لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: موقفنا من المقابر

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدربه
    تاريخ التسجيل
    02 2008
    المشاركات
    3,500

    موقفنا من المقابر

    موقفنا من المقابر بقلم: فضيلة الشيخ: خالد بن عبد الله الشايع*

    إن المتأمل لهذه الحياة يجد أنها تسير بنظام وتدبير من المولى القدير، فاشتملت على الخير والشر، والحلو والمر، والفتنة والعصمة، والشهوة والعفة، ولكل طرق وأساليب، فما أوجد الله من فتنة للخلق إلا جعل لها عصمة، وما خلق الله من شهوة إلا وجعل لها عفة تقابلها، وجعل هذه الدار متقلبة لا تثبت لأهلها على حال ليتبين لهم حالها، وليجدوا منها واعظا عن الشر وداعيا للخير.
    إن حديثنا في هذا المقال سيكون عن أحد العواصم التي جعلها الله كالسياط تضرب في ظهور الخلق ليستقيموا على الحق، إنها المقابر، نعم دار الأموات، دار جعلها الله عبرة لكل معتبر، وحث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على زيارتها، وأودع الله فيها عبرة وعظة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
    القبر والمقبرة اسمان لهما وقع في قلوب الناس خصوصا من اتسم بالغفلة عن أمر الله وغرق في الدنيا، لأنه يعلم كما يعلم كل حي أن مصيره إلى تلك البقعة التي ليس بها أنيس من الخلق ولا داع من الأحياء، بل هي دار صمتها كلام، وسكونها حركة، ونورها ظلام، أعني في ظاهر الحياة، أما داخل القبور فحياة برزخية، فالقبور أشبه ما تكون ببوابات لدار البرزخ يلج من خلالها الموتى.
    إن المقابر مرت بمراحل بتعاقب الأجيال ففي الجاهلية لم تكن المقابر تعني لهم شيئاً سوى أنها مدفن للموتى لتمنع عنهم الروائح الكريهة والمناظر البشعة، لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث، ويقولون إن القبر هو المنزل الأخير لكل حي فلا يكترثون به، ولما جاء الإسلام أوضح للناس الحقيقة التي تكتنفها هذه المقابر، فبين أنها دار يسكن فيها الأموات، ينتقلون من خلالها لدار البرزخ، فيعذبون وينعمون، على قدر أعمالهم، ثم يوم القيامة يبعثون ويساقون لأرض المحشر ويقضى بينهم ويصيرون للجنة أو النار، فالقبر أول منازل الآخرة.
    إن هذه القبور ممتلئة ظلمة كما هي مظلمة في الخارج، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم"، ومن هذا الحديث نستفيد أن دعاء الأحياء خصوصا الصالحين، ينور على أهل القبور قبورهم، ومن هذا الحديث نعلم أن الأصل في زيارة المقابر الدعاء لأهلها، وأخذ العظة والعبرة من ذلك، وإن المسلم ليأسف كثيرا عندما يرى بعض الدول الإسلامية وقد انتشرت عندهم بدع كثيرة في مقابرهم وذلك كنداء الموتى والاستغاثة بهم وطلب الحوائج منهم، وتفريج الكربات، والتمسح بعتبات القبور، واعتقاد فضلها بل البعض جعلها كالكعبة يطوف بها، وأعظم من ذلك الذين يذبحون عندها، وينذرون لها، وغير تلك الصور التي يندى لها الجبين ويكون التوحيد عندها غريباً.
    إن السنّة في زيارة القبور أن يذهب الميت إما لقبر معين أو للمقبرة كلها، ويكون ذهابه لأخذ العبرة وتذكر الآخرة، والدعاء لأهل القبور فإنهم بحاجة ماسة لذلك فإذا دخل على المقبرة قال ماورد كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة قالت ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى قال قالت لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال مالك يا عائش حشيا رابية قالت قلت لا شيء قال لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير قالت قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي قلت نعم فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ثم قال أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله نعم قال فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم قالت قلت كيف أقول لهم يا رسول الله قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون.
    وكما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت.
    ومن هذا الحديث يتبين لنا أصل الزيارة، حيث إن أصلها تذكر الموت، ولهذا جاز زيارة قبر المشرك لأخذ العبرة والعظة.
    غير أن زيارة القبور خاصة بالرجال ولا يجوز للنساء زيارة المقابر لضعفها وللافتتان بها بل ورد الوعيد في ذلك كما أخرج أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وآله وسلم "لعن الله زوارات القبور" وعلى من زار قبراً معيناً أن يدعو له واقفاً، وإن جلس فلا بأس، ويستقبل القبلة أثناء دعائه.
    ومن أحكام المقابر أن القبور لها حرمة فلا يجوز الجلوس عليها ولا الصلاة إليها كما أخرج مسلم في مسنده من حديث أبي مرثد قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" كما لا يجوز تجصيصها ولا إسراجها، ولا رفعها عن الأرض أكثر من شبر، فلا يوضع على القبر تراب أكثر من ترابه الذي أخرج منه، ولا يبنى ولا يكتب عليه شيء، كما لا يجوز قضاء الحاجة بين القبور ولا المشي بالنعل بينها كما أخرج أبو داود في سننه من حديث بشير بن الخصاصية قال أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يمشي بين القبور وعليه سبتيتين "وهما ضرب من النعل" فقال له: "يا صاحب السبتيتين! ويحك! ألق سبتيتيك"
    وأخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر"
    لقد انتشر بين الناس هجران المقابر، فلا يكاد البعض من الناس أن يدخل المقابر إلا أن يموت أحد أقاربه فيضطر إلى الذهاب، والبعض من الناس تجده يذهب للمقابر لدفن قريب له، فتجد الأحاديث الجانبية، والضحكات التي تدل على الغفلة وعلى تبلد الإحساس بل ربما يتكلمون في البيع والشراء، وهذا خلاف الهدي النبوي وخلاف ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة ومن بعدهم حيث كان للمقابر نصيب في وقتهم بل كان بعضهم يمر المقابر يوميا، كيف لا وهي داره التي سينتقل لها قريباً، قال الثوري: عمرو بن قيس هو الذي أدبني علمني قراءة القرآن والفرائض وكنت أطلبه في سوقه فإن لم أجده ففي بيته إما يصلي أو يقرأ في المصحف كأنه يبادر أمرا يفوته فإن لم أجده وجدته في مسجد قاعدا يبكي أو أجده في المقبرة ينوح على نفسه.
    وهذا الحسن بن صالح كان إذا نظر إلى المقبرة يصرخ ويغشى عليه.
    وكان بقي بن مخلد يخرج في بقية النهار فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر فإذا غربت الشمس انصرف.
    إن من زار المقابر علم أنه سيموت ويدفن في ذلك الصدع بلا مال ولا ولد، إنه سيموت ويدفن، فكان له هذا دافعا للعمل والتجافي عن الدنيا، قال سعيد بن أبي عروبة: كان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله.
    وعن عطاء قال كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون.
    وقيل كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل إنك إن استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بغض إليك كل فان وحبب إليك كل باق والسلام. ومن شعره:
    من كان حين تصيب الشمس جبهته
    أو الغبار يخاف الشين والشعثا
    ويألف الظل كي تبقى بشاشته
    فسوف يسكن يوما راغماً جدثا
    في قعر مظلمة غبراء موحشة
    يطيل في قعرها تحت الثرى اللبثا
    تجهزي بجهاز تبلغين به يا
    نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا
    وكان عثمان بن عفان إذا جلس على القبر بكى بكاء شديدا حتى يرق له من حوله. ألا فلنأخذ العبرة من تلك الديار، فوالله إن فيها لعبرة لكل معتبر:
    ومشيد دارا ليسكن داره
    سكن القبور وداره لم تسكن

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية هادي

    المنتديات الإسلامية
    تاريخ التسجيل
    12 2005
    المشاركات
    5,810

    رد: موقفنا من المقابر

    ألا فلنأخذ العبرة من تلك الديار، فوالله إن فيها لعبرة لكل معتبر
    نعم " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد "
    جزاك الله خيرا أخي عبد ربه وبارك الله فيك


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية نونو البدوي
    تاريخ التسجيل
    12 2008
    المشاركات
    777

    رد: موقفنا من المقابر

    اخي الفاضل \ عبد ربه

    جزاك الله خير الجزاء على

    مانقلت وجعله نوراً يشع في

    صفحات اعمالك ......

    أسأل الله العلي القدير أن يجعل قبورنا

    وقبور والدينا وجميع المسلمين رياضاً من رياض الجنّة

    وألا يجعلها حفراً من حفر النار .... انه القادر على ذلك جل وعلى ...

    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدربه
    تاريخ التسجيل
    02 2008
    المشاركات
    3,500

    رد: موقفنا من المقابر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اليتيم 1 مشاهدة المشاركة
    ألا فلنأخذ العبرة من تلك الديار، فوالله إن فيها لعبرة لكل معتبر
    نعم " إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد "
    جزاك الله خيرا أخي عبد ربه وبارك الله فيك
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية عبدربه
    تاريخ التسجيل
    02 2008
    المشاركات
    3,500

    رد: موقفنا من المقابر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نونو البدوي مشاهدة المشاركة
    اخي الفاضل \ عبد ربه

    جزاك الله خير الجزاء على

    مانقلت وجعله نوراً يشع في

    صفحات اعمالك ......

    أسأل الله العلي القدير أن يجعل قبورنا

    وقبور والدينا وجميع المسلمين رياضاً من رياض الجنّة

    وألا يجعلها حفراً من حفر النار .... انه القادر على ذلك جل وعلى ...

    وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •