لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: شعراء من التاريخ.....في حلقات

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية faisal075
    تاريخ التسجيل
    05 2007
    المشاركات
    565

    U10 شعراء من التاريخ.....في حلقات

    أحبتي أقدم لكم سلسة لشعراء من تاريخنا المجيد شعراء أثروا الساحة الشعرية بإبداعات قل وجودها شعراء مازال التاريخ يذكرهم ومازالت الكتب ترصد شعرهم ومازال الإعجاب بهم في قلوبنا لم يتغير

    شعراء منهم ذو الغزل العفيف ومنهم صاحب الهجاء المقذع ومنهم مرهف الحس الرقيق ومنهم الكريم الشهم ومنهم الحزين والمكروب

    ثم لن أهتم بالأقدم في سردي وإنما سأعرض لكم من هنا ومن هناك من عصر الإسلام ومن العصر العباسي ومن الأموي وعصر المماليك والعصر الأندلسي حتى من عهدنا المعاصرهذا إن أمكن في شيئ مبسط كذكر للشاعر مع عرض لأجمل قصائده

    وستكون في حلقات متسلسة أعرض في كل حلقة شاعرا أو شاعرين وهذه البادرة ما هي إلا هدية متواضعة مني لكم لنتذكر أولئك الشعراء الذين أمتعونا بإبداعهم ولنحفظ تراثنا وأدبنا من الاندثار والنسيان في زمن قل البحث عن الكتاب وأصبح البحث في عصر متطور إلكتروني وللجميع فرصة المشاركة بمن يراه من الشعراء ليس حكرا لي أبدا ومن لديه اقتراحات أوملاحظات أوإضافات يبدها بلا تحفظ
    وهذه السلسة معروضة في أحد منتديات منطقتنا الحبيبة فأحببت أن تكون هنا معنا في ساحاتنا الجميلة هذه ليستفيد منها الغير


    إليكم أولى هذه السلسة.......

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية faisal075
    تاريخ التسجيل
    05 2007
    المشاركات
    565

    رد: شعراء من التاريخ.....في حلقات

    يزيد بن معاوية بن أبي سفيان

    هذا الشاعر الرقيق المرهف الحس الذي تعرض لانتقادات واتهامات أوصلته إلى حد الكفر اتهم بقتل الحسين رضي الله عنه والتاريخ يثبت أنه ما أمر بقتله وإنما برد فتنته والقتل إنما جاء من عبيد الله بن زياد عندما أرسل ذي الجوشن عليه من الله ما يستحق ليرد فتنته فقام وقطع رأسه عليه لعنة الله وغضبه

    يزيد الذي دخلن عليه بنات وأخوات الحسين فقالت زينب أخت الحسين ليزيد أبنات رسول الله سبايا فبكى يزيد ثم قال بل وفود كرام وادخلن إلى بنات عمكن فانظرن ماذا يصنعن فدخلن عليهن فإذا هن يلطمن خدودهن ويصحن على الحسين

    يزيد الذي وقف قويا شامخا عند أسوار القسطنطينية عندما دفن تحت أسوارها أبو أيوب الأنصاري رغما عن ملكها تحقيقا لوصية أبي أيوب وهدد وتوعد ملكها إن مس قبر أبي أيوب ليأتينه بجيش أوله في دار الإمارة وآخره عند أسوار دولته فحمى الملك قبر أبي أيوب ككلب حراسة خوفا وهلعا

    يزيد الخليفة المظلوم إليكم إحدى روائعه الشعرية


    نالـت علـى يـدهـا مـالـم تنـلـه يــدي ...... نقشا على معصـم أوهـت به جلـدي
    كـأنـه طـــرق نـمــل فـــي أنامـلـهـا ...... أو روضة رصعتها السحـب بالبـرد
    وقــوس حجابـهـا مــن كــل ناحـيـة ...... و نـبـل مقلتـهـا تـرمـي بـهـا كـبــدي
    مـدت مواشطهـا فــي كفـهـا شـركـا ...... تصيـد قلبـي بهـا مـن داخـل الجسـد
    أنسية لـو رأتهـا الشمـس مـا طلعـت ...... مـن بعـد رؤيتهـا يـومـا عـلـى أحــد
    سألتهـا الوصـل قـالـت لا تـغـر بـنـا ...... مـن رام منـا وصـالا مــات بالكـمـد
    فكـم قتيـل لنـا بالحـب مــات جــوى ...... مـن الـغـرام ولــم يـبـدئ ولــم يـعـد
    فقلت:أستغـفـر الرحـمـن مــن زلــل ...... إن المـحـب قلـيـل الصـبـر والجـلـد
    قـد خلفتـنـي طريـحـا وهــي قائـلـة: ...... تأملـوا كيـف فعـل الضـبـي بـالأسـد
    قالت لطيـف خيـال زارنـي ومضـى ...... بالله صـفــه ولا تـنـقـص ولا تــــزد
    فقـال: خلفتـه لــو مــات مــن ظـمـأ ...... وقلت قف عـن ورود المـاء لـم يـرد
    قالت: صدقت الوفا في الحب شيمته ...... يا برد ذاك الـذي قالـت علـى كبـدي
    واسترجعـت سألـت عنـي فقيـل لهـا ...... مافـيـه مــن رمــق دقــت يــدا بـيــد
    وأمطرت لؤلؤا من نرجـس وسقـت ...... وردا وعضـت علـى العنـاب بالبـرد
    وأنـشــأت بـلـسـان الـحــال قـائـلــة ...... مـن غيـر كـره ولا مـطـل ولا مــدد
    والله مـاحـزنــت أخــــت لـفـقــد أخ ...... حـزنـي عـلـيـه ولا أم عـلــى ولـــد
    إن يحسدوني على موتي فوا أسفـي ...... حتى على الموت لا أخلو على حسـد


    وله قصيدة رائعة أيضا لكن فيها من المخالفات الشرعية الشيء الكثير التي يستحى من ذكرها

    يقول

    أغار عليها من أبيها وأمــــها ...... ومن لجة المسواك إن دار في الفم
    أغار على أعطافها من ثيابها ...... إذا ألبستها فوق جسم منعم
    وأحسد أقداحاً تقبل ثغرهـــــــا ...... إذا أوضعتها موضع اللثم في الفم
    فوالله لولا الله والخوف والرجا ......لعانقتها بين الحطيم وزمزم
    ولما تلاقينا وجدت بنانــــــــــها ...... مخضبة تحكي عصارة عندم
    فقلت خضبت الكف بعدي هكذا ...... يكون جزاء المستهام المتيم
    فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى ...... مقالة من في القول لم يتبرم
    فوسدتها زندي وقبلت ثغرها ...... فكانت حلالاً لي ولو كنت محرم
    وقبلتها تسعاً وتسعين قبـلة ......مفرقة بالخد والكف والفم



    وعندما جاءه خبر وفاة أبيه معاوية رضي الله عنه قال في قصيدة رائعة له

    جَاءَ البَرِيـدُ بِقرطـاسٍ يَخـبُّ بِـه ...... ِفَأَوجسَ القَلبُ مِنْ قِرطَاسـهِ فَزعَـا
    قُلنَا: لَكَ الوَيلُ، مَاذَا فِي صَحِيفَتكُم ؟ ...... قَالُوا : الخَلِيفةُ أَمسَـى مُثْبَتـاً وَجِعَـا
    مَادَتْ بِنَا الأَرض أَوْ كَادَتْ تَمِيدُ بِنَـا ...... كَأَنَّ مَـا عَـزَّ مِنْ أَركَانِهَـا انْقَلَعَـا

    يقول فيها أيضا

    أَودَى ابنُ هِندٍ وَأَودَى المَجـدُ يَتبَعُـهُ ...... كَانَا جَمِيعاً خَلِيـطاً سَالِميـنَ مَعـاً
    أَغَرُّ أَبلَـجُ يُستَسْقَـى الغَمَـامُ بِـهِ ...... لَوْ قَارعَ النَّاسَ عَنْ أَحْلامهـمْ قَرَعَـا
    لاَ يَرقَعُ النَّاسُ مَا أَوهَى وإِنْ جَهَـدُوا ...... أَنْ يَرقعُـوه وَلاَ يوهـونَ مَا رَقَعَـا



    في الحلقة القادمة الشاعر الحبيس أبو العلاء المعري

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية faisal075
    تاريخ التسجيل
    05 2007
    المشاركات
    565

    رد: شعراء من التاريخ.....في حلقات

    أبو العلاء المعري ولد في معرة النعمان أصيب في عامه الرابع بالجدري فعمي كان لا يأكل اللحم أبدا ولم يتزوج قط يلبس الخشن من الثياب زاهدا عن كل أمور الحياة لقب برهين المحبسين لأنه كان أعمى فحبس في ظلمة لا يبصر معها وانقطع عن الناس لا يخرج إليهم متقوقعا في ظلمة منزله


    أبو العلاء الشاعر الحكيم الممتلئ تشاؤما وكرها للحياة الحاقد على كل مظاهرها ، الشاعر الذكي القوي البديهة السريع خاطرة المتمكن من كل فنون الشعر يلعب بها كما يشاء


    يحكى عن قوة حفظه وذاكرته أنه كان جالسا عند باب منزله وكان يسكن بجواره رجل فارسي وكان غائبا عن داره فجاء إليه رجل من فارس يحمل رسالة له وكان لا يعرف العربية فطرق الباب وصاح به فلم يجبه أحد فناداه أبو العلاء وسأله مابه فلم يفهم عليه فأشار إليه أن قل رسالتك وما تريد من جاري الفارسي وأنا أخبره فأخبره فحفظ أبو العلاء كلامه مع أنه لم يفهم شيئا مما قال فلما جاء الفارسي جار المعري أخبره أبو العلاء بما قاله صاحب الرسالة ولم يخرم منها حرفا فتمعر وجه الفارسي فإذا هو يخبره بموت أمه


    كان معجبا بشعر المتنبي يفضله على غيره من الشعراء متعصبا له لا يرضى أن ينتقص أحد من قدره فكان يوما جالسا عند الشاعر الشريف الرضي رحمه الله فكان الشريف ينتقص من المتنبي ويعيبه فقال أبو العلاء لو لم يكن للمتنبي إلا قصيدته " لك يامنازل في القلوب منازل " لكفته فغضب الشريف وقال خذوا برجل الخبيث فجر برجله وأخرج من مجلسه فلما هدأ قال أتدرون ماذا أراد قالوا لا قال أراد قول المتنبي في قصيدته هذه


    وإذا أتتك مذمتي من ناقص ........ فهي الشهادة لي بأني كامل


    اتهم أبو العلاء بالزندقة واالإلحاد وله قصائد يعترض فيها على أحكام الله وشرعه يقول


    أنهيتَ عن قتل النفوس تعمدا ...... وبعثت أنت لقبضها ملكين؟
    وزعمت أن لنا معــادا ثانيا ...... ما كان أغناها عن الحالين


    ويخاطب الله متساءلا معترضا


    إن كان لا يحظى برزقك عاقــل ...... وترزق مجنونا وترزق أحمقا
    فلا ذنب يارب السماء على امرئ ...... رأى من ما يشتهي فتزندقا


    ويعلق على تناقض بعض أحكام الفقه مثل حكم دية اليد إذا قطعت بخمسمائة دينار ذهبا وإذا سرق أحد من الناس ربع دينار تقطع يده فيعترض قائلا :


    تناقضٌ ما لنا إلا السكوت ...... له وأن نعوذ بمولانا من النـار
    يد بخمس مئين عسجد وديت ...... ما بالها قُطعت في ربع دينار


    ويقول


    دين وكفر وأنباء تقص وفــ ......رقان وتوراة وإنجيل
    في كل جيل أباطيل يدان بها ...... فهل تفرد يوما بالهدى جيل ؟


    ويقول


    فلا تحسب مقال الرسل حقا ...... ولكن قول زور سطّروه
    وكان الناس في يمنٍ رغيدٍ ......فجاءوا باالمحال فكدروه



    نعوذ بالله من الخذلان ومن الحور بعد الكور ومن الكفر بعد الإيمان



    ورغم امتلاء شعر أبي العلاء بالزندقة والإلحاد والكفر إلا إن له قصائد تعتبر من عيون الشعر العربي حيث يقول في ديوانه سقط الزند في قصيدته " ضجعة الموت "


    غيرُ مجدٍ في ملّتـي واعتقـادي ...... نـوح بـاكٍ ولا تـرنـم شــاد
    وشبيهٌ صـوت النعـيّ إذا ...... قِـيس بصوت البشير في كـل نـاد
    أبَكَـت تلـكـم الحمـامـة أم غنّت ...... على فـرع غصنهـا الميّـاد
    صاح هذي قبورنا تمـلأ الـرُح ...... بَ فأين القبور مـن عهـد عـاد
    خفف الوطء مـا أظـن أديـم الـ ...... أرض إلا مـن هـذه الأجسـاد
    وقبيـح بنـا وإن قــدُم الـعـهـ ...... د هـوان الآبــاء والأجــداد
    سر إن اسطعت في الهواء رويداً ...... لااختيـالاً علـى رفـات العبـاد
    رُب لحدٍ قد صار لحـداً مـراراً ...... ضاحكٍ مـن تزاحـم الأضـداد
    ودفيـنٍ علـى بقـايـا دفـيـن ...... فـي طويـل الأزمـان والآبـاد
    فاسـأل الفرقديـن عمّـن أحسّـا ...... مـن قبيـلٍ وآنسـا مـن بـلاد
    كـم أقامـا علـى زوال نهـار ...... وأنـارا لمدلـج فــي ســواد
    تعـبٌ كلهـا الحيـاة فـمـا أعـ ...... جب إلا من راغبٍ فـي ازديـاد
    إنّ حزناً في ساعة الموت أضعـا ...... ف سرورٍ فـي ساعـة الميـلاد
    خُلـق النـاس للبقـاء فضـلّـت ...... أمــة يحسبونـهـم للـنـفـاد
    إنمـا ينقلـون مـن دار أعـمـا ...... لٍ إلـى دار شِقـوة أو رشــاد
    ضجعة الموت رقدة يستريـح الـ ...... جسم فيها والعيش مثـل السهـاد







    أمر عند وفاته أن يكتب على قبره قوله


    هذا جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية faisal075
    تاريخ التسجيل
    05 2007
    المشاركات
    565

    رد: شعراء من التاريخ.....في حلقات

    أبو مُلَيْكة جرول بن أوس لقب بـ الحطيئة شاعر مخضرم أدرك الجاهلية وأسلم . ولد في بني عبس دعِيًّا لا يُعرفُ له نسب فشبّ محروما مظلوما، لا يجد مددا من أهله ولا سندا من قومه فاضطر إلى قرض الشعر يجلب به القوت ، ويدفع به العدوان ، وينقم به لنفسه من بيئةٍ ظلمته، ولعل هذا هو السبب في أنه اشتد في هجاء الناس ، ولم يكن يسلم أحد من لسانه فقد هجا أمّه وأباه حتى إنّه هجا نفسه

    حبس في زمن عمر رضي الله عنه وكان سبب حبسه أنه هجا الزبرقان بن بدر سيد قومه وقد عمِل للنَبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان يجمع زكاة قومه ويؤديها لهم وقد اشتكى لعمرً لما هجاه الحطيئة فقال له عمر وما قال لك

    قال قال لي

    دع الـمكارم لا تـرحل لـبغيتها ...... وأقـعد فـإنك أنت الـطاعم الكاسي

    فقال عمرما أسمع هجاء ولكنها معاتبة فقال الزبرقان أو لا تبلغ مروءتي إلا أن آكل وألبس! والله يا أمير المؤمنين ما هُجيت ببيت قط أشد عليَّ منه
    فدعا عمر حسان بن ثابت وسأله أتراه هجاه ؟
    قال حسان : نعم وسلح عليه !

    وهذه البيت قبله

    مـاكان ذنب بغيض أن رأى رجلاً ...... ذا حاجةٍ عاش في مستوعرٍ شاسِ
    جـاراً لـقومٍ أطالوا هون منزله ...... وغـادروه مـقيماً بـين أرماسِ
    مـلَّـوا قِـراهُ وهـرَّته كـلابهُمُ ...... وجـرحـوه بـأنيابٍ وأضـراسِ

    فحبس عمر الحطيئة، فجعل الحطيئة يستعطفه ويرسل إليه الأبيات، فمن ذلك قوله :

    تحنن عليّ هداك المليك ...... فإن لكل مقام مقـــــال

    فلم يلتفت إليه عمر، حتى أرسل إليه الحطيئة

    ماذا تقول لأفراخ بذي مـــرخ ...... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
    ألقيت كاسبهم في قعر مظلمــة ...... فاغفر عليك سلام الله يا عمـر
    أنت الامام الذي من بعد صاحبه ...... ألقت إليك مقاليد النهى البشر
    ما آثروك بها إذ قدموك لها ...... لا بل لأنفسهم قد كانت الأثر

    قال عمر : فإياك والمقذع من القول فقال الحطيئة : وما المقذع ؟ قال عمر : أن تخاير بين الناس فتقول فلان خير من فلان وآل فلان خير من آل فلان ؛قال الحطيئة : فأنت والله أهجى مني .

    ثم قال له عمر : والله لولا أن تكون سُنّة لقطعت لسانك . فاشترى عمر منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم، وأخذ عليه عهداً ألا يهجو أحداً ولكن يقال أنه رجع للهجاء بعد مقتل عمر بن الخطاب

    كان ممن ارتد عن الإسلام في عهد أبي بكر رضي الله عنه لكنه رجع وأسلم بعد ذلك فيقول حين ارتدت العرب

    أطـعنا رسول الله إذ كان حاظراً ...... فـيا لـهفتي مـابالها وأبـو بـكرِ
    أيـورثها بـكراً إذا مـات بـعده ...... فـتلك وبـيت الله قاصمةُ الظهرِ

    كان كما قلنا كثير الهجاء بسبب نشأته التي نشأها محروما منبوذا فلهذا لم يسلم منه أحد

    فيقول في أمه

    تـنـحي فـاقعدي مـني بـعيداً ...... أراح الله مــنـك الـعـالـمينا
    ألـم أوضـح لـك البغضاءَ مني ...... ولـكـن لا أخـالُـكِ تـعـقلينا
    أغـربـالاً إذا اسـتُـدعت سـراً ...... وكـانـوناً عـلـى الـمتحدثينا
    جـزاكِ الله شـراً مـن عـجوز ...... ولـقَّـاك الـعقوق مـن الـبنينا
    حـياتكِ مـاعلمت حـياةُ سـوءٍ ...... ومـوتُـكِ قــد يـسرُّ الصالحينا

    ويقول في أباه

    لـحـاك الله ثــم لـحاك حـقاً ...... أبــاً ولـحـاك من عـمٍّ وخـالِ
    فـنعم الـشيخُ أنت لدى المخازي ...... وبـئس الشيخُ أنت لدى المعالي
    جـمعت الـلُّؤم لا حـياك ربـي ...... وأبــواب الـسـفاهةِ والـظلالِ

    وقال يهجو نفسه

    أبـت شـفتاي الـيوم إلا تـكلماً ...... بـسوءٍ فـما أدري لمن أنا قائله
    أرى لـي وجـهاً شوَّه الله خلقهُ ...... فـقُبِّح مـن وجـهٍ وقُبِّح حامله

    يعتبرالحطيئة رائد الشعر القصصي كما هو واضح في قصيدته قصة كريم حيث جاء بكل أركان القصة فيها فيقول

    وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل ...... ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما
    أخي جفوة فيه من الأنس وحشة ...... يرى البؤس فيها من شراسته نعمى
    وأفرد في شعب عجوزاً إزاءها ...... ثلاثة أشباح تخالهم بهما
    حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملّة ...... ولا عرفوا للخبز مذ خلقوا طعما

    وبعد هذه الإضاءة لبيئة القصة، وشخوصها تبدأ حبكة القصة وتأزم الحدث

    رأى شبحاً وسط الظلام فراعه ...... فلما بدا ضيفاً تسوّر واهتمّا

    ويأخذ التأزم في التطوروتشتد عقدة القصة حتى تصل منتهى الشد:

    فقال هيا رباه ضيف ولا قرى ...... بحقك لا تحرمه تالليلة اللحما
    فقال ابنه لما رآه بحيرة ...... أيا أبتي اذبحني ويسّر له طعما
    ولا تعتذر بالعدم عل الذي ترى ...... يظن لنا مالاً فيوسعنا ذما
    فروّى قليلاً ثم أحجم برهة ...... وإن هو لم يذبح فتاه فقد همّا

    ثم تأخذ الأزمة في الانفراج، ويبدأ حل العقدة

    فبيناهما عنت على البعد عانة ...... قد انتظمت من خلف مسحلها نظما
    عطاشاً تريد الماء فانساب نحوها ...... على أنه منها إلى دمها أظما
    فأمهلها حتى تروت عطاشها ...... فأرسل فيها من كنانته سهما
    فخرّت نحوص ذات جحش سمينة ...... قد اكتنزت لحماً وقد طبقت شحما

    وانحلت العقدة.. ثم تليها الإضاءة الأخيرة

    فيابشره إذ جرّها نحو قومه ...... ويابشرهم لما رأوا كلمها يدمى
    فباتوا كراماً قد قضوا حق ضيفهم ...... فلم يغرموا غرماً وقد غنموا غنما
    وبات أبوهم من بشاشته أباً ...... لضيفهم والأم من بشرها أما

    ويعتبر نقاد الأدب العربي القدماء، أن أبياته التالية في المدح مما لا يلحق له غبار

    يسوسون أحلاماً بعيداً أناتها ...... وإن غضبوا جاء الحفيظة والجدُّ
    أقلوا عليهم لا أباً لأبيكم ...... من اللوم أو سدّوا المكان الذي سدوا
    أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى ...... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
    وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها ...... وإن أنعموا لا كدّروها ولا كدّوا

    لما حضرت الحطيئة الوفاة اجتمع إليه قومه فقالوا يا أبا مليكة أوص فقال ويل للشعر من راوية السوء
    قالوا: أوص رحمك الله يا حطيء
    قال: من الذي يقول
    إذا انبض الرامون عنها ترنمت ...... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز
    قالوا: الشماخ
    قال: أبلغوا غطفان أنه أشعر العرب
    قالوا: ويحك أهذه وصية أوص بما ينفعك
    قال: أبلغوا أهل ضابئ أنه شاعر حيث يقول:
    لكل جديد لذة غير أنني ...... رأيت جديد الموت غير لذيذ
    قالوا: أوص ويحك بما ينفعك
    قال: أبلغوا أهل امرئ القيس أنه أشعر العرب
    حيث يقول:
    فيا لك من ليل كأن نجومه ...... بكل مغار الفتل شدت بيذبل
    قالوا: اتق الله ودع عنك هذا
    فقال: أبلغوا الأنصار أن صاحبهم أشعر العرب
    حيث يقول:
    يغشون حتى ما تهر كلابهم ...... لا يسألون عن السواد المقبل
    قالوا: هذا لا يغني عنك شيئاً فقل غير ما أنت فيه
    فقال:
    الشعر صعب وطويل سلمه
    إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
    زلت به إلى الحضيض قدمه
    يريد أن يعربه فيعجمه
    قالوا: هذا مثل الذي كنت فيه
    قال:
    قد كنت أحياناً شديد المعتمد
    وكنت ذا غرب على الخصم ألد
    فوردت نفسي وما كادت ترد
    قالوا: يا أبا مليكة ألك حاجة
    قال لا والله ولكن أجزع على المديح الجيد يمدح به من ليس له أهلا
    قالوا: فمن أشعر الناس
    فأومأ بيده إلى فيه وقال: هذا الحجير إذا طمع في خير (يعني فمه) واستعبر باكياً فقالوا له قل لا إله إلاّ الله فقال:
    قالت وفيها حيدة وذعر
    عوذ بربي منكم وحجر
    فقالوا: له ما تقول في عبيدك وإمائك
    فقال: هم عبيد قن ما عاقب الليل النهار
    قالوا: فأوص للفقراء بشيء
    قال أوصيهم بالالحاح في المسألة فإنها تجارة لا تبور
    قالوا: فما تقول في مالك
    قال: للأنثى من ولدي مثل حظ الذكر
    قالوا: ليس هكذا قضى الله جل وعز لهن
    قال: لكني هكذا قضيت
    قالوا: فما توصي لليتامى
    قال: كلوا أموالهم (و....) أمهاتهم
    قالوا فهل شيء تعهد فيه غير هذا
    قال: نعم تحملونني على أتان وتتركونني راكبها حتى أموت فإن الكريم لا يموت على فراشه والأتان مركب لم يمت عليه كريم قط فحملوه على أتان وجعلوا يذهبون به ويجيئون عليها حتى مات
    وهو يقول:
    لا أحد ألأم من حطيه
    هجا بنيه وهجا المريه
    من لؤمه مات على فريه

    والفرية: الأتان.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •