التشكيلي الذي عشق الواقع وصوره برؤى سريالية مغايرة
الفنان خليل.. غاب عن الساحة التشكيلية وظلت أعماله حلماً آسراً
الرياض: علي مرزوق
كان يعتقد جازماً بأن الفن التشكيلي ما هو إلا نقل للواقع بكل ما فيه من تفاصيل دقيقة، وعندما بلغ الحادية عشرة من عمره وجد على غلاف إحدى المجلات لوحة "المنتزه" للفنان التأثيري كلود مونيه، ولم يكن يعلم في حينها عن التأثيرية شيئاً، ولا من هو كلود مونيه (التشكيلي الفرنسي)، ولكنه فتن بطريقته رسم اللوحة، وكيف استطاع الفنان مضاهاة الواقع بهذه الصورة الغريبة. إنه التشكيلي خليل حسن خليل الذي ولد في جازان عام 1958م، والتحق بالمدرسة الابتدائية عام 1390، ثم التحق بإحدى المدارس المتوسطة وحمل معه اهتماماته السابقة.
في عام 1393 التحق خليل بمعهد التربية الفنية بالرياض، وبعد سنتين من التحاقه بالمعهد اعتمد الأسلوب "التأثيري/ الانطباعي" مع الحفاظ على موضوعاته الواقعية. وبعد تخرجه من المعهد عام 1396 عين مدرساً للتربية الفنية في إحدى المدارس المتوسطة بمدينة جازان، ثم واصل دراسته في الكلية المتوسطة، وتحصل بعدها على دبلوم التربية الفنية، ثم واصل تجاربه متأثراً بالفنان الهولندي الأصلي بت موندريان بصفة خاصة، وبأسلوب "التجريدية/ الهندسية" بصفة عامة، غير أنه لم يستمر في هذه المرحة سوى عام واحد.
ولأنه يعشق الواقع عاد إليه مرة أخرى، ولكن بصورة مغايرة إذ أصبحت نصوصه البصرية مرتبطة بالواقع المعيش، بيد أن هذه النصوص نجدها قد وضعت بتنظيمات وأشكال تختلف عما هي عليه في الواقع، تماماً كما يفعل السرياليون وبخاصة سلفادور دالي. واستمعوا له وهو يقول: في هذه المرحلة حاولت أن أربط بين واقع الشكل المرئي بكل كيانه المحسوس، وبين المعنى الذي يثيره لدى الإنسان ومقدار انفعاله به، كما يحدث في الأحلام، فتأتي بصورة تبدو غير منطقية إذا ما قورنت بواقع اليقظة، ولكن لهذه الصورة الجديدة منطقها الخاص الذي تستقل به عن منطق الواقع. هذه الأحلام تستثمر رؤية ونسيجاً فاعليتين رئيسيتين كما يقول ـ محمد أديب السلاوي ـ فاعلية العين التي تفتت الأشياء من الخارج، وفاعلية الذاكرة التي تلتقط مادتها عبر النماذج الجاهزة، وهو على استفاداته وأثر الأعمال السريالية على نتاجه كان يبدو متفوقاً بأدواته على خطابه وكان الأمر يتعلق بمراهنة على إبراز خاصيته السريالية ولو بعنف وتعسف على خاصية مضمونها.
وعن ألوان خليل يقول الأديب عمر طاهر زيلع: لقد أعفيت نفسي تماماً من التعرف على الأبعاد اللونية في أعماله وهذا لا يعني أني فقدت الشعور بدفء الألوان رغم بعدها عن طابعها الدلالي واكتسابها دلالات أخرى "انفعالية" تسهم في ربط الباطنة العامة للأشياء المتناقضة، فاللون الأحمر عنده ليس عدوانياً على الدوام، ولا الأزرق منطوياً أو رقيقاً، وليس بالضرورة أن يكون الأفق ناصعاً أو قاتماً ولا السواد حزنا دائماً. بينما يقول التشكيلي الكويتي عبدالرسول سلمان عن المضامين الإنسانية في أعماله إنها تعطينا بعداً تعبيرياً عن إحساسه المرهف، وتفاعله مع هذه المضامين بأسلوب سريالي يتميز بصفاء اللون ورقته، وتعكس حس الفنان وإبداعاته.
أما التشكيلي والكاتب عبدالرحمن السليمان فيقول عن أعماله المبكرة: إنها أبدت تأثره بحساسية الدادائيين وهو يبني علاقات إنسانية بالآلة، ثم نظرته للكون والمحيط، لتتواصل هذه الرؤى والخيالات المنبعثة من قلقه وبحثه وهو يطرح مواضيع تمس الجانب الاجتماعي. وبدا خليل متأثراً في نتاجات تلك المرحلة ببعض الإنجازات السريالية ضمن ذات الصياغات، إلا أن أعماله سعت للاستقلال في تحقيق شخصيته الفنية سواء في اختياراته لمواضيعه أو من خلال حلوله وصياغاته الفنية.
ويقول مدير جمعية الثقافة والفنون بأبها أحمد عسيري عن الفنان خليل: إن هذا الفنان يسحبنا إلى العمق بشدة، فعندما تدخل عالمه الفني يجب أن تعلم أن لوحاته غير مستأنسة، وغير ساذجة، وتكوّن عالماً بنائياً بالحوار بين الخطوط والمكونات، بل إن الجملة التشكيلية عند خليل تتكرر بأنغام لونية متنوعة، وتراكيب مختلفة تحقق التدفق الشعوري في مجموع العمل الفني. بينما عده الباحث في تاريخ الفن عفيف البهنسي من رواد الفن الحديث في البلاد العربية.
شارك الفنان خليل في كثير من المعارض والمسابقات المحلية والدولية ونال جائزة الشراع الذهبي في المعرض السابع للتشكيليين العرب بالكويت.
من جريدة الوطن السعودية
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...8750&groupID=0