بسم الله الرحمن الرحيم
خواطر 5
عندما يشاهد كثيرٌ من الجماهير الإعلامي الشهير أحمد الشقيري الذي يرفض تلقيب نفسه بالداعية أو الشيخ
يظن أنه بدأ حياته ملتزمًا؛ نظرًا لما تتضمنه برامجه ومحاضراته من أفكار ذات نزعة دينية وإصلاحية.
لكن المفاجأة التي قد لا يعلمها الكثيرون أيضًا هو أن الشقيري ابن مدينة جدة السعودية
والحاصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا الأمريكية كان شابًا غير ملتزم،
متهاون في الواجبات، مبتلى بالتدخين إلى أن قيَّض الله له من المشايخ والدعاة من تأثر بأفكارهم
ليلج بعد ذلك ساحة الالتزام، ويصبح شخصية مؤثرة بدرجة تُبكي محبيها.
وها هو الشقيري (35 عامًا) يروي بنفسه قصة تحوله إلى ما يعتبره منهج "الوسطية" في الالتزام قائلاً:
هذا التحول لم يكن بسبب حادث معين، وإنما كان قرارًا فكريًا داخليًا؛ حيث قررت أن يكون بالتدرج،
فحين كان عمري 21 عامًا في سنة 1994 كانت المرحلة الأولى مع "الصلاة"،
كونها الخطوة الأهم للارتباط بالخالق، فالصلاة بحد ذاتها والالتزام بها والخشوع فيها هو الأساس،
وقد كانت هذه مرحلة مهمة نقلتني نقلة نوعية في علاقتي مع الله سبحانه وتعالى.
وكانت المرحلة الثانية في عام 1995 –بحسب الشقيري- وهي بداية الاهتمام بالقراءة،
وشكلت نقلة نوعية في الفكر وتوسيع المدارك، تلتها المرحلة الثالثة في عام 2000،
وتمثلت في الإقلاع عن التدخين، وكانت نقلة صحية أصبح الذهن معها أكثر نقاء وصفاء.
أما المرحلة الرابعة فكانت في عام 2002 مع تقديم برنامج "يلا شباب" على قناة mbc
وهي نقلة في التواصل مع الرموز من دعاة وعلماء ومفكرين، ويقول: "لم أكن أتخيل على الإطلاق أن ألتقي بهذا العدد الكبير من العلماء،
ولم أكن أدرك حجم تأثير هذه التجربة عليّ، فالاحتكاك بالعلماء والمفكرين يعادل قراءة آلاف الكتب".
وجاءت المرحلة الخامسة في 2005 مع دورةٍ التحقت بها بالغرفة التجارية الصناعية بجدة،
وقدمها الدكتور طارق السويدان كان عنوانها "رتب حياتك".
التوغل بيسر
وعن بداية تحوله للالتزام يقول الشقيري: أولاً تكمن لدينا كمجتمع مشكلة في التطرف في أحد الجانبين،
فبعد أن يلتزم الشخص يكون متشددًا، ويتحول 180 درجة اعتقادًا منه أنه سيعوض ما مضى،
لذلك كنت في الفترة من 1994 وحتى 1997 متزمتًا إلى حدٍّ ما،
ولكن في العامين التاليين تعرفت إلى الداعية عدنان الزهراني الذي كان له الفضل -بعد الله- أن أتوغل في الدين بيسر.
وبالنسبة للدكتور طارق السويدان فهو من أبرز من استمعت إليهم، واستفدت منه كثيرًا،
ويؤكد أنه تأثر بكلٍّ من الداعية عمرو خالد في جانب التحبيب إلى الصلاة في المسجد،
والشيخ حمزة يوسف من الناحية الفكرية وفهم الإسلام بمنظور معاصر،
واستفدت كثيرًا من الشيخ عدنان الزهراني في مجال الفقه والمذاهب.
كما يقول إنه تأثر بالقراءة للشيخ محمد الغزالي والدكتور يوسف القرضاوي،
وأعجبت كثيرًا بالتطور الفكري للدكتور سلمان العودة،
وأسعد كثيرًا بفكره المتوازن الذي تناول من خلاله الفقه المعاصر بأسلوب رائع.
لماذا اليابان؟
عدة أسباب جعلتنا نذهب إلى اليابان:
1- إنها أمة تقدمت وتطورت وفي نفس الوقت حافظت على تقاليدها وعاداتها
فكانت مثالا جيدا لهذا المزيج، وكانت إثباتا أنه ليس شرطا حتى تتقدم أمة أن تنصهر وتذوب في ثقافات الآخرين.
2- إنهم شعب لا نعرف عنهم الكثير...فنحن نعرف الأمريكان والأوروبيين من الأفلام ومن سفرنا لبلادهم ولوجود عدد منهم في بلادنا..
أما اليابانيون فالمعرفة بهم شبه معدومة لقلة من يسافرون إليهم ولعدم قوة السنيما لديهم....
ممكن أكثر شيء أصبح منتشراً في العالم العربي من الثقافة اليابانية هي: المانجا فقط.
3- إن الحساسية تجاه اليابان أقل من بلاد الغرب...
فيوجد لدى البعض حساسية شديدة عندما نقارن أنفسنا بالغرب...
وبالتالي أعتقد أن المقارنة بالشرق ستلقى قبولا أكبر لأنه لا يوجد عداء سياسي أو اجتماعي يذكر تجاه اليابانيين
فيمكن للعالم العربي أن ينظر إلى اليابان ويستفيد من هذه التجربة الرائدة دون حساسية زائدة.
4- إن تغطية اليابان تعطي العالم العربي أملاً أننا يمكن أن نتقدم...
فهي أمة دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية وكانت سرعة عودتها إلى بناء حضارتها سرعة مذهلة لم تشهدها البشرية من قبل..
.فقد عادوا إلى ما كانوا عليه قبل الحرب العالمية الثانية اقتصاديا خلال سبع سنوات فقط!
وبعدها بسنوات معدودة أصبحوا ثاني أكبر اقتصاد في العالم!!
وهذا يعطي أملاً أنه مهما كانت الأوضاع سيئة في بعض بقاع العالم العربي
فبالعزيمة والعمل والتخطيط يمكن لهذه الأوضاع أن تتغير.
آمل أن تؤخذ المقالات التي ستكتب هذا الشهر بصدر رحب..
فالهدف هو أن نستفيد من تجربة شعب آخر
والإنسان المؤمن يأخذ العبرة من كل ما حوله
من بشر وأحداث ومواقف ففي كل شيء عبرة لمن يعتبر.
آمل أن تؤدي هذه المقالات إلى الشعور بشيء من الألم والحرقة على بعض الأوضاع في العالم العربي
وأن تؤدي إلى نوع من الغيرة – الإيجابية - من اليابانيين...
وفي نفس الوقت أتمنى أن يأتي مع الألم، أمل...
نعم أمل وتفاؤل أن تنصلح الأوضاع وأن يحيا المواطن المسلم حياة كريمة
وأن يكون مثالا يحتذى به في أخلاقه وسلوكه.
تذكرة:
الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها.
لم نذهب إلى اليابان للتمجيد ولا للتقليد ولكن لنأخذ منهم كل مفيد
تعددت البرامج الدينية الرائعة التي تعرض على الشاشات،
وتعددت مواضيعها، فمنها ما هو للوعظ ومنها ما يسرد قصصا وأحداثا،
ومنها ما اختص بالأحكام الفقهية أو الفتاوى بشكل عام،
ولكن برنامج "خواطر" أجمع عليه الشباب ونال مقدمه أحمد الشقيري جماهيرية واسعة بينهم.
وأحمد الشقيري حتى وإن كان صغيرا بسنه أو بشكله إلا أنه وهو يسائل المشايخ في برنامجه
ويستفسر منهم بأسئلة بسيطة وعامة، تشعر أنك تسمع لعالم ويحظى برنامجه بنسبة مشاهدة عالية، ويطالبه البعض بأن يتفرغ كداعية من فرط حبهم له.
وصراحة أحمد الشقيري وحلاوة لسانه مع ضيوفه تزيد من معجبيه،
عندما يقول لضيفه الشيخ حمزة يوسف "إنه يشعر أنه لا يستحق أن يجلس ويتحدث مع شخص في مقام حمزة يوسف".
وكتابه "خواطر شاب" استوقف كثيرا من الشباب واقتنوه،وهو وجبة خفيفة وممتعة معا،
وقسم الشقيري الكتاب إلى أربعة أجزاء:
خواطر للقلب والروح،
خواطر لتطوير الذات،
خواطر للعقل والفكر،
خواطر عن أحداث.
وفي الكتاب يعبر عن شخصية إيجابية لها هدف ورؤية وقيم تسيرها،
تماما كخواطره التي تعرض في "ام بي سي".
خواطره قصيرة، بسيطة لكنها تعبر عن حقائق مجتمعنا بصدق،
ولا تحاول أن تنقد لذات النقد فقط، بل تتعدى ذلك إلى الإيجابية ومحاولة التغيير.
الشقيري كذلك افتتح مقهى مميزا في جدة باسم "أندلسية"، وهو مميز؛
لأنه على أفخم طراز، ولكنه خال من الشيشة والمعسل، وتسمع صوت الأناشيد الجميلة فيه،
لكن الأجمل من كل ذلك مكتبة تحيط بكل حوائط المكان تقدم لك مجموعة متنوعة من الكتب في قضايا مختلفة،
تستطيع أن تتناول ما تريده منها مع جلسة مريحة وكوب من القهوة.
وبرنامج "خواطر شاب" من البرامج الثقافية -التوعية الدينية- التي تقدم ما يفيد المشاهد العربي
في كل مكان في شهر رمضان المبارك وتسلط الضوء على العديد من المواضيع المهمة
في حياة كل فرد منا، الذي يعده ويقدمه أحمد الشقيري حصريا على قناة MBC.
ويعتمد في فكرته على مناقشة قضية معينة في كل حلقة مع استطلاع للرأي العام،
خصوصا من الشباب والفتيات؛ حيث يشترك الجنسان في تقديم الرأي الصريح بدون أن تكون هناك مداهنات ومجاملات،
بل إن الرأي السليم بين هؤلاء يستطيع المساهمة بشكل واضح في تقديم رأي صائب من خلال قناة فضائية.
والبرنامج يطرح القضية بشكل مباشر وبدون أن تكون هناك مجاملات لأي طرف،
وهذا ما نفتقده كثيرا في البرامج التوعية، التي تقدمها لنا أغلب الفضائيات.
الجميع يشعرون بالملل من طريقة الطرح الساذج
وجعل المعالجة لجميع المشكلات تسير في خط سير المجاملات والتقليدية، التي ملها المشاهد،
ولعل مما يجعل كل هذه الأمور مشوقة وسليمة المعالجة مائة بالمائة هو طرح حلول وأدلة من الشريعة والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة،
وطرح الحلول أيضا بشكل مبسط قريب من فهم المشاهد وبشكل ودي،
دون أن تكون فيه الشدة والعنف الذي تعودنا عليه في البرامج الأخرى.