لم يكن النقد الذاتي واحدة من صفات العقل السعودي على ما أظن، فقد كبرنا على عبارة «الله لا يغير علينا». كان معظمنا يسبح في ذهنية نصوص التعبير والإنشاء المزخرفة. كان مطلوبا منا دائما أن نكتب عن رحلة بر سعيدة وإجازة صيف هانئة، نذهب فيها للطائف نتريض في بساتينه، أو لجدة نسبح في بحرها ونعود تملأنا السعادة والحبور، رغم أن بعضنا لم ير في حياته لا الطائف ولا جدة! من دون أن نأتي على ذكر «الكفر» الذي «بنشر» في منتصف الطريق والوالد الذي «يعصب»، لأن هذا خروج عن النص، الذي يجب أن يكون جميلا وكاملا! هذا عدا نعمتي الأمن والأمان والتي كنا نظن أننا وحدنا الذين ننعم بهما حتى نكبر، ونسافر لدول أخرى فنكتشف أن نعمتي الأمن والأمان هما قوامتا أي مجتمع حضري سياسي.
دهش المجتمع السعودي، عند ظهور كتاب يكتبون عن واقع ناقص، وفوجئوا بطاش ما طاش، وهو يعالج بالضحك، قرارات نقل المعلمات البائسات في التعليم للقرى النائية من دون توفير الضمانات المطلوبة، والشرطة تدوخ لتصل للحرامي، والمواطن الذي يرتجف لأن باحثا اجتماعيا جاء يجمع معلومات عن قضية اجتماعية فظن أنه موظف مباحث وليس باحثا. انتبه المواطن السعودي إلى أن خاصية النقد الذاتي لا تقتل، وأن النقص سمة بشرية لا تعني السوء، وأن النقد هو مدرسة لإصلاح المجتمع وليس لهدمه، فبدأ الناس يشاركون في عميلة النقد الذاتي، لكن بأسلوب جديد على المجتمع السعودي، وفرتها وسيلة الرسائل عبر الجوالات، فانتشرت كالحريق نكات حرف بعضها عن نكات عالمية أو عربية، وظهرت الصور الكاريكاتيرية لنقد الزوج السعودي لزوجته، فهي لا تهتم الا بشراء القدور والملاعق، بينما تنشغل اللبنانية والمصرية بطرق أغراء الزوج وتدليله، فترد الزوجات عليها بنكته الزوج السعودي الذي يأخذ زوجته للمطعم ويلتهم الطعام سريعا وهو صامت، ثم يطلب الفاتورة سريعا.
أما نكتة الأمهات التي تنتقد الام السعودية التي تنتقد طريقة تنويمها لابنها فقد وصلتني من ابني، حيث تقول إن الأم المصرية تنوم ابنها: بأغنية «نام يا حبيبي نام»، واللبنانية «نام تقبرني»، بينما الأم السعودية تنوم ابنها بعبارة: «نم جاك الحرامي عووو!!».
أما نكتة العائلة التي تذهب للبر فهي نكتة تبين أن السعوديين لا يعرفون كيف يستمتعون، فهم يقضون جل وقتهم في البحث عن بر لا يكشفهم فيه احد، ويتخاصمون طوال الوقت حتى تفاجئهم عبارة «يالله نروح البيت». أما السعوديون الذين يتذمرون من زوجاتهم مثل كل الأزواج في العالم فإن أحدهم يسأل صديقه: ماذا سنفعل بزوجاتنا لو دخلنا الجنة وحصلنا على الحوريات؟ فيجيبه الصديق المخلص: سوف نعطيهم للكفار في جهنم!
الزوجة تنتقد الزوج بأنه متذمر، قليل الكلام، والابتسام، لكنه عند الكرة يغني!. أما الزوج فإنه ينتقد الزوجة السعودية التي لا تستقبل زوجها وهو عائد من سهرته الصباحية كما تفعل اللبنانية، التي «تتغندر» على طريقة هيفاء وهبي، وتسأله: ان شاء الله انبسطت؟. لكن السعودية تستقبله بتكشيرة، وتسأله: لماذا لم تنم مع صحبتك الفاسدة التي جئت منها؟!
-----------------------
بدرية البشر