مثل الأرنبِ وملك الفِيَلة
قالَ الغرابُ: زَعَموا أنَّ أرضًا من أراضي الفِيَلَةِ تَتابَعَتْ عليها السِّنون وأجدَبَتْ وقَلَّ ماؤُها وغارَتْ عُيونُها وذَوي نَبتُها ويَبِسَ شجرُها. فأصابَ الفِيَلَةَ عَطَشٌ شديدٌ. فشَكَونَ ذلك إلي مِلكِهِنَّ فأرسَلَ الملِكُ رُسُلَهُ ورُوادَهُ في طَلَبِ الماءِ في كلِّ ناحيةٍ. فَرَجَعَ إليه بعضُ الرُّسُلِ فقالَ له: إني قد وَجَدتُ بمكانِ كذا عَينًا يُقالُ لها عَينُ القَمَرِ كثيرَةُ الماءِ. فَتَوجَّهَ ملِكُ الفِيَلَةِ بأصحابِهِ إلي تلك العَينِ ليَشرَبَ منها هو وفِيَلَتُهُ. وكانتِ العَينُ في أرضٍ للأرانِبِ فَوَطِئنَ الأرانِبَ في أجحارِهنَّ فأهلَكنَ منهُنَّ كثيرًا. فاجتَمَعَتِ الأرانِبُ إلي مِلكِها فقلنَ له: قد عَلِمتَ ما أصابَنا مِنَ الفِيلَةِ. فقالَ: ليُحْضِرْ منكُنَّ كلُّ ذي رأيٍ رأيَهُ.
فَتَقَدَّمَتْ أرنَبٌ مِنَ الأرانِبِ يُقالُ لها فَيروزُ، وكانَ الملِكُ يَعرِفُها بحُسنِ الرأيِ والأدَبِ. فقالت: إن رأي الملِكُ أن يَبعَثَني إلي الفِيَلَةِ ويُرسِلَ معي أمينًا ليَسمَعَ ويَرَي ما أقولُ ويَرفَعَهُ إلي الملِكِ.
فقالَ لها الملِكُ: أنتِ أمينَةٌ ونَرضي بقَولِكِ فانطَلِقي إلي الفِيَلَةِ وبَلِّغي عنّي ما تُريدينَ. واعلَمي أنَّ الرَّسولَ برأيِهِ وعَقلِهِ ولِينِهِ وفَضلِهِ يُخبِرُ عن عَقلِ المُرسِلِ. فعليكِ باللِّينِ والرِّفقِ والحِلمِ والتَّأَنّي. فإنَّ الرَّسولَ هو الذي يُلَيِّنُ الصُّدورَ إذا رَفَقَ ويُخَشِّنُ الصُّدورَ إذا خَرِقَ .
ثم إنَّ الأرنَبَ انطَلَقَتْ في ليلَةٍ قَمراءَ حتي انتَهَتْ إلي الفِيَلَةِ. وكَرِهَتْ أن تَدنُوَ منهنَّ مَخافَةَ أن يَطَأنَها بأرجُلِهِنَّ فيَقتُلَنَّها وإن كُنَّ غيرَ مُتَعَمِّداتٍ فأشرَفَتْ علي الجَبَلِ ونادَت ملِكَ الفِيَلَةِ وقالت له: إنَّ القَمَرَ أرسَلَني إليك والرَّسولُ غيرُ مَلومٍ فيما يُبَلَّغُ وإن أغلَظَ في القَولِ.
قالَ ملِكُ الفِيَلَةِ: فما الرِّسالَةُ? قالت: يَقولُ لكَ أنَّه مَن عَرَفَ فَضلَ قُوَّتِهِ علي الضُّعَفاءِ فَاغتَرَّ في ذَلِكَ بالأقوِيَاء قِياسًا لَهُمْ عَلَي الضُّعَفَاءِكانت قُوَّتُهُ وَبالاً عليه. وأنتَ قد عَرَفتَ فَضلَ قُوَّتِكَ علي الدَّوابِ فغَرَّكَ ذلك فعَمَدتَ إلي العَينِ التي تُسمَّي باسمي فشَرِبتَ منها ورَنَّقتَها فأرسَلَني إليك فأُنذِرُكَ أن لا تَعودَ إلي مِثلِ ذلك. وأنَّه إن فَعَلتَ يُغَشِّي علي بَصَرِكَ ويُتلِفُ نفسَكَ. وإن كنتَ في شَكٍّ من رِسالَتي فهَلُمَّ إلي العَينِ من ساعَتِكَ فإنَّه مُوافيكَ بها.
فعَجِبَ مَلِكُ الفِيَلَةِ من قَولِ الأرنَبِ فانطَلَقَ إلي العَينِ معَ فَيروزَ الرَّسولِ. فلمَّا نَظَرَ إليها رأي ضَوءَ القَمَرِ فيها فقالت له فَيروزُ الرَّسولُ: خُذْ بخُرطومِكَ مِنَ الماءِ فاغسِلْ به وَجهَكَ واسجُدْ للقَمَرِ. فأدخَلَ الفيلُ خُرطومَهُ في الماءِ فَتَحَرَّكَ فخُيِّلَ إلي الفيلِ أنَّ القَمَرَ ارتَعَدَ. فقالَ: ما شأنُ القَمَرِ ارتَعَدَ? أتَرَينَهُ غَضِبَ من إدخالي خُرطومي في الماءِ? قالت فَيروزُ الأرنَبُ: نعم. فسَجَدَ الفيلُ للقَمَرِ مرَّةً أخري وتابَ إليه ممَّا صَنَعَ وشَرَطَ أن لا يَعودَ إلي مِثلِ ذلك هو ولا أحدٌ من فِيَلَتِهِ.
قالَ الغرابُ: ومعَ ما ذَكَرتُ من أمرِ البومِ فإنَّ فيها الخِبَّ والمَكَر والخَديعَةَ، وشَرُّ الملوكِ المُخادِعُ.
وإنَّما ضَرَبتُ لك هذا المَثَلَ لما أرجو أن نُصيبَ من حاجَتِنا بالرِّفقِ والحِيلَةِ. وإني أُريدُ مِنَ الملِكِ أن يَنقُرَني علي رؤوسِ الأشهادِ ويَنتِفَ ريشي وذَنَبي ثم يَطرَحَني في أصلِ هذه الشجرةِ ويَرتَحِلَ الملِكُ وجنودُهُ إلي مكانِ كذا. فإني أرجو أني أصبِرُ وأطَّلِعُ علي أحوالِهِمْ ومَواضِعِ تَحصينِهِمْ وأبوابِهِمْ فأُخادِعُهُمْ وآتي إليكم لنَهجُمَ عليهم ونَنالَ منهم غَرَضَنا إن شاءَ اللهُ تَعالي.
قالَ الملِكُ: أتَطِيبُ نفسُكَ لذلك? قالَ: نعم، وكيف لا تَطيبُ نفسي لذلك وفيه أعظَمُ الرَّاحاتِ للملِكِ وجنودِهِ!. ففَعَلَ الملِكُ بالغرابِ ما ذَكَرَ ثم ارتَحَلَ عنه.
فلمَّا جَنَّ الليلُ أقبَلَ ملِكُ البومِ وجُندُهُ ليوقِعَ بالغِربانِ، فلم يَجِدهُمْ، وهَمَّ بالانصرافِ. فجَعَلَ الغرابُ يَئِنُّ ويَهْمِسُ حتي سَمِعَتهُ البومُ ورأينَهُ يَئِنُّ فأخبَرنَ ملِكَهُنَّ بذلك. فقَصَدَ نحوه ليسألَهُ عنِ الغِربانِ. فلمَّا دَنا منه أمَرَ بومًا أن يسألَهُ فقالَ له: مَن أنتَ وأينَ الغِربانُ? فقالَ: أمَّا اسمي ففلانٌ. وأمَّا ما سألتَني عنه فإني أحسَبُكَ تَرَي أنَّ حالي حالُ مَن لا يَعلَمُ الأسرارَ. فقيلَ لملِكِ البومِ: هذا وَزيرُ ملِكِ الغِربانِ وصاحِبُ رأيِهِ فنسألُهُ بأيِّ ذَنبٍ صُنِعَ به ما صُنِعَ. فسُئِلَ الغرابُ عن أمرِهِ فقال: إنَّ مَلِكَنا استَشارَ جماعَتَنا فِيكُنَّ، وكُنتُ يَومَئِذٍ بمَحضَرٍ مِنَ الأمرِ، فقالَ: أيُّها الغِربانُ ما تَرَونَ في ذلك? فقلتُ: أيُّها الملِكُ لا طاقَةَ لنا بقِتالِ البومِ لأنَّهُنَّ أشَدُّ بَطشًا وأحَدُّ قَلبًا منَّا. ولكن أري أن نَلتَمِسَ الصُّلحَ ثم نَبذُلَ الفِديَةَ في ذلك فإن قَبِلَتِ البومُ ذلك منَّا وإلاَّ هَرَبنا في البلادِ. وإذا كانَ القِتالُ بيننا وبين البومِ كانَ خيرًا لهنَّ وشَرًّا لنا. فالصُّلحُ أفضَلُ مِنَ الخُصومَةِ. وأمَرتُهُنَّ بالرجوعِ عنِ الحرب وضَرَبتُ لهنَّ الأمثالَ في ذلك وقلتُ لهنَّ إنَّ العَدُوَّ الشَّديدَ لا يَرُدُّ بأسَهُ مثلُ الخُضوعِ له. ألا تَرَينَ إلي الحَشيشِ كيف يَسلَمُ من عاصِفِ الرِّيحِ للينِهِ ومَيلِهِ معها حيثُ مالَتْ والشَّجَرُ العاتي يُكسَرُ بها ويُحطَمُ?
فعَصَينَني في ذلك وزَعَمنَ أنَّهُنَّ يُرِدنَ القِتالَ واتَّهَمَنني فيما قلتُ وقلنَ: إنَّك قد مَالأْتَ البومَ علينا. ورَدَدنَ قَولي ونَصيحَتي وعَذَّبْنَني بهذا العذابِ وتَرَكَني الملِكُ وجُنودُهُ وارتَحَلَ ولا عِلمَ لي بهنَّ بعد ذلك.
فلمَّا سَمِعَ ملِكُ البومِ مقالَةَ الغرابِ قالَ لبعضِ وُزَرائِهِ: ما تَقولُ في الغرابِ وما تَرَي فيه? قالَ: ما أري إلاَّ المُعاجَلَةَ له بالقَتلِ فإنَّ هذا أفضَلُ عُدَدِ الغِربانِ، وفي قَتلِهِ لنا راحَةٌ من مَكرِهِ، وفَقدُهُ علي الغِربانِ شديدٌ. فإذا قُتِلَ ثُلَّ مُلكُهُم وتَقَوَّضَ وما أراهُ إلاَّ فَتحًا قد أرْسَلَهُ اللهُ إليك. ويُقالُ: مَن ظَفِرَ بالسَّاعَةِ التي فيها يَنجَحُ العَمَلُ ثم لا يعَاجِلُهُ بالذي يَنبَغي له فليسَ بحكيمٍ، فإنَّ الأمورَ مَرهونَةٌ بأوقاتِها. ومَن طلَبَ الأمرَ الجَسيمَ فأمكَنَهُ ذلك فأغفَلَهُ فاتَهُ الأمرُ. وهو خَليقٌ أن لا تَعودَ الفرصَةُ ثانيةً. ومَن وَجَدَ عَدُوَّهُ ضَعيفًا ولم يُنجِزْ قَتلَهُ نَدِمَ إذا استَقوي ولم يَقدِرْ عليه.
قالَ الملِكُ لوَزيرٍ آخَرَ: ما تَرَي أنتَ في هذا الغرابِ? قالَ: أري أن لا تَقتُلَهُ لأنَّه قد لَقِيَ من أصحابِهِ ما تَراهُ فهو خَليقٌ أن يكونَ دَليلاً لكَ علي عَوراتِهِمْ ومُعينًا لكَ علي ما فيه هَلاكُهُمْ. وإنَّ العَدُوَّ الذَّليلَ الذي لا ناصِرَ له أهلٌ لأن يُؤَمَّنَ ولا سِيَّمَا المُستَجيرِ الخائِفِ. والعَدُوُّ إذا صَدَرَت منه المَنفَعَةُ ولو كانَ غيرَ مُتَعَمِّدٍ لها أهلٌ لأن يُصفَحَ عنه بسببِها.
قالَ ملِكُ البومِ لوَزيرٍ من وُزَرائِهِ: ما تَقولُ في أمرِ الغرابِ? قال: أري أن تَستَبقِيَهُ وتُحسِنَ إليه فإنَّه خَليقٌ أن يَنصَحَكَ. والعاقِلُ يَرَي مُعاداةَ بعضِ أعدائِهِ بعضًا ظَفَرًا حَسَنًا. ويَرَي اشتِغالَ بعضِ أعدائِهِ ببعضٍ خَلاصًا لنفسِهِ منهم ونَجاةً.
فقالَ الوزيرْ الأوَّلُ الذي أشارَ بقَتلِ الغرابِ: أظُنُّ أنَّ الغرابَ قد خَدَعَكُنَّ ووَقَعَ كلامُهُ في نفسِ الغَبيِّ منكُنَّ مَوقِعَهُ فتُرِدنَ أن تَضَعْنَ الرأيَ غيرَ مَوضِعِه. فمهلاً مهلاً أيُّها الملِكُ عن هذا الرأيِ ولا تَكونَنَّ لِما تَسمَعُ أشَدَّ تَصديقًا منك لِما تَرَي.
فلم يَلتَفِتِ الملِكُ إلي قَولِهِ وأمَرَ بالغرابِ أن يُحمَلَ إلي منازِلِ البومِ ويُكرَمَ ويُستَوصي به خيرًا.
ثم إنَّ الغرابَ قالَ للملِكِ يومًا وعندَهُ جماعَةٌ مِنَ البومِ وفيهِنَّ الوَزيرُ الذي أشارَ بقَتلِهِ: أيُّها الملِكُ قد عَلِمتَ ما جَري عليَّ مِنَ الغِربانِ وإنَّه لا يَستَريحُ قلبي دونَ الأخذِ بثأري منهُنَّ. وإني قد نَظَرتُ في ذلك فإذا بي لا أقدِرُ علي ما رُمتُ لأني غرابٌ. وقد رُوِيَ عنِ العلماءِ أنَّهم قالوا: مَن طابَت نفسُهُ بأن يُحرِقَها فقد قَرَّبَ للهِ أعظَمَ القربانِ لا يَدعو عند ذلك بدَعوَةٍ إلاَّ استُجيبَ له. فإن رأي الملِكُ أن يأمُرَني فأُحرِقَ نفسي وأدعُوَ رَبّي أن يُحَوِّلَني بومًا فأكونَ أشَدَّ عَداوَةً للغِربانِ وأقوي بأسًا عليهِنَّ لعلّي أنتَقِمُ منهُنَّ.
فقالَ الوَزيرُ الذي أشارَ بقَتلِهِ: ما أشبَهَكَ في خيرِ ما تُظهِرُ وشَرِّ ما تُضمِرُ بالخَمرَةِ الطَّيبةِ الطَّعمِ والرّيحِ المُنقَعِ فيها السُّمُّ. أرأيتَ لو أحرَقنا جِسمَكَ بالنارِ أنَّ جَوهَرَكَ وطَبعَكَ مُتَغَيِّرٌ? أوَلَيسَت أخلاقُكَ تَدورُ معكَ حيث دُرتَ وتَصيرُ بعد ذلك إلي أصلِكَ وطينَتِكَ?
فلم يَلتَفِتْ ملكُ البومِ إلي ذلك القَولِ ورَفَقَ بالغرابِ ولم يَزدَدْ له إلاَّ إكرامًا. حتي إذا طابَ عَيشُهُ ونَبَتَ ريشُهُ واطَّلَعَ علي ما أرادَ أن يَطَّلِعَ عليه راغَ رَوغَةً فأتي أصحابَهُ بما رأي وسَمِعَ، فقالَ للملِكِ: إني قد فَرغتُ ممَّا كنتُ أُريدُ ولم يَبقَ إلاَّ أن تَسمَعَ وتُطيعَ.. قالَ له: أنا والجُندُ تحت أمرِكَ فاحتَكِمْ كيف شِئتَ.
قالَ الغرابُ: إنَّ البومَ بمكانِ كذا في جَبَلٍ كثيرِ الحَطَبِ. وفي ذلك المَوضِعِ قَطيعٌ مِنَ الغَنَمِ معَ رجلٍ راعٍ ونحن مُصيبونَ هناكَ نارًا ونُلقيها في أثقابِ البومِ ونَقذِفُ عليها من يابِسِ الحَطَبِ ونَتَرَوَّحُ عليها ضَربًا بأجنِحَتِنا حتي تَضطَرِمَ النارُ في الحَطَبِ فمَن خَرَجَ منهُنَّ احتَرَقَ ومَن لم يَخرُجْ ماتَ بالدُّخانِ مَوضِعَهُ.
ففَعَلَ الغِربانُ ذلك فأهلَكنَ البومَ قاطِبَةً ورَجَعنَ إلي منازِلِهِنَّ سالِماتٍ آمِناتٍ.
ثم إنَّ ملِكَ الغِربانِ قالَ لذلك الغرابِ: كيف صَبَرتَ علي صُحبَةِ البومِ ولا صَبرَ للأخيارِ علي صُحبَةِ الأشرارِ? قالَ الغرابُ: إنَّ ما قُلتَهُ أيُّها الملِكُ لكذلك. فإنَّه يُقالُ: لَذعُ النارِ أيسَرُ علي المَرءِ من صُحبَةِ الأشرارِ والإقامَةِ مَعَهُمْ. ولكنَّ العاقِلَ إذا أتاهُ الأمرُ الفَظيعُ العَظيمُ الذي يَخافُ من عَدَمِ تَحَمُلِهِ الجائِحَةَ علي نفسِهِ وقَومِهِ لم يَجزَعْ من شِدَّةِ الصَّبرِ عليه لِمَا يَرجو من أن يُعقِبَهُ صَبرُهُ حُسنَ العاقِبَةِ وكثيرَ الخيرِ، فلم يَجِدْ لذلك ألَمًا ولم تَكرَهْ نفسُهُ الخُضوعَ لمَن هو دونَهُ حتي يَبلُغَ حاجَتَهُ فيَغتَبِطَ بخاتِمَةِ أمرِهِ وعاقِبَةِ صَبرِهِ.
قالَ الملِكُ: لقد احتَمَلتَ مَشَقَّةً شديدةً في تَصَنّعِكَ للبومِ وتَضَرُّعِكَ إليهِنَّ. قالَ الغرابُ: إنَّه مَنِ احتَمَلَ مَشَقَّةً يَرجو نَفعَها ونَحَّي عن نفسِهِ الأنَفَةَ والحَمِيَّةَ ووَطَّنَها علي الصَّبرِ حَمِدَ غِبَّ رأيِهِ. وإنَّه يُقالُ: لو أنَّ رجلاً حَمَلَ عَدُوَّهُ علي عُنُقِهِ وهو يَرجو هلاكَهُ وراحتَهُ منه لكانَ ذلك عندَهُ خَفيفًا هَيِّنًا كما صَبَرَ الأسوَدُ علي حَملِ ملِكِ الضَّفادِعِ علي ظَهرِهِ وشَبعَ بذلك وعاشَ. قالَ الملِكُ: وكيفَ كانَ ذلكَ?