لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: لا تَحلَمْ هذا المساء !!

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية لوركا
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    08 2009
    الدولة
    Utopia
    المشاركات
    1,621

    رد: لا تَحلَمْ هذا المساء !!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي عكور مشاهدة المشاركة
    ليسَ مُهِمًّا كمْ سَهْمًا تمْلكُ في جُعْبةِ أحْلامكَ , المُهِم : كمْ أطْلَقتَ منْها و أصابَتْ أهدافَها !!
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي عكور مشاهدة المشاركة

    لا تَحْلمْ هَذا المَساء !!!
    مثلما يَغمرُ الربيعُ الأرض , جاءني بوَجه تَغمرهُ الفرحَة . اقتربَ مني ليُخبِرني أنه حلُمَ بأبي ليلَة البارحَة . أنا أيضًا كنتُ أحْلُمُ بأبي عندما كنتُ في عُمره و سذاجَته . و عندما أستيقظ أكونُ غاضبًا لأن الحلمَ انتهى سريعًا , مهما طالَ كنتُ أشعرُ أنه انتهى قبلَ أوانه دونَ أن أفطن أن الأحلامَ لئيمَة كالأوجاعِ , لا تَنتَهي عند حدّ بلْ تتناسَلُ كما تتناسل الأحقاد . في الليلَة التاليَة أنامُ مبكّرًا ظنًّا منّي أنني سأكملُ الحلمَ من حيثُ انتهى !! حتّى الأحلام تمارسُ الغوايَة , تُغوينا ثم تستَمتعُ بِمُطاردتنا لها . حالما نَقتربُ من لَثمِها تُشيحُ بوجوهها عنّا , و إذا اعترانا اليأسُ و قرّرنا الانسِحاب اقتربت منّا لنَشعُرَ بأنفاسِها على صَفحَة وجوهِنا المُجْدبَة . و لِسَذاجتنا لم نسألْ أنفسنا يومًا : كيفَ سَنقبضُ عليْها و نَحنُ نطاردُها بعكّازينِ خَشبيّيْن ؟
    يَصغرني بخمسَة عشَر عامًا , و بأوجاعٍ كثيرَة . مَرّرتُ يدي على شَعره الناعمِ كأحلامه , و سألتُه :
    - كيفَ رأيتَ أبي ؟
    - رأيْته يحملُ حقائبَه الكبيرَة .
    كنتُ أودّ سماعَ إجابَةٍ لا حقائبَ فيها . ما إن سمعتُ لفظةَ الحقائب حتى هبطتْ على رأسي ذكرى حقائبِ أبي , هَبَطتْ هبوطًا اضطراريًّا في أجواءٍ مُلبّدةٍ بالحزن . كانتْ حَقائِبُه مُرهَقَة و مُمْتلئة دائِمًا . و كنتُ أكرَهُها لأنها تَنْعمُ بلَمسَته الحانيَة أكثَرَ مني . أراقِبُه و هوَ يَفتَحها بِرِفق , أراقِبُه منْ بعيد . يَملؤها و يُرتبها , و أنا القابِعُ في ركنٍ ركين لا أحدَ يَملَؤني أو يُرتبني ! وحدي , فارغٌ إلا من فوضاي !! سرَقتها مرّة و اشترى غيرَها . كانت فكرة سرقَة الحقيبَة فكرة ساذجة , تشبهُ تفكيري حينها . تمضي الأيام و يتضخّم عقلي لأدرك جيدًا أن الحقيبَة كانت في رأسه لا تحتَ سريره , و أنني بحاجة إلى سرقة تلك التي في رأسه !!
    رفعتُ نظري فرأيتُ النافذة التي كنتُ أفتحها و أراقبُ منها مجيء أبي من سفره . هكذا كانوا يقولون لنا كلما سألنا عنه . يقولون : " مسافر " و لمْ يكُنْ يخطر ببالنا أنّ الكبارَ يضلّون طريقَ العودَة , تمامًا كالصغار !! أمي أيضا كانت تعرفُ هذا الشيء . لذلكَ تقول لي كلّما فتحتُ النافذة : " نحنُ في الجنوب , و الجنوبُ بعيد و الحافلاتُ لا تأتي إليه كثيرًا " كانت الحافلاتُ تحرجُ أمي , عندما تأتي و لا يأتي أبي !! مازالَ طاهرًا كورَقةٍ بيضاء أخشى أن تُنْهِكَها الأخطاء المطبعيّة . أخشى عليه من الأحلام . أخافُ أنْ يُسرفَ في تَعاطيها و تَجاوُزِ الجُرعةِ المَسْموحِ بها !!! الأحلامُ و إنْ بدَتْ جميلَة إلا أنّها تحترقُ و تقتلُ أصحابَها اختناقًا بدخانها .
    انسلّ بخفّة من بينِ يديّ . غابَ لدقيقَة ثمّ عاد ببطاقةِ دعوةٍ لحضور مجلسِ الآباء ليذكّرني بالموعد . غدًا سيُقام في المدرسَة حفلٌ للطلاب بحضور آبائهم , و لهذا هو ممتلئٌ بالحبور . و عليّ أن أمثّلَ دورَ الأب و لهذا أنا ممتلئٌ بمزيجٍ من القلقِ و الحزن . في العام الماضي كانَ مستمتعًا بالحفل , لمْ يكنْ يعنيه كثيرًا أن الآخرينَ حضروا بصحبة آبائهم بينما حضرَ هو بصحبة أخيه . لم يُفسد الحفل سوى تذكيرِ زملائه له بعدمِ مجيء أبيه . صاحبُ الطرفِ الصناعيّ , يستمتعُ بمشاهدة العدائينَ يركضونَ في المضمار و لا يسأل نفسه لماذا لستُ مثلَهم , لقد سألَ نفسه ذاتَ السؤال و وجدَ إجابَةً مُقنعة و تصالحَ مع آلامه , لكنّه ينزعجُ كثيرًا و يتألم لو سألَه الجالسُ عن يمينه في المدرج : " هل جرّبتَ سباقَ الماراثون ؟ إنه ممتعٌ للغايَة " نبذلُ جهدًا كبيرًا لرميِ آلامنا في مربّعٍ بعيدٍ في الذاكرَة , لكنْ , هناكَ دائمًا من يُعيدها للمربّع الأول . كانوا يسألونه في ذروةِ انشغالِه بالضحك و اللعب , فيقول إجابته المعتادة و الباردَة كالأسماك المثلّجة : " إنه مسافر " ثمّ لا يحدثُ شيء سوى أنّ الحفلَ ينتهي بالنسبَة إليه . دائمًا نسألُ عن الأشياء التي نملكُها و يفقدها الآخرون . نسألُ لنشعرَ بتفرّدنا بامتلاكها . أما تلك التي لا نملكها فإننا لا نسألُ عنها , و لهذا لمْ يكنْ مصطفى يسأل ؛ لأنّ أباهُ هو الآخرُ كان مُسافرًا , و الحافلاتُ لا تأتي إلى الجنوبِ كثيرًا , و نوافذ بيتهم مفتوحَة على الأرجح !!
    في البطاقَة من الداخل بيانٌ بفقرات الحفل :
    كلمة عن الأب , قصيدة عن الأب , أنشودة عن الأب , مسرحيّة عن الأب .
    لا أدري كيفَ أقنعه أنْ لا شيْء منْ فقرات الحفل يَخصّه . هذه الفقرات أعِدّتْ للأطفال مكتملي الأعضاء و النموّ . و حضوره ـ لو كانَ يفهم ـ خطرٌ على صحته . غابَ مرّةً أخرى و أنا تلوكني أفكاري و هواجسي . فكّرتُ أنْ أثنيه عن الحضور , و فكّرتُ أخرى أن أدفعَهُ إليهِ دفعًا ليكتَسبَ مناعَةً ضد فيروسِ الألم . مريضُ النيكوتين ليسَ بالضرورَة أن يموتَ بسيجارَة , بل قد يموتُ بخطأٍ طبيّ . عادَ و بيده ورقَةٌ مُهتَرئة كأيامه , مُهترئَةٌ من كثر فتحها و طيّها , فَتحَها و أمطارُ الفَرحُ تَغسِلُ أرصِفَةَ وجهِهِ البريْء , و قال : " هذه أنشودَة عن أبي , سأنشدُها في الحفل و سيصفّقون لي " .. و أردف : " و زملائي أيضًا سيُنْشدون " .. و رغبْتُ أنْ أكملَ : " نعم , سينشدُ كلّ واحدٍ منْهم , و سيَجد في كلّ مرّةٍ يُنْشِدُ فيها كفّيْنِ تُصفّقانِ بحرارَة أكثر منْ باقي الأكفّ , و أذنيْنِ مُرهَفَتينِ أكثرَ من باقي الآذان , و عينيْنِ تُحدّقانِ بفرَحٍ أكثرَ منْ باقي الأعيُن , و شفتيْن مُنْفرجتَيْن عن ابْتسامَة أكثر صدقًا من باقي الابتِسامات , .. أما أنتَ فسَتَمتطي ظهر المسْرح و ستُنشدُ و ستَجِدُ كلّ الأعيُنِ و الآذانِ و الابتساماتِ متشابِهَهٌ كتشابُهِ أزياء الجنودِ في عروضِهم العسكريّة !!! "
    سألتُه :
    - لمنْ سَتُلقيها ؟؟
    - للحضور .
    - و لكنّ زملاءكَ ـ حينَ يُنْشدونَ أناشيدَهم ـ لا يُلقونَها للحضور !!
    لمْ يَفهم شيئًا مما قلت , و هذا شيءٌ جيّد . الفَهمُ في مثلِ هذهِ المواقف مُضرّ , مثلما يضرّ أخذُ جرعَةٍ زائدَةٍ من الدواء . في المساء و قبلَ أنْ يَنامَ جاءتْ أمي لتحكي له قصَّة كما اعتادتْ أنْ تفعلَ . اقتَرَبَتْ منْه , و دخلَتْ مَعَهُ تَحتَ بطانيّته لِتُشعرَه بالدفء . ضمّتْهُ بجِفنيْها قبلَ ذراعيْها , نظرَ إليْها و قال بهدوء و فرح : " أمي , البارِحَة حَلُمْتُ بأبي " وضعتْ أمي القصَّة جانبًا , و لقّنَتْهُ تعويذَة ما قبل النّوم !!! .




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي











    أظنني التقيت بك في مادة ساخره





    في كل نص تزداد تجاعيد دهشتي بك

    أنت متخذ الافق قاع لك

    محلق يا علي وحدك

    فليتنا نطير فقط

    أتمنى لك حلمي لليلة البارحه ....> لا تجزع كان رائع نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    سأتركني هنا

    الى اللقاء
    التعديل الأخير تم بواسطة لوركا ; 14 -10- 2009 الساعة 02:15 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •