عذراً أيها الخريف
فلا مكان لكَ في جعبتي..!!
فهيَ قد أطتْ
بربيعٍ باهتٍ وشتاءٍ متجهمٍ
وثلآثين صيف تضافروا لإغراقي
في بحيرةِ صمتٍ هجرها البجعُ محلقاً
إلى حيث لا أعلم...!!
عذراً أيها الخريف
أوَ أقبلتَ تنشدُ زكاةَ الإخضرار...!!!
فما من خضرةٍ ولا نصابٍ هنا
فالحولُ يحولُ فيحتالُ علينا بسرابهِ
لـِ نحصدَ ما بذرناهُ هشيماً ليس لنا منهُ
ألا كللَ الحصاد
والشجرُ قد خرفَ فأمضى دهرهُ
يبتهلُ السماءَ لـِ تمطرَ
فتمطر وتمطر وتمطر بزخاتِ ظمأ
فخشيَ الهلاكَ بخنجرِ القحط فأذنَ مؤذِنهُ
ألا أيتها الأوراق إحفري في الشوكِ
قبوراً ووإدي أنفاسكِ فيها
إلى يومٍ يكونُ فيهِ البعثُ ربيعاً ممطراً
فإغـتسلتْ الأوراقُ بأشعةِ الشمس
وودعت ما أدركها وداعهُ
لـِ تلفظَ رمقها الأخير في تلكَ المقابر
المُعلقة على أغصانِ التيه
عذراً أيها الخريف
مالي أراكَ ممعناً النظر إلى تلك الشعرةِ
السوداء أوَ قد فُتنتَ بها وهيَ نائمةٌ
على كثبانِ الجليد...!
إن شئتَ وهبتُها لكَ..ولكَ فيها ما شئت..!
فقد أشفقتُ عليها كما اشفقتْ عليَ
إذ لم ترتحل مع أسرابِ البجعِ
فلازمتني رغمَ صقيعِ ذالكَ الجليد
فلَعلَكَ إن قبلتَ بها تُعتِقُها وتُعتِقُني
من عهدٍ أطَ بهِ كاهلي وخشيتُ أن
يأطَ بها بياضاً
فإن كان لكَ بها حاجةٌ فهيَ لك...!!!
إمتلئتْ ملامحُ الخريفِ إمتعاضاً
من هاجسِ إجتثاثِ تلك الشعرة
علَهُ خشي أن تكونَ فألَ نحسٍ
يُعاقبُ بهِ أمدَ الدهر
فأقفلَ عائداً إلى حيث لا أعلم...!
وأثناء مغادرته سمعتهُ
متمتماً يلعنُ ذالكَ النحسَ
الذي لم يمنحه مكاناً في جعبتي
ليستريحَ قليلاً من وعثاء السفر
أو ورقةً خضراء يحتفظ بها إلى
موسمِ البعث القادم
أوَ تبعث حينها ...!!!
.
.
.