"أمــــــــــــاه"
بقلم/علي محمد شاوش
كاتب سابق :/ الشرق الأوسط
مر عام على رحيلك أيتها الحبيبه لم أشاهدك إلا في أطياف أحلامي، ولم أسمع إلا بقايا صدى صوتك يطرق أسماعي، لم تغب عني ملامحك الغاليه في كل حالاتها، حين تضحكين، وحين تغضبين، وحين تحزنين لمرضي وإفلاسي..
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
نعم.. لا إله إلا الله وحده وأحمده على كل حال بلا استثناء..
رحمكِ الله يا أمي، لو تعلمين كم تركتِ من فراغ كبير في حياتي، وفي نفسي، وفي استقرار بالي، وفي سلوكي.. رحم الله أبو فراس الحمداني عندما قال:
سيذكرني قومي إذا جد جدهمُ***وفي الليلة الظلماء يٌفتقد البدرُ
نعم.. لقد فقدتُ بدراً يضيء سمائي وأرضي، ويضيء حياتي ودربي..
لا تلوموني سأذكرها دائماً وعلى رؤوس الأشهاد ولن أتحرج من إعلان ذكراها وضعفي أبداً.
ولن أنسى حضرة الحبيبة (كاذيه) فهي حاضرة في دمائي ونفسي، حتى وإن غابت وطال غيابها عن كياني..
في العام الماضي، اتفق العامان الهجري والميلادي بمشيئة إلهية أراد لهما الله أن يتفقا في يوم رحيلك في تاريخهما، فاتحدا فكان لموتك تاريخ متوافق في اليوم والشهر بين الهجري والميلادي السبت 6/9/1429هـ ، 6/9/2008م ولم يمر علي في حياتي إتفاقهما هكذا.
وأبت ساعة الفراق إلا أن تكون الساعة التاسعة عشاءً وصوت الإيمان يصدح من المساجد، فارتقت روحك في أجواء السماء إلى بارئها ملتحفة بنفحات كلام رب العالمين.
وإليكِ يا أمي يصدح صوت حنيني لاصوت رثائي، بهذه القصيدة صدح بها صاحبها مثلي حنيناً وشوقاً..
" أماه "
هذه القصيدة ياحبيبة في
حنيني .. لا رثائكْ..
فأنا أحسك .. رغم رحلتك
البعيدة في فَنائكْ..
وأنا أراكِ وراء دنيا
الموت .. أمشي في ضيائكْ..
وأنا أضمك مثل أمسٍ..
أدس رأسي في ردائكْ..
أشكو إليك الدهر .. أمرح
في حنانك في عطائكْ..
أبكي فتهرب دمعتي
مني .. وتبحر في بكائكْ..
*
هل تذكرين - وأنتِ فوق
الحزن في دنيا الملائكْ..
كم كدتُ في فجر الرحيلِ
أفرّ.. خوفاً من وفائكْ..
"تمضي؟" ويرتعش الأسى
سُحباً تحوم على سنائكْ..
وتضيع بسمتكِ السعيدة..
فوق قفرٍ من شقائكْ..
وأغيبُ عنكِ مع الضباب..
أعيش في رؤيا لقائكْ..
*
اليوم عدتُ .. فما وجدتكِ ..
ما خففتُ إلى ندائكْ..
والبيت مثل الأمسِ ...
لولا الفجر يسأل عن سمائكْ..
لولا الأسى طيراً يعششّ
في الستائر والأرائكْ..
لولا الصغار على سريركِ
يعجبون من اختفائكْ..
*
رمضان يا أماه أغبرُ
ماتوضأ من إنائكْ..
ظمآن يجترُ الظما
ظمآن يحلم بارتوائكْ..
وصباحه قلبٌ تحجر
حين أقفر من دعائكْ..
ومساؤه قلبٌ تحطمَ ..
حين حنّ إلى مسائكْ..
والعيدُ يا أماه يعثرُ
بالغبارُ على حذائكْ..
ويكادُ من خجلٍ يفرُ إذا
أطل على فَنَائكْ..
*
أماه ! لو يقوى الخيالُ
لراح يهزأ بانطوائكْ..
ويقول " كَذِبٌ أن أفيق..
فما أشم شذى بقائكْ..
ويقول " إفكٌ كل لفظٍ
راح ينعب بانتهائك " ..
أماه ! لو يقوى الخيال..
لما سقطتِ أمام دائكْ..
ورجعتِ أنْضَرَ من رضاكِ..
رجعتِ أروع من ولائكْ..
*
أماه ! كيف الموت؟! هل
أرخى الستار على عنائكْ..
هل أبعد الجراح عنكِ..
لتصحبيه إلى شفائكْ..
هل أسكت الغصص التي
كانت تولول في دمائكْ؟
هل قال " دونك ! فانظري
صدراً يرحب بارتمائكْ"؟
إني أكاد أراه يبسم وهو
يرفق في احتوائكْ..
وتضيء بسمته .. فينطرح
الربيع على شتائكْ..
وتضيء بسمته فتفتح
ناظريك على روائكْ..
وتمرّ راحته عليكِ ..
فتنهضين من انحنائكْ..
رحم الله والدي محمد وأمي كاذيه، ورحم الله أم غازي القصيبي قائل القصيدة، فقد قالها لي وله ولأمه وأمي، ورحم الله أم أم أبنائي، ورحم الله أمهات القراء وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين..
وصلى الله وسلم على سيدي وسيد أهلي النبي الشفيع محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وسلم.