يبدو أن ضعف الإمكانات وتردي الخدمات.. (متلازمة) تشترك فيها جميع المرافق الصحية بمحافظة صامطة. بدءً من مستشفاها العام المتخصص بـ تكفين الأحياء..., وليس إنتهاءً بمركز الرعاية الأولية - القابع على مرمى حجر من المستشفى طيب الذكر - فواقع هذا المركز للأسف لا يتناسب مع أهميته... كونه يمثل نواة لـ 32 مركز رعاية أولية بالقطاع الجنوبي منبثقة منه, والمنتشرة بمراكز وقرى محافظة صامطة, التي تقدر مساحتها بحوالي 2000 كيلو متر مربع والمصنفة إدارياً من محافظات الفئة ( أ ) بالمملكة. فمبناه المستأجر الذي يشغله منذ ما يقارب 30 عاماً مضت, يشكو الإهمال وعدم الإهتمام طيلة تلك السنون, الأمر الذي جعله يبدو كهلاً رثاً يسوء الناظرين, إضافة لإفتقاره لأبسط الأجهزة الطبية الحديثة.. وإعتماده على أجهزة (شبه طبية) حظي بها أيام الطفرة الأولى. وبما أن القدر قد كتب علي زيارة هذا المركز قبل أيام لمعالجة إبني من عارض صحي ألم به مؤخراً.. فكانت تحدوني آمال كبيرة بأن ألمس أي تغير إيجابي بأدائه وبمستوى خدماته, كوني لم أزره منذ سنوات, وهو حال معظم سكان المحافظة... إلا أن تلك الآمال سرعان ما تبددت وتكسرت مجاديفها, وكان ذلك على بُعد خطوات قليلة من دخولي المركز, بسبب كتلة الهواء والرياح (الحارة) القادمة من مكيفات المركز والمُركبة بطريقة (.....) بمعنى الهواء البارد باتجاه المكاتب, والحار باتجاه صالة إنتظارالمراجعين والمدخل!. وبتلك الأجواء الحارة والصفيح الساخن المغطي لتلك الصالة والمدخل, أقترح على إدارة المركز إستثمار الموقع, بتحويله لـ حمام "ساونا" أو فقاسة بيض وبالتالي الإستفادة من إيراداته لتطوير المركز!. كما أن تأثير تلك الأجواء لم يقتصر على تبديد الآمال فحسب, بل ساهم أيضاً في إرتفاع درجة حرارة (سَعُّودي) لدرجة مخيفة!, مما اضطرني لحمله متجهاً بخطى متسارعة لقسم الأطفال بعد أخذي للملف الصحي الورقي, الذي لا يزال المركز يتعامل به!. بالرغم من تصريح صحة جازان قبل عام من الآن: بأنه قد تم تدشين خدمة الملف الصحي الإلكتروني, بمركز الرعاية الأولية بصامطة. وبعد وصولي لقسم الأطفال, إلتقيت بـ "آنسة مصونة" هناك, ضلت تتربص بي وتعترض طريقي, الأمر الذي حال دون علاج إبني بذلك القسم - هااااه لا يروح فكرك بعيد - أقصد بالآنسة/ البيروقراطية, تلك الآفة المتفشية بهذا المركز.., حيث أن التعليمات تقضي بعدم علاج أي طفل بقسم الأطفال ما لم يكن بصحبة إمه؟!. فنصحني أحد العاملين بالتوجه لقسم الرجال, فعملت بنصيحته.. وتفاجأت لحظة دخولي غرفة طبيب الرجال, أنه يخلو بنفس الآنسة, خلوة - غير شرعية - فقد طلب مني إحضار (وصفة) من الغرفة المجاورة. ولكنني لم أحصل عليها, لعدم وجود الموظف المختص, فرجعت إلى الطبيب, وهو لا يزال في خلوته.., وأخبرته بأن لا أحد من الموظفين بتلك الغرفة. فأمرني بالتوجه للمدير وإحضارها من عنده. فذهبت للمدير وحصلت على الوصفة - وهي عبارة عن ورقة صغيرة كتب فيها الأسم والعمر فقط! - عدت للطبيب للمرة الثالثة على التوالي!, ومثلت أمامه, محتضناً الملف وإبني الذي تضاعفت حالته بسبب "ماراثون" البيروقراطية.., وبعد أن شرحت له الحاله.., نظر الطبيب إلى ابني نظرة (عن بُعد) ثم أفادني: بأنه مصاب بالحصبة, وبإرتفاع بدرجة حرارته!, وأنه سيصف له دواء خافض للحرارة وآخر للحصبة, أقوم بشرائهما من إحدى الصيدليات!, لعدم توفرها بصيدلية المركز. اللافت أكثر هنا, هو عدم قيام الطبيب بأي من إجراءات الفحص السريري للحالة, كـ قياس درجة الحرارة مثلا, واكتفائه بتلك النظرة!. وأيضا عدم طلبه للملف الصحي, والذي أعدته بنفسي لغرفة الملفات!. علماً أن تسجيل الطبيب لتفاصيل زيارة أي مريض بملفه, أمر مهم وضرورة ملحة لإعتبارات كثيرة.. لا يتسع المجال لذكرها. وبعد أن أخذت الوصفة تاركاً الطبيب والآنسة.. ومكتسباً لياقة بدنية تؤهلني للمشاركة في الأولمبياد القادم, غادرت أنا وإبني المركز مودعين بمثل ما استقبلنا به من لفحات وبخيبة أمل, وبوصفة كَتَبْتُ عليها "يمدحون امريبه وامسدر يا ابني"