يواصل علماء الاجتماع والتربيون عقد كثير من المحاضرات والندوات والدراسات والمؤتمرات من أجل بحث أسباب تفشي ظاهرة النجوم (المصنوعة) عديمة المواهب التي استشرت في الآونة الأخيرة في كل المجالات الأدبية والإعلامية والفنية والرياضية ، ويحاولون تحليل الأسباب الحقيقية خلف تعلق بعض الشباب بهؤلاء المصنوعين ، ويجتهد الكثير منهم لإعادة صياغة الذائقة العربية لهذا الجيل محاولين تأهيلهم لاتخاذ القرار المناسب والاختيار الصائب لمتابعة المبدعين ثم تخريج جيل مبدع وموهوب حقاً ..
ومن وجهة نظري أرى أن توجه البعض لصناعة النجوم هو من أجل استثمارهم مادياً ، لذلك نرى أن الوصول للشهرة أصبح في هذا الوقت سهلاً وميسراً وكل مايحتاجه راغب الشهرة هو أن يسمح بتقديم نفسه وليمة لهؤلاء الماديون ليقوموا هم باستغلال ظروف اجتماعية محيطة أو إحباطات متكررة يعاني منها المتلقي فيقدمون صناعتهم (المُعلّبة) بدور النجم ، أو يبحثون عن من لديه شكل خارجي مناسب لبعض الرغبات ولايمانع من طرح شكله بأسلوب متعارض مع المألوف والمباح وبعدها يتم تسليط الأضواء عليه ومؤازرته إعلامياً ليبقى متابعاً من فئة شبابية معينة ..
ولكي تكون وجهة نظري هذه مدعومة بالأمثلة الحيّة أدعوكم بإلقاء نظرة سريعة على المجال الفني مثلاً .. فهناك كثير من المشاهير في هذا الوسط من ليس لهم علاقة بالطرب والفن ولكن المؤسسات الإنتاجية التي تبنتهم تحاول فرضهم إعلامياً ودعمهم بالبرامج المنوعة ، وأقرب مثل لهذه الفئة هي (هيفاء وهبي) وقريناتها المتعريات اللاتي يؤدين الفن بأجسادهن ويخاطبن الغرائز ، فأقحمن الفن عنوة لأجل المتاجرة بهن وبأجسادهن الرخيصة ..!!
أيضاً في الخليج نجد مثلاً (الطقاقة) أحلام التي لاتملك غير موهبة الصراخ والفوضى المسرحية والأداء المتجرد من الإحساس ، فهي لاتفهم معنى الكلمات التي ترددها وتعتقد أن المشاهدين لايختلفون عنها فلذلك تراها تعتمد على شرح الكلمات التي تؤديها بحركات يديها المطاطتين ، وأعتمد مرّوجوها على تكثيف ظهورها فضائياً لتسويقها مستغلين غياب الفتاة الخليجية عن هذا الفن الهابط ، ولاننسى أيضاً مايسمى ببرامج الواقع مثل (ستار أكاديمي) الذي يُخرج أجيالاً لاتملك أدنى مقومات الفن الحقيقي فيتم احتكارهم من قبل الشركة المنتجة لهدف المرابحة بهم فقط دون أن يقدموا مايوازي هذا الأرباح أي قيمة أدبية أو أخلاقية ..!!
كذلك في الجانب الإعلامي نرى مذيعات معدومات المواهب وقليل منهن من تستطيع أكمال جملة مفيدة ولكنها تتمتع بوجه جذاب يضاف إليه بعض التعديلات التجميليّة فتفرض هذه العينة الرديئة في الإعلام لجرّ المشاهد نحو نواح شكليّة دون الاهتمام بالمضمون ..!!
وينطبق هذا أيضاً على أغلب الجوانب الإبداعية ، فمازال أكثرنا يتذكر ماصاحب رواية (بنات الرياض) من صخب إعلامي مقصود أستغل مسوقوها (سواليف) كاتبة السواليف عن خصوصيات الفتاة السعودية في مجتمعنا المحافظ واعتمادها على الإثارة الجنسية وساعدها على ذلك من لهم أغراض تحررية بكتابة مقدمة السواليف الخاوية ..!!
كل ماسبق كان بعد ظهور القنوات الفضائية بعد عام 1991 وقد يكون هؤلاء سلكوا هذا الطريق الاستغلالي المادي مستفيدين من الانفتاح الإعلامي ، ولكن يوجد عندنا في السعودية من سبق العالم كله بهذا التوجه التجاري لصناعة النجوم الورقية ، ففي عام 1990 جنّد الإعلام الرياضي كل طاقاته وحشد قواته وصف صفوفه من أجل تعليب أسم لاعب رياضي عديم الموهبة مستغلين تعطش جماهير ناديه لرؤية نجوم حقيقة في فريقها ، وهذا الاسم هو (سامي الجابر) التي بدأت صناعته بـ(فيلم هندي) باهض الثمن ، وبعدها بدأ الإعلام الهلالي محاولة أيهام جماهير ناديه بأن هذا اللاعب يتمتع بموهبة كروية حقاً ، فأطلقوا عليه الألقاب وألصقوا صوره في صدر الصحف مستغلين فقر نادي الهلال من فئة النجوم الفذة وحسرات جماهيره التي رافقتهم زمناً طويلاً وهم يرون المواهب الإبداعية في النادي المنافس لهم وجماهيره التي تباهي بأن في فريقها نجوم غير عادية مثل الأسطورتين ( ماجد عبدالله وفهد الهريفي) ، فصنعوا أسم سامي الجابر من ورقة وقلم ووهم متخذين من سياسة الإثارة المفتعلة حول هذا اللاعب الأقل من عادي لتعويض انعدام الموهبة فيه وذلك بتجاوز إخفاقاته المتلاحقة وفشله الذريع في أثبات نفسه كلاعب كرة قدم واعتمدوا بذلك على إظهار نواح ليس لها علاقة بالرياضة ومرات كثيرة بإسقاط فشله الملازم على الآخرين ولكم أن تتذكروا أن الجابر هذا هو أكثر لاعب تعرض للإصابات على الصفحات قبل المباريات ثم يُفاجأ الجميع بتقدمه المشاركين وذلك لتجهيز العذر لإخفاقه المعتاد ، وهو اللاعب الوحيد الذي يتم فرضه رسمياً وإعلامياً على تشكيلة المنتخب السعودي فيحتار المدربون ماذا يفعلون به فمرة يشيعون أنه هداف من طراز نادر ومرة يقولون أنه صانع لعب ليس له مثيل ..!!
ولاننسى أن الجابر المصنوع هو الخدعة الوحيدة التي فعلها العرب بالانجليز عندما أرسله أحد أعضاء ناديه مع حفنة من الجنيهات ليشارك في تمارين أحد أندية الدرجة الأولى الانجليزية فأسفرت البعثة الهلالية عن مشاهدة التدريبات من وراء الأسوار ..!!
وكذلك حاول هذا المُعلّب شراء أنجاز شخصي على المستوى العربي بقيمة 55 ألف جنية مصري قدمه بشيك مصدق لرئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية مقابل أن ينصبه أفضل لاعب عربي مناصفة مع حسام حسن ...!!
وأتبع هذا الفقير فنياً ومهارياً بدع أخلاقية دخيلة على مجتمعنا مرة للإثارة ومرات لتعويض النقص الفني لديه فمن ينسى اقتحامه مركز (صحارى) بالرياض ومعه (البودي قارد) ومن ينسى دخوله على دار الأيتام وهو يحمل شعار مدينة الخمور القمار (لاس فيغاس) ومن ينسى تلك الكارثة التي فعلها عندما أنكر آية قرآنية في أحد كتاباته المنافقة لرئيس ناديه فاستوجبت توبته..؟
الحقيقة الوحيدة التي عايشتها الجماهير وكتبتها أوراق التاريخ الرياضي لهذا المصنوع الجابري هو تصدره عالمياً قائمة (المسنترين) وذلك عندما قام بتنفيذ السنترة 9 مرات في مباراة واحدة وكان ذلك أمام منتخب ألمانيا في أكثر تظاهرة عالمية..!!
وكما أن سامي هذا قد تفوق على لاعبي العالم بعدد السنترة فإن إعلامه الهلامي تفوق أيضاً على الإعلام العالمي في صناعة أسم عديم الموهبة والفائدة لجماهير عديمة الذوق والرأي والرؤية ..
وعن الأسلوب المادي الذي سلكه المستفيدون من فرض الجابر إعلامياً فكلنا يتذكر عندما غامرت أحدى الشركات الإنتاجية بإخراج شريط عن الجابر ولكن ضعف الإقبال عليه ونظراً للخسائر المترتبة على هذه المادة جعلهم يحاولون إعادة الدعاية له مرة أخرى وذلك بأسلوب ساذج و (مدفوع الثمن) عندما قاموا باختيار شخصية رياضية مقترنة بالفشل الإداري الطويل لتجد فرصتها بالعودة مجدداً للإعلام وهو(محمد العبدالله الفيصل) الذي قال بعد فشل سامي وشريطه (أنني اكتشفت بعد مشاهدتي الشريط أن سامي الجابر أفضل من ماجد عبدالله) وهذا التصريح لم يكن نابع حقاً من شخص له خبرة ناجحة بدليل أنه يقول (اكتشفت) وهو الذي يدعي أنه عاصر كل الأجيال الرياضية في المملكة ولكن هذا الهراء تم أطلاقه بعد دراسة اقتصادية من خلال توقيته وشذوذ رأيه معتمداً على الإثارة المصطنعة ليتم من خلاله إعادة تسويق هذا الإنتاج الفاشل لأسم فاشل ..!!
وبهذا تكون صناعة الورق وإفساد الذوق العام لجيل كامل هي سابقة إعلامية هلالية ، وقد فتحت الأبواب بهذا الأسلوب الرخيص للطقاقات والمتعريات والمفترشات على أرصفة الطرقات والراقدين على هامش الحياة من بنين وبنات ، وأصبح أسم سامي مثلاً يُحتذى به عند من يريد صناعة الوهم على الورق وإلصاق الصور المبهرة والعناوين المثيرة لمواهب معدومة ومفقودة وغير موجودة ..!!
منقول