لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: في هذه اللحظة

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مشعل صامطة
    تاريخ التسجيل
    09 2008
    المشاركات
    926

    في هذه اللحظة

    في هذه اللحظة
    مولدات كهرباء، تنتظر تكة الساعة من منتصف الظهيرة كل يوم؛ لتعلن انقطاعها فجأة. ومسؤول يعد بأن لا تنقطع لمدة طويلة، إذ كيف يمكن لنا أن نرى وجهه الوسيم في المؤتمر الصحفي عصرا لو استمر انقطاع الكهرباء بقية اليوم.
    * * *
    طوابير طويلة، تحدق بشآبيب المياه هنا؛ لتعلن عطش البيوت، قيض الصيف، بكاء الطفولة، ندرة استحمام في مدينة تستحم كل يوم بالعرقِ لا المياه. وأخ كبير يحتار ما يختار، مذاكرة دروس الجامعة لاختبار الغد، أم انتظار الطابور الطويل حد الصباح لتغتسل الطفولة في بيته من أحزانها.
    * * *
    طريق سريع، أسرع من عمر هذا الشاب. حبيبة لهفى تقول لأمه: لم يرد علي من ساعتين. أمه تقول لها: ومن أنت حتى يرد عليك. مسؤول المرور يحيله لمسؤول الإسعاف، مسؤول الإسعاف يحيله لمستشفى المواساة، مستشفى المواساة يحيله لملك الموت. في زمن يقتله بطء الروتينية، لا شيء يمكنه أن يتقبل كلمة «سريع» سوى هذا الطريق، وإلى الموت.
    * * *
    أب يراجع صديقين وثلاثة أول النهار؛ ليقترض سلفة تكفي لسد إجار شهرينِ أو ثلاثة، لا يؤمل عيشا أطول. وبنوه من نفس الليلة يدبرون سلفة تكفي لنقلِ نعشه لمقبرة تواريه شهرينِ أو ثلاثة. في هذه المدينة، كل شيء مزدحم، حتى المقابر تطرد ساكنيها بعد انقضاء فترة الضيافة.
    * * *
    عشرينية، تلتحف عباءتها قبل مطلع الفجر، تسابق الشمس كي تشرق هي في فناء المدرسة أولا. ذلك اليوم سهوا لم تودع أمها، ولم تقبل كفي أبيها. ينعس سائقها المسن، يتربص بها الطريق/ الثعبان، وفي منعطف بعيد عن عيني أبيها، وأعين الطالبات اللواتي ينتظرن.. يشرق ملك الموت بغتة، بدلا منها ومن الشمس. قدر العشرينية هذه، أن تسجلها صحيفة ما، معلمة نائية تنتظر التثبيت. في الغد تنشر نفس الصحيفة «تثبيتها» في قائمة وفيات طريق الوطن.
    * * *
    مراهقة تثرثر على شبكة اتصال، تعجب بقدرتها على الثرثرة، تطمح أكثر، تحكي إعجابها لتاجر كتب سمين، يعجب بها أكثر، يطعم نصها بكثير من رؤى ومفردات تنقص «مراهقتها». يدسونها بين غلافين، وتبيع أول طبعة، وثانيها، وثالثها، وتفكر بثرثرة أخرى، وتاجر أشد سمنة.
    * * *
    حي سكني، تطل أم من نافذة. هذه السيارة التاسعة تدخل مرآب هذا البيت، لعلها آخر سيارة. تخرج أمام نفس البوابة، تفتش زبالتهم. حتى الآن تود أن لو طرقت الباب عليهم: أخرجوا زبالتكم، إنا ها هنا جائعون. كان من حظها السعيد تلك الليلة، أن ضيوف الجار الصالح لم يأكلوا كثيرا. لذا ترفا؛ حرمت بنتها الكبرى من تفاحة شبه مكتملة وجدتها على رأس النفاية/العشاء.
    * * *
    مؤلف ينهك عمره ليؤصل حرمة سفر الفتاة دون الأربعين، لوحدها في طائرة لا تقل سوى 360 شخصا. وآخر ينفق أكثر من عمره، ليدلل على بطلانِ فتوى سفر الأربعينية لوحدها في طائرة تقل ذاك العدد، كون الأربعينية لا تسمى عرفا فتاة.
    * * *
    أب هرم، يحمل فتاته المريضة ليلا. يرفضونه في أقرب مستشفى. يحيلونه على آخر. يذهب للثالث، يفاجئه إغماؤها ألما في وسط الطريق. يذهب بنقوده لأقرب مستشفيات العملة، يقول للطبيب الأجنبي: هذه بنت الوطن، يرد عليه: انتظر ثلاثة أعوام إذا. يخرج من جيبه نقودا، ومن خلف الستار، يخرجون سريرين، له واحد، ولجثة الفتاة بنت الوطنِ آخر، بانتظار شهادة إثبات الوفاة.


  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية حـــذيفــة
    تاريخ التسجيل
    06 2008
    المشاركات
    6,188

    رد: في هذه اللحظة


    سيحاسب كل مسؤول , يوم القيامة .

    الكل دجّال وغشاش , إلا من رحم ربّي .

    شكراً لك أخي مشعل صامطة .


    يا حلوَتي ما كان بُعدٌ بيننا إلا رأيتــُكِ صابرة
    مالــي أرى بمسائنا هــذا عيونــكِ حائــرة ؟
    لابدُّ أنـّكِ قد علمتِ بقصتي,
    لا تقلقي لا تقلقي
    إني أعود,
    كفي البكاءَ ..
    عزيزتي لندنيتا
    ..

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية زين الحمدي
    تاريخ التسجيل
    05 2009
    المشاركات
    38

    رد: في هذه اللحظة

    والله الموضوع متميز بارك الله فيكنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •