بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة كتبت لأحد الأصدقاء ، اختلفنا في الرأي ففترقنا وبعد مضي شهور وسنين كان لنا بعون الله لقاء ، ولكن للأسف لقاء الغرباء ، وأليكم الرسالة كما كتبت ...
تأملت الحياة فما أراها ........ سوى دربٍ يضيق بنا قصير
أخي العزيز ................... بعد التحية العبقة بشذا الياسمين
أخي لست مجانباً للحقيقة إن شكرتك على رسالتك القيمة ، والدالة على نبع ٍ صافٍ من ينابيع الأخوة ، والحمد لله الذي رزقني بالصحبة الطيبة المتمثلة في جنابكم الكريم ، وكما تعلم فإن الصديق مرآة أخيه ...
أخي العزيز لن أطلب منك أن تلم برسالتي هذه ، ولكن أرجوا منك ألاَ تميل عنها في الفهم ، ولست ممن يضيع مجهوداً في باطل ، فأنتم أهل الفهم وأنتم أرباب الكلم ..
وحسبي أن نظرت أعينكم صوبها !! أخي العزيز لقد قال الشاعر :
بادر الفرصة واحذر فوتها ..... فبلوغ العز في نيل الفرص
واغتنم عمرك إبَان الصبا ...... فهوا إن زاد مع الشيب نقص
وابتدر مسعاك واعلم أن من ... بادر الصيد مع الفجر قنص
واجتنب كل غبيَ مائقٍ ..... . فهوا كالعير إذا جدَ قنص
وها أنت في فجرك تسعى للخير وهذه هي فرصتك ، وأرجوا من الله أن يريك الحق حقاً ويرزقك إتباعه والباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه ، وأن ينعم عليك بالعقل الراجح ، والرأي الناجح ، وثق إن في هذه الدنيا من الصعاب ما تهد الجبال ، ولن يبلغ القمم إلاَ من ذاق مرارة السفح والوهاد ، فلقد امتن الله على عباده الصالحين بما يدفعهم به في الجنة درجات ماهم ببالغيها إلاَ برحمته ، ولذا كانت المصائب والمحن على عباده الصالحين رحمة ونعمة لا نقمة ... وثق إن جاني العسل قد ذاق ألم الإبر قبل لذة العسل ، وهكذا الحياة تأخذ بقدر عطائك .. ومسكين من لام الحياة وجعل العيب فيها .. ولذلك قال الشاعر :
والدهر كالبحر لا ينفعك ذا كدر ..... وإنما صفوه بين الدرى لمع
لو كان للمرء فكر في عواقبه ..... ما شان أخلاقه حرص ولا طمع
أخي العزيز لن أجعل هذه الرسالة وثيقة نصح وإرشاد ، ولكن هي بعض الذي أكننه لك في هذه المسيرة الطويلة التي جمعتنا على الخير والشر ..
أخي العزيز لقد أخطأت أم كلثوم عندما تغنت بقولها ( سوف تلهوا بنا الحياة )
وإنما لهت الحياة بنا بما فيه الكفاية ، وكم سرنا زمن زكم ساءتنا أزمنٌ مديدة ، وفي هذا عبرة لمن اعتبر ، وفي هذا تذكرة ونذر ، لك الحق إن هزأت من كلماتي ، كما لك الحق في استصغارها ، ولكن ثق أن القلب منبعها .. ولستُ الذي يخفي ما يجب إظهاره ، ليس ثمة أعلم منك بحالي ، لقد عرَفتك سري وعيبي ، واستشرتك في معظم أمري .. وكم كنت أعلم إخلاصك في إسدائك النصيحة .
أخي العزيز كم كنت أتمنى المضيَ معك في طريقك الجديد .. ولكن ثمة ما لم تعلمه إن بيني وبين ما أهواه الذي بين السماء والأرض ، خواء وظلام ، وشهب تخطف البصر ، لقد جُمع الشقاء بعيني فهل ترى عيني سواه ؟؟ لقد أظلني دربي الخاطئ الذي سلكت دون سابق معرفة ، ولذا فأنا أقضي حياتي ما بين ندم وسقم وغزلٍ ونغم لعليَ أنسي النفس هموم الحياة ..
صدقني لست كاذباً في كلامي ، ولست مدعياً ما ليس بي ، وثق أني ما بين السعادة وأختها أقلب نفسي فتارة تلك ، وتارة تلك ، وفي الاثنتين طعم الحياة صعب مرير !! ولا أدري حتى متى تبقى الحياة مرة نصب عيني ؟؟
وثق يا أخي أن الذي أرداني ليس الذي تعتقده وإنما :
لظلم الأقارب أشد مضاضة .... على القلب من وقع الحسام المهند