَّما صعِد المنبر فاستسقى بلا صلاة ولا خطبة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استسقى وهو جالس في المسجد رفع يديه فدعا فأمطرت السماء، واستسقى عند أحجار الزيت من الزوراء وهي خارج المسجد، واستسقى في بعض غزواته حين عطش المسلمون، فبان أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يستسقي كثيراً، وعلى أحوال متعددة، وكثير من الناس لا يستسقي الواحد منهم وحدَه، ولا يدعو الله في خلوته أن يغيث العباد والبلاد؛ بل يظنون أن طلب السقيا لا يكون إلا في خطبة الاستسقاء أو خطبة الجمعة، مع أن دعاءَ العبد وحدَه أكثر إخلاصاً، وأعظمُ أثراً، وإذا كان العبدُ يندب له أن يدعو لإخوانه بِظَهْرِ الغيب، فدعاؤه بالسقيا دعاءٌ للعباد والبلاد والبهائم، وإن أعظم صور الاستسقاء التي أثرت عنه صلى الله عليه وسلم خروُجه بالناس إلى المصلى، وصلاتُه بهم، وموعظتهم، والدعاءُ والتضرعُ والانطراحُ بين يدي الله تعالى مع كثرة الاستغفار، وتجديد التوبة، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبرٍ فوِضعَ له في المُصَلَّى، ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر، فكبّر صلى الله عليه وسلم وحمد الله - عزَّ وجلَّ - ثم قال: "إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطرِ عن إبّانِ زمانه عنكم، وقد أمركم الله - عزَّ وجلَّ - أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: "الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتَّى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهره، وقلب أو حول رداءه وهو رافعٌ يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت، ثم أمطرت - بإذن الله - فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكِنّ ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال: أشهد أن الله على كل شيءٍ قدير، وأني عبد الله ورسوله"؛ أخرجه أبو داود وصححه الحاكم وابن حبان والنووي.
سحاب كالجبال
وكان صلى الله عليه وسلم يستسقي أحياناً في خطبة الجمعة كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أصابت الناس سَنَةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال، فادع الله لنا أن يسقينا، قال: فرفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يديه وما في السماء قَزَعَةٌ، قال: فثار سحاب أمثالُ الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته - وفي رواية: "فمُطِرْنا فما كدنا نصل إلى منازلنا"؛ أي من كثرة المطر، وفي رواية: "فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا" - قال: فمطرنا يومنا ذلك، وفي الغد، ومن بعد الغد والذي يليه، إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابيُ أو رجلٌ غيره فقال: يا رسول الله تهدَّم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وقال: "اللَّهُمَّ حوالَيْنَا ولا عَلَيْنَا" قال: فما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرَّجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة حتى سال الوادي - وادي قناة - شهراً، قال: فلم يجيء أحد من ناحية إلا حدَّث بِالْجَوْدِ"؛ أخرجه الشيخان والروايات للبخاري، وهكذا سائرُ الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -.
استسقاء النمل
عباد الله الصالحون يستغيثون الله ويستسقُونه، ويطلبون رحمته، ويسألونه من فضله، فلا غِنَى لأحدٍ عن رحمة خالقه كائناً من كان؛ بل إن البهائمَ فُطِرت على معرفة بارئها وخالقها، فلا تلتجئُ إلا إليه وحده على رغم أنها لم تكلف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خرج سليمانُ - عليه السلام - يستسقي، فرأى نملة مستلقيةً على ظهرها، رافعةً قوائمها إلى السماء تقول: "اللهم إنَّا خلق من خلقك، ليس بنا غنىً عن سقياك"، فقال: "ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم"؛ أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
فالله - تعالى - إذا رأى من عِبَاده صدق التوجه إليه، والتعلق به رَحِمَهُمْ فسقاهم وأعطاهم، ورفع البلاء عنهم. خزائنه لا تنفد، وخيره لا ينقطع، وعطاؤه لا يُحْظَر: { وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً(20) }، { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}، وقبل خروج المسلمين إليها، فإنه ينبغي أن يزيلوا ما في قلوبهم من أكدار الشحناء والبغضاء فذلك أرجى للإجابة، وينبغي أن يخرجوا خاشعين متذللين خاضعين لرب العالمين، تشبه حالتُهم حالة المسكين المحتاج الذي يريد السؤال، ويخرجون بالشيوخ الكبار الذين أفنَوْا عمراً مديداً في الإسلام فدعوتهم مرجوة، وبالصبيان الصغار؛ لأنهم لا ذنوب عليهم فدعاؤهم قريب من الإجابة، ولا يخرجون بالبهائم؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأمَّا النساء فلا بأس بخروج العجائز الكبيرات؛ كما ذكر ذلك الفقهاء، وإن قدّموا صدقة قبل صلاتهم فذلك حسن؛ لأن الصدقة تطفئ غضب الرب، ولأن المطر رحمة من الله، والله - تعالى - يقول: { إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}، والتوبةُ والاستغفارُ من أعظم أسباب نزول الغيث؛ كما قال نوح - عليه السلام -: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10)يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً (11)}. وكما قال هود - عليه السلام : { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ }. ومن أسباب نزول الغيث: الاستقامة على أمر الله - تعالى - كما قال - سبحانه -: {ّ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً(16) }، كما أن من أعظم ما يمنع المطر كثرةُ الذنوب والمعاصي، وضعفُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (96)}. وعدم إخراج الزكاة يمنع نزول الغيث.
منع الزكاة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين: خمس إذا بليتم بهن وأعوذُ بالله أن تُدْرِكُوهُنَّ" وذكر منها "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعُوا القَطْر من السماء ولولا البهائمُ لم يمطروا"؛ أخرجه ابن ماجه بسند حسن. فإذا استَسْقَوْا فلم يمطروا أعادوا الاستسقاء مرة أخرى، وإن مُطروا شكروا الله - عزَّ وجَلَّ - على نِعَمِه، وحمِدُوهُ على فَضْلِه، ودَعَوْا بالبركة؛ لأنَّ البَرَكَةَ إذا نُزِعَتْ لم ينفع، ولِذا كانَ - عليه الصلاة والسلام - إذا رأى المطر قال: "اللَّهُمَّ صيِّباً نافعاً"؛ أخرجه البخاري، ويسن للعباد أن يصيبوا من ماء المطر، قال أنس رضي الله عنه: "أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثوبَهُ حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قال: "لأنه حديثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ - تعالى -"؛ أخرجه مسلم. والغيث رحمةٌ، فكان وقتُ نزولِه وقت إجابة لمن دعا فيه؛ كما جاء في الحديث "اطلبوا استجابةَ الدعاء عند التقاءِ الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث"