محمود سامي البارودي

نبذة تعريفية عن الشاعر:

ولد محمود سامي البارودي في حي باب الخلق بالقاهرة .
- بعد أن أتم دراسته الإبتدائية عام 1851 إلتحق بالمرحلة التجهيزية من
" المدرسة الحربية المفروزة " وانتظم فيها يدرس فنون الحرب ،
وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر .
- تخرج في " المدرسة المفروزة "
ولم يستطع إستكمال دراسته العليا ، والتحق بالجيش السلطاني .
- عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وذهب إلى الأستانة عام
1857 وأعانته إجادته للغة التركية ومعرفته اللغة الفارسية على الإلتحاق
" بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية "
وظل هناك نحو سبع سنوات (1857-1863 ) .
- بعد عودته إلى مصر في فبراير عام 1863 عينه الخديوي إسماعيل " معيناً "
لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والآستانة .
- ضاق البارودي بروتين العمل الديواني ونزعت نفسه إلى تحقيق آماله
في حياة الفروسية والجهاد ، فنجح في يوليو عام 1863 في الإنتقال إلى الجيش حيث
عمل برتبة " البكباشي " العسكرية وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي
وعين قائداً لكتيبتين من فرسانه ، وأثبت كفاءة عالية في عمله .
- تجلت مواهبه الشعرية في سن مبكرة بعد أن استوعب التراث العربي
وقرأ روائع الشعر العربي والفارسي والتركي ، فكان ذلك من عوامل
التجديد في شعره الأصيل .
- اشترك الفارس الشاعر في إخماد ثورة جزيرة كريد عام
1865 واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أثبت فيهما شجاعة عالية وبطولة نادرة .
- كان أحد أبطال ثورة عام 1881 الشهيرة ضد الخديوي توفيق
بالاشتراك مع أحمد عرابي ، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في فبراير عام 1882 .
- بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الإحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في ديسمبر عام 1882 إلى جزيرة سرنديب .
ظل في المنفى أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه ، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه .
- بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فتقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج ، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر عام 1899 وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد " أنشودة العودة " التي قال في مستهلها :
أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ
- توفي البارودي في 12 ديسمبر عام 1904 بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل إستقلال مصر وحريتها وعزتها .
- يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً ، ولقب بإسم " فارس السيف والقلم " .
</b></i>




أعد يا دهر

*********



أَعِـدْ يَـا دَهْـرُ أَيَّـامَ الشَّـبَابِ

وَأَيْـنَ مِنَ الصِّـبَا دَرْكُ الطِّـلابِ

زَمَـانٌ كُلَّمـا لاحَـتْ بِفِكْـرِي

مَخَايِلُهُ بَكَيْـتُ لِفَـرْطِ مـا بِـي

مَضَى عَنِّي وَغَـادَرَ بِـي وَلُوعـاً

تَوَلَّـدَ مِنْـهُ حُـزْنِـي وَاكْتِئَابِـي

وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْـبِ نَفْسِـي

وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَـتْ عَذَابِـي

أَصُدُّ عَنِ النَّعِيـمِ صُـدُودَ عَجْـزٍ

وَأُظْهِـرُ سَلْـوَةً وَالْقَلْـبُ صَابِـي

وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْـرٌ مِـنْ حَيَـاةٍ

يَكُـونُ قِـوَامُهـا رَوْحَ الشَّـبَابِ

فَـيَـا للهِ كَـمْ لِـي مِـنْ لَيَـالٍ

بِـهِ سَـلَـفَـتْ وَأَيَّـامٍ عِـذَابِ

إِذِ النَّـعْـمَـاءُ وَارِفَـةٌ عَلَيْـنَـا

وَمَرْعَى اللَّهْـوِ مُخْضَـرُّ الْجَنَـابِ

نَطِيـرُ مَـعَ السُّـرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَـا

بِأَجْنِحَـةِ الْخَلاعَـةِ وَالتَّصَـابِـي

فَـغُـدْوَتُنَـا وَرَوْحَتُنَـا سَـوَاءٌ

لعَـابٌ فِي لعَـابٍ فِـي لعَـابِ

وَرُبَّـتَ رَوْضَـةٍ مِلْـنـا إِلَيْـهَا

وَقَرْنُ الشَّمْـسِ تِبْـرِيُّ الإِهَـابِ

نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَـتْ فَكَانَـتْ

عَلَى السَّاحـاتِ أَمْثَـالَ الْقِبـابِ

فَزَهْـرُ غُصُونِهَـا طَلْـقُ الْمُحَـيَّا

وَجَدْوَلُ مائِهـا عَـذْبُ الرُّضـابِ

كَـأَنَّ غُصُونَهـا غِيـدٌ تَهَـادَى

مِنَ الزَّهْـرِ الْمُنَمَّـقِ فِـي ثِيَـابِ

سَقَتْهَا السُّحْـبُ رَيِّقَـها فَمَالَـتْ

كَمَا مَالَ النَّزِيـفُ مِـنَ الشَّـرَابِ

فَسَبَّـحَ طَيْرُهـا شُكْـراً وَأَثْنَـتْ

بِأَلْسِنَةِ النَّبـاتِ عَلَـى السَّحَـابِ

وَيَـوْمٍ ناعِـمِ الطَّـرَفَيْـنِ نَـادٍ

عَلِيـلِ الْجَـوِّ هَلْهَـالِ الرَّبَـابِ

سَبَقْتُ بِهِ الشُّـرُوقَ إِلَى التَّصَابِـي

بُكُـوراً قَبْـلَ تَنْعـابِ الغُـرابِ

وسُقْتُ مَعَ الْغُـواةِ كُمَيْـتَ لَهْـوٍ

جَمُوحاً لا تَلِيـنُ عَلَـى الْجِـذَابِ

إِذَا أَلْجَمْـتَـها بِالْـمَـاءِ قَـرَّتْ

وَدَارَ بِجِيـدِهـا لَبَـبُ الْحَبـابِ

مُـوَرَّدَةً إِذَا اتَّـقَـدَتْ بِـكَـفٍّ

جَلَتْـها لِلأَشِعَّـةِ فِـي خِضَـابِ

هُوَ العَصْـرُ الَّـذِي دَارَتْ عَلَيْنَـا

بِـهِ اللَّـذَّاتُ واضِعَـةَ النِّقَـابِ

نُجَـاهِـرُ بِالْغَـرَامِ وَلا نُبَـالِـي

وَنَنْطِـقُ بِالصَـوابِ وَلا نُحَابِـي

فَيَا لَكَ مِنْ زَمـانٍ عِشْـتُ فِيـهِ

نَدِيمَ الـرَّاحِ وَالْهيـفِ الكِعـابِ

إِذَا ذَكَـرَتْـهُ نَفْسِـي أَبْصَـرَتْـهُ

كَأَنِّي مِنْـهُ أَنْظُـرُ فِـي كِتـابِ

تَحَـوَّلَ ظِلُّـهُ عَـنِّـي وَأَذْكَـى

بِقَلْبِـي لَوْعَـةً مِثـلَ الشِّهَـابِ

كَـذَاكَ الدَّهْـرُ مَـلاَّقٌ خَلُـوبٌ

يَغُـرُّ أَخَـا الطَّمَاعَـةِ بِالْكِـذَابِ

فَلا تَرْكَـنْ إِلَيْـهِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ

تَـرَاهُ بِـهِ يَـؤُولُ إِلَـى ذَهـابِ

وَعِشْ فَرْداً فَمَا فِي النَّـاسِ خِـلٌّ

يَسُـرُّكَ فِـي بِعَـادٍ وَاقْـتِـرَابِ

حَلَبْـتُ الـدَّهْـرَ أَشْطُـرَهُ مَلِيَّـاً

وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِـنْ أَرْيٍ وَصـابِ

فَمَا أَبْصَـرْتُ فِي الإِخْـوَانِ نَدْبَـاً

يَجِـلُّ عَـنِ الْمَلامَـةِ وَالْعِتَـابِ

وَلَكِـنَّـا نُعَـاشِـرُ مَـنْ لَقِينَـا

عَلَى حُكْـمِ الْمُـرُوءَةِ وَالتَغَابِـي


</b></i>




أفتانة العينين

*******



أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْنِ كُفِّي عَنِ الْقَلْبِ

وَصُونِي حِمَاهُ فَهُوَ مَنْزِلَةُ الْحُبِّ

ولا تُسْلِمِي عَيْنَيَّ للسُّهْدِ والْبُكَا

فَإِنَّهُمَا مَجْرَى هَواكِ إِلَى قَلْبِي

وَإِنِّي لَراضٍ مِنْ هَواكِ بِنَظْرَةٍ

وَحَسْبِي بِها إِنْ أَنْتِ لَمْ تَبْخَلِي حَسْبِي

إِذا كَانَ ذَنْبِي أَنَّ قَلْبِي مُعَلَّقٌ

بِحُبِّكِ يَا لَيْلَى فَلا تَغْفِرِي ذَنْبِي
</b></i>





في رثاء أمه

*********


هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما

فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما

وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه

منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما

وَ أيُّ نعيمٍ في حياة ٍ وراءها

مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجْمٍ لأَظْلَمَا

إذا كانَ عقبى كلَّ حيًّ منية ٌ

فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ، وَمَنْ سَمَا

وَ منْ عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة ٌ

وَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا

يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة ً

فإنْ نالها أنحى لأخرى ، وصمما

طماعة ُ نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً

منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما

أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ

وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَة ِ لانْتَمَى

فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا، وَبَادُوا؟ أَلَمْ نَكُنْ

نحلُّ كما حلوا ، وَ نرحلُ مثلما ؟

مَضَوْا، وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ

تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا

سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ

أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟

تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي

يميلُ عليهِ مائلاً وَ مقوا

ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ ، وَ لمْ يكنْ

رآهْ ، فيا للهِ ! كيفَ تهكما ؟

وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة

جزافاً ، وَ منْ يبكي لعهدٍ تجرما

لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ

وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما

وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها

كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا

تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي

غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما

وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى

وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا

وَ كانتْ لعيني قرة ً ، وَ لمهجتي

سروراً ، فخابَ الطرفُ وَ القلبُ منهما

فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ

لقطعتُ نفسي لهفة ً وَ تندما

فيا خبراً شفَّ الفؤادَ ؛ فأوشكتْ

سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ ، فتسجما

إِلَيْكَ؛ فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمنَّعاً

وَ فللتَ صمصاماً ، وَ ذللتَ ضيغما

أشادَ بهِ الناعي ، وَ كنتُ محارباً

فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما

وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا

لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا

وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي

عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما

فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى

وَعَادَ كِلاَ الْجَيْشَيْنِ يَرْتَادُ مَجْثِمَا

صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً، وَمَدَامِعِي

على َ الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما

فَيَا أُمَّتَا؛ زَالَ الْعَزَاءُ، وَأَقْبَلَتْ

مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا

وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً

فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا

وَ كيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ

منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما ؟

تألمتُ فقدانَ الأحبة ِ جازعاً

وَ منْ شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما

وَ قدْ كنتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة ً

فكيفَ وَ قدْ أصبحتِ في التربِ أعظما ؟

بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَة ٍ


وَ منْ صحبَ الأيامَ دهراً تهدما

إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ

منَ العيش وَ النقصانُ آفة ُ من نما

فيا ليتنا كنا تراباً ، وَ لمْ نكنْ

خلقنا ، وَ لمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما

أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا

وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا؟

أَصَابَ لَدَيْنَا غِرَّة ً؛ فَأَصَابَنَا

وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة ً؛ فَتَحَكَّمَا

وَ كيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ

وَ قدْ أهلكَ الحيينِ : عاداً ، وَ جرهما

هوَ الأزلمُ الخداعُ ، يحفرُ إنْ رعى

وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى ، وَيُصْمِي إِذَا رَمَى

فَكَمْ خَانَ عَهْداً، واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً

وَ أخلفَ وعداً ، وَ استحلَّ محرما

فإنْ تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها

عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟

وَ إني لأدري أنَّ عاقبة َ الأسى

ـ وإِنْ طَالَ ـ لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا

وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة ً

عَلَيْهَا، وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا

وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة ٍ

ألفتُ هواها : ناشئاً ، وَ محكما

وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً

بِدَمْعٍ، وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَة ً فَمَا

فيا ربة َ القبرِ الكريمِ بما حوى

وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا

وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة َ رَاحِلٍ

تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا؟

سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامة ٍ

منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة َ اللمى

وَ لاَ زالَ ريحانُ التحية ِ ناضراً

عليكِ ، وَ هفافُ الرضا متنسما

لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي

أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما

فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ

وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا

عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ

إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا

"
</b></i>