أنهت السيدة توبيل خياطة ثوب أحمر ذي ثنيات كانت تخيطه.أوقفت الآلة وحررت الثوب من تحت الإبرة وقصت الخيطان العالقة،ثم رفعت رأسها ونظرت إلى جوناثان. إنها ترتدي نظارة كبيرة جداً ذات إطار صدفي سميك وعدسات شديدة التحدب جعلت عينيها تبدوان عظيمتي الحجم ، ومحجريها كبركتين ظليلتين شديتي العمق. كان شعرها بنياً كستنائي اللون ينسدل ناعماً على كتفيها، وكانت شفتاها مصبوغتين بلون بنفسجي فضي .ربما هي في نهاية الأربعينيات أو منتصف الخمسينيات من عمرها،ولها مظهر النساء اللواتي يقرأن الطالع بواسطة الكرة الزجاجية أو ورق اللعب، مظهر تلك الفئة من النساء اللواتي قست الدنيا عليهن،ووصف (سيدة) ماعاد ينطبق عليهن، لكن المرء يجد نفسه منساقاً لمنحهن ثقته.أما أصابعها –كانت أصلحت من وضع نظارتها ودفعتها قليلاً إلى أعلى أنفها لتستطيع تأمل جوناثان بشكل أشمل – فكانت ايضاً قصيرة غليظة،ولكنها رغم طبيعة العمل بدت نظيفة تنم عن أناقة متواضعة وثقة بالنفس، وأظافر مدهونة باللون البنفسجي الفضي: بماذا أستطيع خدمتك ؟ قالت السيدة توبيل بصوت فيه بحة خفيفة.
أدار جوناثان جانبه الأيسر نحوها مشيراً إلى الفتحة في سرواله ثم سأل: هل تستطيعين إصلاحه ؟ وعندما لاحظ أنه طرح سؤاله بشكل فظ يكشف حالته العصبية الناجمة عن إثارة الأدرينالين له، أضاف بلهجة ألطف وصوت أخفت:إنه ثقب،شق صغير...إنه الحظ العاثر السيئ سيدتي.هل يمكن صنع شيء ما لإصلاحه؟
تركت السيدة توبيل عينيها الواسعتين تنحدر على جوناثان حتى وجدت الشق عند أعلى فخذه.وحين انحنت تتفحصه انفرج شعرها البني الكستنائي الناعم عن نقرتها وعرّى رقبة بيضاء قصيرة ومكتنزة،وتصاعدت في الوقت ذاته رائحة عطر قوية فجة ومخدرة،اضطر معها جوناثان أن يلقي برأسه إلى الخلف قافزاً بنظره من الرقبة القريبة إلى المتجر البعيد.أخد للحظة يتأمل المكان بمجمله،بكل الرفوف والبرادات،أقسام بيع الجبن والسجق،وزوايا البضاعة المخفضة وأهرامات الزجاجات وجبال الخضار،وبين هذا كله الزبائن المتخبطون الذين يدفعون عربات التسوق أمامهم ويجرُّون أطفالاً صغاراً خلفهم،وموظفو الخدمة والمستودعات والمحاسبون...مجموعات من الناس تدب كالنمل وتنشر الغط والضجيج،يقف خارجهم هو،جوناثان، بسرواله الممزق من دون أي ستار يحميه من نظراتهم.
فجأة ومضت فكرة في ذهنه:يمكن أن يكون بين هذه الجموع السيد فيلمان أو السيدة روك أو حتى السيد رولدز،وربما يقوم أحدهم الآن بمراقبته هو، جوناثان، الذي تقوم سيدة تجاوزت سن اليأس بتفحصه علناً في منطقة حساسة من جسده.أما هو فقد بدأ يشعر بالإحراج الشديد وهو يحس بأصابعها القصيرة الغليظة تلامس أعلى فخذه بينما تتفحص الشق وتثني المثلث الصغير إلى الأمام والخلف.
رفعت السيدة رأسها ونظرها من مستوى ردفه،وانتصبت في جلستها مستندة إلى كرسيها بحيث انقطع تدفق رائحة عطرها المباشر في أنف جوناثان،مما مكنه من خفض رأسه وتحويل بصره عن المنظر المربك لمساحات البيع،إلى الجهة المريحة القريبة من العدسات الكبيرة المحدبة لنظارة السيدة توبيل.