السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك سقف أعلى للتطور الرياضي لا يمكن للبشر أن يتجاوزوه، إن سلمنا بهذه الحقيقة فعلينا الإيمان بأن كرة القدم قاب قوسين أو أدنى من درجة غليانها، أي قمة مستوياتها، أي نهاية رحلة الابتكار المهارات الفردية والخطط الجماعية وبشكل أدق: توقف الإبداع عند حد معين.
ما تعرف بكرة الصفوة هي المتضرر من هذه الحقيقة، فالمنتخبات العالمية العريقة كالبرازيل والأرجنتين وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا وفرنسا وأسبانيا سيكون دورها القادم انتظار وصول البقية إلى أن تعلن كرة القدم مرحلة (ما بعد الحداثة) الكروية التي تتساوى فيها قدرات منتخب كالصين مع منتخب كالأرجنتين، وسيكون الفوز للأفضل تكتيكاً خلال مباراة واحدة، والأفضل إعداداً خلال دورة ما والأفضل استغلالاً للفرص أمام المرمى.
كأس القارات هذه الأيام دليل ملموس على تقارب المستويات إلى حد بعيد بين الصفوة ومادونها، فأن تتخلف مصر بثلاثة أهداف من الجزائر في تصفيات كأس العالم لتعود بعد ذلك بأسبوع وتشاطر البرازيل المستوى وتهزم بكل صعوبة في الدقيقة الأخيرة ثم تواصل تألقها وتفوز بكل جدارة في المباراة التالية على بطل العالم الإيطالي إلى أن تقصى على يد (هبان أسود) آخر حين يطيح المنتخب الأمريكي بأبطال أفريقيا ثم أبطال أوروبا الأسبان بنتائج ثقيلة في ذات الوقت الذي يتنفس فيه البرازيليون الصعداء من نجاتهم بأعجوبة من (الأولاد) فماذا يعني ذلك؟
يعني أن ما يعرف بالفارق الفني بات ضئيلاً جداً إن تساوت المهارات الأساسية في كرة القدم وهو ما تملكه غالبية منتخبات العالم، ويعني كذلك أن اللياقة البدنية العالية ـ التي لا تعرف منتخباً كبيراً أو صغيراً ـ هي صاحبة الكلمة العليا في النهاية وهي التي ستعوض أي فارق فني طفيف إن وجد.
ويعني أن كرة القدم باتت بلا طابع (جمالي) يفرق بين منتخب أوروبي ولاتيني وكرة أفريقية وآسيوية، فالتطور أثمر في النهاية عن طابع متقارب إن وضعنا في الاعتبار نظرية (انتقاء الأفضل) وأن هدف الجميع هو الوصول لهذا الأفضل.
أخيراً يعني أن هذا القرن الكوري هو قرن انحسار مفهوم الموهبة الفطرية التي ظننا طويلاً أنها العنصر الذي مكن البرازيل من تزعم كرة القدم، لأن أمريكا قادمة، واليابان في الطريق، وعندما تصل الكرة إلى سقف تطورها سيكسب الاقتصاد الجيد.
وشكرا