لهفة:
ما يزعجني يا لهفة هو أن الوصول إلى ردّك الرائع، يتطلب مني أن أمرّ بردود كثيرة لا ترقى إلى عشر معشار ردك، فشكرا لك لأنك تعيدين للموضوع التوازن..
تقولين:
إذن العيب في عقول البعض، في فهم البعض، لا في ثقافتنا
وارتباطها الوثيق بالدين الإسلامي.
وانا اتفق معك جملة وتفصيلا هنا، ورددت هذا الكلام حتى بحّ صوتي في هذا الموضوع، وأنا أقول مشكلتنا ليست في الدين، مشكلتنا في الذين عجزوا عن فهم الدين.
ولأن هذه العقول بدأت تفرز لنا ثقافة بناء على فهمها القاصر، أصبحت ثقافتنا "الواقعية" بعيدة عن ثقافتنا "الأصلية"، فكان لا بد من المراجعة حتى نعود إلى الأصل، ونتحرر من خطأ وخطل الواقع..
يعتقد البعض أن الأمر يتعلّق بالدين من حيث أنه مجموعة نصوص وتعاليم وقيم فحسب،
وقصُر فهمهم عن أنه أساسٌ وكيانٌ متكامل يغطي أدق التفاصيل اقتصادًا، وسياسةً، وأخلاقا.
وهذا انبعاج واضح، أدّى إلى ضمور الأجزاء الأخرى من جوانب الحياة، وقصر الدين على شعائر معينة....
كما يعتقد بعض آخر من الناس أن الثقافة الإسلامية تختص بالدول المسلمة فقط !!
في حين أن الدين الإسلامي يمثل ـ في مستوى أول ـ ثقافة كاملة لأمة و حضارة العالم بأسره.
وهذا انبعاج آخر، أدّى الى الابتعاد عن الثقافات الأخرى، والتفاعل معها بواقعية، واختيار المناسب منها ورفض الغير مناسب، بل أدّى إلى وصم كل الثقافات الأخرى بالشرّ المحض، وهذا غير واقعي أبدا...
السبب الأول: اتفق معك تماما، ولذلك نحن بحاجة جادة إلى المراجعة بجرأة وتجرد،
الانبعاج الحاصل ماهو إلا نتاج سببين رئيسين:
أولهما / أن البعض لم يفهم الإسلام جيّدًا، ترتَّب على ذلك التطبيق الخطأ !
وثانيهما/ الثقافة الدخيلة غير الإسلامية التي أدت إلى تضخُّم الفكر، وتهالك الوعي.
السبب الثاني: ربما سببه السبب الأول، وهذا بسبب أننا لم نحسن التعامل مع الثقافة الدخيلة، فلم "نفلترها" أو نفرزها بعناية، فالبعض يطالب برفضها كلية "وهذا انبعاج"، والبعض يريدها بالكليّة، وهذا "انبعاج" على طرف آخر...
ممتن كثيرا كثيرا لمجيئك
وشكرا لك أن أعدت دفة الموضوع إلى حوار مفيد....


