عودة العافية للجسد العربي كان العرب - شعوباً وقياداتٍ - على حق عندما استبشروا خيراً منذ أن زف إليهم خادم الحرمين الشريفين بشرى الإصرار على رأب الصدوعات العربية المؤسفة، إذ أطلق - حفظه الله - في كلمته التاريخية بالقمة الاقتصادية العربية الأولى بدولة الكويت، ملامح ربيع واعد، بعد مدة بَدَتْ دهراً طويلاً، من الخريف الكئيب والمثير للقلق والأسى.
وسرعان ما آتى نداء الخير المخلص الحكيم ثماره، وانعكست آثاره العاجلة إيجابياً على المواقع الأشد احتقاناً في فلسطين ولبنان.
وجاءت القمة المصغرة في ضيافة الملك عبد الله - أيده الله - وحضرها الرئيسان المصري والسوري وأمير دولة الكويت، لتضع حداً فاصلاً لفترة الآلام المحزنة والتي كانت وبالاً على الأمة وقضاياها الكبرى بصفة خاصة.
وليس في الاعتراف بمركزية الدور المؤثر لهذه البلدان أدنى انتقاص من أدوار سائر الدول الشقيقة، بل إن تلك الدول تلحّ على نقاء الأجواء بين الرياض والقاهرة ودمشق، لأنه بصورة ما، يعد ميزان حرارة دقيقاً يشخص الوضع العربي ومدى عافيته المرجوة من درجة اعتلاله التي لا تسر سوى الأعداء والشانئين.
وما من عربي مخلص، يمكنه تجاهل المحطات الفاصلة، التي كانت هذه العواصم خلالها قاطرة العمل العربي المشترك لما فيه خير الأمة جمعاء. ففي حرب رمضان1393هـ (أكتوبر1973م) تجلى الأثر الحاسم للتنسيق السعودي المصري السعودي السوري في إنجاز أول انتصار عربي عسكري وسياسي واقتصادي على الدولة العبرية المعتدية. في حين كان تردي العلاقات بين العواصم الثلاث قد أسهم في وقوع كارثة 1967م!!
إن هذه الحقائق الراسخة بناء على معطيات التاريخ ومحددات الجغرافيا السياسية، كانت حاضرة في عقل وفؤاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله عندما أطلق نداءه الكريم في الكويت ليبدأ الجسد العربي المثخن بالجراح والمرهق من التمزق ليبدأ رحلة طيبة نحو استعادة عافيته المأمولة بإذن الله عز َّوجلَّ.