ألمٌ بسروالٍ مهتريء

صداع يدك مؤخرة رأسه وأفكار أثقلتْ كاهل جمجمة لم تُكمل عامها العاشر.....يركل قصصات الأزقة بلباسه الرث ويُمسك بيده حقيبته المدرسية المهترئة.........أصداء عويل والدته العشرينية البارحة واستنجادها يُجبر أزمنته على تجرُع أتربة العربات الفارهة المارقة بسرعة والمقلة لزملائه .......قساوة هكذا وجود يجتث إكسير براءة ويُصيب زقزقة الفجر بالخرص....... يمسح بكمه الأيسر إنكسار الدمع وتكتل الوجع......
في قارعة الطريق يتمثل له وجه زوج والدته والذي يكبرها بربع قرن بلحيته الكثة وملامح برائحة الدم الزفرة..... يتفنن في شتات كبرياء من نور....يعربد في محمية الإباء إنتقاماً كلما كشرت عقده المزمنة......... لا يجيد الا مزيج من استغلال الحاجة وجلدها........ كلما زاد فشلاً في قمع عزة زاد بطشاً....... فلا أحد تلجأ اليه والدته بعد الله فكل عزوتها قد زُج بهم في غياهب السجن بجريرة زوجها الأول وهجرها العامة......

إشتاق بجوارحه لأبيه والشكوى لأحضانه الباسمة.....
مازال يتذكر تلك الليلة عندما كان في الثامنة......دنى منه والده وهو نائم......قبَلَهُ فزاد تسارع عمره لتشيخ بعدها ليست ازمنة القُبل فحسب بل أبعاد الحياة......أفاق مبتهجاً بحبور الإنتشاء ليرمي بأنفاس ناعسة على صدر والده الذي ضمه كالماء لينساب على عرصات جسمٍ راحل..... أغلق والده باب غرفته بينما ابنه يتأمل .....ففز الصغير من على سريره متسائلاً: ما هذا حول خاصرتك يا أبتاه؟.....إنها أحزمة الجنة يافلذة كبدي....... يانور عيني هناك أناس يلعقون نتوئات التعفن لينغمسوا في حياة يخال لهم أنها هانئة وهناك من يتجرع خيال تناثر الأشلاء لعله يفوز بنور الحق ورضائه وقوله "ادخلوها بسلام امنين"............
قرْع جرس المدرسة أفزعَ إنتباهه......من ركن الصف إتخذ مرتعاً لإنطواء........يتهامز الأطفال على ملابسه وخصال شعره الشاحبة .......مُدرس الرياضة البشوش طلب من الجميع الإستعداد للعب ......زاد الهرج والإستهتار عليه ........الجميع تجهز بلبس خاص حاشاه....... إقترب المدرس بعد أن نهر الطلاب واسر له " ياصغيري إغفر ضعفي بالجهر بها...... أنت الأفضل....... فأنت جينات الشهيد العطره......ونحن العار بجلبابه النتن"......