لوحات من حزن وفرح رسمهاالأطفال في مؤتمرهم الإقليمي الثالث حول حماية الأطفال
كانت أياماً استثنائية تلك التي عاشتها مدينة الرياض على مدى 4 أيام، مطلع شهر ربيع الأول، والتي كانت بحق أياماً للطفولة والأطفال، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإشراف مباشر من صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، والتي ساهمت بجهد مضن في إنجاح المؤتمر العربي الإقليمي الثالث حول حماية الأطفال، والذي جاء تحت شعار "نعمل معاً من أجل طفولة آمنة".
هذا المؤتمر الذي تنبأ الكثيرون له أن يغيّر العديد من المفاهيم والأفكار والسياسات الخاصة بالطفل والطفولة في المنطقة، استضاف أعداداً كبيرة من الضيوف الذين قدموا إلى المملكة العربية السعودية من عدّة دول عربية وأجنبية، ومن منظمات عربية وعالمية، ليشاركوا ويشهدوا إحدى القفزات الإنسانية نحو طفولة آمنة في المنطقة.
نحو طفولة آمنة
شكّل المؤتمر الذي عقد في فندق الإنتركونتننتال بتنظيم من برنامج الأمان الأسري الوطني بالتعاون مع الشئون الصحية للحرس الوطني وجامعة الملك عبد العزيز للعلوم الصحية والمنظمة الدولية للوقاية من إساءة الطفل وإهمال الطفل، فرصة للقاء المسؤولين والمهنيين المعنيين بالوقاية والتصدي لمشكلات العنف ضد الأطفال، وإساءة معاملتهم واستغلالهم على مختلف الأصعدة الصحية والاجتماعية والأمنية والنفسية، الأمر الذي انعكس على حجم وأهمية المشاركين في المؤتمر الذين وصل عددهم إلى نحو 1000 مشارك، وحجم أوراق العمل التي قدّمت وضمّت أكثر من 70 متحداً بارزاً محلياً وعربياً وعالمياً، ناقشوا عدّة محاور مهمة وأساسية في قضايا حماية الأطفال في الدول العربية، منها حقوق الأطفال، وإساءة معاملة وإهمال الطفل في الدول العربية، وجمع البيانات المتعلقة بإساءة معاملة الأطفال، وإساءة معاملة وإهمال الطفل في السعودية، وإساءة معاملة وإهمال واستغلال الأطفال وغيرها من المحاور الأخرى. كما شهد المؤتمر العديد من ورشات العمل والدورات التدريبية المتخصصة، والدورات وحلقات النقاش التي أغنت المؤتمر، وقدّمت خلاصة العلوم والجهود العربية والدولية حول حماية الأطفال على الملأ. للإفادة منها على أكبر قدر ممكن.
كما لم يخلو المؤتمر من مشاركة الأطفال الذين رسموا لوحات من فرح بتشكيل لوحة لافتة عبر تقديم 6 أطفال لفقرات الحفل، كما شارك 117 طفلاً في أداء أوبريت غنائي مميز. فضلاً عن لوحات الطفولة البريئة في حفل الختام، بعد أن رسموا لوحات من الحزن والألم، والتي اشتكوا فيها من العنف الموجه ضدهم من بعض فئات المجتمع.
وبحسب القائمين على المؤتمر، فإن هذه الفعاليات المتكاملة التي شهدت أيضاً معرضاً لرسوم الأطفال وللجهات المهتمة بشؤون ورعاية الأطفال، أقيمت بهدف تحقيق رسالة مهمة وأساسية، وهي وضع إستراتيجية وطنية لحماية الطفل في الدول العربية، من خلال تطوير قواعد وخطط عمل المؤسسات العربية العاملة في مجال وقاية الطفل من الإساءة والإهمال. وكذلك بناء قدرات المهنيين العاملين مع الأطفال في الدول العربية.
كلمة خادم الحرمين الشريفين في حفل الافتتاح
وقد خاطب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الحضور في حفل الافتتاح، قائلاً: "إن المملكة العربية السعودية تولى اهتماماً كبيراًَ بكافة البرامج والأنظمة والمشاريع التي تعنى برعاية الطفل التي تؤكدها تعاليم ديننا الحنيف"، وقال الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمة بمناسبة الافتتاح ألقاها نيابة عنه وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة: "إن رعاية الطفل تمليها علينا القيم الراسخة لهذا الوطن وأبنائه الكرام"
وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى أن المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل وأعطت برامج حماية ورعاية الطفل أهمية قصوى، حيث أنشأت البرامج لتطوير موهبة الطفل وحمايته وتطوير قدراته ورعاية صحته.
وقال الملك عبد الله "لقد ركزت خطط التنمية على هذه البرامج وخصصت الميزانيات المناسبة لها، وكم يؤلمنا ويؤلمكم ما يلقاه الطفل العربي من معاناة وأذى من بعض فئات المجتمع مما يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي والأخلاق العربية النبيلة"
ونوه خادم الحرمين الشريفين إلى أن المملكة تعلم أن هذه التجاوزات تؤدي إلى أخطار جسيمة على مستقبل الأمة، وتفقدها مقومات الاستثمار في أجيال النمو والتطوير والبناء، مضيفاً "ونحن على يقين أن هذا المؤتمر سوف يناقش الهموم والمخاطر ونتطلع معكم للخروج بنتائج وتوصيات تعود بالفائدة والنفع على الأمة العربية والإسلامية.
وأشاد خادم الحرمين الشريفين بهذا الخصوص ببرنامج الأمان الأسري والبرامج الأخرى التي تخدم هموم الطفولة في وطننا الغالي والأمة العربية الإسلامية والعالم كافة.
من كلمات الحفل
من جهتها، قالت الدكتورة مها المنيف المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري في كملة ألقتها نيابة عن رئيس برنامج الأمان الأسري الوطني الأميرة صيتة بنت عبد العزيز أن انعقاد المؤتمر الإقليمي العربي الثالث لحماية الطفل يُعد رعاية أبوية غامرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وهو في الوقت ذاته أمل إنساني ولد في وجدان مجموعة من المواطنات السعوديات في شتى المجالات الطبية والنفسية والاجتماعية والأكاديمية، ونحن نعمل لتحقيق الأمل فتحول الضوء لذلك الأمل لنهاية النفق بمؤتمر حماية الطفل.
وأكدت المنيف أن عمر برنامج الأمان الأسري ثلاثة أعوام، وأبرزت المنيف طرق التصدي للعنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال بالتوعية والتوجيه وتعزيز الشراكة والتضامن على المستوى الرسمي والأهلي وإيجاد البرامج والحلول الهادفة لتخفيف المعاناة ورعاية المتضررين، واستطردت قائلة: حماية الطفل أصبحت أولوية وطنية في العديد من الدول العربية بما يحمل صانعي القرار من قيادات وخبراء ومهنيين إضافة لكونها مسئولية الشراكة لوضع إستراتيجية وطنية تعنى بحماية الطفل من خلال الحشد العربي في مؤتمر اليوم.
إلى ذلك أكد المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني ورئيس اللجنة الإشرافية للمؤتمر الدكتور بندر القناوي أن هذا المؤتمر امتداد لدعم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للطفولة، حيث رعى البرنامج ودعمه منذ بداياته، كما رعى بالإضافة إلى أطفال المملكة العديد من أطفال العالم، وما تبنيه لعمليات فصل التوائم السيامية والتي أجريت لأطفال من ثلاث عشرة دولة إلا تأكيد لإنسانيته ورعايته الشاملة لأطفال العالم، وأضاف الدكتور القناوي إن من اهتمامات قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز رعاية وحماية الأسرة، وما الموافقة السامية على إنشاء برنامج الأمان الأسري الوطني الذي نص في قرار إنشاءه بأن يكون داعماً لإرساء أسس مجتمع واع وآمن تكون الأسرة أساسه ومحوره إلا جزء من هذا الاهتمام كما أن إنشاء البرنامج ارتكز في رسالته على تعاليم الدين الإسلامي مستفيداً من العلوم والتنظيمات العالمية بما يحقق الهدف الذي وضع من أجله.
دورات تدريبية وجلسات خاصة للشباب
قلما يتاح للشباب السعودي فرصة المشاركة في مؤتمرات دولية كبرى كمثل هذا المؤتمر، ولكن القائمين عليه أصروا على مشاركتهم، وجاءت هذه المشاركة عبر عدّة نماذج، أهمها جلسة الشباب التي ناقشت "العقاب الجسدي: وسيلة للتأديب أم للإيذاء"، حاور خلالها عدّة متحدثون منهم، الشيخ محمد الدحيم في المحور الشرعي، والدكتور يوسف الجبر في المحور القانوني.، وفي المحور التربوي الدكتورة هند خليفة، وفي المحور النفسي الدكتورة سهام الصويغ.
وقد شاركهم في النقاش مجموعة من الشباب لعرض وجهة نظرهم حول الموضوع.
ودارت الندوة حول:
1- تحديد مفهوم العقاب الجسدي وحدود ممارسته.
2- جدوى استخدام العقاب الجسدي في تأديب الأطفال.
3- الآثار النفسية التي يخلفها العقاب الجسدي على الطفل.
4- بدائل العقاب الجسدي التربوية.
محاولة الوصول إلى هدف إشراك الأطفال بإبداء وجهة نظرهم في أحد المواضيع التي تعنيهم بصورة أساسية، والخروج بتوصية مشتركة من قبل المشاركين في المؤتمر بخصوص العقاب الجسدي.
كما تضمن المؤتمر عدّة دورات متخصصة، من بينها دورة "المقابلة الجنائية للضحايا والمعنفين في حالات إساءة معاملة وإهمال الأطفال"، والتي قدّمها كل من المدرب القاضي محمد الطراونة (القاضي بمحكمة الاستئناف بالعاصمة الأردنية)، والرائد فخري القطارنة (من إدارة حماية الأسرة في الأمن العام الأردني). واستهدفت الدورة العاملين في الأجهزة المعنية بالعدالة الجنائية، ودارت حول أساليب وفنيات التحقيق مع ضحايا العنف والمعنفين، والأساليب الحديثة في التعامل مع والأطفال ضحايا العنف، والمقابلة التحقيقية مع الجاني.
وخلال الدورة، قام المدربون باستعراض حالتين دراسيتين تدريبيتين على المشاركين حالة تمثِّل عنفاً جنسياً ويستعرض مع المشاركين آليات التدخل وكيف يتم التعامل مع كل حالة.
كما شهد المؤتمر دورة أخرى حول "آلية إعداد التقارير الدولية المتعلقة بحقوق الطفل"، قدّمها المدرب الأستاذ غسان رباح (الخبير في إعداد التقارير المتعلقة بحقوق الطفل). واستهدفت الدورة المهنيون من جهات متعددة تتولى إعداد التقارير ومتابعة تنفيذها ومن ضمنها وزارات الشؤون الاجتماعية، الصحة، الداخلية، وزارة التربية والتعليم، مصلحة الإحصاءات العامة، هيئة حقوق الإنسان، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أجند، اللجنة الوطنية للطفولة.
وتنبع أهمية هذه الدورة من أن المواد الختامية للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة عام 1989م نصت على وجوب تقديم الدول الأطراف لتقاريرها حول حالة الطفولة لديها وذلك في خلال مدة سنتين من تاريخ الانضمام إلى الاتفاقية وإبرامها، وكل خمس سنوات لاحقاً لتشرح مدى التطور الذي أصاب حقوق الطفل لدى الدولة الطرف بما يسمى بالتقرير الوطني الدوري. ويكون للتقارير المذكورة صفة رسمية ملزمة للدولة، حيث تستعرض جميع الحقوق المفترض تقديمها للطفل من النواحي المادية والمعنوية. وتكمن تلك الأهمية في أنها تعتبر بديلاً لما يمكن تسميته بزيارة اللجنة الدولية لأراضي تلك الدولة، وكذلك مناقشة الأعضاء الذين يمثلون الدولة المعنية كوفد رسمي حول مضمون التقرير.
من بين المحاضرات الهامة التي نوقشت في المؤتمر، قضية "استخدام العقاب البدني ضد الأطفال في المملكة العربية السعودية"، والتي قدّم فيها المشاركون مفاهيم وخبرات للوالدين والشباب، شارك فيها الدكتور نشمي بن حسين العنزي (أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض)، والذي قال: إن ظاهرة العنف ضد الأطفال تعتبر ظاهرة عالمية، كما يعتبر استخدام العقاب البدني مع الأطفال أحد أنواع العنف الموجه ضد الأطفال. ولكن هناك عدد قليل من الدراسات الاجتماعية التي تتناول قضية العنف ضد الأطفال في المملكة العربية السعودية. لذلك تعتبر هذه الدراسة هي محاولة لدراسة ظاهرة استخدام الوالدين العقاب البدني مع أطفالهم في المملكة العربية السعودية.
وقد تمّ تطبيق الدراسة في مدينة الرياض، حيث ضمت 530 شخص منهم (285) أب وأم و (245) يمثلون فئة الشباب من سكان مدينة الرياض. قام الباحث بتصميم استبيانين لغرض جمع البيانات لهذه الدراسة، أحدها لوالدين والآخر للشباب، وتم استخدام البرنامج الإحصائي spss لتحليل البيانات، وقد تناولت الاستبيانات قضية استخدام العقاب البدني مع الأطفال من وجهة نظر الوالدين والأبناء وخاصة ما يتعلق بمدى انتشار استخدام العقاب البدني، أنواعه، أسبابه، والكيفية التي يمكن معالجة الظاهرة بها.
وجدت الدراسة أن استخدام العقاب البدني مع الأطفال شائع بين أفراد العينة، حيث وجد أن الأطفال الذكور أكثر عرضة للعقاب البدني من الإناث، وكذلك الأطفال صغار السن أكثر من الأطفال كبار السن. كما تناولت النتائج العلاقة بين بعض المتغيرات الشخصية للوالدين وقضية العقاب البدني مثل الجنس، السن، المستوى التعليمي، الحالة الوظيفية، وكانت العلاقة دالة إحصائياً لبعض المتغيرات. كما وجدت الدراسة أن الآباء أو الأمهات الذين تعرضوا للعقاب البدني في مرحلة الطفولة يستخدمون نفس الطريقة مع أطفالهم أكثر من الوالدين الذين لم يتعرضوا للعقاب البدني في نفس المرحلة العمرية. وأظهرت النتائج كذلك أن غالبية العينة يؤيدون استخدام الوالدين للعقاب البدني مع الأطفال ولكن تبيَّن أن غالبية الآباء والأمهات لا يؤيدون إيجاد قانون يمنع استخدام العقاب البدني مع الأطفال.
علاقة المشاكل النفسية بالعنف ضد الأطفال
إحدى الفوائد المهمة والعديدة التي قدّمها المؤتمر للمشاركين، تلك الفقرات التي أكدت على ارتباط العديد من الأمراض النفسية في المجتمع، بالعنف الموجه ضد الأطفال في الصغر، من بينها الدراسة التي تقدّمت بها الدكتورة سعاد عبدالله البشر (من مكتب الإنماء الاجتماعي بديوان رئيس مجلس الوزراء بدولة الكويت)، والتي ناقشت "التعرض للإساءة في الطفولة وعلاقته بالقلق والاكتئاب واضطراب الشخصية في الرشد"
تقول الدكتورة سعاد: "مرحلة الطفولة مرحلة مهمة تحتاج إلى الرعاية والحماية وإلى حقوق خاصة توفر للطفل لكي ينمو ويحقق كل متطلبات النمو السوي، وعندما يشعر الطفل بوجود الأمن والحماية يصبح مستعداً لمواجهة تحديات النمو، وتتوثق علاقاته بأسرته وأصدقائه وجيرانه مما يشعره بالسعادة ويسهم كل ذلك في بقية مراحل حياته بشكل إيجابي. ولكن ماذا يحدث لو حل الخطر والأذى محل الأمن في حياة الطفل، وما الذي سيشعر به الطفل عندما ينشأ في جو مليء بالمشاحنات والخطر ويتعرض لأصناف التعذيب والإهمال مما يؤثر على احتياجاته الإنسانية.
تهدف الدراسة التي قامت بها للكشف عن:
1- العلاقة بين التعرض للإساءة في الطفولة والمشكلات النفسية كالقلق والاكتئاب التي قد يتعرض لها الفرد مستقبلاً.
2- العلاقة بين التعرض للإساءة في الطفولة واضطرابات الشخصية في الرشد.
3- مدى إسهام التعرض للإساءة في الطفولة في التنبؤ بظهور بعض الاضطرابات النفسية.
وقد أظهرت الدراسة عدّة نتائج، منها:
1- وجود ارتباط موجب بين التعرض للإساءة في الطفولة وكل من القلق والاكتئاب واضطراب الشخصية الحدية.
2- عدم وجود فوارق دالة بين الذكور والإناث على متغيرات الدراسة.
3- يعتبر التعرض للإساءة في الطفولة منبئاً لحدوث مشكلات نفسية في الرشد كالقلق والاكتئاب واضطرابات الشخصية.
كذلك قدّم الدكتور محمود أبو رحاب استشاري العلاج النفسي بمستشفى الهدا للقوات المسلحة في الطائف) دراسة بعنوان "الآثار قصيرة وطويلة المدى للإيذاء الجنسي في الطفلة: من منظور علم النفس"
قال فيها: "لاقت مشكلة الإيذاء الجنسي للأطفال في العقدين الأخيرين الاهتمام الشديد من جانب المشتغلين بمجال الصحة النفسية في العالم الغربي ولهذا أصبحت التأثيرات الناجمة عن الإيذاء الجنسي للأطفال محور اهتمام مقدمي خدمة الصحة النفسية. أما في المجتمعات العربية فقد زاد الوعي بهذه المشكلة منذ أعوام قلائل فقط، وأصبحت موضوعاً جديداً للبحث العلمي"
ويضيف الدكتور أبو رحاب القول: "تحاول هذه الورقة مناقشة التأثيرات قصيرة وبعيدة المدى الناتجة عن خبرة الإيذاء الجنسي في الطفولة. ونعرض في هذا السياق العوامل الأكثر تأثيراً في شدة الأعراض المرضية الناجمة عن خبرات الإيذاء، ومرات تكراره، واستخدام المعتدي للعنف مع الطفل، وكذلك علاقة المعتدي بالطفل وأخيراً تأثير وجود دعم الأم.
لقد وجدت العديد من الدراسات دليلاً كافياً على أن الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء الجنسي ويعانون من أعراض مرضية أكثر من غيرهم من الأطفال الذين لم يمروا بمثل هذه الخبرات. ومن أكثر الأعراض وضوحاً نجد المخاوف وأعراض عصاب ما بعد الصدمة والمشاكل السلوكية وكذلك ظهور السلوكيات الجنسية وانخفاض تقدير الذات.
إضافة إلى ما سبق فقد وجدت الدراسات أيضاً أن تعرض الطفل للإيذاء الجنسي من المحارم يتفرد بتأثيراته السلبية الحادة على الذات وعلى مستوى الإعاقة الاجتماعية والشعور بالأمان والثقة في إقامة علاقات حميمة"
وحول "مراكز حماية الطفل من القطاع الصحي بالمملكة العربية السعودية"، قدّم الدكتور ماجد العيسى استشاري طب الأطفال والطوارئ وأستاذ طب الأطفال المساعد بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، والمدير الطبي لبرنامج الأمان الأسري الوطني) دراسته التي قال فيها: استناداً إلى قرار مجلس الخدمات الصحية بالمملكة العربية السعودية العام 2008م القاضي بتأسيس مراكز لحماية الطفل بالمستشفيات الكبرى بالمملكة تم تأسيس 35 مركزاً لحماية الطفل بمختلف مناطق المملكة الإدارية الثلاث عشرة، وفي مختلف المنشآت الصحية والعامة والتخصصية والعسكرية والجامعية.
تعمل هذه المراكز وفق آلية التعامل مع حالات إساءة معاملة الطفل المقدمة من برنامج الأمان الأسري الوطني والمعتمدة من قبل المجلس، حيث يوجد بكل مركز فريق متعدد التخصصات (أطباء، ممرضون، أخصائيون اجتماعيون ونفسيون) يتولى توفير خدمات التدخل والتأهيل للأطفال ضحايا إساءة المعاملة. كما يتولى تسجيل الحالات المرصودة في سجل وطني شامل أنشئ لهذا الغرض.
مضيفاً بالقول: تتعاون المراكز مع لجان الحماية الاجتماعية بالمناطق والتي تسهم بدورها في توفير الخدمات المطلوبة عبر ممثليها من الجهات الصحية والأمنية والاجتماعية.
وفي المستقبل نطمح لأن تساهم مراكز حماية الطفل في القطاع الصحي مع باقي مؤسسات المجتمع في برنامج التوعية الهادفة للحد من ممارسات الإساءة للأطفال في المجتمع السعودي.